جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

أمريكا والصين.. وبينهما روسيا!!

جلال عارف

الثلاثاء، 15 مارس 2022 - 06:44 م

كما كان متوقعا.. فشل اجتماع السبع ساعات بين مستشار الأمن القومى الأمريكى «سوليفان» وكبير مسئولى السياسة الخارجية الصينى «يانج جيتش» فى تحقيق أى نتائج ايجابية. الاجتماع الذى كان مخططا له منذ فترة لكى يناقش فى الاساس تخفيف التوتر بين البلدين بسبب قضية تايوان، فاجأته أزمة أوكرانيا لتتصدر المشهد وسبقته تصريحات هجومية من واشنطن تكيل الاتهامات للصين بأنها تساعد روسيا فى الحرب، وردود قاسية من الصين تتهم أمريكا بالتضليل.

الصين حددت موقفها من حرب أوكرانيا منذ البداية أيدت روسيا فى طلب الضمانات لأمنها،  لكنها لم تؤيد الغزو بل شددت على احترام استقلال أوكرانيا وطالبت بوقف الحرب وأبدت استعدادها للوساطة.. فما الذى جعل أمريكا تثير هذه الاتهامات الآن وهى تعرف من بداية الأزمة أن الصين «ودولا عديدة أخرى» ترتبط مع روسيا باتفاقيات تبادل تجارى بالعملات المحلية، وأنها ستمضى فى هذه العلاقات الاقتصادية رغم الأزمة الأوكرانية التى حددت موقفها منها، وعبرت عنه بوضوح حين امتنعت عن التصويت فى مجلس الأمن ولم تؤيد روسيا كما توقع الكثيرون؟

لقد بنت الصين موقفها بناء على مصالحها فى الأساس. لم تؤيد الغزو لأنها حريصة على علاقاتها الاقتصادية الواسعة مع أوروبا وأمريكا لكنها أكدت ـ فى نفس الوقت ـ حرصها على علاقاتها الوثيقة مع روسيا. والآن تجد نفسها فى مواجهة مع أمريكا التى تتهمها بتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية لروسيا وتطالبها بالامتناع عن ذلك أو تتحمل العواقب «!!»

بالتأكيد.. لاتحتاج روسيا لمساعدات عسكرية من الصين، لكن العلاقات الاقتصادية هى الرئة الأساسية التى يتنفس منها الاقتصاد الروسى فى ظل الحصار الغربى، وما تطلبه أمريكا من الصين الآن يعطى دلالات خطيرة. قد يكون عند «واشنطن» مايشير إلى أن قدرة روسيا على تحمل العقوبات قد تكون أكبر من قدرة دول الغرب على تحمل آثارها. وقد يكون الخوف من أن تغير باقى دول العالم مواقفها بعد أن تعانى الآثار الوخيمة لارتفاع الأسعار وشبح المجاعة الذى يهدد الملايين فى العالم بسبب الحرب والعقوبات وراء موقف واشنطون الأخير وتهديدها للصين ولكل دول العالم بأنها سترد بقسوة على كل من يساعد روسيا فى مواجهة العقوبات.

لكن أمريكا تغامر بالكثير حين تتصرف بهذا الشكل. إنها تدفع الصين للمزيد من التحالف مع روسيا، وتدفع الأزمة الى مزيد من التعقيد، والأخطر ـ بالنسبة لها ـ أنها تضع نفسها فى مواجهة معظم دول العالم التى تطالب بدفع ثمن حرب لاناقة لها فيها ولاجمل كما يقولون«!!» وتطرح قضية العقوبات ومدى شرعيتها للنقاش.. وزير خارجية الصين قال إن بلاده ليست طرفا فى الأزمة ولاتريد أن تتأثر بالعقوبات خاصة حين تكون بلا أساس من القانون الدولى!

مبكرا نبهت مصر فى بيان هام بعد التصويت فى الأمم المتحدة بشأن أزمة أوكرانيا إلى رفضها لمنهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولى متعدد الاطراف، بالتأكيد لن تكون الصين آخر من يتصدى لهذه العقوبات التى يدفع العالم كله ثمنها الباهظ والتى لم تثبت يوما نجاحها.. فلتكن الأولوية لوقف الحرب وليس لتصفية الحسابات!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة