أم كلثوم مع تمثــال  نصفــى لبتـــهوفــن
أم كلثوم مع تمثــال نصفــى لبتـــهوفــن


كنوز الأميرة| أم كلثوم: أعظم أمانى حياتى أن آكل بيضة واحدة!

آخر ساعة

السبت، 26 فبراير 2022 - 01:21 م

قراءة: أحمد الجمَّال

النجوم والمشاهير تبدأ قصص نجاحهم بمواقف لا ينسونها أبدًا طوال حياتهم، وهو ما حدث مع كوكب الشرق أم كلثوم، التى كتبت مقالًا بقلمها خصت به "آخرساعة" عام 1948، حين كان عمرها وقتذاك 50 عامًا، وفيه كشفت قصة بدايتها الحقيقية مع الفن والطرب، وأول مرة غنت فيها، وأول أجر تقاضته مع الفرقة المكونة منها ووالدها وشقيقها خالد.. المقال النادر الذى احتضنته صفحة كاملة فى المجلة بعنوان "قصتى الحقيقية" نعيد نشر نصه فى السطور التالية:

بدأت أغنى وعمرى ثمانى سنوات، وكان ذلك عند مأذون قريتنا "طماى"، وغنيت يومها: "أقول لذات حُسنٍ ودعتني.. بنار الوجد طول الدهر آه". ولم أتقاضَ مليمًا، فقد كان شرفًا لنا أن نغنى عند المأذون. وسمعنى أهل القرية المدعوون عند المأذون، وقالوا إن صوتى جميل.

وفى اليوم التالي، دُعيت فى فرح خفيرٍ نظامى فى عزبة "الحوال" بقرب قريتنا، وقد غنيت هناك إلى الصباح، وفى تلك الليلة تقاضيت أول أجر فى حياتي.. وكان عشرة قروش صاغ، ولم يكن هذا نصيبى وحدي، وإنما كان أُجرة الفرقة المكوَّنة من والدى وأخى خالد وأنا.. وبدأت القرية تسمع باسمي.

وبعد ذلك بخمسة أيام، أقام الحاج يوسف تاجر الغلال، بالسنبلاوين ليلة ودعانا لإحيائها. وغنيت فى تلك الليلة أغنية: "حسبى الله من جميع الأعادي.. وعليه توكلى واعتمادي". وبقيت أغنى من الساعة التاسعة مساءً إلى الساعة الثانية صباحًا بغير انقطاع.

وكم كان سرورنا عندما دس صاحب الفرح يده فى جيبه وأعطانا أجرنا الضخم.. وكان فى ذلك الوقت خمسة وعشرين قرشًا.. سررنا كل السرور، واعتبرنا أنفسنا بهذا المبلغ من الأغنياء.

أول حفلة بتذاكر

وبعد ذلك فكر حسن أفندى حلمي، التاجر بمحطة أبوالشقوق، فى إقامة "ليلة" يكون الدخول فيها بأجر. وكان أجر الدخول خمسة قروش فى الدرجة الأولى وثلاثة قروش فى الدرجة الثانية، وبلاش فى الدرجة الثالثة، أى يقف المتفرج من وراء "الخيمة".

ونجحت الليلة نجاحًا لم يخطر لنا على بال، فقد حضرها متفرجون من البلاد المجاورة، وكان بين هؤلاء بعض أهالى المنصورة فأقبلوا يهنئونني. ولم أعرف أنى نجحت إلا عندما أعطانا صاحب الليلة جنيها ونصف جنيه! ونظرت إلى الجنيه فى دهشة، فقد كان أول جنيه أراه فى حياتي!¿

ودعانا عبدالمطلب أفندي، الموظف بدائرة المرحوم الشناوى باشا فى الأسبوع التالى لإقامة فرح أخيه فى كفر برماص بندر المنصورة بأجر قدره جنيه ونصف فى الليلة بما فى ذلك مصاريف الانتقال.

وبدأت أشعر أنى انتقلت من مطربة "محلية" إلى مطربة "عالمية" ذلك أنى دُعيت بعد ذلك إلى الغناء فى مركز أجا، ثم وجدت نفسى أنتقل من مديرية الدقهلية إلى مديرية الشرقية فغنيت فى كفر صقر.. وفى سنة 1915 كنت أركب حمارًا ويسير أبى وأخى على أقدامهما. وفى سنة 1916 زاد إيرادنا، فكنا نركب نحن الثلاثة حميرًا، ومن الطريف أن أهل الفرح كانوا يحضرون لنا الحمير لنذهب إلى الفرح وبعد انتهاء الفرح يتركوننا نعود إلى بيتنا مشيًا على الأقدام.

وحتى سنة 1919 كنت أركب الدرجة الثالثة فى قطار السكة الحديد، وفى نفس السنة ارتفع أجرى بارتفاع القطن، فوصل إلى ثمانية جنيهات، ثم قفز إلى عشرة جنيهات.

وكنا نجلس فى الدرجة الثانية وأغنى للكمسارى وفى مقابل هذا يسمح ببقائنا فى الدرجة الثانية بتذاكر الدرجة الثالثة.. لقد كنت أغنى لهذا الكمسارى طول الطريق، ولا أقف إلا فى المحطات!

أول دار عظيم

وأول بيت رجُل كبير دخلته منزل "حمزة" بالمحلة الكبرى، وكان الداعى نعمان الأعصر باشا عمدة المحلة، وقد أرسل يدعوننا بالتلغراف.. وكان هذا أول تلغراف تلقيته فى حياتي.

ولم نقاوله طبعًا، واكتفينا بأن نرسل له خطابًا بالقبول، وغنيت وأعطانى ثلاثة جنيهات فقط، ولم أقل شيئًا، فقد أعطانى المبلغ فى كوفية حرير. ولم يكن هذا المبلغ قليلًا، ففى تلك الليلة رآنى الشيخ أبوالعلا محمد لأول مرة، ومنذ تلك الليلة أصبح أستاذي. ومنذ تلك الليلة أيضًا تغير مجرى حياتي، فقد سافرت مع الشيخ أبوالعلا إلى مصر (القاهرة)، وتتلمذتُ عليه.

أمانى الحياة

وكان أول شيء فكر فيه والدى بعد أن تحسّنت حالتنا المالية هو طعامي، وقد سمِع أن البيض يحسِّن الصوت فكان يجعلنى آكل خمس بيضات كل يوم.. وقد ظهر أن هذا البيض الكثير يتلف المرارة، ونتج عن هذا أن الأطباء الآن يمنعوننى من أكل البيض، وفى كثير من الأحيان أشعر أن من أعظم أمانى حياتى أن آكل بيضة واحدة!

("آخرساعة" 16 يونيو 1948)

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة