عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

المـواطـن مـصـرى

عمرو الخياط

الجمعة، 11 فبراير 2022 - 08:24 م

لو أتيحت لك فرصة صباحية لتتناول فيها إفطارك اليومي.. ما عليك إلا أن تتناول وجبتك المفضلة لغالبية الشعب المصرى على عربة فول.. واستمع بدقة لما يدور حولك من تعليقات من زميلك فى الوطن.. ستجد بكل بساطة أن هذا الزميل المواطن لديه الكثير من الشكوى وكثير من الحلول لجميع المشاكل التى تواجه الدولة.. وكأنه عليم بكل  بواطن الأمور وحده.. وأن الدولة والحكومة غائبة عن هذه الحلول.


 ستجد المواطن بعد أن تناول إفطاره الشهى قام بدفع ما طلبه منه صاحب العربة.. وهو عادة ما يقرب من خمسة جنيهات..

متناسياً وهو يقدم حلوله العبقرية أن الدولة التى ينتقدها هى نفسها التى وفرت له رغيف الخبز الذى تناول منه رغيفين أو ثلاثة بخمسة قروش لكل رغيف دعماً له، وهو الذى قام بدفع خمسة جنيهات لوجبته الصباحية دون أن ينتقد أو يشكو.

 

اتجه بعد ذلك إلى مترو الأنفاق.. هناك ستجد بكل بساطة وعفوية حالات من تحليل لمشكلات الوطن.. وشكاوى من أمور كثيرة ولعنات على الدولة التى رفعت سعر التذكرة..

دون أن يتحدث أحد عن انتظام الخدمة المقدمة أو معدلات التطوير فيها أو حتى كيف يتم تنظيم هذه المنظومة يومياً دون توقف من صيانة أو نظافة وأجور واستحداث عربات جديدة بدلاً من التى تهالكت.. عند مغادرتك محطتك.. ستجد هؤلاء الشاكين المنظّرين..

هم أنفسهم الذين يتهافتون على وسيلة مواصلات أخرى هى التوك توك.. التى يركبونها عادة، لتوصيلهم إلى منازلهم أو مقار أعمالهم.. ويدفعون عن  طيب خاطر أضعاف ما دفعوه فى تذكرة المترو دون أن يبدو  أى سخط عليه أو تبرم منه أو حتى شكوى منه. 


فى الوقت ذاته ستجد سائق التوك توك نفسه هو الذى أصبح منظراً ومنتقداً.. فبنظرة سريعة لتقييم السائق ستجده دون السن القانونية فى الوقت الذى ينتقد فيه رجال المرور، لأنهم يطاردونه وهو الذى يقود مركبة غير مرخصة ولا يدفع ضرائب عن أرباحه المتراكمة من استغلال المواطن الذى دفع دون انتقاد أو شكوى. 


 حينما تصل إلى مقر عملك، بعد هذه الجولة السريعة، ستجد هناك زميلك فى العمل الذى أهم ما يميزه التشاؤم الواضح عليه.. وهو الغارق فى التفكير السلبى دوماً.. هذا الزميل الدائم الشكوى والمكثر فى التنظير هو أيضاً قليل العمل.. والمنتظر دائماً إلى لحظة إنهيار الدولة ليس كرهاً فيها وإنما ليثبت أنه كان محقاً فى وجهة نظره الثاقبة المعتمة.


هناك فى العمل ستكون المائدة المستديرة قد نصبت، وهى التى تضم زملاءك فى العمل المتجاهلين لمصالح المواطن والمهتمين فقط بعملية التنظير اليومى لوضع حلول لجميع مشاكل الدولة بينما الحكومة عاجزة عن الوصول الى هذه الحلول التى يرونها عبقرية..

وهى فى الوقت ذاته لا ترتقى أن تكون حلولاً بقدر ما هى هلوسة تنظيرية اعتاد عليها البعض وكأنه على علم بكل شىء.


 بعد انتهاء يومك فى العمل لاحظ قبل أن تغادره ما تم إنجازه من زملائك وسرعان ما تكتشف أن البعض لم يقدم الإنتاج المطلوب منه تحت زعم مقوله «على قد فلوسهم»، وهم متناسون حتى إن ما يتقاضونه لم يقدموا مقابلا له ..

لأنهم ببساطة عاشوا على التواكل وأن الراتب سيحصلون عليه سواء كان هناك إنتاج أو دون ذلك .


فى رحلة العودة إلى منزلك بعد العمل ستمر بحالات مماثلة لما رأيتها فى مشوارك الصباحى المعتاد.. وقبل أن تنسى ما سمعته أو شاهدته لاحظ الآتى :
< أن هناك حالة من الفتوى والتنظير بغير علم.


< الأغلب الأعم من المواطنين لا يرى أنه مطالب بأى جهد يبذله فى حياته.


< أن غالبية المواطنين يرون أنهم غير مسئولين عن أى مشاكل حدثت أو تحدث.


< الأغلب من المواطنين لديهم نمط استهلاكى يفوق امكانياتهم المادية فتزيد الشكوى والغضب غير المبرر.


< تجاهل تام للنماذج التى اختارت النجاح فى مثل ظروف أى مواطن عادى .. وكأنهم نماذج غير مصرية، وهم المصريون فقط.


< أن مشاكل البطالة الحقيقية هم نفسهم المتعطلون الذين اتخذوا قرارا بعدم الشقى، وقرروا أن يكونوا منظِّرين واصحاب فكر، يتكلمون على القهاوى فقط.
< هناك حالة من الاستكانة من غالبية المواطنين والاعتماد على الدولة ليصبحوا عبئا عليها دون أن يكدوا ليجدوا المقابل .


< الغالبية تطالب بحقوق دون أن يلزموا أنفسهم بأى واجبات، ليحصلوا على حقوقهم التى يطالبون بها.


 قبل أن تستلقى على سريرك وقت القيلولة لا تنس أن تنظر إلى هاتفك المحمول.. وحاول أن تلاحظ كم صديقا لك فى العمل موجودا فى هذه اللحظة على مواقع التواصل الاجتماعى وكم مرة قضاها وهو يتصفح هذه المواقع وحاول أن تحسب كم المبالغ التى دفعها زملاؤك فى استخدام باقات النت..

التى يدفعون فاتورتها عن طيب خاطر..

فى الوقت الذى ستسمع منهم شكوى من ارتفاع قيمة خدمات الكهرباء المقدمة، لنتأكد من التناقض الذى أصبح داخل المجتمع المصرى، الذى اعتاد غالبيته الحصول على جميع الخدمات دون مقابل، وحينما تطالبهم الدولة بمقابل هذه الخدمات تستمع منهم للشكوى، وهم ذاتهم الذين دفعوا طواعية لشركات المحمول الملايين مقابل الوقت الذى قضوه وهم يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعى .


نحن الآن بعد هذه الرحلة ومكاشفة الحقيقة التى قد تكون فاتت عليك، نتيجة اعتيادك لها يومياً.. مطالبون بموعد مع العقل..

موعد مع قيمة الإنسان المصرى الذى كان ومازال قادرا على صياغة المستقبل، وقدم للإنسانية نماذج كثيرة من النجاحات سواء على مستوى الدولة أو الأفراد ..

وعلينا أن نعود إلى الشخصية المصرية الحقيقية التى اعترتها سلوكيات غريبة عليها بفعل أمور كثيرة من أجل أن نكون جميعاً على قدر الجمهورية الجديدة التى تبنى من أجلنا ولصالح أجيال مصر المقبلة . 


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة