سيدات كثيرات يعاونّ أزواجهن في الأعمال حتى أكثرها صعوبة (تعبيرية)
سيدات كثيرات يعاونّ أزواجهن في الأعمال حتى أكثرها صعوبة (تعبيرية)


حق الكد والسعاية.. مكتسب للمرأة وشركاء النجاح ينتظر «التصور الشامل»

ناجي أبو مغنم

الإثنين، 21 فبراير 2022 - 09:50 ص

◄ دياب فتحي دياب:
الحكم لا يخص الزوجات فقط، بل كل من تسبب في تنمية مال الغير 
استحقاق هذا الدخل لاعلاقة له بالطلاق أو الوفاة

◄ الأمير محفوظ:
المسألة في حاجة إلى تصور عام
عمل المرأة أمر مشروع بضوابط مع قبول زوجها


صحوة جديدة في حقوق المرأة العاملة، وخطوة طال انتظارها بعدما غابت منذ عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد تحدث فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الإمام أحمد الطيب، عن حق الكد والسعاية، مطالبا بضرورة إحياء هذه الفتوى من التراث الإسلامي.


وبعد دعوة شيخ الازهر بهذا الشأن، راح العديد من الناس يبحثون عن آلية وكيفية تطبيق حد الكد والسعاية، وما إمكانية تطبيقه، ومن المستفيد، وهو ما نحاول أن نسلط عليه الضوء في السطور التالية...

 

سند «الكد والسعاية»
أكدت الدكتورة الهام شاهين الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الاسلامية، أن حق الكد والسعاية الذي دعا لإحياء العمل به فضيلة الإمام الأكبر ورحب به القومي للمرأة له قصة، وهي أن حبيبة بنت زريق ذهبت إلى امير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما توفي زوجها عمرو بن الحارث، وقد استولى أهله على ما ترك من مال وعقار اكتسباه معاً، هي بعملها في النسج والتطريز وهو بعمله في التجارة بما كانت تنتجه وكسبا مالا وفيرا من ذلك، فقضى عمر بن الخطاب  بقسمة المال إلى نصفين، فأخذت حبيبة النصف، ثم الربع من مال الزوج بالميراث، لأنه لم يكن لديه أولاد، وأخذ الورثة الباقي، ومن هنا أفتى كثير من الفقهاء للمرأة بحق الكد والسعاية. 

 

الطلاق والوفاة !
قال الدكتور دياب فتحي دياب، من علماء الأزهر الشريف، أن المراد من حق الكد والسعاية هو حفظ حق المرأة صاحبة الدخل الذي يتسبب في زيادة ثروة الزوج بشكل ملحوظ، كالمرأة صاحبة التجارة، وتلك التي سافرت للإعارة براتب كبير، والأخرى التي ورثت عن بعض أهلها وخلطت مالها بمال زوجها، وتحول هذا الدخل إلى عقارات أو أرصدة نقدية ،فهذا الدخل من حق الزوجة ويدخل في ذمتها المالية وليس ذمة زوجها، ولهذا فهي تستحقه إن علم قدره، فإن لم يعرف قدره اجتهد أهل الخبرة في تقديره، واستحقاق هذا الدخل لاعلاقة له بالطلاق أو الوفاة، فهو بمثابة الأمانة عند الزوج ولها أن تطالب به ليكون في حسابها الخاص وهي زوجة.


وأضاف الدكتور دياب، أنه إذا مات زوجها ومالها مختلط بتركة الزوج أخذته قبل قسمة التركة ثم تأخذ نصيبها في الميراث، وكذلك إن طُلقت تستحق أموالها إضافة إلى الحقوق المترتبة على الطلاق كالنفقة وغيرها.


ليست الزوجة فقط
وأوضح أن هذا الحكم لا يخص الزوجات فقط، بل كل من تسبب في تنمية مال الغير كالابن الذي يعمل مع والده في التجارة أو الزراعة دون بقية إخوته يستحق أن يقدر له ما يكافئ عمله، يأخذه قبل أن يأخذ نصيبه في الميراث، وكذلك الابن الذي يعمل بالخارج ويرسل أموالا فيشتري بها والده أرضا أو عقارا باسمه وليس باسم ابنه صاحب المال، فمن الظلم قسمة هذا المال بين الورثة من دون رضاه، بل هو حق خالص له إضافة إلي نصيبه في الميراث.


واختتم حديثه مؤكدًا على أن الأسلم انفصال الذمم المادية من البداية، وأن يكون دخل كل طرف في حسابه الخاص حتى لا يقع النزاع أو الخلاف.

 

كما قال الدكتور الأمير محفوظ، من علماء الأزهر والأوقاف، إن الحديث كثر حول (حق الكد والسعاية) للمرأة بأن يكون لها حق في نصف مال زوجها إذا كانت تعمل معه مشاركة فكانت سببًا في جمع ثروته المالية ومات عنها، ولكن المسألة في حاجة إلى تصور عام؛ لأن صورة (مسألة حق الكد والسعاية) متصورة في الأمر الأول وهو قيام شركة بين المرأة وبين زوجها في عمل من الأعمال مثل مشاركة في تجارة ما، أو مضاربة بينهما، إلخ، وذلك معتبر وفق أحكام تلك المعاملات ووفق العقود الشرعية، لاعتبار الذمة المالية للمرأة في الإسلام. 

 

اقرأ أيضا: رغم قوانين مناهضة العنف ضد المرأة وإيجاز الضرب.. «النساء في ورطة»

 

بيان الكد والسعاية
وأكد أنه مما يجب التنبيه إليه في مسألة حق الكد للمرأة أمور مهمة هي كما يلي: 


أولها: أن مسألة الكد محصورة مقيدة في عقد شراكة المرأة زوجها في عمل من الأعمال.


وأردف الدكتور الأمير محفوظ، معلوم أن التصور الأول لـ (مسألة حق الكد والسعاية) ينهي ويفض الكثير من التداخل بينها وبين كثير من تصورات عديدة يثيرها الناس؛ لأن الشركة عقد مالي سواء تضامن أو أبدان كل بجهده؛ الرجل وزوجه في شراكة عملية فلكل منهما جزء مالي مقابل كده وسعيه فكما للمرأة حق الكد كذلك للرجل مقابل مالي في كده وسعيه. ولكن يؤخذ على هذه المسألة أمور نرصدها كالتالي: 


◄ هل ثبتت قصة امرأة عمرو بن الحارث فعلا؟ فالرواية في حاجة إلى تخريج أهل الحديث للقصة وهذا عمل علماء الحديث والأثر، وهل أفتى عمر بن الخطاب بذلك فعلا ؟ ثم هل نحن ملزمون باتباع سيدنا عمر في اجتهاده برأيه ؟ لسنا في حاجة إلى الاستدلال بفتوى عمر مع جلالة قدره رحمه الله تعالى؛ لأن في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ما يدل على إقرار الحقوق بين الناس، فالله يقول: {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} [النساء: 32] كما أوصى النبي بالنساء في حجة وفي وصايته بهن عند موته، فهل انتهينا من العمل بوصايا الكتاب والسنة حتى اضطررنا إلى الأخذ بفتوى عمر؟  وهي فتوى صحيحة بلا شك.


◄ على فرض ثبوت تلك القصة عن سيدنا عمر، إن ثبتت فإن لإثبات حق الكد والسعاية وجها مقبولا لإثبات حق مهدر ضائع في قصة عين، فلو تكررت اليوم مثلها فإن العدالة تقتضي أن يكون القضاء فيها بمثل ما قضى سيدنا عمر رضي الله عنها. 


◄ أن هذا الحق يفترض أن يكون متبادلا فكما للمرأة حق الكد والسعاية إن مات زوجها وترك المال مشاعًا، فكذلك للرجل حق الكد والسعاية إن مات زوجته وترك المال مشاعًا، والعدالة تقتضي ذلك. 
ثانيها: أن مسألة الكد مغايرة لمسألة عمل المرأة مع انتفاء إلزامها في المشاركة في النفقة المنزلية. 


إن علاقة مسألة حق الكد والسعاية بمسألة عمل المرأة في وظيفة من الوظائف هي علاقة التباين والمغايرة؛ لأن عمل المرأة أمر مشروع بضوابط منها مناسبة العمل للمرأة، وعدم تعديها محرما فيه، مع قبول زوجها على ذلك العمل، فإن توافقا فلها حق مالي في مقابل ذلك العمل، وهي ليست مجبرة على المشاركة في النفقة المنزلية.

 

ثالثها: أن مسألة الكد مغايرة لمسألة ممارسة المرأةللأعمال المنزلية كزوجة.


وأكد الدكتور الأمير محفوظ، من علماء الأزهر الشريف، ان علاقة مسألة حق الكد والسعاية مغايرة لمسألة ممارسة المرأةللأعمال المنزلية؛ لأن خدمتها في بيتها من الأمور الاجتماعية التي تعود إلى ما تعارف عليها البشر في مجتمع المجتمعات، فليس كل زوج قادرا على توفير خادمة لزوجته، وأن المرأة إن مارست الأعمال المنزلية فليس لها مقابل مالي على ذلك ولكن للمرأة حقوقها الشرعية من نفقة وكسوة وسكنى،،، ففي حديث الإمام علي قال: (اشْتَكَتْ إِلَيَّ فَاطِمَةُ مَجْلَ يَدَيْهَا مِنَ الطَّحْنِ -أي تأثرها منه-، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَاطِمَةُ تَشْتَكِي إِلَيْكَ مَجْلَ يَدَيْهَا مِنَ الطَّحْنِ، وَتَسْأَلُكَ خَادِمًا فقال: «أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا ‌مِنْ ‌خَادِمٍ؟ فَأَمَرَنَا عِنْدَ مَنَامِنَا بِثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَثَلاثٍ، وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ مِنْ تَسْبِيحٍ، وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ»[رواه أحمد في مسنده] فلم يقرر النبي لابنته فاطمة خادما لعدم توفر ذلك، وعدم قدرة زوجها لتوفير خادم.


واختتم: إذن ليس للمرأة مقابل مالي على تربية أولادها؛ لأن هذا من باب المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها الزوجين في كنف الأسرة، ولننتبه لذلك حتى لا يتناحر الزوجان على الأموال .

 

اعتراض أحمد كريمة
ومن جانبه، قال الدكتور الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن حق الكد والسعاية في المعاملات المالية مثل أن المرأة شاركت أو أعانت زوجها في عمله مثل الزراعة والتجارة حلال وجائز شرعا: «يمكن أن نحاسبه من باب شركة الأبدان ويقتسما الربح وهذا أمر مقرر في الفقه الإسلامي وقد تكون شركة مفاوضة».

 

وأضاف «كريمة» خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة مقدمة برنامج 90 دقيقة على قناة المحور: «في المعاملات المالية يمكن للزوجة أن تحصل على نصيبها كأي شخص أجنبي، وهذا لا خلاف عليه، لكن هذا الأمر لا يجب أن يتعدَّ إلى الأعمال المنزلية مثلما صرح به الدكتور سعد الدين الهلالي لأن ذلك لا يجوز».

 

اقرأ أيضا: العنف ضد المرأة.. يقتلها نفسياً 

وتابع أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: «السيدة فاطمة الزهراء كانت تكد داخل المنزل وكان سيدنا علي بن أبي طالب يكد خارج المنزل، لكن لا يجب أن نقول إن للمرأة حق في زوجها إذا مسحت وكنست وأدت الأعمال المنزلية لأن هذا الأمر سينزل بها من مرتبة الزوجة إلى خادمة .. مينفعش المرأة تاخد أجرة أو مكافئتها على رعايتها لزوجها وصغارها، لأن القرآن خصص لها نفقة وهي حق على الزوج .. أنتم هتقلبوا الزوجة لخدامة أو شغالة؟! دي إهانة المرأة أما الإسلام فقد نظر لها نظرة الاحترام والتبجيل».

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة