صالح الصالحي
صالح الصالحي


وحي القلم

الإعلام في زمن الحرب

صالح الصالحي

الأربعاء، 09 مارس 2022 - 05:44 م

 

تتوالى الأحداث التى قد تصل إلى صراعات فتشتد الحاجة إلى الإعلام باعتباره الوسيلة والأداة التى تصل لحسم هذه الصراعات.. بل أكثر من ذلك يكون هو الحرب نفسها.  فيصبح الإعلام هو الفيصل والحكم لخوض هذه المعارك وتتغير وتنكشف معه كل موازين القوى التقليدية فى مسارات الحروب.. ليكون من يمتلك الإعلام المؤثر صاحب الكلمة العليا التى تؤثر على الرأى العام العالمى والمؤسسات الدولية لينتصر فى هذه الحرب.  وهذا ليس بجديد فمنذ الحرب العالمية الثانية سيطرت الحروب النفسية التى بدأت وتأرخت نظرياتها منذ ذلك الحين.. بأن من يملك إعلاماً قوياً يستطيع أن يخوض معركته وينتصر حتى لو كانت القوى العسكرية غير متكافئة، أو قضيته غير عادلة.. فمؤسسات الإعلام تعمل وفقاً للأجندات والمصالح التى تخدمها وتعبر عنها فتغيب الحقائق ويرتفع معها مد الحروب النفسية وتضيع معها حقوق الإنسان.  وهذا ما ظهر جلياً فى الحرب الروسية الأوكرانية من صراع بين الإعلام الغربى الأمريكى والإعلام الروسى والإعلام الأوكرانى التائه بين الاثنين. 

فاتسم الإعلام الغربى والأمريكى بازدواجية المعايير للتغطية الإعلامية.. وابتعد عن تطبيق معايير حقوق الإنسان فى التعامل.. بل ظهر متحيزًا عنصريًا.. كما أنه تبنَّى حملات تضليل الرأى العام العالمى وقلب الحقائق.. وهى الاستراتيجية التى اعتاد عليها لتمرير أهداف سياسة وتحقيق مصالح الولايات المتحدة وحلفائها حتى وإن كان الثمن حياة الشعوب بتعمَّد إخفاء الأسباب لشن هذه الحرب. وأصبح مسارها التحيز والعنصرية حتى ضد اللاجئين من العرب والأفارقة أصحاب البشرة السمراء.. وظهر ذلك عند التعامل مع اللاجئين الذين لم يسمح لهم بعبور الحدود والحصول على مأوى أسوة بالأوروبيين.. بأن وصف الإعلام الغربى العرب بأنهم جنس أدنى من الأوروبى ذى البشرة البيضاء والعيون الزرقاء.. وتبنى خطابا عنصريا قائما على التمييز وانتهاك حقوق الإنسان وكرامته.. متميزاً بالازدواجية فى تطبيق المعايير سواء من خلال تصريحات لشخصيات رسمية أو لصحفيين ومراسلين تابعين لمؤسسات إعلامية غربية مستخدمين بعض المفردات الدالة على هذا التميز ومنها أن أوكرانيا ليست أفغانستان أو العراق أو سوريا، هذه ليست دولة نامية أو أمة من العالم الثالث، هذه أوروبا.. وغيرها من العبارات والأوصاف التى تم ذكرها على لسان مسئولين وإعلاميين. وهذا بالمخالفة للمادة الرابعة من الاتفاقية الدولية لمكافحة التمييز العنصرى والتى تشجب فيها الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أى عرق أو أى جماعة ولون أو أصل أو التى تحاول تبرير أو تعزيز أى شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصرى وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الراقية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التميز وكل عمل من أعماله وتتعهد بتحقيق هذه الغاية مع مراعاة المبادئ الواردة فى الإعلام العالمى لحقوق الإنسان.  وتشتد الحرب الإعلامية على الجانب الآخر حيث قامت السلطات الروسية بشن حملة على وسائل الإعلام المستقلة والتى تنتقد الغزو الروسى لأوكرانيا.. ووافق البرلمان الروسى على مشروع قانون بفرض عقوبات تصل إلى السجن 15 عامًا لتعمُّد نشر أخبار كاذبة حول تحركات الجيش.  هكذا تستخدم استراتيجية الإعلام كسلاح لتحقيق كافة الأهداف السياسية والاقتصادية والمصالح التى تعمل من أجلها الدول.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة