جنازة الخديوى إسماعيل - الخديوى ختم حياته على كرسى متحرك
جنازة الخديوى إسماعيل - الخديوى ختم حياته على كرسى متحرك


كنوز | 127 عامًا على عودة جثمان الخديوي إسماعيل من الأستانة إلى مصر

عاطف النمر

الأربعاء، 16 مارس 2022 - 06:28 م

127 عاما مضت على رحيل الخديوى إسماعيل خامس حكام مصر من الأسرة العلوية الذى لفظ أنفاسه الأخيرة فى الساعة الثامنة وخمس دقائق من يوم السبت الموافق  6 رمضان سنة 1312 الموافق الثانى من مارس عام 1895 فى قصر «إميرجان» فى منفاه بإسطنبول بعيدا بعد خلعه عن العرش  بفرمان من السلطان العثمانى تحت ضغط من إنجلترا وفرنسا فى 26 يونيو 1879.

فغادر مصر على متن يخت «المحروسة» قاصداً نابولى ثم استقر فى «الآستانة» فى سراى بامبركون على ضفاف البوسفور عام 1888.

وفى أواخر عام 1894 أشتد عليه المرض وزاد حنينه إلى مصر فطلب الرجوع إليها ولكن طلبه قوبل بالرفض من قبل الحكومة المصرية برئاسة نوبار باشا، وفى العاشر من مارس 1895 وصلت الباخرة «توفيق ربانى» إلى ميناء الإسكندرية حاملة جثمان الخديوى إسماعيل لتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بمسجد الرفاعى بالقاهرة، ونشر الخبر فى جريدة «الوقائع المصرية».

واتفق الوزراء على أن تشيع الجنازة فى الإسكندرية ومصر نظراً لمكانة الفقيد نكست الأعلام وأعلن الحداد أربعين يوماً، وسارت الجنازة بعد ظهر الاثنين من سراى رأس التين ثم إلى شارع الظبطية القديمة، ثم إلى شارع السنانية ومنه إلى ميدان محمد على، ثم إلى شارع شريف باشا، ثم إلى شارع المحطة حيث حمل القطار جثمان الخديوى ووصل القاهرة الساعة التاسعة والنصف مساءً.

وأعلن يوم الثلاثاء عطلة رسمية للاحتفال بجنازة الخديوى وبدأ الموكب سيره من محطة العاصمة التى تواجد بها الخديو عباس حلمى الثانى مع الأمراء ورجال الحكومة والجيش والقناصل والمشايخ والتجار والأعيان والعلماء وطلبة المدارس ومختلف أطياف الشعب، وسارت الجنازة من شارع باب الحديد حتى ميدان الأوبرا ثم شارع البوستة ومنه إلى شارع محمد على وصولا إلى مدافن الرفاعى. 


وللأسف الشديد تم تشويه صورة الخديوى إسماعيل لدى الأجيال التى لم تعش عصره ولا تعرف عنه الكثير، وأصبح مصدر معلوماتهم التشويه الذى قدمته السينما فأظهرته سكيرا وزير نساء غارقا فى أحضان الراقصات والمغنيات كما فى فيلم «ألمظ وعبده الحامولى»، ومسلسلات «بوابة الحلوانى - على مبارك - سرايا عابدين».

فغاب عن المشاهد حقيقة الإنجازات التى تمت فى عهده فى كل المجالات التى كان يرمى بها إلى أن تكون مصر قطعة من أوروبا فى النهضة والتنمية والعمران، فمن أهم انجازاته السياسية: تحويل مجلس المشورة الذى أسسه جده محمد على باشا إلى مجلس شورى النواب، واختيار الشعب لممثليه.

ومن إنجازاته فى الإصلاح الإدارى: تحويل الدواوين إلى نظارات، ووضع تنظيم إدارى للبلاد، وإنشاء مجالس محلية منتخبة للمعاونة فى إدارة الدولة، ومن إنجازاته فى الإصلاح القضائى: أتاح للمجالس المحلية حق النظر فى الدعاوى الجنائية والمدنية.

وحدد اختصاص المحاكم الشرعية فى النظر فى الأحوال الشخصية، وألغى المحاكم القنصلية واستبدلها بالمحاكم المختلطة، وفى مجال الإصلاح العمرانى: الانتهاء من حفر قناة السويس وإقامة احتفالاتها، إنشاء قصور فخمة مثل قصر عابدين، إنشاء دار الأوبرا الخديوية.

وإنشاء كوبرى قصر النيل، استخدام البرق والبريد وتطوير السكك الحديدية، إضاءة الشوارع ومد أنابيب المياه، وفى المجال الاقتصادى: زيادة مساحة الأراضى الزراعية، وحفر ترعة الإبراهيمية فى صعيد مصر، وترعة الإسماعيلية فى شرق الدلتا.

زيادة مساحة الأراضى المزروعة بالقطن طويل التيلة، إنشاء 19 مصنعًا للسكر فى أرمنت والمطاعنة والضبعية والبلينا وجرجا والمنيا والشيخ فضل والفيوم، وإصلاح ميناء السويس وميناء الإسكندرية، وبناء 15 منارة فى البحرين الأحمر والمتوسط لإنعاش التجارة.

وفى مجال التعليم والثقافة: زاد من ميزانية نظارة المعارف، وأوقف الأراضى على التعليم، وكلف على مبارك بوضع قانون أساسى للتعليم، مثلما كلف الحكومة بتحمل نفقات التلاميذ، وإنشأ أول مدرسة لتعليم الفتيات بالمدرسة السنية، وأنشأ دار العلوم لتخريج المعلمين، ودار الكتب، والجمعية الجغرافية ودار الآثار، وظهرت فى عهده الصحف ومنها على سبيل المثال «الأهرام ، والوطن، ومجلة روضة». 


وفى مجال الأعمال الصحية: ركزالخديوى مع نوابغ الأطباء وأعضاء مجلس شورى النواب على تحسين أحوال البلاد الصحية، ومقاومة الأمراض ومكافحة الأوبئة، وخاصةً وباء الكوليرا الذى حل بالبلاد سنة 1865، وتوسع فى إنشاء عدد كبير من المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية.


عانى الخديو إسماعيل من الضغوط التى مارستها عليه بريطانيا وفرنسا فى تنافسهما بالتدخل فى شئون مصر، وتفاصيل هذه الظروف يطول شرحه، لكن النزعة الاستقلالية للخديو إسماعيل فى حكم مصر أدت إلى قلق السلطان العثمانى.

وتحت ضغط كل من قنصلى انجلترا وفرنسا على السلطان أصدر فرماناً بعزل الخديو إسماعيل فى 26 يونيو 1879، ونص الفرمان الذى ورد من الآستانة كالتالى: «إلى سمو إسماعيل باشا خديوى مصر السابق.

إن الصعوبات الداخلية والخارجية التى وقعت أخيراً فى مصر قد بلغت من خطورة الشأن حداً يؤدى استمراره إلى إثارة المشكلات والمخاطر لمصر والسلطنة العثمانية، ولما كان الباب العالى يرى أن توفير أسباب الراحة والطمأنينة للأهالى من أهم واجباته ومما يقضيه الفرمان الذى خولكم حكم مصر.

ولما تبين أن بقاءكم فى الحكم يزيد المصاعب الحالية، فقد أصدر جلالة السلطان إرادته بناء على قرار مجلس الوزراء بإسناد منصب الخديوية المصرية إلى صاحب السمو الأمير توفيق باشا، وأرسلت الإرادة السنية فى تلغراف آخر إلى سموه بتنصيبه خديوى لمصر.

وعليه أدعو سموكم عند تسلمكم هذه الرسالة إلى التخلى عن حكم مصر احتراماً «للفرمان السلطانى»، وبعد ثلاثة أيام سافر الخديوى المخلوع عن عرشه إلى نابولى بإيطاليا.

وانتقل بعدها للإقامة فى استانبول التى توفى بها، وقد نحت له المثال الإيطالى «بييترو كانونيكا» تمثالا هدية من الجالية الإيطالية بالإسكندرية تقديرًا لاستضافة مصر للملك فيكتورعمانويل الثالث آخر ملوك إيطاليا بعد الإطاحة به عن عرشه.

وقد أزاح عنه الستار الملك فاروق فى 4 ديسمبر 1938 فى مكانه الأصلى بميدان المنشية أمام الموقع الأول لقبر الجندى المجهول بالإسكندرية، وهو مقام حاليًا بميدان الخديو إسماعيل بكوم الدكة بالإسكندرية، رحم الله الخديوى إسماعيل الذى قدم الكثير لمصر. 

من كتاب «مصر فى عهد إسماعيل»

اقرأ أيضاً|طقوس الملك فاروق في أيام عيد الفطر

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة