الطفلة «مسك» قبل التعذيب
الطفلة «مسك» قبل التعذيب


مأساة الطفلة «مسك» ضحية الطمع في ميراثها بالشرقية

أخبار الحوادث

السبت، 26 فبراير 2022 - 02:41 م

 

إسلام عبدالخالق – تامر عادل

طفلة لم تنل سيرتها من اسمها الطيب شيئًا بفعل حديث إفك لم يرحم حُرمة موتها أو يرأف بما عانته قبيل وفاتها، وبين هذا وذاك اتهامات باتت تضرب كل من يقترب من الحديث عنها، بل ومحاضر تُحرر ضد الجميع حتى أولئك الذين كانوا يرعونها قبيل وفاتها، وبين هذا وذاك شقيقها الأكبر الذي يقف وحده مدافعًا عن سيرة طفلة لم تجد من يرفع للموت هيبة أو يُعلي لها كرامة بعد موتها، ويؤكد مرةً بعد الأخرى على أن شقيقته الصغرى قد عانت الأمرين من تعذيب وتنكيل قبيل رحيلها، مستندًا في ذلك على أسانيد عرفت طريقها مبكرًا إلى النيابة وانتهت بصدور حكم قضائي بالسجن بحق ابنة عمها التي سبق وعينت نفسها واصية عليها - بحسب حديثه- راجيًا ألا تتحول دفة الأمور إلى صراع على الميراث بدلًا من البحث والفحص والتمحيص في السبب الحقيقي وراء وفاة شقيقته وتلويث سيرتها بأبشع ما يكون، وعزاؤه الوحيد أن القانون حتمًا سينتصر لها ويُحاسب المُخطئ مهما طال المطاف.

ما خرج إلى سطح الأحداث وعرف طريقه إلى الرأي العام كان آخر أجزاء القصة وليس بدايتها؛ إذ خرجت فتاة في التاسعة عشر من عمرها تُدعى فرح جمال سيد محمود الشماع، تتهم شقيقها الأكبر «أحمد» بالاعتداء عليها بالضرب وطعنها في شرفها، وأنها قد حررت عن ذلك محضرًا رسميًا في قسم ثان شرطة الزقازيق حملَّ رقم 1521 جنح ثانٍ الزقازيق لسنة 2022، بتاريخ 31 يناير من العام الجاري، في رواية وحديث أكدته وصدقت عليه ابنة عمها «سحر» التي تخطت عامها الثاني بعد الخمسين، وأشارت الأخيرة إلى أنها بمثابة الواصية على «فرح» وشقيقتها المتوفاة «مسك» من قِبل والديهما المتوفيان، بل وزادت من الشعر بيتا بالخوض في سيرة «مسك» والتأكيد على أنها قبيل رحيلها أصيبت بهوس جنسي بعد فقدها لعذريتها.

فتيل الأزمة

«والدتي توفيت 13 ديسمبر عام 2020، وبعدها والدي توفى يوم 7 يناير 2021، وبأمر من والدي ووالدتي، سحر بنت عمي بقت وصية عليا وعلى أختي».. قالتها فرح لـ«أخبار الحوادث»، منوهةً بوجود مشاكل بينها وإخوتها من والدها، وأنها بعد وفاة والديها لجأت إلى ابنة عمها «سحر» وعاشت في كنفها، إلا أن شقيقتها الصغرى «مسك» حدثت لها مشاكل صحية انتهت بدخولها دار العجوزة لرعاية الفتيات، مضيفة: «أختي كانت عندها جلطة وخالاتي صوروها وبعدها خالتي قالت اختك بتخرف علشان تعبانة.. مكانش فيه حاجة في إيدي،أختي راحت دار الفتيات في العجوزة وتوفاها الله بعدها بـ 4 أشهر.. صوروا أختي بجسمها وعملوا محضر لبنت عمي واثبتت إن الآثار اللي في جسمها بسبب فقدها للعذرية والطب الشرعي أكد أنها حساسية مفرطة بسبب مرضها بمرض السكري.

وأردفت فرح: «جامعتي في إسكندرية كلية سياحة وفنادق، ونزلت علشان آخد الإيجارات زي كل شهر من السكان فوجئت إن أخويا أحمد نزل من السعودية وغير عقود الإيجار للسكان رغم إنه مش المالك للبيت ومنعني من تحصيل إيجاراتي وقال لي ملكيش حاجة ولا إيجار ولا عفش، وعمل محضر باسم شقيق بنت عمي وابنها إنهم سرقوا العفش اللي كان موجود في بيت بابا اللي هو بيتي.. وشتمني وطعني في شرفي وضربني وروحت عملت بلاغ بكل اللي حصل.. أخويا عمره ما سأل عني وما كنتش أعرفهم وماليش علاقة بيهم، طول حياتي محدش سأل عني ولا حتى كنت أعرف شكله غير بسيط أوي.. ووالدي كاتب لي البيت بيع وشراء ووالدتي كاتبة لي شقة بيع وشراء».

التقطت سحر الشماع -ابنة عم فرح- أطراف الحديث لتؤكد لـ«أخبار الحوادث» على وجود ثمة طمع من جانب خالات الفتاة في ميراثها وشقيقتها المتوفاة، مضيفة: «والدتهم ووالدهم آمنوني عليهم واعطوني الورق قبل ما يموتوا وباعوا لهم البيت والشقة بيع وشراء، بعدها تواصلت مع اشقاء البنات وحاولت أقربهم لبعض لكن بعدها بـ 4 أشهر اتفاجِئت إن في حاجات غريبة بتحصل من البنت الصغيرة والدكاترة قالوا إنها مش عذراء»، قبل أن تشير إلى تحرش المتوفاة بأنجالها وبناتها وشقيقتها فرح حتى انتهى الأمر بها في دار رعاية وتوفاها الله.

سحر أكدت كذلك أن الطفلة المتوفاة «مسك» قالت لها ذات يوم إن خالتها قد ضربتها وصورت لها مقطع فيديو وأجبرتها على قول إنها -سحر-وشقيقها قد اعتدوا بالضرب على الطفلة مسك، وأنها حينما واجهت الخالة بأقوال الطفلة انكرت ذلك وتساءلت عن سر امتناع سحر وشقيقها عن تحرير محضر بذلك طالما يتهمونها، قبل أن تضيف سحر: «بعد البنت ما راحت دار الفتيات في العجوزة ذهبت لزيارتها ولقيتها في حالة صعبة وعملت محضر في دار الفتيات واتهمتهم بالإهمال لأني لقيت البنت في حالة غيبوبة تامة، وعرفت فيما بعدها إنها وصلت لـ الهوس الجنسي.. وفوجئنا فيما بعد إن أخوها راح غير عقود الإيجار للسكان وعمل محضر في أخويا وابني وعلق لافتات على البيت إنه ليس للبيع».

الحقيقة

تفوهت فرح وابنة عمها بحديث -رغم بشاعته- تصدر محركات البحث وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي لساعات، قبل أن يتحدث الشقيق الأكبر المتهم «أحمد» ويُدلي بما لديه من أسانيد أعادت الأمور إلى أقرب الطرق إلى الحقيقة، مستشهدًا في ذلك بمستندات قانونية أكدت بصورة أو بأخرى أن ما حدث من جانب ابنة عمه «سحر» ما هو إلا اقتياد شقيقته لأجل إظهار الأمور على عكس حقيقتها؛ إذ أكد الشقيق الأكبر أنه قد حرر محضرًا رسميًا في قسم ثان شرطة الزقازيق قبل شقيقته بنحو يومين، حملَّ المحضر رقم 1365 جنح ثانٍ الزقازيق لسنة 2022، بتاريخ 29 يناير الماضي، اتهم خلاله شقيق «سحر» ونجلها بسرقة أثاث من منزل والده في منطقة الصيادين بنطاق قسم شرطة ثانٍ الزقازيق.

ردود وأسانيد قانونية

بالأوراق والمستندات تحدث الأخ الأكبر «أحمد» حول الأزمة وحقيقتها لـ«أخبار الحوادث» منوهًا بأنه من الظلم اختزال الأمر في صراع على الميراث كما تود شقيقته وابنة عمته، قبل أن يشير بأصابع الاتهام تجاه ابنة عمته «سحر» ويؤكد صدور حكم قضائي بحقها بالسجن لمدة ثلاث سنوات؛ جراء ما اقترفته يداها بحق شقيقته الطفلة المتوفاة «مسك»، وكانت بداية ذلك بلاغ ورد إلى خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، حملَّ رقم 29685 بتاريخ 17 أغسطس من العام الماضي، من مبُلغة طلبت سرية البيانات، أكدت خلاله تعرض الطفلة «مسك» البالغة من العمر آنذاك 16 عامًا، للضرب والتعذيب من قِبل سيدة تدعى «سحر» وأبنائها، ليتبين فيما بعدْ من خلال رواية الجيران صحة البلاغ وأن الفتاة بالفعل تتعرض للضرب المبرح والتعذيب والعقاب بالوقوف لعدة ساعات دون السماح لها بالاستناد على شيء، حتى أصيبت بالتبول اللا إرادي وبات جسدها هزيلا ولا تستطيع المشي بصورة طبيعية، ولدى تدخل الجيران يُقابلون بالرفض والسب، فيما وُجدت الطفلة وقتذاك في حالة إعياء شديد ويظهر عليها آثار تعذيب وتورم باليد والقدمين، بالإضافة إلى تأكد قص شعرها بطريقة سيئة وتبين تعرضها للمناداة عليها من قِبل «سحر» وأبنائها بألفاظ غير لائقة.

فحصت جهات التحقيق البلاغ والتقرير الوارد بشأن الطفلة «مسك» من جانب خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، وتبعَّ ذلك توقيع الكشف على الفتاة من جانب الطب الشرعي لبيان ما بها من إصابات؛ إذ كانت الصغيرة في حالة يُرثى لها جراء كدمات وقروح في أنحاء متفرقة بجسدها، خاصةً منطقتي الساقين والقدمين، إذ أفادت التحقيقات بأنه بتوقيع الكشف الطبي على الطفلة «مسك» تبين وجود جروح سطحية ملتهبة بها عدوى بكتيرية، وأنه قد تم إجراء اختبار حمل لها وتبين سلبية نتيجته، فيما سبق وقررت النيابة العامة في القضية رقم 5441 إداري قسم ثان شرطة الزقازيق لسنة 2021، إيداع الطفلة «مسك» بمركز التصنيف والتوجيه التابع لوزارة التضامن الاجتماعي.

الشقيق الأكبر «أحمد» أكد كذلك على كذب ما تفوهت به ابنة عمته واستند في سبيل ذلك بما قدمه من مستندات لـ«أخبار الحوادث» تؤكد صدق حديثه، ويشير إحداها إلى تقرير الطب الشرعي بفحص «مسك» بالتزامن مع دخولها دار الرعاية –التي سبق وزعمت سحر وشقيقة المتوفاة أنها كانت قد تعرضت لاعتداء جنسي ووصفوها بالمُستهلكة وخُضن في شرفها– إذ فندَّ تقرير الطب الشرعي جل تلك الأكاذيب وأكد على أن غشاء البكارة للفتاة موجود ومن النوع المطاطي، فيما تطرق التقرير كذلك ليؤكد على وجود عدة قرح وكدمات بالساقين والقدمين، أفاد «أحمد» بأن تلك الاتهامات جراء ما كانت تتعرض له شقيقته المتوفاة من ضرب وتعذيب على يد «سحر» ابنة عمته.

لم يُكذب «أحمد» قيامه بتغيير عقود الإيجار الخاصة بمنزل والده فور عودته من إحدى الدول العربية التي كان يعيش فيها، منوهًا بأن ما فعله جاء لحفظ حقوق شقيقته «فرح» وأنه قد فعل ذلك علانية ولجأ إلى القانون طالبًا الوصاية على شقيقته وعلق لافتة بواجهة المنزل دون عليها أن المنزل ملك ورثة والده، قبل أن يؤكد  أن الأمور خلال الشهور الثلاثة التي مضت منذ وفاة والده لم تشهد صونَّ «سحر» لحقوق شقيقتيه «فرح» و«مسك» كما تزعم، واستدل في ذلك على جريمة ابنة عمه بحق شقيقته المتوفاة، فضلًا عن أخذها إيجار الشقق الموجودة بالمنزل الذي تركه والده منذ وفاته وإنفاقها دون شقيقته «فرح».

الشقيق الأكبر أفاد كذلك بأن ابنة عمه مسيطرة بصورة كبيرة على شقيقته «فرح» وتدفعها دفعًا لأجل الحصول على مالها بشتى السُبل، قبل أن يؤكد على أن البلاغ الذي حررته شقيقته بعد بلاغه بيومين بلاغًا كيديًا ستثبت جهات التحقيق كذب إدعاء صاحبته، وأن شقيقته لم تحضر إلى المنزل من الأساس خلال اليوم الذي زعمت تعرضها للاعتداء فيه على يده، وأنه قد قدم المستندات التي تؤكد ذلك إلى جهات التحقيق في قسم ثان شرطة الزقازيق، مستنكرًا ما يحدث لأجل تزييف الحقيقة الواضحة وضوح الشمس بما حدث من جُرمٍ في حق شقيقته المتوفاة «مسك» والخوض في سيرتها من متهمة سبق إدانتها بالسجن وفقًا للقانون والقضاء.

انتهى الشقيق الأكبر «أحمد» من حديثه لـ«أخبار الحوادث» بالتأكيد على أن القضية الحقيقية هي قضية شقيقته «مسك» التي دفعت حياتها ثمنًا لسلسلة طويلة من الضرب والتعذيب على يد ابنة عمته «سحر»، منوهًا بأن كل ما يأمله ويرجوه أن يُعاد فتح القضية التي تحمل رقم 18941 جنح قسم ثان شرطة الزقازيق لسنة 2021، والصادر فيها حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق كل من ابنة عمته «سحر»، وزوجها وأبنائهما «محمد» و«حسن» و«عفاف»، منوهًا بأن الجريمة الحقيقية قتل شقيقته أو ما تسبب في قتلها، وأن العقوبة التي يرجوها للمتهمين أن تكون بعد محاكمة جنائية لما حدث من ضرب وتعذيب للطفلة الصغيرة حتى فاضت روحها إلى بارئها بعد صراع مرير مع أمراض لم تكُن من أصحابها، فضلًا عن الخوض في سيرتها والطعن في شرفها حتى بعد وفاتها دون حُرمة تُذكر من جانب المتهمة الرئيسية لموت شقيقته «مسك».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة