الإمام الشعراوي
الإمام الشعراوي


خواطر الإمام الشعراوي.. الليل والنهار من مظاهر رحمة الله

ضياء أبوالصفا

الخميس، 17 فبراير 2022 - 10:19 م

نشرت جريدة "الأخبار" في عددها الصادر غدا الجمعة، خواطر للإمام الشعراوي، حيث يقول الحق فى الآية 73 من سورة القصص: «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

بعد أنْ فصَّل الله تعالى القولَ فى الليل والنهار كلّ على حدة جمعهما؛ لأنهما معاً مظهر من مظاهر رحمة الله، وفى الآية ملمح بلاغى يسمونه (اللف والنشر)، فبعد أن جمع الله تعالى الليل والنهار أخبر عنهما بقوله: «لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِه» ثقة منه تعالى بفطْنة السامع، وأنه سيردُّ كلاً منهما إلى ما يناسبه، فالليل يقابل «لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ»، والنهار يقابل «وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ»، فاللفُّ أي: جَمْع المحكوم عليه معاً فى جانب والحكم فى جانب آخر، والنشرْ: ردّ كلِّ حكم إلى صاحبه. والليل والنهار آيتان متكاملتان، وبهما تنتظم حركة الحياة؛ لأنك إنْ لم ترتح لا تقوى على العمل؛ لأن لك طاقة، وفى جسمك مُولِّدات للطاقة، فساعةَ تتعب تجد أن أعضاءك تراخَتْ وأُجهدَتْ، وهذا إنذار لك، تُنبِّهك جوارحك لم تَعُدْ صالحاً للحركة، ولابد لك من الراحة لتستعيد نشاطك من جديد.


والراحة تكون بقدر التعب، فربما ترتاح حين تقف مثلاً فى حالة السير، فإنْ لم يُرِحْك الوقوف تجلس أو تضطجع، فإنْ زاد التعب غلبك النوم، وهو الرَّدْع الذاتى الذى يكبح جماح صاحبه إنْ تمرد على الطبيعة التى خلقها الله فيه.


ومن عجب أن البعض يخرج عن هذه الطبيعة، فيأخذ مُنشِّطات حتى لا يغلبه النوم، ويأخذ مُهدِّئات لينام، ولو أسلم نفسه لطبيعتها، فنام حينما يحضره النوم، وعمل حينما يجد فى نفسه نشاطاً للعمل لأراحَ نفسه من كثير من المتاعب.


لذلك يقولون: النوم ضيف إنْ طلبك أراحك، وإنْ طلبته أعْنَتك، وحتى الآن، ومع تقدُّم العلوم لم يصلوا إلى سرِّ النوم، وكيف يأخذ الإنسان فى هدوء ولُطْف دون أنْ يشعر ماهيته، وأتحدى أن يعرف أحد منا كيف ينام.


لذلك جعل الله النوم آية من آياته تعالى، مثل الليل والنهار والشمس والقمر، فقال سبحانه: «وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار» «الروم: 23».


ثم يقول الحق سبحانه: «وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ».


تقدمت المناداة قبل ذلك مرتين ومع ذلك لا يوجد تكرار لهذا المعنى؛ لأن كلَّ نداء منها له مقصوده الخاص، فالنداء فى الأولى خاص بمَنْ أشركوهم مع الله وما قالوه أمام الله تعالى: «رَبَّنَا هؤلاء الذين أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا» أما الثانية، فالنداء فيها للمشركين «مَاذَآ أَجَبْتُمُ المرسلين».أما هنا، فيهتم النداء بمسألة الشهادة عليهم. إذن: فكلمة(أين) و(شركائي) و«الذين كنتم تزعمون» قَدْر مشترك بين الآيات الثلاثة، لكن المطلوب فى كل قَدْر غير المطلوب فى القَدْر الآخر، فليس فى الأمر تكرار، إنما توكيد فى الكل.


ثم يقول الحق سبحانه فى الآية 75: «وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون»، أى :أخرجنا من كل أمة نبيّها، وأحضرناه ليكون شاهداً عليها «فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ» أرونا شركاءكم الذين اتخذتموهم من دون الله، أين هم ليدافعوا عنكم؟ لكن هيهات، فقد اتخذتموهم من دون الله، أين هم ليدافعوا عنكم؟ لكن هيهات، فقد ضلَّوا عنهم، وهربوا منهم.

اقرأ أيضاً|شيخ الأزهر: الخروج من ‏الأوضاع المعضلة لا يتحقق إلا بإحياء صحيح الدين الحنيف


«فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنبآء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ». إذن: غاب شركاؤكم، وغاب شهودكم، لكن شهودنا موجودون «وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً»، يشهد أنه بلَّغهم منهج الله فإنْ قُلْتم: لقد أغوانا الشيطان وأغوانا المضلون من الإنس، نردّ عليكم بأننا ما تركناكم لإغوائهم، فيكون لكم عذر، إنما أرسلنا إليكم رسلاً لهدايتكم، وقد بلّغكم الرسل.


ثم يقول تعالى: «فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ» أي: قولوا: إن رسلنا لم يُبلِّغوكم منهجنا، وهاتوا حجة تدفع عنكم، فلما تحيَّروا وأُسقط فى أيديهم حيث غاب شهداؤهم وحضر الشهداء عليهم فعلموا أَنَّ الحق لِلَّهِ.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة