حكايات فوتوغرافيــــة فى عشـق الطيور
حكايات فوتوغرافيــــة فى عشـق الطيور


حكايات فوتوغرافيــــة فى عشـق الطيور| يرويها مصورو الحياة البرية بعدساتهم

آخر ساعة

السبت، 12 مارس 2022 - 03:06 م

لم يكن يحتاج لأكثر من أن ينظر لأعلى ليجد ضالته، مشهد أسراب الطيور وهى تعبر فوق سطح بيته البورسعيدي، كان كفيلاً بجعله يقع فى غرامها منذ طفولته.. لأكثر من عشرين عامًا تمتد رحلة واتر البحرى مع مراقبة وتصوير الطيور، منذ حصل على منحة لخوض هذا المجال من المجلس العالمى للطيور عام 1999 ليشق طريقه نحو العمل البيئى والتصوير الاحترافي. «تصوير الحياة البرية ليس أمرًا سهلاً، لكنه تخصص يحتاج إلى الكثير من الإعداد والدراسة والتخطيط والتجهيز»  يقول واتر موضحًا أن مصور الطيور لا يجب فقط أن يمتلك معدات تصوير جيدة وملائمة لهذا اللون، لكن عليه أن يعمِّق معرفته وخبرته بكل ما يخص الطيور.

هذا النوع من التصوير يتطلب التوفيق بين عوامل عديدة، هكذا يقول واتر، مضيفًا: هناك العديد من النقاط التى يجب الإلمام بها قبل التصوير، منها معرفة أنواع الطيور وصفاتها الشكلية ومراقبة سلوكياتها كذلك معرفة مناطق تواجد هذه الطيور ومسارات هجرتها، وما إذا كانت المنطقة تتخذها الطيور للراحة أم الغذاء، وتختلف المناطق بالطبع حسب نوع الطير وتصنيفه، فالطيور المائية تختلف أماكنها عن الحوامة والجوارح. وأثناء التصوير نراعى التوقيت وحالة الطقس واتجاهات الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة، كل هذه العوامل تؤثر فى ظهور الطيور وتفاعلها.


يتابع: عادة أعد خطة متكاملة قبل بدء رحلة التصوير. وأحرص دائمًا على التقاط صور تحكى قصة عن الطائر وطباعه، خاصة فى مرحلة الغّزل بين الأنثى والذكر والتى تختلف من طير لآخر، بعض الطيور مثل العوسق يصطاد ويعطى فريسته لأنثاه، وبعضهم يرقص فى المياه، كما تشدو الطيور المغردة بأصواتٍ بديعة. مراقبة الطيور خاصة فى مواسم هجرتها فعلٌ ساحر ينطوى على روحانية عالية، تجد الأسراب منظمة بترتيب هندسى بديع وبصورة تعتمد على القادة والملاحين والحرَّاس، كما أن الأسراب تتخذ آليات معينة فى الطيران لتحمى الأمهات والصغار فى الداخل، لتخفيف عبء احتكاكها بالهواء.


«لا شيء يُعادل سعادتى عندما ألتقط صورة مميزة لطائر»، يقول المصوِّر سامح شاهين، مؤكدًا أن الشغف وحده هو ما يجعل مصورى الحياة البرية يتحملون الصعاب التى يواجهونها. متابعًا: تصوير الطيور هواية شاقة ندفع فيها ثمنًا كبيرًا من الوقت والمجهود والتكلفة، لكنها بالنسبة لى بمثابة منطقة أتخفف بها من كل أعباء وضغوط الحياة، تأمل الطيور يجعلك تُدرك عظمة الخالق، وتُعلمك الصبر. يمكنك أن تقطع مسافات وطرقا وعرة بحثًا عن طائر لا تجده، كما قد تنتظر لساعات حتى تحصل على لقطة معينة، صحيح أن الصورة الجيدة «رزق» لكنه رزق يقف وراءه الكثير من السعى والاجتهاد والتعب، ومعهم بالتأكيد الموهبة.


يضيف: الإعداد المعرفى الخاص بهذا اللون من التصوير يحتاج إلى الكثير من الجهد، كما أن الجانب التقنى الخاص بمعدات التصوير مكلفٌ للغاية، لأنك تحتاج إلى عدسات وتجهيزات متخصصة، فضلاً عن المهارة التى تتطلبها طبيعة التعامل الخاصة مع الطيور، بعض الطيور نصوِّرها من مسافاتٍ بعيدة تصل إلى 20 مترًا. وهناك أخلاقيات يجب مراعاتها عند تصوير الطيور، كعدم الاقتراب من الأعشاش فى مواسم التزاوج والتفريخ للطيور المقيمة، كما أن الحركة يجب أن تكون دقيقة ومحسوبة خاصة فى التعامل مع الطيور المهاجرة، التى تأتى لتأخذ قسطًا من الراحة قبل أن تكمل رحلتها.


ويرى شاهين أن هناك تحديات محلية تزيد من صعوبة تصوير الحياة البرية فى مصر، خاصة فى القيود الأمنية التى تعوق المصورين فى بعض المناطق سواء داخل المحميات الطبيعية أو خارجها، نحتاج إلى المزيد من التسهيلات وتيسير إجراءات التصوير، هذا سينعكس بشكل إيجابى على إبرازنا لجمال وثراء التنوع البيولوجى والحياة البرية فى مصر، ما يعطى دفعة كبيرة للسياحة البيئية، وهو ما يمكن أن نحققه لدينا.


يسعى شاهين إلى نشر الوعى بالطيور وتعريف الناس بها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويرى أن التوعية يمكن أن تسهم بشكل كبير فى حماية الطيور من المخاطر التى تواجهها. 
متابعًا: أُشارك حاليًا مع مجموعة من المصورين الشغوفين بتصوير الطيور، فى إعداد الموسوعة المصرية للطيور المهاجرة، فهناك فجوة كبيرة فى المكتبة العربية فيما يخص المراجع التعريفية بأنواع الطيور، نأمل أن تسهم الموسوعة فى نشر هذا الوعى وربط الناس بأهمية التنوع البيولوجى.


حلم ظل يراوده منذ بدأ رحلته فى تصوير الطيور، بأن يعد معرضًا سنويًا يجمع كل مصورى الطيور فى مصر، لينجح المصور أحمد الششتاوى فى إقامة الحدث الفريد من نوعه هنا بالتعاون مع المجلس العالمى للطيور والجمعية المصرية لحماية الطبيعة. «شاركت عام 2020 فى مسابقة تصوير نظمها المجلس بهدف نشر الوعى بالمخاطر التى تواجه الطيور فى مسارات هجرتها وحصلت آنذاك على المركز الأول. عرضوا عليَّ تنظيم معرض لصورى لكننى اقترحت أن يكون المعرض جماعيًا لجميع المصورين.


يتابع: نظمنا حتى الآن نسختين من المعرض، لم أكن أتخيل أن يلقى هذا الترحيب والإقبال من الجميع، فالمعرض الذى أقمناه مؤخرًا شارك به 100 مصور على مستوى الجمهورية، كما حظى بإقبال جماهيرى كبير. وهذا ما أطمح إليه بالأساس أن تهتم وتلتفت الناس إلى الحياة البرية وروعتها، كما لفت المعرض أنظار كثير من المصورين العرب، لم يتخيلوا أن هذه الطيور البديعة موجودة فى مصر. توثيق أنواع الطيور التى تأتى إلينا يعد حجر أساس فى إنجاح سياحة مشاهدة الطيور لأنها تجتذب من لديه هذا الشغف. كما أسعى حاليًا إلى تأسيس كيان يضم مصورى الحياة البرية فى مصر، لنُساعد من خلاله فى تسهيل عمل المصورين من خلال التعاون مع جهات الدولة، لتذليل العقبات وإصدار التصاريح المطلوبة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة