دعاء زكريا
دعاء زكريا


لا تقتلوا ثمار الحب 

دعاء زكريا

الأحد، 13 مارس 2022 - 12:47 م

أوصى الله سبحانه وتعالى الإنسان بوالديه فى كتابه الكريم كما حثت شريعة الله فى أكثر من حديث على الاهتمام بهم وسماع أوامرهم  وحذرت من عقوقهم وانذرت من العقاب الذى يقع على الأبناء القاطعين لصلة الرحم ولكن الذى لا يعلمه البعض أن هناك عقوق يقع من الآباء إتجاه الأبناء فكما أن للوالدين حقوق على أبنائهم فاللأبناء أيضا حقوق على ابائهم.

فرضها الله ورسوله ولكن علماء الدين لم يؤكدو عليها بالشكل الكافي لأن المتعارف عليه أن حب الآباء  غريزة فى الإنسان ولكن هناك للأسف أباء  لا يخشون عقاب الله حينما يقصرون فى حقوق أبنائهم أو قد لا يعرفونها بصورة واضحة فيقعون فى دائرة عقوق الأبناء والتقصير فى حقوقهم المفروضة عليهم فى الحياة وتلك الحقوق كثيرة والقرآن الكريم والسنة المطهرة مليئان بالحث عليها ومنها:

قوله تعالى  "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا "صدق الله العظيم

كذلك تربيتهم، تربية صالحة ينجو بها من النار ويسعد في الدنيا والآخرة، كذلك قال تعالى لرسوله الكريم {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [ طه : 132 " وأمروهم بالمعروف، وأنهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة. وتبدأ العناية بالطفل قبل أن يدخل إلى رحم أمه؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد لم يضره».

كذلك الحديث الشهير والذى يشكو فيه رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوق ابنه فما كان من عمر بن الخطاب عندما سمع كلام الابن وشكواه من إهدار الاب لحقوقه إلا أن التفت إلى الرجل وقال: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك!

وهنا نرى أن الشريعة وضحت بشكل جلى ما  ينتج عن عقوق الآباء للأبناء من خروج  جيل معقد نفسيًا فاقد الشعور بالانتماء لأسرته ووطنه تسيطر عليه مشاعر الحقد والانتقام من الدنيا وكافة المحيطين به سواء كانوا أقربائه أو مجرد معارف أو أصدقاء..
دخلت فى هذا الحديث و بهذه الكلمات حتى يكون مقدمة لموضوع نرى أحداثه تتكرر بصورة مأساوية ملفته للنظر خلال السنوات الأخيرة الماضية من إزهاق بعض الآباء حياة أبنائهم بصورة مباشرة أو بأخرى 
ولن ننسى جميعا حادثة  الرجل الذى أجبر زوجته على قتل أبنائهم لارضاء زوجته الثانية  وهم "ملك" 3 سنوات، و"جنا" سنتين، وطفله الأخير يوم ولادته، بإغراقهم فى المياه داخل الشقة الخاصة بهم، وتغليفهم بأكياس بلاستيكية، ووإلقائهم بمنطقة الرشاح ومن سخريات القدر سماع أعترافات المتهم فى التحقيقات بقوله "صورت مراتى وهى بتقتلهم عشان متفضحناش لو قررت تعترف بما حدث " هكذا بكل بساطة يصور مقتل أبنائه بدم بارد وبقلب تحجر بل إنه اقسى من الحجارة وأشد من الوحوش الضارية  فى البرية جحودً.. هكذا نجد آباء وامهات تقطع رحمها بيديها ويقتلون فلذات اكبادهم وزينة الحياة التى ذكرها الله تعالى فى كتابه الكريم
مهما كانت الأسباب فهى تافهة أمام غضب الله عليهم وعقابه لهم فى الدنيا قبل الآخرة..

أين المودة والرحمة والسكن والأمان والاستقرار المفترض فى كل أسرة جمعها الله لإعمار الارض وبناء بشر سوي فى الاخلاق والطبائع لماذا الصراع على ملذات سفيهة تفقدنا إنسانيتنا وأغلى ناس على قلوبنا
لماذا نستميت لكى نفشل فى الأختبار الذى وضعنا الله فيه بوجودنا فى هذه الحياة..

كما ذكر سبحانه وتعالى ( وما خلقت الإنس والجن الا ليعبدون ) لا ليقتلون رسالتهم وواجباتهم وهدفهم فى تلك الحياة القصيرة.. لذلك على الآباء والأمهات بدلا من الهرولة وراء المادة بكل السبل والوسائل لإطعام أطفالهم ثم قتلهم بالأهمال أو فى لحظة شيطانية الإهتمام بتغذية نفوس أبنائهم بالحب والحنان والخير والعطاء  بدلاً من الصراع على لقمة العيش تاركين أبنائهم فى مهب رياح الغربة ليسقطوا فى براثن الشيطان ضحايا ومجرمين لأنهم فقدو البوصلة والقدوة الحسنة لقد اختلطت أمام أعينهم القيم والأخلاق للأسف  بسبب جيل آبائهم الذين كانوا من المفترض أن يكونوا قدوتهم فى هذه الحياة فلم يجدوا سوى الكذب والتفريط فى الضمير وغياب الرقابة والوعظ الدينى الصحيح وهذا أقسى أنواع عقوق الوالدين لأبنائهم.. لذا على الأباء المحافظة على تلك الهبة التى منحنا  الله إياها  وعلى تلك النعمة الغالية على قلوبنا فأبنائنا ليسوا فقط ثمار لعلاقة اجتماعية ولكنهم ثمار حب هبط علينا من السماء هدية لنا من الخالق فلا تقتلوا ثمار الحب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة