عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

بلابل وغربان!

عمرو الديب

الأحد، 06 مارس 2022 - 07:55 م

مسكين هذا المبدع الحقيقى المنتمى إلى وطنه، والمخلص لبلده فى كل مكان، وأوان فهو يحمل هموم العالم فوق رأسه، ويحاول أن يتصدى إلى سموم القبح الفتاكة المتسربة إلى الأنهار الدافقة العذبة، لتعكر صفوها، وتكدر نقاءها، وتعرقل جريانها، ولأن الحقيقيين من المبدعين وسائر المثقفين الجادين - بعيدا عن الزائفين وهؤلاء المرتزقة المدعين- يقفون دائما وحدهم لا تؤازرهم عصابة، أو تساندهم شلة أو شبكة، حيث يغرد الأصلاء عبر الصوت المنفرد الذى يملأ الدنيا رغم وحدته نغما عذبا يترنم بالجمال وبالكمال، ولأن هؤلاء المنتمين الحقيقيين يتصدون - من تلقاء أنفسهم وبوحى من ضمائرهم- لدبيب التخلف والمرض فى ثبات وهدوء،

يستحق منا هؤلاء جميعا الاحترام والتقدير الدائمين، والتشجيع المستمر، ولندع هؤلاء المرتزقة الأوباش من المنحطين المنتسبين زيفا وزورا إلى دنيا الثقافة والصحافة والأدب والكتابة، ليس فقط لأنهم أدعياء وفقاقيع هواء، وإنما أيضا لأنهم يلتهمون المرصود من الإمكانات

والإمدادات لصياغة الوعي، وتشكيل الوجدان بوقاحة وخسة بغيضة، وعلينا أن نترك المبدع الحقيقى أيا كان ميدان تغريده، أو مسرح غنائه، ليتوافر على فنه، ويعكف على إبداعه، ويسير فى طريق أداء رسالته بخطى واثقة، ولندرك جيدا أن المبدعين الأصلاء والمثقفين المنتمين هم شموع تضىء فى محيط الواقع فتبدد الظلمة من حولها، وكل مبدع الحقيقى يحترق كى يضىء السبيل أمام مواطنيه يفور داخله دائما بركان، هو مزيج من الأحاسيس الجياشة، والأفكار المحلقة الباحثة عن لحظة تجسد، وساعة ميلاد، لذلك يتعذب الحقيقيون من المبدعين وهم يعملون،  وهؤلاء يستغرقهم إبداعهم تماما حيث يتماهون معه، ويتوحدون فيه، ولايجدون وقتا أو طاقة للتورط فى الصغائر والتفاهات، والانجراف إلى المهازل والمؤامرات والترتيبات الدنيئة المحتقرة فى عرف الأسوياء، وقناعات الأصلاء، والمبدع الحقيقى كالكروان أو البلبل المفطور على الغناء، ويقف على غصنه المترفع عن المستنقعات والأوحال ليرسل نغماته فائقة العذوبة والحسن فى جنبات واديه متصديا للتخلف والجهل والقبح، وسفالة الأوغاد الذين يشبهون الغربان الناعقة!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة