الطفل محمود
الطفل محمود


على عتبات مقبرة أثرية بالشرقية..

الشرطة تنقذ طفلًا قبل ذبحه وتقديــــمه قربانًا للجن

أخبار الحوادث

الأحد، 27 فبراير 2022 - 03:14 م

 

إسلام‭ ‬عبدالخالق

يظل‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬ويقود‭ ‬إليه؛‭ ‬جريمة‭ ‬بكل‭ ‬الأعراف‭ ‬والقوانين،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يتخطى‭ ‬حدود‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬ما‭ ‬يزعمه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدجالين‭ ‬وأهل‭ ‬الشعوذة‭ ‬بوجود‭ ‬جان‭ ‬أو‭ ‬قبيلة‭ ‬من‭ ‬الجن‭ ‬تحرس‭ ‬المقبرة‭ ‬المنشودة‭ ‬وتحول‭ ‬بين‭ ‬فتحها‭ ‬واستخراج‭ ‬الكنز،‭ ‬وبين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬يُقنع‭ ‬الدجال‭ ‬ضحيته‭ ‬من‭ ‬راغبي‭ ‬الثراء‭ ‬السريع‭ ‬بضرورة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ضحية‭ ‬أخرى؛‭ ‬يكُون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬بريء‭ ‬لأجل‭ ‬إخضاعه‭ ‬لطقوس‭ ‬وتعاويذ‭ ‬وطلاسم‭ ‬تنتهي‭ ‬بذبحه‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المقبرة‭ ‬قربانًا‭ ‬لمن‭ ‬يحرسونها‭ ‬من‭ ‬جان،‭ ‬في‭ ‬أكاذيب‭ ‬قد‭ ‬تظن‭ ‬لوهلة‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬مما‭ ‬يدور‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬السينما‭ ‬يومًا‭ ‬ما،‭ ‬لكنها‭ ‬للأسف‭ ‬واقع‭ ‬وفعل‭ ‬وحديث‭ ‬واتهام‭ ‬رسمي‭ ‬دارت‭ ‬رحاه‭ ‬داخل‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬الواقعة‭ ‬شرق‭ ‬محافظة‭ ‬الشرقية‭.. ‬وإلى‭ ‬التفاصيل‭.‬

على‭ ‬بُعد‭ ‬أمتار‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬قرية‭ ‬الدميين‭ ‬التابعة‭ ‬لدائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس‭ ‬بمحافظة‭ ‬الشرقية،‭ ‬انتقلت‭ ‬عدسة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الحوادث‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬‮«‬السيد‭ ‬منصور‭ ‬الحبالي‮»‬‭ ‬الرجل‭ ‬البسيط‭ ‬الذي‭ ‬تخطت‭ ‬أعوام‭ ‬عمره‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة،‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬حياة‭ ‬هادئة‭ ‬يشهد‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬البلدة،‭ ‬لكن‭ ‬الهدوء‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬هلعِ‭ ‬ورعب‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬يومًا؛‭ ‬بعدما‭ ‬فوجئ‭ ‬السيد‭ ‬بنجله‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬محمود‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بالكاد‭ ‬بلغ‭ ‬عامه‭ ‬الخامس‭ ‬عشر،‭ ‬يُهذي‭ ‬بعباراتٍ‭ ‬غير‭ ‬مفهومة،‭ ‬يتحدث‭ ‬بأحاديث‭ ‬تحوي‭ ‬كلماتٍ‭ ‬لم‭ ‬تسمع‭ ‬بها‭ ‬الأسرة‭ ‬أو‭ ‬يتفوه‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها‭ ‬بأيٍ‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬قبلْ،‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭: ‬‮«‬مقبرة‭ ‬–‭ ‬آثار‭ ‬–‭ ‬دولارات‮»‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬فوق‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬ظل‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الفتى‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬مستيقظًا‭ ‬أو‭ ‬نائمًا‭ ‬يُهذي‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬وجود‭ ‬ثمة‭ ‬كارثة‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬هموت‮»‬‭!‬

ميه‭ ‬‮«‬معكرة‮»‬‭!‬

بدأت‭ ‬الأمور‭ ‬بنهاية‭ ‬امتحانات‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬محمود‮»‬‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬أيام‭ ‬امتحانات‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬الأول‭ ‬بالشهادة‭ ‬الإعدادية؛‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬الفتى‭ ‬رفقة‭ ‬جاره‭ ‬وزميله‭ ‬‮«‬علاء‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬غادر‭ ‬الاثنان‭ ‬المدرسة‭ ‬حتى‭ ‬فوجئء‭ ‬الفتى‭ ‬بزميله‭ ‬يُطالبه‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬رفقته‭ ‬إلى‭ ‬مسكن‭ ‬الأسرة‭ ‬لأجل‭ ‬شيءٍ‭ ‬ما،‭ ‬وهناك‭ ‬جلس‭ ‬‮«‬محمود‮»‬‭ ‬بعدما‭ ‬أغراه‭ ‬الجيران‭ ‬بإحدى‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يجلبون‭ ‬إليه‭ ‬وجبة‭ ‬‮«‬محشي‮»‬‭ ‬تبعها‭ ‬تقديم‭ ‬كوب‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الطفل‭ ‬لـ«أخبار‭ ‬الحوادث‮»‬‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬المياه‭ ‬المعكرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬طلاسم‭ ‬وأوراق‮»‬،‭ ‬شربها‭ ‬محمود‭ ‬وتبدل‭ ‬حاله‭ ‬إلى‭ ‬النقيض،‭ ‬ليغفو‭ ‬وقتًا‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬مداه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستيقظ‭ ‬ليجد‭ ‬نفسه‭ ‬جالسًا‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬جيرانه‭ ‬ووجهه‭ ‬ورأسه‭ ‬مُغطى‭ ‬بـ«طرحة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬غمامة،‭ ‬أزالها‭ ‬الفتى‭ ‬ليفاجأ‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬ودار،‭ ‬ولا‭ ‬يذكر‭ ‬منه‭ ‬سوى‭ ‬خيالات‭ ‬بينها‭ ‬رؤى‭ ‬عن‭ ‬مقبرة‭ ‬وآثار‭ ‬وكنز‭.‬

عاد‭ ‬الفتى‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬مُغيب‭ ‬تمامًا‭ ‬ومتبدل‭ ‬الأحوال،‭ ‬إذ‭ ‬بدا‭ ‬عصبيًا‭ ‬ثائرًا‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬طبيعته‭ ‬الهادئة،‭ ‬في‭ ‬أمورٍ‭ ‬وصفتها‭ ‬والدته‭ ‬‮«‬سحر‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬ابنها‭ ‬كان‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تبدل‭ ‬وتغير‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هوَّ‭ ‬بطباعه‭ ‬الهادئة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ليلتها‭ ‬مرت‭ ‬الأمور‭ ‬طبيعية‭ ‬لم‭ ‬يقطع‭ ‬هدوئها‭ ‬سوى‭ ‬عبارات‭ ‬كان‭ ‬يُهذي‭ ‬بها‭ ‬الطفل‭ ‬أثناء‭ ‬نومه‭ ‬ويتحدث‭ ‬عن‭ ‬آثار‭ ‬ومقبرة‭ ‬وأنه‭ ‬سيموت،‭ ‬في‭ ‬سجالٍ‭ ‬وصل‭ ‬مداه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصغير‭ ‬أخذ‭ ‬في‭ ‬الانزواء‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬سماع‭ ‬القرآن‭ ‬والمياه‭ ‬النظيفة‭.‬

مر‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬صبيحة‭ ‬التالي‭ ‬رافق‭ ‬الابن‭ ‬أباه‭ ‬ذاهبين‭ ‬إلى‭ ‬مسجد‭ ‬القرية‭ ‬لأجل‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬لحظاتٍ‭ ‬فصلت‭ ‬بين‭ ‬رفع‭ ‬الآذان‭ ‬حتى‭ ‬فوجئ‭ ‬الأب‭ ‬بنجله‭ ‬يُصيح‭ ‬ويصرخ‭ ‬بعباراتٍ‭ ‬بدأها‭ ‬بالدعاء‭ ‬لمصر‭ ‬وأهلها‭ ‬وختمها‭ ‬بلعناتٍ‭ ‬وسباب‭ ‬آثار‭ ‬استياء‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬المسجد،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬الصغير‭ ‬بجانب‭ ‬حائط‭ ‬المسجد،‭ ‬لكنه‭ ‬أعاد‭ ‬الكرة‭ ‬فور‭ ‬إقامة‭ ‬الصلاة‭ ‬ليُهرول‭ ‬خارج‭ ‬المسجد‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬الصلاة‭ ‬أو‭ ‬تأديتها‭.‬

قربان

عاد‭ ‬الأب‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬بملامح‭ ‬ملؤها‭ ‬الحزن‭ ‬والوجوم‭ ‬على‭ ‬تبدل‭ ‬حاله،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬ما‭ ‬تفوه‭ ‬به‭ ‬صغيره‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬نوبة‭ ‬هياجه‭ ‬الأولى‭ ‬حين‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬لجلب‭ ‬سترته‭ ‬‮«‬الجاكت‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬عاد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬المسجد‭ ‬واهتاج‭ ‬وحدث‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬وتحدث‭ ‬الأب‭ ‬مع‭ ‬نجله‭ ‬يستفسر‭ ‬منه‭ ‬عما‭ ‬حدث،‭ ‬ليفاجأ‭ ‬بأن‭ ‬الفتى‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬جيرانه‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬قبل‭ ‬الصلاة،‭ ‬وحين‭ ‬استوضح‭ ‬منه‭ ‬السبب‭ ‬أخبره‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬ليلة‭ ‬أمس‭ ‬فور‭ ‬انتهاء‭ ‬امتحاناته‭.‬

بدأ‭ ‬الأب‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬خيوط‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ورآه‭ ‬وتغير‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬نجله‭ ‬وبين‭ ‬زيارته‭ ‬منزل‭ ‬جاره‭ ‬‮«‬مصطفى‮»‬‭ ‬رفقة‭ ‬نجل‭ ‬الجار‭ ‬‮«‬علاء‮»‬،‭ ‬وبين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬كريمة‮»‬‭ ‬زوجة‭ ‬جاره‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬الأسرة‭ ‬تُحدثهم‭ ‬عن‭ ‬تعرض‭ ‬الطفل‭ ‬إلى‭ ‬نوبة‭ ‬هلع‭ ‬إثر‭ ‬سقوط‭ ‬بابٍ‭ ‬حديدي‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لم‭ ‬يكُن‭ ‬ليُقنع‭ ‬طفلًا‭ ‬صغيرًا‭ -‬بحسب‭ ‬رواية‭ ‬لأب‭- ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ظن‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬فتاه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تعرض‭ ‬إلى‭ ‬مس‭ ‬جراء‭ ‬صراخ‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬مياه‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه،‭ ‬وأنه‭ ‬قد‭ ‬ذهب‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المشايخ‭ ‬ليُخبره‭ ‬الأخير‭ ‬بأن‭ ‬نجله‭ ‬قد‭ ‬شرب‭ ‬مياه‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬طلاسم‭ ‬وتعاويذ‭ ‬وكان‭ ‬يُعد‭ ‬ليتم‭ ‬ذبحه‭ ‬قربانًا‭ ‬لفتح‭ ‬مقبرة‭ ‬أثرية‭.‬

استقبل‭ ‬الأب‭ ‬رواية‭ ‬الشيخ‭ ‬بضحكاتٍ‭ ‬غير‭ ‬مُصدقٍ،‭ ‬لكن‭ ‬روايه‭ ‬تكررت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬وزيارة‭ ‬مشايخ‭ ‬آخرين‭ ‬وصل‭ ‬عددهم‭ ‬الإجمالي‭ ‬إلى‭ ‬سبعة‭ ‬من‭ ‬المشايخ‭ -‬وفقًا‭ ‬لحديث‭ ‬الأب‭- ‬أكدوا‭ ‬جميعًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الذبح‭ ‬وتقديمه‭ ‬قربانًا‭ ‬لأجل‭ ‬فتح‭ ‬مقبرة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬آثار‭.‬

رحلة‭ ‬‮«‬محمود‮»‬‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬لم‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الهذيان‭ ‬بعباراتٍ‭ ‬تشير‭ ‬وتؤكد‭ ‬رواية‭ ‬الأب‭ ‬والمشايخ؛‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬دومًا‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬سيموت‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬دولارات‭ ‬وكنوز‭ ‬وآثار‭ ‬ومقبرة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لجوء‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬المشايخ‭ ‬كان‭ ‬غريبًا‭ ‬كل‭ ‬الغرابة؛‭ ‬بعدما‭ ‬امتنع‭ ‬الفتى‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬والمياه‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬تخللتها‭ ‬فترات‭ ‬كان‭ ‬يدخل‭ ‬خلالها‭ ‬دورة‭ ‬المياه‭ ‬ويغسل‭ ‬وجهه‭ ‬بالمياه‭ ‬النجسة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬دورة‭ ‬المياه،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬غرابة‭ ‬عما‭ ‬اعتاد‭ ‬فعله‭ ‬بأن‭ ‬يبصق‭ ‬في‭ ‬يديه‭ ‬ويمسح‭ ‬وجهه‭ ‬بمياه‭ ‬البصاق،‭ ‬وبين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬بعبارات‭ ‬تهديد‭ ‬ووعيد‭ ‬يوجهها‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يقترب‭ ‬له‭ ‬ويصرخ‭ ‬ليلًا‭ ‬صرخات‭ ‬يسمعها‭ ‬الجيران‭ ‬ويتحدثون‭ ‬عنها‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬سيرة‭ ‬الفتى‭ ‬وما‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬ويفعله‭ ‬مثار‭ ‬الحديث‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬أهل‭ ‬البلدة،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬مع‭ ‬ذكرته‭ ‬والدة‭ ‬الطفل‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نجلها‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬سكاكين‭ ‬المنزل‭ ‬ويُهدد‭ ‬إخوته‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬تراه‭ ‬عيناه‭.‬

الإنقاذ

لاذت‭ ‬الأسرة‭ ‬برجال‭ ‬الأمن‭ ‬بعدما‭ ‬تخطى‭ ‬الأمر‭ ‬حد‭ ‬الاحتمال،‭ ‬إذ‭ ‬تلقى‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬والي،‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬مدير‭ ‬أمن‭ ‬الشرقية،‭ ‬إخطارًا‭ ‬من‭ ‬اللواء‭ ‬عمرو‭ ‬رؤوف،‭ ‬مدير‭ ‬المباحث‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬مديرية‭ ‬أمن‭ ‬الشرقية،‭ ‬يفيد‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬تبلغ‭ ‬لـ‭ ‬العقيد‭ ‬محمد‭ ‬فؤاد،‭ ‬مأمور‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس،‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬الطفل‭ ‬محمود‭ ‬السيد‭ ‬منصور‭ ‬الحبالي،‭ ‬15‭ ‬عامًا،‭ ‬طالب‭ ‬بالصف‭ ‬الثالث‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الإعدادية،‭ ‬مُقيم‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬الدميين‭ ‬التابعة‭ ‬لدائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس؛‭ ‬يتهمون‭ ‬فيه‭ ‬كلًا‭ ‬من‭: ‬‮«‬مصطفى‭ ‬م‭ ‬ص‭ ‬ال‮»‬‭ ‬وزوجته‭ ‬‮«‬كريمة‭ ‬أ‭ ‬ال‮»‬‭ ‬ونجلهما‭ ‬‮«‬علاء‮»‬‭ ‬وشقيق‭ ‬الزوج‭ ‬‮«‬إبراهيم‮»‬،‭ ‬جيرانهم‭ ‬في‭ ‬القرية،‭ ‬بتعريض‭ ‬حياة‭ ‬طفلهم‭ ‬للخطر‭ ‬وسقايته‭ ‬مياه‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬طلاسم‭ ‬وتعاويذ،‭ ‬بغرض‭ ‬ونية‭ ‬استخدامه‭ ‬كـ«قربان‮»‬‭ ‬لفتح‭ ‬مقبرة‭ ‬أثرية‭ ‬بنطاق‭ ‬ودائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس،‭ ‬وتحرر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المحضر‭ ‬رقم‭ ‬1258‭ ‬إداري‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس‭ ‬لسنة‭ ‬2022‭.‬

جرى‭ ‬ضبط‭ ‬المتهمين‭ ‬الأربعة،‭ ‬وبالعرض‭ ‬على‭ ‬جهات‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬فاقوس‭ ‬قررت‭ ‬عرض‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬لبيان‭ ‬حالته،‭ ‬وأمرت‭ ‬بحبس‭ ‬الزوجين‭ ‬وشقيق‭ ‬الزوج‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬التحقيقات،‭ ‬مع‭ ‬إخلاء‭ ‬سبيل‭ ‬المتهم‭ ‬الرابع‭ (‬الطفل‭ ‬علاء‭) ‬كونه‭ ‬حدث‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭.‬

                                                                                  وهم‭ ‬طلاسم‭.. ‬وقرابين‭ ‬الكنوز

‭.. ‬كأنها‭ ‬حمى‭ ‬محمومة‭ ‬تدفع‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الآثار؛‭ ‬فيلجأون‭ ‬إلى‭ ‬الدجالين‭ ‬والمشعوذين‭ ‬بزعم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الكنوز‭ ‬وبالتالي‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬الثراء‭ ‬السريع،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬ينفذون‭ ‬ما‭ ‬يطلبه‭ ‬منهم‭ ‬الدجالون،‭ ‬منها‭ ‬استخدام‭ ‬القرابين‭ ‬البشرية‭ ‬خاصة‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬حيث‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم‭ ‬السحرة‭ ‬والمشعوذون‭ ‬‮«‬هم‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬الجن‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يشترط‭ ‬السحرة‭ ‬العثور‭ ‬عليهم‭ ‬وذبحهم‭ ‬كـ‭ ‬قرابين‭ ‬لفك‭ ‬الطلاسم‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬المقابر‭ ‬واستخراج‭ ‬الكنوز‭ ‬من‭ ‬داخلها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الخرافات‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الأطفال،‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الكنوز‭.‬

واقعة‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬محمود‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬محافظة‭ ‬الشرقية؛‭ ‬إذ‭ ‬سبقتها‭ ‬واقعة‭ ‬لم‭ ‬يُكشف‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬سببها‭ ‬سوى‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬الواقعة‭ ‬بعدة‭ ‬أشهر،‭ ‬بعدما‭ ‬قُتل‭ ‬الطفل‭ ‬‮«‬عوض‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بالكاد‭ ‬أتم‭ ‬ربيعه‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬جيران‭ ‬أسرته‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬بساتين‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬التابعة‭ ‬لدائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬بلبيس،‭ ‬في‭ ‬واقعة‭ ‬أشارت‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬وحديث‭ ‬الجيران‭ ‬ومصادر‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬اسرة‭ ‬الطفل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬وتنفيذ‭ ‬جريمتهم‭ ‬لأجل‭ ‬استخدام‭ ‬دماء‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الآثار،‭ ‬بل‭ ‬وتقديم‭ ‬روح‭ ‬الطفل‭ ‬قربانًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الكنز‭ ‬الأثري‭ ‬المزعوم،‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬انتهت‭ ‬بالقبض‭ ‬على‭ ‬المتهمين‭ ‬الذين‭ ‬أنهوا‭ ‬حياة‭ ‬الصغير،‭ ‬وساق‭ ‬القدر‭ ‬أسرته‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬جثته‭ ‬أعلى‭ ‬سطح‭ ‬بيت‭ ‬المتهمين،‭ ‬ليتم‭ ‬الزج‭ ‬بالمتهمين‭ ‬الخمسة‭ ‬خلف‭ ‬القضبان‭ ‬بتهمة‭ ‬القتل،‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬لا‭ ‬تزل‭ ‬قيد‭ ‬التحقيق‭ ‬وتحت‭ ‬أنظار‭ ‬القضاء‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يفصل‭ ‬فيها‭ ‬بعدْ‭.‬

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الشرقية،‭ ‬وفي‭ ‬اقصى‭ ‬صعيد‭ ‬مصر،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬داخل‭ ‬حواري‭ ‬وأزقة‭ ‬قرية‭ ‬دشلوط‭ ‬التابعة‭ ‬لدائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬ديروط‭ ‬بمحافظة‭ ‬أسيوط،‭ ‬وقعت‭ ‬جريمة‭ ‬مشابهة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬رعبًا‭ ‬عن‭ ‬مثيلاتها؛‭ ‬إذ‭ ‬فوجيء‭ ‬أهل‭ ‬الطفلة‭ ‬حبيبة‭ ‬التي‭ ‬بالكاد‭ ‬تخطت‭ ‬ربيعها‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬باختفاء‭ ‬طفلتهم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غامضة،‭ ‬وبعدها‭ ‬بنحو‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬يومًا‭ ‬كانت‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬حين‭ ‬عُثر‭ ‬على‭ ‬الصغيرة‭ ‬جثة‭ ‬هامدة‭ ‬داخل‭ ‬چوال‭ ‬مُلقى‭ ‬أمام‭ ‬منزل‭ ‬قديم‭ ‬مملوك‭ ‬لأحد‭ ‬أفرد‭ ‬أسرتها،‭ ‬وبعد‭ ‬فحص‭ ‬وتمحيص‭ ‬أشارت‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬والتحريات‭ ‬السرية‭ ‬لرجال‭ ‬المباحث‭ ‬الجنائية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬ارتكاب‭ ‬الواقعة‭ ‬وقتل‭ ‬الطفلة؛‭ ‬سيدتين‭ ‬الأولى‭ ‬تُدعى‭ ‬ع‭ ‬والثانية‭ ‬أ،‭ ‬والمفاجأة‭ ‬أنهما‭ ‬من‭ ‬أقارب‭ ‬الطفلة‭ ‬المجني‭ ‬عليها،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬جرى‭ ‬ضبطهن‭ ‬وبمواجهتهما‭ ‬بما‭ ‬أسفرت‭ ‬عنه‭ ‬التحريات‭ ‬أكدن؛‭ ‬الجريمة‭ ‬وأنهما‭ ‬قد‭ ‬تعاونتا‭ ‬كلٍ‭ ‬منهما‭ ‬مع‭ ‬دجال،‭ ‬وسط‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ (‬الدجال‭) ‬قد‭ ‬طلب‭ ‬ذبح‭ ‬طفلة‭ ‬صغيرة‭ ‬لتقديمها‭ ‬قربانًا‭ ‬للجن‭ ‬الذي‭ ‬يحرس‭ ‬المقبرة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬طلبه‭ ‬معاشرة‭ ‬إحدى‭ ‬السيدتين‭ ‬جنسيًا،‭ ‬بزعم‭ ‬أن‭ ‬الجن‭ ‬هوَّ‭ ‬من‭ ‬يرد‭ ‬ذلك،‭ ‬فيما‭ ‬أفادت‭ ‬التحقيقات‭ ‬وقتذاك‭ ‬بأن‭ ‬المتهمتين‭ ‬قد‭ ‬استدرجتا‭ ‬الطفلة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬المنزل،‭ ‬وهنا‭ ‬ذبحوها‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المقبرة‭ ‬المزعومة،‭ ‬وحين‭ ‬انتهت‭ ‬المراسم‭ ‬وطال‭ ‬انتظار‭ ‬فتح‭ ‬المقبرة‭ ‬تبين‭ ‬كذب‭ ‬الدجال‭ ‬فتخلصت‭ ‬المتهمتين‭ ‬من‭ ‬الطفلة‭ ‬بوضعها‭ ‬في‭ ‬چوال‭ ‬وتركها‭ ‬بمكان‭ ‬العثور‭ ‬عليها‭.‬

من‭ ‬أسيوط‭ ‬إلى‭ ‬محافظة‭ ‬الجيزة؛‭ ‬حين‭ ‬أقدم‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬طفلته‭ ‬وذبحها‭ ‬بزعم‭ ‬تقديمها‭ ‬قربانًا‭ ‬للجن،‭ ‬والسبب‭ ‬كان‭ ‬واحدًا‭ ‬وهوَّ‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬كنز‭ ‬وفتح‭ ‬مقبرة‭ ‬أثرية‭ ‬دله‭ ‬عليها‭ ‬أحد‭ ‬الدجالين،‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬دفعت‭ ‬حياتها‭ ‬الطفلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تُكمل‭ ‬ربيعها‭ ‬السادس،‭ ‬وراحت‭ ‬ضحية‭ ‬طمع‭ ‬أب‭ ‬لم‭ ‬يُقدر‭ ‬معنى‭ ‬الضنا،‭ ‬وحينذاك‭ ‬تكشفت‭ ‬أستار‭ ‬الجريمة‭ ‬وقتما‭ ‬فوجئت‭ ‬والدة‭ ‬الطفلة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬بأهالي‭ ‬منطقة‭ ‬الصف‭ ‬يُبلغونها‭ ‬بأن‭ ‬الاب‭ ‬سيقتل‭ ‬ابنته،‭ ‬وهرولت‭ ‬الأم‭ ‬رفقة‭ ‬الجميع‭ ‬نحو‭ ‬مكان‭ ‬الأب‭ ‬ليجدوه‭ ‬قد‭ ‬نفذ‭ ‬جريمته‭ ‬والطفلة‭ ‬كانت‭ ‬جثة‭ ‬هامدة‭ ‬ودماؤها‭ ‬تسيل‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬الكنز‭ ‬المزعوم‭.‬

أغرب‭ ‬القضايا‭ ‬وقعت‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا،‭ ‬ولا‭ ‬تزل‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬الأذهان؛‭ ‬حين‭ ‬استيقظ‭ ‬أهالي‭ ‬عزبة‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬التابعة‭ ‬لدائرة‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭ ‬بني‭ ‬مزار‭ ‬بمحافظة‭ ‬المنيا‭ ‬على‭ ‬مذبحة‭ ‬راح‭ ‬جرائها‭ ‬3‭ ‬أسر‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬منازل‭ ‬بالقرية،‭ ‬إذ‭ ‬أنهى‭ ‬المتهم‭ ‬حياة‭ ‬عشرة‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ساعتين‭ ‬ونصف‭ ‬الساعة،‭ ‬ولم‭ ‬يكتفِ‭ ‬بالقتل‭ ‬وحده‭ ‬بل‭ ‬مثلَّ‭ ‬بجثت‭ ‬المجني‭ ‬عليهم‭ ‬وقطع‭ ‬أعضائهم‭ ‬التناسلية،‭ ‬ووقتها‭ ‬أفادت‭ ‬التحريات‭ ‬بأن‭ ‬المتهم‭ ‬قد‭ ‬قتل‭ ‬رب‭ ‬المنزل‭ ‬وزوجته‭ ‬وطفلهما،‭ ‬ثم‭ ‬انطلق‭ ‬نحو‭ ‬المنزل‭ ‬الثاني‭ ‬ليقتل‭ ‬محاميً‭ ‬شابًا‭ ‬ووالدته،‭ ‬واختتم‭ ‬مذبحته‭ ‬حيث‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬الثالث‭ ‬وقتل‭ ‬مدرس‭ ‬وزوجته‭ ‬وطفلتهما‭.‬

                                                                        غياب‭ ‬الوعي‭ ‬والتعلق‭ ‬بالخرافات

‭..‬هذه‭ ‬الخرافات‭ ‬التي‭ ‬يذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬أطفال‭ ‬أبرياء،‭ ‬ماذا‭ ‬يقول‭ ‬عنها‭ ‬أساتذة‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي؟‭!‬

يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬عسكر،‭ ‬أستاذ‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب‭ ‬جامعة‭ ‬الزقازيق‭ ‬وعميد‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬سابقًا؛‭ ‬إن‭ ‬غياب‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬والثقافة‭ ‬العلمية‭ ‬والمنطق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬التصديق‭ ‬في‭ ‬الأساطير‭ ‬والأوهام‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬عالمًا‭ ‬خفيًا‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬كنوز‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬شاكلتها‭ ‬له‭ ‬حراس‭ ‬وجن‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الخرافات‭.‬

وأشار‭ ‬عسكر،‭ ‬خلال‭ ‬حديثه‭ ‬لـ«أخبار‭ ‬الحوادث‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الاوهام‭ ‬والخرافات‭ ‬والتصديق‭ ‬فيها‭ ‬بمثابة‭ ‬قضايا‭ ‬العاجزين؛‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يعمل‭ ‬ومُنتج‭ ‬سعيد‭ ‬جدًا‭ ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬أساس‭ ‬ماله‭ ‬وأنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬عمله‭ ‬زاد‭ ‬ماله،‭ ‬عكس‭ ‬من‭ ‬يُصدق‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الخرافات‭ ‬ويقتنع‭ ‬بكلام‭ ‬الدجالين‭ ‬ومن‭ ‬على‭ ‬شاكلتهم‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬كنوزًا‭ ‬ومقابر‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قرابين‭ ‬وأعمال‭ ‬سحر‭ ‬لفتحها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬حيلة‭ ‬للكسب‭ ‬السريع‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بأسباب‭ ‬الرزق،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬العمل‭.‬

ويرى‭ ‬أستاذ‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي؛‭ ‬أن‭ ‬الأفكار‭ ‬السحرية‭ ‬تصبغ‭ ‬الشخصيات‭ ‬غير‭ ‬الناضجة،‭ ‬والمقصود‭ ‬بعدم‭ ‬النضوج‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالعلم،‭ ‬لكنه‭ ‬نضوج‭ ‬فكر‭ ‬وثقافة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اللا‭ ‬وعي‭ ‬عند‭ ‬الشخصيات‭ ‬غير‭ ‬الناضجة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتحكم‭ ‬فيهم‭ ‬ودومًا‭ ‬خلف‭ ‬ذلك‭ ‬شخصيات‭ ‬أنثوية؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لاقتناع‭ ‬وتصديق‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬وسهولة‭ ‬اقتناع‭ ‬النساء‭ ‬بأمور‭ ‬الدجل‭ ‬والشعوذة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الخرافات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬فرغت‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬كلما‭ ‬غطتها‭ ‬الأوهام،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬تؤمن‭ ‬بذلك‭ ‬دون‭ ‬السعي‭ ‬لتسليح‭ ‬أنفسهم‭ ‬بالعلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬وهي‭ ‬مشكلة‭ ‬التفكير‭ ‬الغيبي‭ ‬والتفكير‭ ‬القاصر‭ ‬لوجود‭ ‬فجوة‭ ‬روحية‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الشخصيات‭ ‬تدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬التعلق‭ ‬بالخرافات‭ ‬والأوهام‭.‬

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة