جعفر عباس
جعفر عباس


كنوز | عشيقات افتراضيات

عاطف النمر

الأربعاء، 16 مارس 2022 - 06:15 م

بقلم : جعفر عباس

عندما بدأت كتابة الأعمدة الصحفية، كانت رسائل القراء المكتوبة بخط اليد تصلنى عبر البريد فأفرح بها كثيرا، وكنت أعرضها على «أم الجعافر» فتطرب لها حتى لو كانت «نسائية».


ثم مد الله فى أيامى وصار عندى بريد إليكترونى تصلنى رسائل القراء عبره، ولسنوات كان من عادتى طباعة الرسائل الإليكترونية التى تردنى من القراء والاحتفاظ بها فى ملفات، وكنت ومازلت اعتبر تلك الرسائل أكبر مكافأة أنالها من العمل الصحفى، وكنت أضع تلك الملفات حيثما اتفق فى غرفة النوم. 


ثم صرت لا أجد فى نفسى الشجاعة لفتح بريدى الإليكترونى إلا وزوجتى على بعد مسافة تجيز قصر الصلاة !! لماذا ؟.. ذات مرة وزوجتى تجلس إلى جوارى لأقرأ عليها نص رسالة تخصها وردت على بريدى، وجدت رسالة عنوانها «أحبك يا أحلى أبو الجعافر» !، وكان المرسل امرأة كما هو واضح من العنوان الذى وردت منه الرسالة، وصارت عينا «أم المعارك» فى حجم عينى البومة!


قرأت فى نفسى ما تيسر من سورة «يس» وفتحت الرسالة وكان نصها ما معناه «أنت أحب الكتاب الصحفيين إلى قلبى، وأحب مقالاتك»، يعنى لم تكن هناك كلمة واحدة فى متن الرسالة تنم عن حب لشخصى، ومع هذا فقد اعتبرت زوجتى كاتبة الرسالة قليلة أدب، وسألتنى: «ليه ما خلت العنوان أنت كاتبى المفضل أو حتى المحبوب»؟ 


قلت لها إن وصف صاحبة الرسالة لى بأننى أحلى «أبو الجعافر» إساءة لى أكثر من كونه غزلا، لأن كون «أبو الجعافر» أحلى من نفسه ذم بما يشبه المدح!


ثم ظهر فيسبوك الجن، وأنشأ فيه عدد من قرائى السودانيين صفحة اسمها «عشاق كتابات جعفر عباس»، وصار أعضاء المجموعة يسمون أنفسهم «العشاق»، وفى مناسبة اجتماعية فى الخرطوم وزوجتى تجلس بالقرب منى تقدمت نحوى فتاتان وبعد التحية قالت إحداهما لزوجتى «نحن من عشاق أبو الجعافر»، كدت أصيح فيها يا رب عشراقة تجيب أجلِك، والعشراقة بالسودانى هى الفواق أى «الزغطة» !
وكانت الأقدار رحيمة بى لأن بعض قريبات زوجتى صافحن البنتين وهن يصحن: يا سلام..

فرصة طيبة..

نحن أيضا من قروب «العشاق» ونعرفكما بالاسم والصورة، والحمد لله التقينا «فى ساعة خير»، وكانت ابنتى مروة فى تلك اللحظة فى حالة سخاء عاطفى وشرحت لماما حكاية قروب العشاق وفيسبوك وأن بابا ليس له يد فيما يكتب فى تلك الصفحة، ثم ختمت شرحها بالقول «ما فى واحدة عاقلة تعشق بابا العشق اللى فى بالك يا ماما»!


ورغم التجريح الظاهر فى هذا الكلام فقد ابتسمت لمروة بصدق وقدمت لها هدية فى اليوم التالى لأنها أنقذتنى من «سين وجيم» كان سيستغرق أسبوعا يتم فيه الاستعانة بخبير محايد لفتح تلك الصفحة فى فيسبوك وقراءة محتوياتها لإبراز دليل براءتى من العشق والتعشيق الإليكترونى.


وتذكرت تلك البنت المسكينة التى كانت تستخدم الكمبيوتر ثم تركته مفتوحا وتوجهت إلى الثلاجة لتتناول كوب ماء، ومصادفة ألقى أبوها نظرة على الكمبيوتر واكتشف أنها تلقت رسالة تقول: «يا سلام بوستك أمس وأول أمس فى منتهى الروعة»..

فغادر المكان ثم عاد متسلحا بعصا وأمسك بالبنت فى أذنها وقال لها أقرئى هذه الرسالة، وعلى الفور فهمت البنت منشأ سوء التفاهم وصاحت: «هو يتكلم عن البوست بتاعى..

بوست يا ابوى آخرها تاء؛ يعنى المنشور» ..

ولأسباب مفهومة فأم الجعافر محظورة من فيسبوك!


كاتب سودانى ساخر 

إقرأ أيضاً|في الستينيات.. فريق من أجمل فتيات لندن يحطم آمال الرجال

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة