نسرين موافي
نسرين موافي


شعرة معاوية بين رضا المواطن و سخطه 

بوابة أخبار اليوم

السبت، 19 مارس 2022 - 08:19 م

 

لا تعرف أهي الداء أم الدواء … ؟! أم أنها -ببساطة- كلاهما ؟!
أجيال كثيرة تعاقبت على هذه الأرض..ملوك و ممالك، أهل و أغراب ، طامعين و طامحين و كرماء ، محبين و عاشقين  ، أو حتى كارهين ، ظالمين و مظلومين.. و دائماً يزول المُلك و تزول الممالك..و تبقى الأرض داء و دواء روح صاحبها :  المواطن البسيط   .

هو  القطاع الأوسع من كل شعب ، هو المواطن البسيط ، بكل صفاته: الملائكية منها و حتى الشيطانية..قل عنه ما تريد، لكنه مارد يستيقظ وقت الخطر ..فلا تبخسه حقه و احذره !
يمتلئ أملًا فيبدع في كل النواحي:من علوم ، هندسة ، طب و فنون  .. و يصاب بالإحباط فيبدع في الكسل و الظلم، يبهرك في كسر القوانين و التحايل عليها ، بل و يستفزك من كم الاهمال و التراخي الذي يصيبه .
هو ذاته المواطن في الحالتين،هو الذي قاوم أقوى و أكثر الأنظمة قمعاً ، قاوم كل احتلال طامع في خيرات أرضه و في سماحة نفسه و طيبتها  .. قاومها فكرياً و عسكرياً بكافة طبقاته … و بإمكانيات بسيطة و بخطط عبقرية مدهشة . 
هو ذاته المواطن الذي وقف بجانب جيشه و أزاح ملكا و نصب رئيسًا ،  و أعاد الكرة و ازاح أيضاً قوى الظلام في ثبات و تؤدة ، هو البسيط الذي قاوم ثلاث دول بعتاد عسكري كامل و هو لا يمتلك غير روحه ليقدمها فداء للوطن فذاد عن ارضه .

هو المواطن الذي قدم أغلى ما يملك ماله و ولده فداء لها… تحمل و يتحمل في سبيلها أسوأ الظروف و أكثرها ظلماً.
قدم فلذة كبده فداء لها و هو راضٍ و محتسب..سعيد بتاج الشهادة و قدم ماله و ما يدخر  من أجل حلم أن تشرق شمسها الذهبية من جديد ، فلم يبخل بل و أبهر الدنيا و  جمع  ٦٠ مليار جنيه في اقل من اسبوعين … فقط لأجلها … ملاحم كثيرة قديماً و حديثاً و حتي يومنا هذا يسطرها هذا البسيط .

هو  البسيط الذي بنى أمجادًا حاضرة شاهدة ، فبناة الأهرام و المعابد ، مشيدو الجسور و شاقو الترع و القنوات ، من حدد مواقيت الزراعة ، من راقب و تعلم و علم الدنيا أبدا لم يكونوا ملوكاً..كانوا مواطنين مصريين فقط .
يعشق التحدي… فقط أعطه الأمل في أنه يستطيع ، أشعل شغفه لوطن يعيش بداخله و يسري في دمه و اتركه ليبهرك .

فهو المواطن عالي الكفاءة..طالما اعطيته الحافز و الأمل و رسمت له الطريق واضحا و هو نفسه المواطن ضعيف الاداء اذا ما دفعته في طريق اليأس ليكفر حتي بعمله و حياته 
طُلب منه الصبر و العمل فكنت تري الوجوه بشوشة يملؤها الأمل لا يكدرها شئ الا انتظار تحقيق الحلم …. أن ينجو بها وسط إعصار الخراب الذي يجتاح العالم  .

سنين بين تحول اقتصادي و اصلاح ضروري استنزفت طاقته لكن ظل بداخله الأمل بجزاء الصبر … يمني النفس بأنه قد قارب علي الوصول لأول مرافئ  الاستقرار ، ليري بلده علي الطريق الصحيح و يجني ثمار عمله .
حتى بدأ الفساد في احتلال المشهد من جديد و بدأت قوى الظلام في استعادة سطوتها .
ليس المواطن العادي المشكلة ، المواطن العادي لا يريد غير و طنه و عيش كريم فيه ، عمل و صبر كثيراً من أجله … المشكلة الحقيقية في اداء المواطن الحكومي الذي استعاد جبروته في اهانه و ظلم و تعطيل حياة غيره .
نستيقظ كل يوم علي خبر اهانة و استهانة من موظف بمواطن ،  استهانة  حتي بالقانون … تسيب و اهمال كبير طال معظم المراكز الخدمية تلمسه في كل مكان في الشارع و المصالح و الوزارات حتي في المشاريع التي كانت تنبض بالحياة تغير حالها.
مراكز قوي جديدة بدأت من جديد تحول بين الشعب و مسئوليه ليسود اليأس بين الناس و يحل محل الأمل و يشعل الغضب في قلوبهم .
تجدهم يعبرون عنه بالصمت القاتل ، بالعمل ضد مصالحهم ، بالإهمال المتعمد ، و السلبية المؤذية حتي لنفسهم … رد فعل طبيعي و معتاد لمن يعرف هذا الشعب الصبور و لمن يفهم حدوده و حدود صبره هذا.

هو شعب يرضي بكلمة تحفزه ، تشعره بقيمته ، تُعلي من قيمة وطنه … بل أنه يرضي حتي باداء جميل في مباراة كرة قدم حتي لو خسر..  فقط لانه لمس رجوله ابنائه و تفانيهم من اجل معشوقته ، هو فقط يريدها عادلة جميلة نظيفة يريدها سيدة الدنيا .
تحبه لصفات كثيرة جميلة فيه و تكرهه و تخاف منه اذا ما رفع لواء الفردية و اللامبالاة و السلبية و الذي بالمناسبة يجيدهم جميعا و يبدع في الايذاء بهم . 

ابداً لم تكن يوماً الحكومة أو النظام خصومه ، و لا مبرر اخطائه ، لكنه يمتلك مراكز استشعار يعرف بها متي تقدره حكومته و متي تستهين به و في الحالتين يمتلك الرد 
يصبح عوناً لها طالما يعملون جميعاً من أجل غد أجمل ، طالما استشعر أنها تحميه و تقف بجانبه .
و يتحول خصماً في ثوانٍ معدودة إذا ما استشعر فساد و محاباه و ظلم يفعل كل هذا تلقائياً بدون تدبير 
اعطه التقدير .. الأمل … الشغف و التحدي ليزيح جبلا و ينقل اخر فوق كتفه بمنتهي البساطة و بمنتهي الرضا و السعادة .
و انزعهم منه لنجد أسوا صفات البشر من أنانيه و كره و بغضاء و تراخي و كسل تتجسد فيه و تجده لا يقوى حتي
علي تحريك اطرافه .
هي شعرة معاوية بين سخطه و رضاه و هي بيد مسؤليه ، هم من يتخذون القرار و بيدهم الاختيار .
بمنتهي البساطة ، هذا المواطن ينتظر أن يراعي كل قرار حياته و ضغوطها ، يرحمه من احداث العالم و لا يزيد الطين بله و أن يُحترم علي أرضه و يعرف مسئوليه قدره .
ما يطلبه ليس بكثير … ما يطلبه هو حقه و اقل بكثير مما يستحق بعد عناء طويل… عناء كان يظن أنه انتهى .

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة