حازم نصر
حازم نصر


حازم نصر يكتب: المؤسس .. إبراهيم أبو النجا

حازم نصر

السبت، 19 مارس 2022 - 11:32 م

 


في 17 مايو 1962أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بإنشاء  كلية للطب في المنصورة لتكون نواة لجامعتها المأمولة ..وكان أن وقع عليه الاختيار ليكون المؤسس وأول عميد لها وليبدأ في ذات الوقت في الإعداد لإنشاء الجامعة .
ترك قاهرة المعز وعاد لمسقط رأسه لإنجاز المهمة مدركا جلال وقدسية الأمانة التي حملها على عاتقه  في ظل عدم  توافر أي امكانيات لتحقيق هذا الحلم .
قام بمسح شامل لمدينة المنصورة عله يجد ضالته في مبني يصلح كمقر للكلية الوليدة لكنه لم يجد سوى مبنى مدرسة المنصورة الثانوية للبنين .. وبالطبع تعذر الحصول عليها لاستحالة تخلي التربية والتعليم عنها .
وبعد جهود مضنية ومفاوضات ماراثونية  مع مسئولي التربية والتعليم لم يكن أمامه سوى  بيت ناظر المدرسة المجاور للمدرسة الذي تخلت عنه التربية والتعليم إيمانا بأهمية الكيان المأمول  .  
حصل على المبنى وقبل التحدي وتوجه مع بدء الدراسة بصحبة 159 طالب وطالبة كان لهم شرف أن يكونوا طلاب الدفعة الأولي للكلية التي تحولت بعدها بعقد واحد من الزمان فقط لجامعة  . 
المرحوم الدكتور إبراهيم أبو النجا مؤسس جامعة المنصورة .
لم يذق طعم الراحة منذ  وطئت  قدماه  المنصورة  واستغل  كل ركن من أركان بيت الناظر وطوعه لخدمة الكلية الوليدة  وحتى مطبخ البيت  نجح في تحويله لمعامل ومشرحة ..ولم  يهدأ له بال حتي وفر في هذا المبنى كل مقومات نجاح الكلية بالتزامن مع إنشاء مقرها الجديد .

كما لم ينرك شاردة ولا واردة يمكن أن تساهم في نجاح حلمه وحلم كل أبناء الدقهلية إلا وقام بتنفيذها ليرتفع البنيان الوليد على أسس راسخة .

استقطب أفضل أعضاء هيئة التدريس من القاهرة ووفر لهم   المنح  الخارجية  للانفتاح على أحدث المدارس الطبية  في العالم كل في تخصصه  .. لم يتهاون  في  ما يمكن أن يؤثر في توين طبيب يكون نموذجا في أداء رسالته النبيلة .
 ولد أبو النجا في قرية رأس الخليج مركز شربين بالدقهلية  في 5 مايو سنة 1915 .
 وأتم المرحلة الثانية من البكالوريا في 1932 وكان  الأول على الشعبة العلمية على مستوى الجمهورية .
 وواصل تفوقه في دراسته الجامعية  وأنهى بكالوريوس الطب بتقدير جيد جدا في 1938 وحصل على الدكتوراه 1944. 
عاد أبو النجا  من القاهرة للمنصورة في صيف 1962 كأول عميد لكلية الطب  ..ثم عين وكيلا لجامعة القاهرة فرع المنصورة بقرار جمهوري في 11 مارس 1971 وكان مرشحا لرئاسة جامعة شرق الدلتا بعد استقلالها عن جامعة القاهرة بعد صدور القانون رقم 49 لسنة 1972م بشأن تنظيم الجامعات بإنشاء جامعة شرق الدلتا  لكن القدر لم يمهله حتى صدور القرار .
ورغم بساطته وتواضعه كان له مهابة في نفوس طلابه وزملائه وكل مرؤوسيه .
استطاع أبو النجا خلال عشر سنوات فقط أن يؤسس  قلعة علمية هي جامعة المنصورة  حيث كان يحمل الطوب ومواد البناء على كتفه بنفسه أثناء تأسيسها  وأشرف عليها بنفسه وحقق داخلها روح الأسرة الواحدة والتي لم يتخلى أحد من أفرادها عن التقاليد التي أرسى قواعدها  المؤسس العظيم .
وإذا كان  أبو النجا قد نجح في الارتفاع بالبنيان وحقق ما تصوره الجميع مستحيلا ..وبعد أن ترك تراثا وعلما سيظل ينتفع به ..أراد القدر أن يكون رحيله الدرامي  قصة تتوارثها الأجيال ليظل حيا في قلوب الجميع .
 كان  في طريقه من المنصورة إلى القاهرة لحضور المؤتمر الثاني لاتحاد الجامعات العربية  فداهمته أزمة قلبية بالقرب من  مدينة أجا  وهو يركب إحدى سيارات الأجرة كعادته حتي لا يحمل الجامعة الوليدة تكاليف سيارة يتنقل بها .
 كان يستقل السيارة الأجرة مع المواطنين البسطاء حيث سبق وأن رفض تخصص  سيارة خاصة له .
عاد به السائق  مسرعا لمستشفى جامعة المنصورة عله يستطيع  أن ينقذه لكن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها ليلقى ربه راضيا مرضيا عن عمر لم يتجاوز الثامنة والخمسون عاما بعد أن ترك ما عجز عنه الكثيرون ..وها هي الجامعة التي أسسها تحتفل هذا العام بيوبيلها الذهبي ومرور خمسون عاما على إنشائها بعد أن أصبحت واحدة من أفضل الجامعات المصرية والعربية والعالمية بفضل جهد المؤسس العظيم ومعاونيه وأجيال متعاقبة كان لهم قدوة ونبراسا .
ولا يزال الحديث متواصلا عن رؤساء جامعة المنصورة وأعلامها وهي تحتفل على مدار العام بيوبيلها الذهبي تحت شعار :
" تاريخ عريق .. ومستقبل واعد "

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة