على مسجد، وعلى فندق، وعلى مصنع، وقعت 3 هجمات إرهابية، في 3 دول تنتمي إلى 3 قارات، يوم أول أمس الجمعة.
الفاعل متشددون إسلاميون، والفعل الإجرامي حدث في نهار رمضان، وكأن الإسلام المثخن بجراح بعض من ينتسبون إليه، ينقصه من يسعون جاهدين لتصويره على أنه دين القتل والترويع وعقيدة إزهاق أرواح الآمنين وسفك دماء الأبرياء!
عادة لا أجنح لربط أحداث متفرقات في سياق واحد هو المؤامرة، لكن من الغفلة في ظل ما يجري عندنا ومن حولنا أن نستبعد احتمال أن تكون الجرائم الثلاث مرتبة في إطار مؤامرة واحدة دبرها تنظيم داعش ونفذها أتباعه في توقيتات متزامنة بالكويت وتونس وفرنسا، لإرسال رسالة واحدة مؤداها أن يد التنظيم الذي يتمدد سرطانياً في منطقة الهلال الخصيب، قادرة على أن تطال أي هدف من المشرق إلى المغرب العربي وحتى قلب أوروبا التي مازالت بعض دولها وأجهزتها تهادن الإرهاب، وتتجاهل أن جماعاته المنتمية زوراً للإسلام يربطها حبل سري واحد، وخرجت من رحم فكري واحد هو جماعة الإخوان!
لن يكون حادث تفجير مسجد الإمام الصادق على رؤوس مصليه الصائمين من المسلمين الشيعة في صلاة الجمعة من شهر رمضان، وتمزيق أجسادهم الطاهرة المتوضئة أشلاء، ولا حادث إطلاق الرصاص على السائحين الآمنين أمام فندقين بمدينة سوسة التونسية، ولا حادث الهجوم على مصنع الغازات الصناعية بمدينة ليون الفرنسية، آخر جرائم الإرهاب التي ترتكبها جماعات الكفر بالإنسانية وتكفير البشر ومعاداة الحياة.
وأتوقع ـ وأدعو الله أن تخيب ظنوني ـ أن تكون تلك الجرائم بداية موجة إرهابية، لن تنكسر إلا بفعل حقيقي وجاد على مستوي دولي، لمحاربة جماعات الإرهاب وكسر شوكتها عن طريق تعاون استخباراتي وثيق وعمل عسكري منسق.
وأرجو أن تسارع الدول العربية المنضمة إلى القوة العربية المشتركة، باختصار زمن إجراءات تشكيلها، فالخطر حال وداهم ولا تحتمل مواجهته أي إبطاء!
ولعل الكثيرين، قد أدركوا الآن مغزى نصيحة الرئيس السيسي للأشقاء العرب ولغيرهم، في زياراته لدولهم الشقيقة والصديقة حينما قال: «خلُّوا بالكم من بلادكم». كان السيسي يقرأ مسار الأحداث من واقع تجربته في محاربة الإرهاب، مثلما تنبأ مبكراً باشتداد وطأته، ودعا الشعب المصري إلى الخروج لتفويضه يوم 26 يوليو 2013، في مواجهة العنف والإرهاب المحتمل.
وإذا كنا نستعد للاحتفال بعد أيام بالذكرى الثانية لثورة يونيو المجيدة، فلابد أن أجهزة الأمن قد تحسبت لسيناريوهات محتملة من جرائم تعد لها جماعة الإخوان وحلفاؤها ولا تخفيها، ليس فقط في العاصمة وداخل المدن، وإنما في المناطق الحدودية شرقاً وغرباً وجنوباً، فهدفهم هو زعزعة استقرار البلاد وخنق أي فرحة للمصريين الذين هم يتأهبون لأهم إنجاز لهم في هذا القرن وهو افتتاح قناة السويس الجديدة.
وظني أن الرئيس السيسي الذي يترأس القمة العربية في دورتها الحالية قد يدرس مع حلول موعد انعقاد اجتماع الترويكا العربية التي تضمه وملك المغرب وأمير الكويت، لاعتماد تشكيل القوة المشتركة قبل نهاية يوليو المقبل، الدعوة إلى قمة عربية طارئة لاتخاذ تدابير جماعية فعالة لدحر الإرهاب، لتجاوز بعض ألوان التخبط وأشكال التحالفات ضيقة الأفق مع تنظيمات في مواجهة أخري، كلها تهدد الكيان العربي ودوله فرادي وجماعات!