فيلم “جعلوني مجرمًا”
فيلم “جعلوني مجرمًا”


طيور الظلام .. لماذا يكرهــــون الفن؟

أخبار النجوم

السبت، 12 فبراير 2022 - 02:22 م

هبة الخولى

لماذا يكرهون الفن وأهله؟، لماذا يكرهون النور؟، لماذا يفضلون العيش في الظلام؟، لماذا يرفضون كل جديد؟، أسئلة متعددة والإجابة واحدة عند «طيور الظلام»، الذين يهاجمون ويتربصون للإبداع، بأعين حاقدة.. هؤلاء يريدون هدم كل ما هو جديد، يريدون العودة بنّا إلى الوراء، يريدون هدم أي مشروع إبداعي، هم لا يريدون حجب الصور، هم يريدون حجب النور.


يظل الفن أسمى رسالة، وأعظم هدف، يظل قوة مصر الناعمة، والتاريخ يشهد على ذلك، شاهد على المواقف الإنسانية لرموز الفن, ليبرهنوا على أهمية دور الفن المؤثر وقت الأزمات والشدائد فكانوا مثال قدوة للفنان الحقيقى المهموم بقضايا وطنه.


الأمر يحتاج إلى وقفة حقيقية ضد كل من يسعى إلى هدم قوة مصر الناعمة، لذا تفتح «أخبار النجوم» هذا الملف الشائك.. تواجه، تحلل، تناقش، لنصل في النهاية إلى حلول عملية لمواجهة كارهي الفن، دائمًا وأبدًا سيظل الفن رسالة سامية، يحاول تسليط الضوء على مشاكل وقضايا اجتماعية مختلفة من خلال مختلف الأعمال الفنية، ويسعى إلى إيجاد حلول لها.


وهناك أعمال فنية عديدة نجحت في تحليل المشاكل الاجتماعية ومعالجتها، وكانت سببًا قويًا في تغيير القوانين الصارمة التي وضعت لسنوات، وظُلمت بسببها شرائح كبيرة من المجتمع، وفي الوقت ذاته مازالت أعمال أخرى تحاول إحداث هذا التغيير حتى ولو بإعادة تسليط الضوء عليها مرة أخرى، فيلم “جعلوني مجرمًا” للفنان الكبير الراحل فريد شوقي الذى تدور أحداثه حول الفتى الصغير سلطان، الذي يموت عنه والداه ويصبح يتيمًا، ويستولي عمه على ميراثه كاملًا، ويدفع به إلى الشارع حيث عصابات أطفال الشوارع، والتي تستدرجه إلى طريق الإجرام، يستغرق سلطان في السرقة والسطو، حتى يلقى القبض عليه ويقضي سنوات مراهقته في الإصلاحية، والتي تعيد تأهيله ليخرج ويواجه المجتمع، ويحظى بحياةٍ سوية ومستقيمة، بعد خروج سلطان من الإصلاحية يعاني الأمرين في العثور على عمل، إذ إن متطلبات الوظيفة تقتضي استخراج صحيفة جنائية نقية بلا سوابق إجرامية، الأمر الذي يعيق سلطان من التوظف لدى أي جهة محترمة.


وبسبب ضيق الحياة، يعود سلطان إلى الإجرام من جديد، ويقتل عمه الذي استولى على ميراثه كاملًا، ويتحول إلى مجرم حقيقيّ خطر، بعد عرض فيلم “جعلوني مجرمًا” تحول فريد شوقي إلى ظاهرة فنية حقيقية، وتسبب فيلمه في إعادة النظر في القانون الجنائي المصري، وتم سن قانون جديد يقضي بإلغاء تسجيل السابقة الجنائية الأولى في الصحيفة الجنائية للمصريين، ما يمنح أي مجرم تائب فرصة العودة لحياته الطبيعية، والحصول على عمل، إذا كان صادقًا في توبته، وتألقت سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة في فيلم “أريد حلًا”، والذي أنقذ نساء مصريات عديدات من المآسي التي لاقينها في ردهات المحاكم، سعيًا إلى الطلاق.


تدور أحداث الفيلم حول سيدة استحالت عليها سبل العيش مع زوجها القاسي وسيئ المعاملة، فطلبت الطلاق منه بشكل رسمي أمام المحكمة، ولكن بسبب استعانة الزوج بشهود زور، تم الحكم في القضية ضدها، وفشلت في الحصول على الطلاق بعد 4 سنوات من متابعة قضيتها.


بسبب فيلم “أريد حلًا”، تم إعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية، والسماح للمرأة المصرية بحق الخلع، والتخلي عن زوجها، بشرط التخلي عن جميع مستحقاتها وحقوقها المادية، وكان هذا انتصار ثالث لسلطة الفن التي دفعت القانون لإعادة النظر في حالاتٍ إنسانية تستحق الرعاية.


نجاح كبير وجدل أكبر أثاره مسلسل “ليه لأ 2” الذي عرض أخيرًا على منصة “شاهد” وشارك في بطولته منة شلبي وأحمد حاتم ومراد مكرم وريم حجاب، وسلط الضوء على قضية “التبني” وما يواجهه أطفال الملاجئ من معاملة، وكشف مسؤلو الإدارة العامة للأسرة والطفولة بوزارة التضامن الاجتماعي المصرية “أن هناك نحو 11900 طفل مكفول في مصر حتى الآن، وأن أعداد الطلبات المقدمة للوزارة من أسر تريد الكفالة وصل إلى 2700 طلب، وتبت الوزارة في الأمر”.


وأشارت الوزارة إلى أن المسلسل تسبب في زيادة أعداد طلبات كفالة الأطفال في المنازل خلال الفترة الأخيرة، بعدما سلط الضوء على القضية.
وعلق الناقد السينمائي طارق الشناوي على تأثير الفن في سن القوانين قائلًا: “لا أرغب في تضخيم قوة الأعمال الفنية، ومنحها أكثر من حجم تأثيرها، ولكن أتمنى أن يكون للفن بالفعل تأثير في المجتمع، ولكن عادًة عندما يتم السماح بعرض عمل فن يكون مناقشًا لموضوع مهم في المجتمع، فيتجه إلى الجهات المسئولة ويحصل على الضوء الأخضر وهذا ما يعني أن الدولة  تملك الاستعداد لمناقشة أو لتعديل قانون، إذًا فالفن يلعب دورًا مساعدًا، ولكن هذا لا ينفي أنه لا يملك الكلمة القوية في أي تغيير يحدث في القوانين، فعندما ترى النقابة أي عملًا فنيًا فهي تملك العيون والآذان ولكن ليست مطلقة، ولكن الفن يغير على الصعيد الاجتماعي أكبر من السياسي، فمن الممكن أن تتعلم من الفن “تدخين السجائر” في سن المراهقة مثل الفنانة سعاد حسني التي كانت تؤثر في ملابس البنات بشكل عام، فالفن يؤثر في كل أحواله سواء إيجابي أو سلبي”.


وقال الناقد أندرو محسن: “بعض الأعمال تحقق أثرًا جيدًا في الناس، أعتقد أن ذلك بسبب جودة العمل، وأنه أثر في المشاهدين، وأصبح محط اهتمام شريحة كبيرة من الجمهور للحديث عنه وعن قضيته، فعلى سبيل المثال قضايا العنف في الجواز، وقضايا التحرش التي أصبحت متواجدة بكثرة، ولكن لا تؤثر جميعها على المجتمع وهذا يرجع إلى جودة العمل وتقديم عمل جيد يحمل رسالة، وأنا أفضل أن يعيد المؤلفون التفكير في مثل تلك الأمور التي تتعلق بموضوع العمل الفني، ولكن تقديم الأعمال غير الهادفة موضوعًا سيئًا يُعطي صورة ذهنية سلبية للجماهير ويفقد الفن محبيه، فمثلًا هناك عديد من الأعمال تناولت قضية الأمراض، ولكن لم تُحقق الأعمال النجاح مثل مسلسل “خلي بالك من زيزي”، والذي بدأ الجمهور يبحث عنه، وهذا يعود إلى صناع العمل لأنهم أتقنوا فيه، وتكاملت عناصره الفنية، والأهم من تغيير القوانين، هو تغيير عقلية الناس، ويجب احترام المشاهد، وهناك العديد من الأعمال المُقنعة في تنفيذها مما أدى إلى التفات الدولة لها مثل فيلم “الشقة من حق الزوجة”، أو فيلم “أريد حلًا”.

وقال المؤلف محمد الحناوي: “دور الفن أساسيًا لا يختلف عن التعليم في التأثير على المجتمع، ساهمت الفنانة فاتن حمامة في تغيير قانون الخلع في فيلم “أريد حلًا”، لم ينتبه أحد إلى مثل تلك المشاكل سوى عقب طرح العمل الفني، بجانب “وحش الشاشة” فريد شوقي، الذي ساهم وحده في تغيير ثلاث قوانين، فمثلًا فيلم “جعلوني مجرمًا” تسبب في تغيير قانون الأحداث والسوابق، بالإضافة إلى الفنان عادل إمام والذي عبر عن مشاكل سكن الشباب في فيلم “كراكون في الشارع”، فمثل تلك الأعمال تغيرت على أساسها قوانين فعلية، وأثرت أيضًا بشكل كبير في المشاهد، ولكن العمل يجب أن يكون ممتعًا فهو ليس “درس خصوصي” وتلك الأعمال نجحت في التأثير على المشاهد بسبب إتقان من يُقدمهم من نجوم كبار، فالفن رسالته الأساسية في الكلمة المتوجهة والممتعة، وتلك العناصر إذا فقدها العمل الفني يُفقد معها قيمته، الفن رمز ويُقدم من خلاله رسالة ولكن بشكل غير مباشر”.


وعلقت الناقدة عزة هيكل قائلة: “الإبداع الحقيقي في الفن أصبح متواجدًا ولكن بقدر ضئيل جدًا، وأنا اختلف كثيرًا مع الجزء الثانى من مسلسل “ليه لا”، لأن التبني موجود من قبله، ولكنه ألقى الضوء عليه فقط، يجب أن نستمر في قول إن الفن عليه أن يصنع واقعًا جديدًا، ما يحدث من بعض الفنانين أو المؤلفين يعتبر إساءة إلى الفن ولدوره، وتسبب في أن يصبح مجرد ترفيه واستمتاع، ولكن الفن لا يقتصر دوره على ذلك فقط، فعليه دورًا مجتمعيًا ولكن هذا ليس ظاهرًا بالشكل الكافي، فنحن بحاجة إلى أن يأخذ الفن بيد المجتمع إلى التغير الأفضل، إذا كان الفن تسلية فقط، يجب أن لا يُذكر بذلك الاسم لأنه أمرًا غير مرغوب فيه، نحن نواجه تطورًا رهيبًا وملحوظًا في الفن على مستوى العالم أجمع، الأعمال التي تخاطب الإنسان في أي زمان وأي مكان تتخطى الحدود وتعلق في أذهان الجمهور، الفن كله رسالة مجتمعية، الفن الحقيقي يجب أن يكون إبداع ورسالة تؤثر في الجمهور”.


 

بينما قال المؤلف أيمن سلامة: “الفن يمتلك دورًا مجتمعيًا كبيرًا جدًا، وهو ما يغير في سلوك البشر والناس، ولكن للأسف الشديد كلما يزيد الجهل، كلما نرى الناس تُهاجم الفن، الفن سببًا رئيسيًا في تقدم الأمم لأنه يرقي الإنسان، وتكون القضايا التي يتناولها قضايا إنسانية من الدرجة الأولى وتؤثر في المجتمع وتغير من سلوك الأفراد، هجوم الجمهور على الفن يكون بسبب التطرف، ووضع فكرة أن الفن ضد الدين، وذلك هو السبب الرئيسي، وتلك الأفكار نشأت بسبب متطرفين وشيوخ سلفية تتسبب في حرمان الفن بشكل عام، وترفض جميع أنواعه، نحن بحاجة إلى إعادة الوعي في المجتمع بأهمية الفن عبر المدارس ووزارة التربية والتعليم، فيجب أن تعود حصص الموسيقى والمسرح مجددًا، تلك المواد إذا دُرست في المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، فتأكد أنه لن يكون هناك أي تطرف أو إرهاب في يومًا من الأيام”.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة