الجمعة، 18 مارس 2022 - 06:54 م

أعلم جيداً المحاولات العديدة مع الفنان حسين فهمي، لإقناعه بتولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، لذا سعدتُ كثيراً بقبوله أخيراً تلك المهمة الصعبة، التى سبق وأنجزها بنجاح كبير على مدى 4 دورات، حقق خلالها قفزة نوعية كبيرة للمهرجان شكلاً ومضموناً، ومنحه قوة دفع عملاقة استثمرها كل من جاء بعده، لكنه فقد تلك القوة دورة بعد الأخرى.

وأذكر أننى كنتُ مشاركة وشاهدة على اختيار حسين فهمى لهذا المنصب قبل سنوات، فلم يكن الفنان فاروق حسني- وزير الثقافة آنذاك- متأكداً من قبوله لهذا المنصب، خاصة بعد هجوم النجم الكبير على سياسات الوزارة قبلها بأيام، خلال ندوة عقدها الوزير مع السينمائيين بمهرجان الإسكندرية السينمائي.

 ولأننى أعى جيداً عقلية ذلك الفنان المثقف المستنير الذى يدرك أن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، اقترحتُ على الوزير تولى مهمة عرض الأمر عليه، وكما توقعتُ رحَّب دون أى تردد، وأثمر التعاون بينهما نجاحاً غير مسبوق، وازدادت قيمة وأهمية المهرجان، الذى اجتذب كبار نجوم السينما العالمية، ولولا الميزانية الهزيلة التى لا تليق بصورة مهرجان يحمل اسم مصر، ما كان ترك موقعه وهو فى قمة ذلك النجاح.

ولأننى أمضيتُ سنوات طويلة فى عضوية اللجنة الاستشارية العليا، التى كانت مزيجاً من أصحاب الخبرات الطويلة، وأصحاب الرؤى الشابة، لمستُ كيف أضاف النجم الكبير رؤيته الجديدة، مع المحافظة على إنجازات الكاتب الراحل سعد الدين وهبه، الذى سبقه فى رئاسة المهرجان على مدى12عاماً، كانت أزهى سنواته، ووضعته بين أفضل 10 مهرجانات سينمائية فى العالم، رغم أن البحث عن الأفلام، والحصول على نسخ للعرض فى ذلك الوقت، كانت مهمة شاقة، وليست بالسهولة الحالية. 

وكيف استبقى على الكيان الإدارى والفنى الذى ساهم فى تلك النجاحات، لكنه أبداً لم يكن يوماً رئيساً شرفياً، ومع احترامى للناقد يوسف شريف رزق الله، غير أنه لم يكن وحده دينامو المهرجان، إنما كان هناك فريق متكامل من النقاد والإداريين، كل له دوره المهم الذى لا يمكن إنكاره وتجاهله أو اختزاله فى شخص واحد، مهما كانت قيمة ومكانة هذا الشخص.

لذا تعجبتُ حينما سمعتُ مخرجة شابة تعترض على اختيار حسين فهمي، وتدَّعى أنها تتحدث من منطلق علاقتها التاريخية بالمهرجان!! وهى التى سألت يوماً الذين بنوا المهرجان على أكتافهم: من هو سعد الدين وهبة؟! ولِمَ لا.. ألمْ يُسقطه محمد حفظى من قائمة رؤساء المهرجان السابقين حين وجه لهم الشكر؟!