الحياة في البرية.. قصص لأطفال تربوا على يد مملكة الحيوان
الحياة في البرية.. قصص لأطفال تربوا على يد مملكة الحيوان


حكايات| الحياة في البرية.. قصص لأطفال تربوا على يد مملكة الحيوان

هناء حمدي

الثلاثاء، 08 فبراير 2022 - 06:50 م

هل تنتصر الإنسانية دائما؟.. يذكر التاريخ لنا قصصا لم تتمكن في الإنسانية من إثبات نفسها حيث تتعارض المصالح والطموح والأهداف معها ولكن على الجانب الآخر نجد ما يثبت لنا أن هناك أملا وما زال الجميع يلتف حول تحقيق عدالة الإنسانية خاصة فيما يتعلق بالأطفال فما أن ترى طفلا في مأزق حتى تجد العالم يلتف حوله وتتجمع الصفوف المتفرقة والأطراف المتنازعة حتى تدعو له فتظهر مشاعر قد تكون منسية طوتها صفحات الحياة السريعة ومحتها الأحداث المؤلمة فما بين مأساة وكارثة تجد مشاعر منقذة تدافع عن الحق في أن يعيش كل الاطفال حياة طبيعية.

 

ولكن هناك عدد من الأطفال لم تكن حياتهم طبيعية ليس نتيجة تعرضهم لطفولة صعبة بلا رفاهية وإنما لكونهم تربوا على يد مملكة الحيوان لتكون البرية ملجأهم والحيوان أحن عليهم فجميعنا شاهدنا "طرزان" ولكن لم نصدق قصته الخيالية فهل يمكن لطفل أن يعيش ويتربى على يد غوريلا لتكون أحن عليه من البشر لتأتي ملحمة ديزني «The Jungle Book» لتثبت القصة ولكن بلا جدوى ففكرة أن يتربى طفل على يد الحيوانات ليست سوى إحدى القصص الخيالية.

 

لتأتي الحقيقة مع أطفال أجبروا على الاعتماد على مملكة الحيوانات لتبنيهم ونشأوا معزولين عن المجتمع ليفضلوا حياة البرية التي نشأوا فيها ولم يعرفوا غيرها فمن إهمال الآباء لهروب الأطفال في سراديب الغابات نهاية بخطفهم وتركهم يواجهون مصيرهم ظهر الأطفال الأكثر وحشية في العالم صغار تربوا على يد مجموعة متنوعة من الحيوانات حتى تمكنوا من التسلل إلى مجموعاتهم المتماسكة ليصبحوا أحدهم بشكل فعال مما ترك آثارا دائمة جسدية ونفسية ولكن في النهاية انتصرت الإنسانية.

 

ومن بين قصص هؤلاء الأطفال الأكثر وحشية الذين تم العثور عليهم في البرية وتربوا على يد مجموعة مختلفة من الحيوانات من ذئب لدجاج لكلاب وحتى القرود بحسب موقع «ذا صن» البريطاني تأتي البداية في عشرينيات القرن الماضي مع «أطفال الذئب».

 

 كمالا وامالا.. أطفال الذئب

 

كان السؤال الذي طرحه دائما من أنقذهم هل تركهما في البرية كان الأفضل لهما؟ ربما يواجه هذا السؤال الكثير من النقد ولكنه سؤال مشروع فقصة هاتان الفتاتان جعلته يبحث عن أسباب عدم تمكنهم من العيش كبشر طبيعيين رغم أنهم تمكنوا من استئناس الذئاب لدرجة انهما أصبحا جزءا منهم وعضوا في القطيع.

 

ففي عشرينات القرن الماضي تم اكتشاف فتاتان يبلغان من العمر 3 و8 سنوات وهما يعيشان في إحدى الغابات الهندية مع أنثى ذئب هي من ترعاهم وتحنو عليهم وتطعمها كأبنائها ليتساءل الجميع عن كيفية ارتباطهما بالذئاب وكيف انتهى الأمر بهم هناك فلا أم تسأل ولا أب يبحث وكأنهم مفاجأة الطبيعة لأنثى الذئب الحنونة.

 

 

 

ولكن بمجرد أن علم القس جال سينج قرر إنقاذهما من عرين الذئب ونقلهما إلى دار للأيتام حيث تلقوا المساعدة على طبيعة التكيف مع الحياة البشرية وأطلق عليهما «كمالا وأمالا» ولكن ظلت الفتاتان مرتبطتان بطبيعتها كذئب والذي ظهر بوضوح في سلوكهم الذي يشبه الذئب مثل المشي على الأطراف الأربعة والاستيقاظ ليلا وعض الناس.

 

ورغم مناضلتهما للتكيف مع الحياة إلا أنهما ودعا الحياة سريعا حيث توفيت أمالا عام 1921 إثر إصابتها بعدوى في الكلى قبل أن تتعرض كمالا لمرض السل عام 1929 ليسأل القس نفسه لاحقا عما إذا كان من الأفضل ترك الأطفال في البرية.

 

مارينا تشابمان.. فتاة القرود

 

أجبرت تلك الفتاة على العيش وسط عائلة من قرود الكبوشي حيث تبنوها و أقدموا على رعايتها منذ أن تم اختطافها عام 1954 وهي في عمر الـ 5 سنوات من قرية نائية في كولومبيا بأمريكا الجنوبية ليتم التخلي عنها بعد ذلك من قبل المختطفين وتركها وحيدة في غابة مطيرة تواجه مصيرها المميت فكان الاحتمال الأقرب هو تعرضها للدغة ثعبان تنهي حياتها.

 

ولكن أخذتها عائلة من قرود الكبوشي تحت جناحها وقدمت لها الرعاية اللازمة واعتبرتها أنها فرد منها لمدة 5 سنوات قبل أن يتم إنقاذها صحيح أنها لم تحظى بمعاملة خاصة من قبل العائلة البديلة فكانت تبحث عن طعامها بنفسها إلا أنهم في النهاية تكيفوا معها ووفروا لها مأوى خاص في شجرة مجوفة وسحبوا القمل من شعرها بلطف كما لو كانت واحدة منهم.

 

حتى أنها اعتبرت نفسها فرد منهم فكانت تنتقل على أربع مثل رفاقها من الثدييات وتتغذى على التوت والجذور والموز حتى تم القبض عليه من قبل مجموعة من الصيادين لتعيد اندماجها مع المجتمع البشري من جديد حيث تعيش الآن في " يوركشاير" مع زوجها وابنتيها وتبلغ من العمر 70 عام وفي كتابها الذي يناقش طفولتها وسط البرية بعنوان " الفتاة بلا اسم" وجهت مارينا تحية خاصة لـ "الجد القرد" الذي انقذ حياتها بعد تسممها بفاكهة فاسدة وكأنها حفيدته فإن لم يكن هو لما كانت تعيش حتى الآن.

 

شامديو.. أنقذته الذئاب

 

ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها ذئب طفل أجبره مصيره على البقاء في طبيعة لا تناسبه وليست له وكأن للذئب جانب آخر غير مرئي فهو من أكلي اللحوم ولكن أصبح مع قصتين مختلفتين عائلة لأطفال قام برعايتهم وحمايتهم حتى من طبيعته التي فطرها الله عليه ففي عام 1972 تم العثور على صبي يدعى " شامديو" في أحد الغابات بالهند ويتوقع أنه يبلغ من العمر 4 سنوات يعيش مع الذئاب كفرد منهم.

 

حتى أنه أبهر من رأوه بطريقة لعبهم مع الأشبال فيأكل معهم وينام وسطهم حتى وصل إلى درجة أنه أصبح يشبه لهم ليس في السلوك فقط وإنما في أيضا في الشكل حيث تم شحذ أسنانه بشكل مرعب إلى نقاط تشبه أسنان عائلته البديلة كما يمتلك أظافر طويلة معقوفة وشعر متعرج بالإضافة إلى مسامير على راحتي يديه و مرفقيه وركبتيه من الزحف على الأطراف الأربعة.

 

كما أصبح ممن يستمتع بتناول الدجاج حيا وماهر في صيدها بالإضافة إلى تطوير طعم الدم وعلى الرغم من إنقاذه تبعا لنداء الإنسانية ومحاولة إعادة تأهيله ليكون طفل طبيعي إلا أنه لم يتعلم ابدا كيفية التحدث واكتفى بتعلم بعض لغة الإشارة حتى توفي في فبراير 1985 بعد 13 عام من إنقاذه.

 

سوجيت كومار.. تربية الدجاج

 

لم تكن الظروف هي من أجبرت "سوجيت" على أن يكون أحد الأطفال الأكثر عدوانيا وتربوا على يد مملكة الحيوان فلا تعرض للخطف مثل "مارينا" ولا وجد نفسه في غابة مثل "شامديو" ولكن حبسه لفترات طويلة في قن دجاج كانت وسيلة والديه ومن بعدهم جده المفضلة في معاقبته حتى تحول سلوكه إلى سلوك يشبه الدجاج في طريقة الأكل والحركة حتى أصبح أكثر عدوانية.

 

تم العثور على "سوجيت" وهو في عمر الـ 8 سنوات عام 1978 عندما رأه مجموعة من المارة في منتصف إحدى طرق جزيرة "فيجي" الواقعة في جنوب المحيط الهادئ وهو يخفق بذراعيه مثل الدجاجة ويقوم بالنقر على الطريق ليتم إبلاغ السلطات التي سارعت إلى إنقاذه وإيداعه في منزل للمسنين وهنا تم الكشف عن مأساته.

 

فطوال طفولته قام والديه بحبسه في قن دجاج بشكل مرعب ولفترات طويلة كنوع من العقاب كلما رأوه يتبنى طريقة حياة الطائر كأي طفل يكون لديه أفكار متعلقة بالطيران والأبطال الخارقين وبعد أن انتحرت والدته بعد مقتل والده تم تسليم "سوجيت" إلى جده الذي استمر على اتباع ذات العقاب بحبسه بقسوة مع الدجاج حتى تعلم الطفل النقر على طعامه والانحناء على الكراسي كما لو كان جاثما كدجاجة.

 

واستمر الطفل الدجاجة في منزل للمسنين لمدة 20 عام أصبح فيهم أكثر عدوانية وبالتالي تم تقييده مرارا وتكرارا في السرير للسيطرة عليه حتى تم تحريره عام 2002 ووضعه في دار للأيتام ولكنه ظل بتوجه العنيف فيقوم بعض أي شخص يقترب منه وعندما يحصل على الطعام يقوم بوضع طعامه الطري على الأرض وينقر عليه وبالرغم من ذلك تظل محاولات إنقاذه لإعادته إلى حياته الطبيعية حيث يتعلم المشي والتحدث والأكل مستمرة.

 

أوكسانا مالايا.. تبنتها الكلاب

 

كانت اوكسانا الضحية الثانية لوالديها وكأن التاريخ يعيد نفسه من بعد "سوجيت" ولكن هذه المرة لم يتم حبسها في قن الدجاج إنما في بيت الكلب حيث تركها والدها المدمنان على الكحول خارج المنزل وهي لا تزال في عمر السنتين في مشهد تجردت منه كافة مشاعر الإنسانية مما أجبرها على الزحف إلى بيت الكلب لتجده أأمن من منزلها وأدفئ من ابويها وأكثر حنية من عالم البشر.

 

وظلت اوكسانا في منزل الكلب لمدة 6 سنوات حتى بلغت عامها الـ 8 وكانت هذه الفترة كافية لتحولها فأصبحت معتادة على الركض على أربع وتلهث ولسانها خارجا وتزمجر وتنبح مثل نظرائها من الكلاب الذين تبنوها كفرد منهم فهو مأواها الوحيد حتى تم العثور عليها أخيرا في عام 1991 ليتم انقاذها من منزلها -منزل الكلب- الواقع في إحدى حدائق أوكرانيا وبعد محاولات طويلة تمكنت بأعجوبة من التكيف مع الحياة البشرية بعد محنتها.

 

وردا للجميل لعائلتها البديلة أقامت اوكسانا في عيادة في مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا للمساعدة في تربية حيوانات المزرعة في العيادة وخاصة للكلاب.

 

جون سيبونيا.. عطفت عليه القرود

 

تعد قصة جون مختلفة عن كافة القصص فلا تم اختطافه ولا تعرض لإهمال والديه أو حتى وجد نفسه وسط البرية وإنما قرر الهرب بنفسه بعدما شهد على أكثر واقعة قد تكون مؤلمة في الحياة وهي قتل والده لوالدته ليهرب بعدها من منزله في أوغندا عام 1988 خوفا من والده فلا يتمكن أي طفل لا يتعدى عمره الرابعة أن يكون شاهدا على حادثة قتل فما بالك بقتل والدته على يد والده.

 

ليجد بعدها جون الخلاص بين مجموعة من قرود "الفرفت" لتكن عائلته الأمينة فبمجرد ركضه إلى الغابة ومكوثه هناك استقبلته عائلة القرود بصدر رحب وعلمته كيفية العثور على الطعام وتسلق الأشجار من أجل البقاء على قيد الحياة وفي 3 سنوات أصبح متوحشا يمتلك شعر كثيف ونمت ركبتيه نتيجة المشي عليهما كما نمت أظافره بشكل كبير ليتم العثور عليه في عام 1991 على يد قروي ووضعه في دار للأيتام حيث تبناه "بول واسوا" والذي بذل معه جهود مضنية لإزالة تغيرات القرود عليه فقد كانت بصمتها واضحة حتى تعلم جون التحدث.

 

ناتاشا ميخائيلوفا.. قطط وكلاب

 

هي ضحية جديدة لوالديها الذين قرروا التخلص منها ولكن بأبشع الطرق حتى أن الجيران لم يدركوا يوما أنهم لديهم أبنة فلم يتوقف الجحود عند حبسها داخل المنزل ومنعها من لظهور أو الخروج فقط وإنما اتخذ الجحود منحنى آخر أكثر قسوة حيث تم حبس الفتاة الصغيرة في غرفة لسنوات طويلة مع قطط وكلاب عائلتها فقط في منزلها في "تشيتا" بروسيا لتنشأ على يد من هم أكثر رحمة من والديها.

 

ونظرا لطول سنوات الإقامة مع القطط والكلاب لم تجد سواهم قدوة لها تقوم بتقليدها لتتبنى سلوك هذه الحيوانات بعد حرمانها من الاتصال البشري فأصبحت تسير على أربع وشربت بلسانها وحتى نبحت مثل الكلب حتى تم إنقاذها من قبل الخدمات الاجتماعية بعد سنوات من الإهمال والبقاء مع الحيوانات الأليفة العائلية حتى أنهم وجدوها ماكثة في غرفة منفصلة عن العالم البشري بملابس ممزقة ومتسخة ومحاطة بالحيوانات التي أصبحت تدرك لغتها.

 

وبعد انتشار أخبارها تفاجأ الجيران بوجود فتاة لدى العائلة فكل ما كانوا يرونه مع العائلة هم 3 كلاب شريرة يأخذونها للتنزه يوميا حتى في هذا لم تتساوى مع من تربت على يدهم وبعد نقل ناتاشا إلى دار الأيتام ظلت لفترة طويلة تتجنب التعامل مع الأطفال حتى تلقت إعادة تأهيل مكثف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة