عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

المشهد الدافئ

عمرو الديب

الأحد، 06 فبراير 2022 - 07:50 م

فى قلب الصقيع وتحت وطأة البرودة القارسة، سطع هذا المشهد الفريد، وكأنه ومضة فى عتمة شتوية مرهقة حيث طالعتنا الصحف والمواقع بصور لحشد هائل من الشرائح العمرية المتنوعة يتحدون «الزمهرير»، ويتجاوزون صفعات الموجات الباردة، ويستمدون من عشقهم للمعرفة وشغفهم بالقراءة طاقة ودفئا، ومن تحمسهم لحضور العرس حرارة وإصرارا،

فعن تلك الجموع التى توافدت على مركز مصر للمعارض الدولية والمؤتمرات لحضور فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب أتحدث، حيث أمدنى ذلك المشهد-الذى تكرر كثيرا على البوابات انتظارا للدخول،

وتشوقا للوصال مع المعشوق.. الكتاب- بالدفء، وسرت بين جنبات النفس - حين تأملته -  سعادة تجل عن الوصف، فهاهم المصريون يعلنونها صريحة إنهم لم يسقطوا فى فخاخ المروجين للعدم والداعين إلى الجهالة والتخلف، وهؤلاء الحضور الذين يمثل الشباب والناشئة القطاع الأكبر منهم بحسب إحصائية إدارة المعرض، يمنحوننا دلالة بالغة الأهمية، تشير إلى زيف ظن البعض فى أن مواقع التواصل الاجتماعى قد نجحت فى ابتلاع الغالبية من شبابنا وأشبالنا، ومحت من ضمائرهم أى ميل إلى اكتساب المعرفة من مصادرها العميقة النقية، ومواردها الجادة الحقيقية، فرغم الطوفان، نجا هؤلاء على سفينة منظومة صياغة الوعى الوطنية، لقد راهن الكثيرون على أن القضية حسمت لصالح التفاهة والسطحية والانحطاط،

وان شبابنا لن تقوم لهم قائمة، ولن ترجى منهم فائدة فى صناعة مستقبل وطنهم، وتقدم أمتهم فقد جرى تدمير شتى الجسور بينهم وبين الينابيع الصافية، ومع طفح التفاهات الذى يغرق مواقع التواصل، وصفحات العالم الافتراضى كدنا نصدق ان الغالبية حقا سقطت فى هاوية التفاهة والجهالة واستقرت فى الدرك الأسفل من الوضاعة والسطحية، ولكن هاهو ذا المشهد الدافئ الذى أهداه إلينا معرض الكتاب الذى يختتم أنشطته اليوم يقلب كل الحسابات، ويغير جميع التوقعات، ويشى بأن مخططات المغرضين فى الخارج وأعوانهم فى الداخل لم تحقق هدفها،

رغم الأموال الطائلة التى أنفقوها لاصطناع الطوفان وإغراق الجموع فى أوحال الجهالة واليأس وانعدام الوعى، لقد أرادوا أن يتحول الملايين من المصريين خاصة الشباب والناشئة إلى فرائس بلا وعى ولا ذوق ليعتادوا على قبح الدمار ودمامة الفوضى، ويتساهلوا مع مشاهد الحرائق والنيران، ولكن ها هو ذا المشهد يبرز فى الصقيع للحشود وهى تزحف للتواصل مع المعرفة عبر ينابيعها الصافية يملأ «النوافذ والشرفات» والقلب أيضا.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة