د.إبراهيم الشربينى خلال حواره مع «الأخبار»
د.إبراهيم الشربينى خلال حواره مع «الأخبار»


مدير برنامج علوم النانو بمدينة زويل: الحقبة الناصرية أزهى فترات قوتنا الناعمة

حازم بدر

السبت، 19 مارس 2022 - 09:40 م

المحتوى قبل الأدوات فى تطوير التعليم .. ونعانى من أزمة «ترتيب الأولويات»

مؤسسات البحث العلمى المصرية ليست على نفس قدر السمعة الجيدة لأبنائها  
تطوير التعليم الجامعى يسير بخطى «جيدة» و«المنح الدراسية» تحقق تكافؤ الفرص

لا يمر وقت طويل، إلا وتجد دوما فى جعبة د. إبراهيم الشربينى، مدير برنامج علوم النانو ومركز أبحاث علوم المواد بمدينة زويل، الجديد من الأخبار، ما بين بحث جديد نشرته دورية علمية مرموقة، أو تكريم دولى حصل عليه، أو منصب تقلده، حتى أنى كنت أتساءل عن سر الطاقة الإيجابية التى تدفع هذا الرجل إلى تحقيق النجاح تلو الآخر.


نظرة مبدئية إلى مكتبه فى المدينة، ربما تعطيك بعضًا من تفاصيل خلطة النجاح، فنحن أمام شخص شديد النظام، قادرعلى إضافة لمسة تعكس تقديره للعلم فى كل ركن من الأركان، ولكن ما أن تتفحص عينك التفاصيل، ستعثر على المحفزات التى أضافها إلى هذه الخلطة، تماما كما يفعل فى التفاعلات الكيميائية، ليخرج لنا بإنجازات سريعة ومتلاحقة.


أول هذه المحفزات، كان خطابًا تلقاه من د. زويل قبل رحيله بأيام يثنى خلاله على أبحاثه التى ترفع من التقدير العالمى لاسم المدينة، وهو الخطاب الذى قال عنه: «لقد وضعته أمامى ليمنحنى الطاقة، كلما تسللت أى أفكار سلبية إلى عقلى».


وإلى جانب هذا الخطاب، يحتفى فى مكتبه بكل جائزة حصل عليها، وكل بحث نشره فى دورية علمية، وهو مع ذلك، يذكر نفسه بعبارة لا تغادر الطرف الأيسر من «سبورة» توجد فى مكتبه، بأن العلم لا يزيد صاحبه إلا تواضعًا.


ولأننا أمام تركيبة فريدة من العلماء، جعلت من البرنامج الذى يشرف عليه، جاذبًا ليس فقط لطلاب مصريين، تخطفتهم الجامعات الدولية بعد تخرجهم، ولكن لطلاب عرب وأجانب أيضًا، فهو يستحق أن يكون أحد جنود كتيبة القوة الناعمة المصرية.


وخلال حواره مع «الأخبار» يكشف عن كيفية زيادة عدد المنضمين لهذه الكتيبة، عبر رؤيته التى وضعها لتطوير التعليم الأساسى والجامعى.. وإلى نص الحوار. 

عند ذكر كتيبة القوى الناعمة، ينصرف الحديث دومًا إلى نجوم الفن والرياضة، وأحيانًا الأدب، فهل يمكن أن يكون الباحث العلمى أحد أعضاء هذه الكتيبة؟


-  يطلق تنهيدة عميقة استعدادًا لإجابة طويلة استهلها بقوله: دعنا نبدأ الحديث بتعريف القوى الناعمة، وهى من وجهة نظرى محاولة إحداث التأثير والسيطرة من خلال وسائل جذب ناعمة، ورغم أن هذا التوجه بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن القوى الناعمة كمصطلح تم صكه فى أوائل التسعينيات.


ولاشك أن الانطباع السائد الذى عكسته فى سؤالك، هو أن القوى الناعمة تكون أدواتها فى الأفلام والمسلسلات والإعلام بوسائله المختلفة والرياضة، ولكن دعنا نتفق على أن هذا الوضع تغير كثيرًا، وصار البحث العلمى فى مقدمة أدوات القوى الناعمة، وتحولت الأدوات التقليدية من أفلام ومسلسلات وإعلام، إلى عناصر تسويقية لإنجازات البحث العلمي.


تراجع الأدوات التقليدية


كيف تقول ذلك، بينما قطاع ليس ببسيط من المصريين ينظر مثلًا إلى محمد صلاح، وهو لاعب كره، كأحد أهم جنود القوى الناعمة؟


-  لم ينتظر استكمال السؤال، وقال بنبرة متحمسة: أنا لم أقل أن الأدوات التقليدية اختفت تمامًا، لكنها تراجعت لصالح البحث العلمي، ودعنى أسال بعض الأسئلة التى ستدرك من خلالها ما أعنيه «فعندما تذكر أمريكا وألمانيا واليابان والصين على سبيل المثال، هل سيقفز للذهن، الرياضة والسينما والإعلام، أم التقدم العلمى والتكنولوجي؟ .. بالطبع التقدم العلمى والتكنولوجي».


وهذه الصورة الذهنية لم تتشكل بين يوم وليلة، ولكن تم بناؤها عبر أجيال، فأنت تستطيع بناء اقتصاد فى 5 سنوات، لكن بناء التأثير عبر القوى الناعمة، وفى مقدمتها الآن البحث العلمى والتكنولوجيا يحتاج إلى سنوات طويلة، وقد بنتها هذه الدول من خلال منتجات غزت العالم، وكان مصدرها أبحاث علمية، ومنح علمية يتم تقديمها لأبناء الشعوب الأخرى، كى تتشبع بثقافة البلد، وقد بدأت بعض الدول ومنها أمريكا هذا التوجه مبكرًا من خلال هيئة فولبريت للتبادل الطلابى عام 1946.


جئتك لتحدثنى عن دور الباحث العلمى المصري، كقوة ناعمة، فأخذتنى فى رحلة تاريخية، لم شر فيها إلى الحال فى مصر؟ 


-  يأخذ رشفة من فنجان القهوة، قبل أن يقول: وصولًا إلى الوضع الحالي، دعنى أيضًا ألقى نظرة على الماضي، فالقوى الناعمة المصرية تباين تأثيرها فى أربع حقب تاريخية، فالحقبة الأولى كانت هى حقبة «ما قبل 23 يوليو»، وتميزت باقتصاد قوي،وديمقراطية مبكرة عبر نظام سياسى أشبه بالليبرالية، استطاعت من خلاله مصر تقديم نموذج للدول فى محيطها الإقليمي، ثم جاءت بعد ذلك الحقبة الناصرية.

والتى أعتبرها رغم سلبياتها التى يراها البعض فى بعض الملفات، من أبرز الفترات التى كان لمصر فيها قوة ناعمة، حيث كان لدينا إعلام مؤثر ورائد فى المنطقة، متمثلًا فى تليفزيون تم تدشينه أوائل الستينيات، وإذاعة تم تطويرها حتى وصل إرسالها للعديد من الدول العربية، وبحث علمى تمثل فى تدشين مؤسسة رائدة فى المنطقة اسمها المركز القومى للبحوث، وتعليم قوى كان جاذبًا لمواطنين من الدول الأخرى، صار بعضهم بعد ذلك رؤساء فى دولهم.


وانحدر الحال فى الحقبة الثالثة، وهى حقبة السادات ومبارك، ففى عهد السادات كان الانشغال فى البداية بالحرب وتداعياتها، ومع الانفتاح، كنا مشغولين باستيعاب ما هو قادم من الخارج، اما فى عهد مبارك، فكانت سياستنا هى إقامة علاقات خارجية جيدة، لكن لم يكن لنا تأثير، وبالتوازى مع ذلك حدث تدهور فى كل أدوات القوى الناعمة من فن وإعلام وتعليم وبحث علمي.


أما الحقبة الرابعة، وهى ما بعد ثورة 25 يناير، فنحن لا زلنا مشغولين بإصلاح أخطاء الحقبة السابقة، وتوجد نوايا صادقة لإعادة بناء كتيبة القوى الناعمة المصرية.


الفارق بين الفرد والمنظومة


ولكن أشعر فى مجال البحث العلمى حاليًا أن هناك ثمة تحرك بدأ يؤتى ثمارة فى شهرة دولية يحققها باحثون يعملون على أرض مصر، ومنهم الدكتور إبراهيم الشربيني؟


 يبتسم قبل أن يقول بنبرة خجولة: سعيد بهذا التقدير الذى تمنحنى إياه، ولكن دعنا نفرق بين البحث العلمى كأفراد، وكمؤسسات.


فعلى مستوى الأفراد، توجد أسماء لامعة لها سمعة دولية فوق الممتازة، بداية بالدكتور أحمد زويل، ومرورًا بالدكتور مصطفى السيد، وانتهاء بآلاف الأسماء التى لا يسع المجال لذكرها، ولعلك تابعت مؤخرًا دخول أكثر من باحث مصرى فى قائمة جامعة ستانفورد الأمريكية لأبرز الباحثين، ولكن المفارقة أن منظومة البحث العلمى التى ينتمى لها هؤلاء الباحثون ليست على نفس القدر من الشهرة والإنجاز، فأقصى طموح لأى جامعة مصرية هو الدخول ضمن قائمة أفضل 500 جامعة فى العالم، فلا يوجد مؤسسة لها صيت عالمى مثل مؤسسة المعهد الهندى للتكنولوجيا فى الهند(IIT).

والتى نجحت من خلالها الهند فى فرض نفسها على سوق البرمجيات، فأصبحت سمعتها وتأثيرها عالميًا، ليس مرتبطًا بما تنتجه من أفلام، ولكن بما تنتجه من برمجيات.


وهناك دول أخرى أكثر تقدمًا، صار الانطباع الذهنى المأخوذ عنها نابعًا ليس من مؤسسة واحدة، ولكن من منظومة شاملة، فألمانيا على سبيل المثال تعنى الصناعة الجيدة والمهندسين الأكفاء، واليابان وأمريكا تعنيان التكنولوجيا.


تقريبًا نفس الرأى تبناه الدكتور يحيى إسماعيل الذى كان ضيفنا فى أول حوارات هذه السلسلة «جنود القوى الناعمة»؟


-  تظهر مشاعر الحماس على وجهه قبل أن  يقول: هذه حقيقة يلمسها كل العاملين فى مجال البحث العلمي، واسمح لى أن أتحدث عن بعض الجوائز التى حصلت عليها مؤخرًا، مثل جائزة عبد الحميد شومان، وجائزة خليفة فى الإمارات، كأفضل أستاذ جامعى على مستوى الوطن العربى، وتكريمى من دولة شيلى ضمن قائمة تضم الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كى مون.

وعددًا من الشخصيات المؤثرة فى العالم، وذلك بمناسبة مرور 500 عام على اكتشاف مضيق «ماجلان» فى أمريكا الجنوبية، فكل هذه التكريمات وغيرها الكثير تمنحنا كأفراد تأثيرًا فى مجال عملنا، ولكن المنظومة البحثية المصرية ليست على نفس القدر من الشهرة والتأثير كأبنائها.


درس الماضي
وما المطلوب تحقيقة كى تكون المنظومة على نفس قدر نجاح أفرادها؟


-  تخرج الكلمات من فمه سريعة قائلًا: ليس مطلوبًا منك سوى العودة لما كنت تفعله فى الماضي، فالعرب والأفارقة كانوا يتعلمون بكثافة فى الجامعات المصرية، ولكن أصبحت سمعة التعليم الجامعى المصرى للأسف، ليست على ما يرام، حتى أن دول الخليج صارت تجرى اختبارات للخريج المصرى قبل أن تتعاقد معه.


وحتى تعود لما كنت عليه فى الماضي، يجب إنشاء كيانات تعليمية قوية وتقوم بتسويقها جيدًا فى المنطقة العربية والإفريقية، وهذا من شأنه تحقيق فائدتين، فهو من ناحية سيجلب العملة الصعبة، التى ستعين هذه المؤسسات التعليمية على الأقل أن تكون قادرة على الإنفاق على نفسها دون أن تحمل الحكومة أعباءها، أما الفائدة الثانية، فتتمثل فى التأثير الذى يحدثه التعليم والبحث العلمى كقوة ناعمة، فهؤلاء الطلاب سيعودون إلى بلادهم وهو أكثر ارتباطًا بمصر وثقافتها، وهذا أمر لمسته أنا شخصيًا، فأنا من عشاق نيوزيلندا، رغم سفرى لأغلب دول العالم، لأنها المكان الذى درست فيه للحصول على الدكتوراة.


وكيف نحقق ذلك فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، وجهود مستمرة فى اتجاه إصلاح أخطاء الماضي؟


-  يشير بسبابته قبل أن يقول بلهجة متحمسة: ليس شرطا أن يكون لديك فائض من الأموال حتى تستعيد قوتك تعليميًا، أنت فقط تحتاج إلى تبنى نموذج أشبه بما فعلته الهند، من خلال المعهد الهندى للتكنولوجيا، فالفلسفة التى قام عليها النموذج الهندي، أنه فى بلد يعانى من فقر مدقع، سيكون من الصعب عليك التحرك فى كل الاتجاهات، فتم تبنى اتجاه بناء اقتصاد قوى قائم على المعرفة عبر البرمجيات والتطبيقات التكنولوجية، التى تم توفيرها من خلال دعم المعهد الهندى للتكنولوجيا، فالاهتمام بمجالات مثل الزراعة والصناعات التقليدية، لا يبنى اقتصادًا قويًا، رغم الحاجة إليها،ولكن يمكن لتطبيق على الهاتف أو منصة اجتماعية مثل الفيسبوك أن تربح المليارات.


ولماذا نبحث عن نموذج نتبناه ولدينا مدينة زويل؟


-  نحن نتحدث فى الهند عن مؤسسة عمرها 70 عامًا، بينما عمر مدينة زويل لم يتعد العشر سنوات، وقطعًا يمكن أن تكون المدينة هى النموذج المصري، وهذه كانت فلسفة الدكتور زويل، حيث كان يرى أن المصريين يميلون للتقليد.

ومن ثم فإن نجاح المدينة سيجعل منها منارة تحتذى بها الجامعات الأخرى، ولكن أمامنا وقت طويل حتى نصل إلى النموذج الهندى الذى نتحدث عنه، فبسبب المعهد الهندى للتكنولوجيا أصبحت سمعة البلد مرتبطة بالبرمجيات، ولم يعد يأتى إلى الأذهان مشاهد الفقر هناك، رغم أنها لا تزال موجودة. 


ترتيب الأولويات
يبدو من هذا النموذج أنك تستطيع بالتعليم بناء سمعة طيبة للبلد؟


-  يومئ بالموافقة قبل أن يقول: قطعًا، وبالمناسبة ليس شرطًا أن تكون أدوات التعليم بها قدر عال من الرفاهية، ولكن عليك الاهتمام أولًا بالمحتوى، فكبار الأدباء والعلماء الذين قادوا كتيبة القوى الناعمة المصرية مثل أحمد زويل ونجيب محفوظ وعباس العقاد، لم يتعلموا فى منظومة تعليمية مرفهة فى أدواتها، وهذا ليس معناه ألا نهتم بالأدوات، ولكن إذا كانت ظروفك وامكاناتك لا تسمح، فيجب أن يكون هناك ترتيب للأولويات.

 


تقصد أن «البشر قبل الحجر» فى التعليم؟


-  يصمت لوهلة يعاود خلالها أخذ رشفة من فنجان القهوة قبل أن يقول: بالتأكيد البشر قبل الحجر، ولكن لا أحب أن يفهم من كلامى ألا نهتم بالمكان، فالاهتمام بالمكان وأدواته مطلوب، أذا أتيح ذلك، مثلما حدث فى نموذج مدارس «ستيم « للمتفوقين، التى كان لى شرف المشاركة فى نقلها إلى مصر عام 2011، ولكن إذا لم يتح الاهتمام بالأدوات، فيجب الاهتمام بالمحتوى، فالتابلت كأداة عصرية مهم، ولكنه يجب ألا يكون الاهتمام به على حساب المحتوى متمثلًا فى الكتاب المطبوع، الذى لا تزال له أولوية فى كل مدارس العالم، لتأثيره وأهميته فى الاحتفاظ بالمعلومة.


يبدو أنك تفضل الكتاب المطبوع، كما يبدو لى من خلال الكتاب الذى كنت تقرأ فيه قبل بداية الحوار؟


-  يبتسم قبل أن يقول: من الجيد أنك لاحظت ذلك، فهذا الكتاب كنت أستطيع توفيره إلكترونيًا بمبلغ زهيد للغاية، ولكنى أنفقت 2500 جنيه لأحصل عليه مطبوعًا، لتأثير الكتاب المطبوع فى الاحتفاظ بالمعلومة.


أراك أعطيت اهتمامًا خاصًا بالحديث عن التابلت فى مقابل الكتب؟


-  من الأولويات أيضًا الاهتمام بمن يقوم بتوصيل المحتوى عن طريق رفع كفاءة المدرس، وإذا كانت هناك مفاضلة بين إنشاء مدارس جديدة أو تطوير المدرس، فيجب أن تكون الأولوية للمدرس، فأنا تعلمت تعليمًا جيدًا فى المرحلة الابتدائية فى منزل بالمنصورة كانت وزارة التربية التعليم قد استأجرته من أحد المواطنين، لعدم وجود موارد تسمح بإنشاء مدرسة، وأزعم أنى تعلمت تعليمًا جيدًا، لكننا الآن، نفاجأ بمستوى تعليمى متدن للغاية، فقد أفجعنى أن طالب فى السنة الرابعة بإحدى كليات العلوم، يكتب على دفتر المحاضرات  مادة كيمياء عضوية، بحرف «د» بدلا من « ض» .


وكيف وصل هذا الطالب إلى السنة الرابعة ؟


-  تعود الابتسامة إلى وجهه قبل أن يقول: لا أعلم، ولكن هذا نتاج التعليم ما قبل الجامعي.


كيانات جديدة 
وهل التعليم الجامعى يسير فى الاتجاه الصحيح؟


-  يومئ بالموافقة قبل أن يقول: ربما لأن محاولات تطوير هذا التعليم بدأت منذ سنوات، وبدأت ملامح ذلك تظهر من خلال كيانات جديدة توفر تعليم جيد، مع الحصول على مصاريف معتدلة، مثل الجامعات الأهلية والجامعات ذات الطابع الخاص مثل الجامعة اليابانية ومدينة زويل وغيرها.


بعض الجامعات التى تشير إليها تتعدى مصاريفها الدراسية الـ50 ألف جنيه فى السنة؟


-  يرد بلهجة متحمسة وسريعة: صحيح ما تقوله، ولكن هذا المبلع يدفعه المقتدر، ولكن غير المقتدر يستطيع الحصول  على منحة دراسية يتم تحديد قيمتها وفقًا لدخل أسرته، مع ربط استمراره فى الحصول على المنحة بالحفاظ على مستوى دراسى جيد خلال سنوات الدراسة، وهذا النظام أراه يحقق تكافؤ الفرص والعدل للجميع.


أراك متحمسًا للغاية لما حدث من تطوير بالتعليم الجامعي؟


-  يغمض عينه للحظات قبل أن يقول بنبرة صوت هادئة: هذا النظام حلمت به منذ عشر سنوات، وأرى الآن حصاد بعض ثماره متمثلًا فى عودة بعد الأساتذة المصريين من العاملين بالخارج، بعد أن شعروا بأن الجامعات الجديدة توفر برامج تعليمية متميزة، وتحقق لهم دخلًا معقولًا.


ولكن حتى يكتمل التطوير، يجب أن تعتمد هذه الكيانات على نفسها ماديًا، فليس مقبولًا فى ظل امتلاكها موارد بشرية متميزة، أن تمد يدها للدولة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها، ولتحقيق ذلك يجب عليها امتلاك ما تكون قادرة على تسويقه وبيعه، فلك أن تتخيل أن منتجًا واحدًا تبيع الجامعة حق اختراعه، يمكن أن يعينها ماديًا بشكل كبير، وأذكر فى هذا الإطار اعتماد جامعة « فلوريدا» بشكل كبير فى مواردها على أرباح وديعة كونتها من بيع اختراع مشروب الطاقة.


أستاذ الجامعة والتدريس


النموذج الأمريكى الذى تطرحه، يقودنى لشكوى بعض أساتذة الجامعات من أن إثقال كاهلهم بالتدريس يعوقهم عن البحث العلمى الذى يمكن أن يسفر عن أفكار واختراعات قابلة للبيع؟


-  تعود لهجته المتحمسة وهو يقول: الأمر يتوقف على الأستاذ نفسه، فهناك من هو حريص على أن يعيش المهام الحقيقية لأستاذ الجامعة، متمثلة فى أدوار تعليمية وبحثية ودور مجتمعى يتعلق بالفائدة التى سيجنيها المجتمع من منتجاته البحثية، وهناك أستاذ جامعة تحول برضاه إلى مدرس، وأغفل الجانب البحثى وهؤلاء لا يلومون إلا أنفسهم.


كيف تحملهم المسئولية بينما الجامعات هى التى أثقلت كاهلهم بمهام التدريس؟


-  صدقنى الأمر يتوقف على الأستاذ نفسه، فأنا كنموذج أحصل على ساعات تدريس فى الأسبوع تفوق المعدلات المفترض أن يحصل عليها الأستاذ، ومع ذلك حريص على القيام بدورى البحثي، فأنشأت برنامج النانو فى المدينة، الذى ينتشر خريجوه فى كبرى جامعات العالم.

وهؤلاء يمثلون قوة ناعمة لمصر، وأنشأت وأقود مركز أبحاث متقدم به 12 معملًا، وأشرفت على رسائل ماجستير ودكتوراه لنحو 80 طالبًا، منتشرين أيضًا فى كل جامعات مصر والعالم، ليشكلوا أيضا قوة ناعمة.


وما الذى ينقصكم إذن فى المدينة لتتحولوا إلى نموذج أشبه بالمعهد الهندى للتكنولوجيا؟


-  يفتح بريده الإلكترونى ليخرج منه مجموعة من الرسائل قبل أن يقول: كما ترى هذه رسائل وصلتنى من أساتذة بجامعات مختلفة حول العالم تطلب منى ترشيح طلاب من الدارسين فى البرنامج  للسفر والعمل هناك، وهذا يعنى أننا نسير على الطريق الصحيح، وينقصنا فقط أن تكتمل رؤية الدكتور زويل، بأن تكون المدينة قادرة على تسويق منتجاتها البحثية، حتى تستطيع توفير الموارد المالية المناسبة، بحيث لا تصبح عبئًا على الدولة، إن لم تكن داعمة لها.

اقرأ أيضا | مجلس الوزراء: مصر تتألق للسنة الثالثة في المؤشر العالمي للقوة الناعمة


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة