صالح الصالحي
صالح الصالحي


يوميات الأخبار

الحياة رجل وامرأة

صالح الصالحي

الإثنين، 07 فبراير 2022 - 05:20 م

الحب لا يعرف سنا ولا زمانا ولا مكان .. فهو الشئ الجميل الذى يعطى الحياة بهجة واملا.

 لا أحد ينكر أن الحياة تدور رحاها دائماً بين رجل وامرأة.. تجدهما القاسم المشترك اللذين يشكلان طرفى العلاقة فى كل الحكايات.. ولا تحلو الحكاية إلا إذا كان بطلها رجلاً وامرأة.. فمن رحم كل العلاقات الإنسانية تظل العلاقة بين الرجل والمرأة هى المولود الأول.. الذى يحظى باهتمام ورعاية لا حدود لهما.
تجد الباحثين عن الحب من الجنسين لكل منهما مفهومه.. بل يختلف المفهوم عند الجنس الواحد.. فمنهم من يدفع الثمن ومن يهنأ بعلاقات ترتقى للحنين والود والتعاطف والرحمة.. وأخرى تتحول إلى الكره والانتقام.

لكن العلاقات الإنسانية لا تخضع لمعيار أو مقياس.. فهم بشر من بيئات مختلفة تجمعهم أو لا تجمعهم رؤى مشتركة.. هدف مشترك قد يكون نبيلاً وقد يكون عكس ذلك.. قد تكون الرغبة وقد يكون الجنس.. وقد يكون الصفاء الإنسانى الذى يضفى القدسية على كل علاقة شريفة.. ولكن مهما كانت العلاقة فدعونا نتفق أنه لا دوام أو استمرارية أو أبدية لأية علاقة إنسانية خارج حدود العلاقات الإسرية.. لماذا؟
لأن القاسم المشترك فى العلاقات البشرية هى المصالح المشتركة.. وهنا أذكرك ألا تتعجل فى حكمك على العلاقات التى تحكمها المصلحة المتبادلة لأن أساس استمرارها وقوتها تكمن فى الضوابط التى تحكمها من الأخذ والعطاء وشعور الطرفين بالرضا وعدم الظلم بجور أحدهما على الآخر.
ليس صحيحاً أن كل العلاقات التى جمعت الرجل والمرأة على مر العصور كان الأساس فيها هو الحب والهيام والعشق.. لكن كانت حكايات وقصص العشق هى الأشهر.. لأنها الأقل والأندر. فهى ما شهدت أشكالاً متعددة من التفانى وإيثار النفس.. والتى قلما تتواجد فى العلاقات البشرية.. وليس معنى ذلك أن كل العلاقات تحمل معانى واحدة فكل الأنواع والأشكال موجودة.

ولنكن صرحاء مع أنفسنا التى امتلأت بالشوق والتمنى والرغبة فى الوصول لعلاقات من الحب والنشوة، وكل معانى العشق والغرام.. فهذا أمر يهتم به الرجال أكثر من النساء اللاتى فى الغالب تسيطر عليهن عاطفة الأمومة ويرتكن إلى العقل لاستمرار الحياة واستقرارها.
الرجال فى بداية حياتهم العاطفية تسيطر عليهم الرغبة الجنسية التى تقل تدريجياً مع التقدم فى العمر.. ورغم ذلك تظل داخلهم رغبة حثيثة فى الدخول فى قصة حب.. فالرجل دائماً يريد أن يشعر بأنه محبوب ومرغوب، وأنه فى حاجة دائمة وماسة الى الحنان والعطف والاهتمام.. أما المرأة فتقريباً عكس الرجل.. تقل لديها هذه الرغبة حتى تنعدم تماماً كلما تقدمت فى السن.

الأمر الوحيد الذى يستمر مع الطرفين وبنفس الكفاءة ولا يتأثر بالعمر، هى النقاط الخلافية التى نشبت وظهرت مع بداية و استمرار الحياة الزوجية.. وهو ما قد يدفع الرجل إلى البحث عن احتياجاته العاطفية خارج نطاق الأسرة.. حتى وإن كان غير قادر جنسياً.. فالاحتياج والعطش المستمر لديه فى العيش فى قصة حب هو ما يسوقه ويتحكم فيه.. أما المرأة فلديها ما يشغلها فى رعاية الأسرة.. وتعتقد أن ذلك هو دورها الأساسى والمهم.. وتبدأ فى مواجهة احتياجات الرجل بسخرية.. وتعمد أن تذكره بأنه تقدم فى السن.. ودون أن تدرى أن هذا التصرف يزيد حالة العناد لدى الرجل فيصر على البحث عن الحب خارج المنزل.
الحب شىء عظيم وجميل ويعطى الحياة بهجة ونعومة وأملاً أيضاً ويخفف من وحشة الحياة الجامدة التى نحياها فى أعباء معيشية وسلوكيات من حولنا وصلت لحد الصراع والحروب داخل بيئات العمل.. وهو ما يزيد من رغبة الإنسان فى البحث عن الحب والدفء.. ولكن ليس الكل على نفس المستوى.. أو لديه نفس الرغبة.. فقد يتناسى الرجال هذه الرغبة إذا ما تعرضوا لضغوط معيشية بلغت من قسوتها ما تجعلهم لا يفكرون فى هذه العلاقة.. وتخرج من دائرة اهتمامهم بالتدريج حتى تندثر تماماً.. وقد يندمون على فوات فرصة أن يحيوا حياة طبيعية متوازنة بعد زوال الضغوط المعيشية وتقدم العمر بهم.
ونأتى للباحثين عن الحب.. فنادراً ما يتقابلان لأن الإنسان قد تختلط عليه الأمور فى بدايات حياته.. فيخلط بين الحب والزواج.. ويذهب للزواج ظناً منه أنه يعيش قصة حب وأن نهايتها الزواج.. ثم يفاجأ بأن الحب مختلف عن الزواج.

فحظه العثر قد أوقعه فى هذه التجربة.. وهذه القاعدة تنطبق على الطرفين.. فيصبح كلاهما باحثاً عن حب لا يجده فى الآخر.. وقد تفشل الزيجة ويفترقان ويبحث كل منهما عن حب جديد.. ولكن فى الغالب تتدخل عوامل عديدة تجعل الزواج مستمراً بشكل من الأشكال الاجتماعية.. لكنها خاوية من الحب تماماً.. وكل طرف يبحث عن الحب خارج منظومة الأسرة ولو حتى فى قرارة نفسه دون البوح او الوقوع فى الخطأ.. وتظل العلاقة بينهما مستمرة ومحفوفة بالمشاكل والانتقاد والكلام الجارح طوال الوقت.. وتتحول إلى عقدة تسيطر على الطرفين طوال حياتهم الزوجية.

ونعود لاحدى نماذج الباحث عن الحب.. التى تجعل صاحبها لا يقدم على الزواج أبداً رغبة منه فى الحصول على الحب بمفهومه وحده.. فهو يرى أن الحب كذا أو كذا وكذا.. فرض شروطه ووضع قواعده.. رفض أى تنازلات أو أى شكل آخر أو حتى تقارب فى وجهات النظر مع الطرف الآخر.. وهذه الحالة يدخل صاحبها فى علاقات ويخرج منها وهكذا يقضى حياته لديه عقيدة يريد إثباتها.. صحيح هو واضح مع نفسه لكنه جامد لم يكن من المرونة حتى يسمح لنفسه أن يحب ويتحب.. مسكين صاحب هذه العقيدة.. لأنه فى الغالب يندم بعد فوات الأوان.

وهناك من يعيش فى دور المتيم بأى شخص من الطرف الآخر.. يحب طول الوقت أى حد.. حتى أنه لا يستطيع أن يستقر على حال لأنه فى حالة حب متجدد.. يبدل بين الأحبة طوال الوقت. فيصاب بحالة من التعب والإرهاق العاطفى.. وهو ما يؤدى إلى فشله رغم أنه يحمل مشاعر فياضة.. لكنها موجهة فى غير محلها. فهل يعقل أن يحب إنسان أكثر من شخص فى وقت واحد.. فالحب يحمل الإنانية والرغبة فى التملك..

حب يعنى حبيبى وحدى.
وهناك من يخشى إكمال علاقة الحب حتى تصل لبر الأمان.. يعشق البدايات فى الحب ويختفى فى المنتصف بدون كلمة وداع.. فى الغالب يكون الرجل.. لأن الرجل يخاف المسئولية والقيود.. وهذا النوع لا يندم لأنه طول الوقت يجد من يستجيب له.. إلا أنه ربما يضيع نماذج جيدة كانت ستكون أفضل له فى علاقات تشاركية.. لكنه التردد الذى يحرمه من كل جميل ومن كل حب حقيقى.

وهناك من يعطى قبل أن يأخذ أى شىء.. وفى الغالب ما تكون المرأة.. التى اعتادت أن تظهر بمظهر من تبحث عنها فهى حلمك فى هذا الزمان.. فتتنازل وتقدم تضحيات حتى تلقى القبول عند الطرف الآخر.. الذى يدخل العلاقة بشروطه بعدما حصل على كل ما يريد منها.. وإذا استمرت العلاقة فستكون بمنتهى القسوة والجور بالنسبة لها.. وقد تمثل قيدا وندما شديدا لأنها خسرت نفسها.
ونماذج عديدة للعلاقات بين الرجل والمرأة تبدو جميلة ورائعة فى بداياتها لكنها سرعان ما تنقلب للكره والتقطيع وربما التشهير بأدق تفاصيل العلاقة.. والسؤال كيف ينقلب الحب إلى كُره؟!

ما حدث أن الشريكين اختلفا فانقلبت العلاقة إلى كره.. والأسباب عديدة وعديدة منها التملك والسيطرة والإنانية وعدم الاحترام.
المحب لا يرى فى محبوبه عيوبا بل يراها محاسن ويتقبله كما هو ويحترم الخصوصية والمسافة والاختلاف بينهما.
والشكل الأرقى والأفضل فى العلاقات بين الرجل والمرأة الحب المبنى على الصداقة.. فيه تتوافر أركان العلاقة من السكن والمودة والرحمة.. وهى فى العادة ما تتأكد مع العشرة الطيبة والتفاهم والاحترام المتبادل. وهو ما يخلق حياة زوجية جيدة بعيدا عن المهانة والخيانة والأنانية.. وهى الأمور المدمرة لأى علاقة إنسانية.

الحب لا يعرف سنا ولا زمانا ولا مكانا.. فهو يولد فى كل زمان ومكان يبدأ بالجاذبية بين الجنسين التى تتحول إلى رغبة فى إقامة علاقات مشتركة وبالتفاهم والتقارب وتقديم كل طرف لبعض التنازلات تسود المودة والسكن والرحمة وتنجح العلاقة.

الثمن
لكل شيء ثمن.. يعنى مقابل.. ولا غضاضة فى ذلك فى عمليات البيع والشراء والأخذ والعطاء، لتكون العمليات عادلة.. لكن أحيانا يكون الثمن معنويا لا يقدر مقابل شيء هين.. كأن تدفع من كرامتك فى سبيل الحصول على أمر مادى.. أو حتى تضحى بحياتك بما تعنيه من سعادة وراحة لتتحول إلى شقاء وتعاسة فى سبيل أهداف واهية لا تستحق.. فتسير فى طريق خاطئ ولا تعرف أنك جنيت على نفسك إلا بعد أن تقدم هذا الثمن الذى لا تستطيع استرداده بالطبع، فتصبح تجارة خاسرة.

كثير من الناس تغمض أعينها وتميت ضمائرها من أجل المال أو المنصب أو أى أمر متوهمين أن فى ذلك سعادتهم ولا تشعر أنها تدفع ثمنا باهظا، يقضى على راحتها فلا تستطيع الاستمتاع أو ملء فراغ فقدته من راحة البال.
أى ثمن معنوى تقدمة مقابل الحصول على أمر مادى يجعل طرفى المعادلة فى تناقض.. فالثمن دائما يكون فى البيع والشراء.. تدفع مالا مقابل سلعة أو خدمة.
من الممكن أن يكون الثمن معنويا فى خبراتنا التى نحصل عليها من خوض تجارب الحياة. هذه الخبرات لا يستطيع غيرك أن يقدمها لك.. عليك أن تخوض التجارب لتحصل عليها.. وقد تسلك فى سبيل ذلك الطريق الخطأ وما يتبعه من آثار ونتائج.. لكن فى النهاية يكون الثمن محمودا، فالتجارب تجعلنا أقوى وأفضل.

الثمن ليس أمرا سيئا أو أمرا محمودا أنت من تحدد قيمته وعواقبه فمن الممكن أن يكون ثمن سلعة أو خدمة أو تضحية أو تنازل.. ليس عيبا أن تدفع وتحصل على المقابل طالما الأمر يشعرك بالسعادة والامتنان الحقيقى.. لكن عليك ألا تقترب من كرامتك وكبريائك فهما لا ثمن لهما.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة