عبدالرحيم كمال
عبدالرحيم كمال


يوميات الاخبار

آفة حـارتنا

الأخبار

السبت، 05 مارس 2022 - 07:00 م

يكتبها اليوم : عبدالرحيم كمال

الفن ليس مسئولا عن تغيير المجتمع أو تحويله إلى مجموعة من الصالحين وكذلك هو ليس بوقا للرذيلة

هى المبالغة وليس النسيان كما قال الاديب الاكبر نجيب محفوظ والسبب هو اختلاف السياق بالتأكيد ، نحن نبالغ فى دور الفن وننسب اليه ماليس فيه فتكون النتيجة أن يأتى من يحط من قدر الفن وينسب اليه كل التهم والعيوب ونبالغ من دور الكاتب والمثقف وننسب اليه ما ليس فيه وتأتى النتيجة العكسية وكذلك فى كل شأن ومهنة وحرفة وطائفة وتعيش بين تقديس اللاعب والفنان والطبيب والمهندس والقاضى والمعلم وبين إهانتهم والإساءة إليهم فى ذات اللحظة فيهوى الفنان الذى كان عظيما مقدسا منذ لحظة الى الدرك الأسفل ويصبح مشخصاتى منحلا أو فاسدا عديم الأخلاق ويهبط الكاتب من برجه العالى ليمسح به بلاط الاختلاف ويجعله مارقا فاسفا يشيع الفاحشة. بينما الادراك الموضوعى الواقعى لدور ومهنة كل واحد فينا سينقذنا من كل ذلك العبث، فالفنان فنان والكاتب كاتب والقاضى قاضى وفقط كل يلعب دوره بأمانة وجدية ويرحل.


الفن ليس مسئولا عن تغيير المجتمع أو تحويله الى مجموعة من الصالحين وكذلك هو ليس بوقا للرذيلة ولا دارا لعرض فنون الشر والبلطجة الفن فن ببساطة يصيب ويخطيء ويحاول ويفشل ويحاول وينجح فى إطار انه فن له قانونه وحرفته وعقله وجنونه ومتمردينه وحكماؤه.
 كل فى اطار الفن نفسه فلا يحكم به ولا عليه ولا منه إلا أهله المتخصصون فيه وكذلك كل مهنة وهناك إطار عام يحكم كل تلك المهن إطار قانونى عام يحكم أبسط الوظائف وأكبرها وفق قانون محايد.


 إذن المشكلة الكبرى هى المبالغة الفن ليس هو الذى يغير المجتمع وليس هو الذى يبنى أو يدمر المجتمع الفن هو تعبير بطريقة مغايرة عن التعبير المعتاد يقدمه مجموعة اشخاص لجمهور ما بهدف الامتاع او التسلية او التفكير او الايقاظ او المشاركة أيا كان الهدف فهو طريقة تعبير تبحث عن تفاعل بينها وبين من يعرض عليهم ذلك الفن ، فاذا حدث الانفعال والتفاعل بين المعروض والجمهور فقد أدى الفن دوره ، صناع الفن ليسوا آلهة ولا ملائكة ولا شياطين لكنهم بشر يقدمون ما يعتقدون صوابه وصحته وبشكل فنى وفق قواعد فنية أرساها القدامى والتجربة وكما أن الفن لا يصح ان يحاكم من خارجه فليس من حق طبيب مثلا ان ينتقد عمل فنى او يطالب بمنعه لأنه قدم شخصية الطبيب مخالفة للتصور الذهنى العام عن الاطباء ولكن يحق لناقد العمل الفنى ان يفند العمل وفق قواعده وقوانينه الفنية أى من داخله لا خارجه وليس من حق كل فئة او طائفة او مهنة تناولها العمل الفنى ان تشكل جيتو مقدس يحرم على الفن التعامل معه ، بل بالعكس الفن هو المنوط وحده بحكى كل الانماط والطبقات والشرائح والمهن وتناولها وتشريحها بشكلٍ فنى يلقى الضوء على ايجابيات وسلبيات كل فئة وطبقة ، ما كان للفلاح الفصيح المصرى خن -انوب ان ينطق فى شكواه العظيمة التى دونها قبل آلاف السنين ويشكو. فيها ظلم النبيل الذى تسبب فى إهانته وسلبه حماره فوصلت الشكوى الو فرعون البلاد وانصفه هكذا ادرك الفرعون العظيم حسن نية الفلاح الفصيح وجمال فنه وعظمة صياغته فانصفه، وكذلك الفن يحتاج الى حسن الظن وادراك الجمال الذى فيه دون تقديس ومبالغة وكذلك دون تجاهل وتغافل عن دوره المهم القادر
سرقوا المكيال يا محمد لكن مفتاحه معايا


تواترت أنباء الحرب ودقت الطبول وتوتر العالم وضرب الروس مناطق فى اوكرانيا وهدد الغرب بالرد وحذرت امريكا وتوالت العقوبات الاقتصادية والرياضية والثقافية والفنية وأغلقت مطارات وسماوات ومنع تيار تحويل الاموال وعاقب غالب العالم الغربى روسيا وكان ذلك يمكن ان يقبل فى سياقه المعتاد.
ولكن ظهر وسط هذه المعركة الشرسة شىء لا يمكن تجاهله، لقد نظر العالم الى لاجيء اوكرانيا وجرحاهم وقتلاهم واطفالهم ونسائهم واطفالهم نظرة حب وتعاطف كبير وهذا جيد جدا ومقبول بل ومطالب به فى حدود اننا بشر واخوة.
 لكن المخزى فى الامر هو تواتر الافعال والتصريحات التى تحط من شأن العرب والمسلمين كعرق ودين بالمقارنة باوكرانيا كدولة فى النهاية قريبة فى العرق والدين من الدول الاوربية قالها البعض صريحة ان كييف ليست دمشق ولا بغداد لنتركها هكذا ولكن عاصمة اوكرانيا عاصمة متحضرة حديثة تشاركنا الكثير من الاواصر والصلات.


 وعلى حدود البلاد التى لجأ اليها المهاجرون الاوكران تجلى تعامل تلك الدول المضيفة بمكيالين صريحين حينما منحت الطعام والشراب الى لاجيء اوكرانيا وحرمت الباقين من عرب وافارقة ونحن نتابع فى صمت واندهاش من اولئك الذين سرقوا المكيال والقوا به هوة العنصرية والتفرقة البغيضة وجلسوا فى مجالس الامن وامام الكاميرات فى قمة الشياكة والاناقة وهم يتحدثون هامسين برقة عن المباديء والاخلاق والقوانين والاعراف
البساط الأحمدى


من حين لآخر يعود الكلام  عن سحب البساط والريادة الفنية من مصر ويبدا التنظير والمقارنات بين مهرجان القاهرة ومهرجان البحر الاحمر فى جدة وذلك التنافس المزعوم واشغل الصغار نيران الفتنة فى خبث ولؤم وبصوت غير خفيض و بلا داعى ، ثم يتصيد احدهم كلمة من هنا الى لسان فنان وكلمة من هناك على لسان فنان اخر او مسئول وتتوالى التغريدات والترندات من اجل خلق صراع لا وجود له من الاساس وأظن ان سجادة الفن الحمراء تتسع للجميع وكلما صنعت من خيوط ثمينة وألوان باهية يجتمع فيها الوان وأطياف بلاد العرب كلما كان ذلك انتصارا للفن ذى الصيغة العربية ،
فلا ينازع أحد مصر فى انها صاحبة الريادة والتاريخ الفنى العريق وصاحبة الرصيد الاكبر من النجوم والنجمات والمخرجين والمخرجات ومديرى ومديرات التصوير والمونتيرين ومهندسو الديكور والاعمال الفنية فى مختلف المواسم لا ينمر كل ذلك إلا جاهلا أو حقودا
وكذلك لا ينازع احد السعودية فى حقها الاصيل وطموحها المشروع فى خلق نهضة فنية حقيقية على ارض الواقع وبداية التحرك الجاد والملحوظ والحقيقى فى ذلك ومن ينازعها فى ذلك اما جاهل او مغرض.


مصر اكثر من ١٠٠ سنة سينما ومسرح واكثر من ٧٢ سنة تليفزيون ودراما ونجوم وجوائز وفكر كتاب يجعلها الاقدم والاميز والاقضل داخل اقليمها ولكن او تعارض بين كل هذا وبين النهضة الحقيقية المميزة الملموسة فى المملكة العربية السعودية وعامة دول الخليج ، لتمتد الايادى وتتبادل الخبرات وتصفو النوايا وتمتد السجادة الحمراء بطول البحر الاحمر وعرضه ولتكن جدة والاسكندرية والجونة والقاهرة والرياض ودبى وابوظبى وبغداد ودمشق وبيروت على سجادة واحدة حمراء يمر عليها فنانون كبار يرفعون بفنونهم وافكارهم مقام بلادهم الى. الاعلى ، على الجميع ان يتجاهل تلك القضايا الصغيرة التى تقلل من شأن الفن والفنانين والترفع عن تلك الصغائر والتفرغ لاعمال فنية حقيقية وكبيرة تقول ان العالم العربى عالم مليء بالفن والجمال وكافة العناصر التى تجعله فنا جديرا بحكى حكاياته فائقة الجمال وتستحق التقدير والاحترام والتفكير ولتكن السجادة الحمراء بيننا بساطا احمديا ممتدا
إعلانات بالانجليزية


اللغة العربية هى لغتنا الرسمية وفقا للقانون والدستور والتاريخ وهى احدى ركائزنا ولا ابالغ اذا قلت انها من أهم عناصر أمننا القومى ،انتشرت فى الاونة الاخيرة بعض الاعلانات باللغة الانجليزية وصار تقديم مراسم الاحتفالات السينمائية باللغة الانجليزية وصار هناك عائلات تجلس فى الاندية تتحدث الى بعضها البعض بلغة انجليزية كنوع من التعالى والوجاهة والعزل والطبقية ، ليس عيبا بالتاكيد ان تجيد لغة اجنبية واثنتان وثلاثة بل على العكس هو شيء مفيد للغاية ولكن عند التحدث عن نفسك او فنونك او آدابك عليك ان تتحدث بلغتك الام اللغة التى شكلت وجدانك اللغة التى تعبر عنك وعنها وبها ، فلم اجد مثلا رئيس مهرجان كان فى فرنسا يتحدث باللغة الانجليزيه ولا المسئول عن مهرجان الاوسكار الامريكى يتحدث باللغة الايطالية ولا رئيس مهرجان روما الايطالى يتحدث باللغة الالمانية ،
مصر دولة لغتها الرسمية هى اللغة العربية وهى لغة تستحق كل دعم وتقدير واحترام ورعاية لا ان يصل بنا الحال أن يكتب خريجو جامعاتنا بلغة عربية مليئة بالاخطاء اللغوية وكأنهم أجانب فشلوا فى تعلم العربية فكتبوا بها اشياء غير مفهومة، اللغة العربية أمننا القومى الذى يحافظ على وجدان وهوية تلك البلاد فانقذوها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة