الجمعة، 25 فبراير 2022 - 06:06 م

شخوصه تنبض بالحياة، وتفرض ذاتها فوق المساحات البيضاء، وأفكاره المتوهجة منحتها ريشته جاذبية خاطفة للبصر والفؤاد، تملّكنى إحساس بالبهجة منذ خطت أقدامى فضاءات المكان، ونفذ داخل أعماقى مزيج من الفكاهة والسخرية، بمجرد أن صافحتْ عيونى الفلاح الفصيح «مصراوي» أحد أبناء مصر الذين تجرى الفطرة الطيبة فى عروقهم، وتفيض الحكمة والفصاحة على ألسنتهم.

ورغم متابعتى للكاريكاتير الذى تبدعه ريشة الفنان عمرو فهمى يومياً على صفحات جريدة الأخبار، لكن زخم 220 عملاً فنياً مجتمعاً فى الحيز ذاته، كفيل بالكشف عن تجلّيه فى التعبير عن لسان حال المواطن البسيط، همومه وأحلامه وأوجاعه وأفراحه، ومقدرته على إبداع رسوم كاريكاتيرية، ولوحات تشكيلية يكمن خلفها تفكير خلاق متدفق، وثراء جمالى وفني، ينطوى على خطاب نقدى ساخر لسياسات الحكومة وشئون الحياة اليومية، دون إساءة أو تجريح، سخرية قادرة على إيصال الرسالة، وإثارة القارئ والتأثير فيه، ودفعه للتفكير والتغيير، وفكاهة تجسد سلوكيات ومواقف وظواهر اجتماعية، تعكس مفارقات ومتناقضات حياتية، وأفكاراً ورؤى تلامس عبثية الواقع، وترسم ملامح فنان يمتلك موهبة متفردة، وحساً وطنياً ووعياً بالقضايا السياسية والاجتماعية التى تشغل الجماهير.

ويأتى حرص د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء على افتتاح المعرض، وما صاحب جولته بين الرسومات الكاريكاتيرية من ابتسامات وضحكات، بمثابة رسالة تعكس تقدير واحترام الدولة لحرية الرأى والتعبير، واهتمامها بدور الصحافة فى نقل نبض الجماهير للمسئولين، كما جاءت شخصية «مصراوي» التى استدعاها عمرو فهمى من العصر الفرعوني، لتستنبط رسائل وشكاوى الفلاح الفصيح، حينما عبّر عن رأيه ورفع مظلمته بعقل وحكمة وبلاغة، اقتضت الإنصات والإعجاب، وكانت بمثابة ميثاق يحكم العلاقة بين المواطن والدولة، وإرهاص بميلاد أول عقد اجتماعى فى التاريخ، مهّد لنظريات توماس هوبز، وجان لوك، وجان جاك روسو، كما فتحت الطريق أمام الفن للتعبير عن علاقة الحاكم بالمحكوم.

إن قوة الفكرة وسخرية المضمون، هما العنصران أو الساقان اللتان يقف عليهما فن الكاريكاتير، وإذا فقد إحدى ساقيه عجز عن تأدية رسالته التى ظهر من أجلها، وهذا ما يميز كاريكاتير عمرو فهمى الذى قال عنه كاتبنا الكبير الساخر «أحمد رجب» إنه موهبة فنية تزداد تألقاً كل يوم.