«الجفاف» سيد الأدلة.. اختفاء فتاتين يكشف جرائم اغتصاب وقتل لنساء بـ«الصدفة»
«الجفاف» سيد الأدلة.. اختفاء فتاتين يكشف جرائم اغتصاب وقتل لنساء بـ«الصدفة»


حكايات| «الجفاف» سيد الأدلة.. اختفاء فتاتين يكشف جرائم اغتصاب وقتل مروعة

هناء حمدي

الإثنين، 21 مارس 2022 - 02:30 م

حادثة اختفاء فتحت أبوابًا من الألغاز لا حصر لها دامت أكثر من 40 عامًا، فالحادثة لم تنته مع فتح التحقيقات وتسجيل المكالمات أو انتظار طلب الفدية؛ بل تفاقمت لتصل إلى كونها قضية قتل واغتصاب دون دليل ولكن بوجود مشتبه به في أمر يبدو مشابه لمقولة «زرار ويتفصل ليه بدلة».

 

قضية غريبة فلا جثة ولا دليل اختفاء سوى عدم وجودهما وكأنهما مياه تبخرت لتكون إشارات الاتهام جميعها تدور حول مشتبه به واحد «ديفيد ليكين» مجرم طالما بحث عن ضحاياه في أوساط الفتيات المراهقات ويقوم باختطافهن واغتصابهن.

 

صحيح أن المشتبه به ظهر بعد 19 عامًا من اختفاء الفتاتين وصحيح أيضا أنه قد يكون الحل الأكثر منطقية ولكن الواقع كشف أنه كان مجرد «الزرار» الذي سينهي تفصيل البدلة له وعليه فالقضية يجب أن يتم إغلاقها واللغز يجب أن يحل لتكون النهاية صادمة.

 

«باميلا جاكسون» و«شيريل ميلر» هما الفتاتان البالغتان من العمر 17 سنة من ولاية ساوث داكوتا، صحابتا واحدة من أطول القضايا الباردة والتي أخذ حلها ما يزيد عن 40 عاما، وسط الكثير من التحقيقات والأدلة والاتهامات منذ أن تم اختفائهما عام 1971 وحتى كشف تفاصيل القضية على يد الجفاف في 2013.

 

قد تظن بقراءة تفاصيل القضية أنها سيناريو لفيلم ذا حبكة درامية متوقعة فبعد البحث والاتهام يكون القاتل أقرب شخص لن يخطر على بالك ولكن أحيانا يفوق الواقع تفاصيل الخيال وهو ما حدث في قضية باميلا وشيريل؛ حيث بدأت تفاصيل تلك القضية ببلاغ اختفاء من جانب والد باميلا أن ابنته وصديقتها شيريل تم اختطافهما لتباشر جهات التحقيق مهمتها الرئيسية والتي اعتبرته في البداية مجرد هروب لفتاتين في سن المراهقة، بحسب موقع «Weird history».


  
ولكن تطور الأمر مع شهادة إحدى جيران باميلا والتي أكدت أنها رأتها مع صديقتها شيريل في سيارة من نوع ستوديباكر، وكانت تتحدث مع شخص يدعى ديفيد ولكن كان النقاش حادًا لدرجة خروجها لمشاهدة ما يحدث ورأت ديفيد يغلق على يد باميلا باب السيارة بعدما هددها بصور ما.

 

 

يبدو للجميع أنها شهادة غير مفيدة كونها لم توضح هوية الشخص الذي يدعى ديفيد أو حتى تتذكر ملامحه ولكن ظلت هذه الشهادة في ذاكرة المحققين حتى أن تم القبض على «ديفيد ليكين» عام 1990 بتهمة اغتصاب وخطف 9 فتيات؛ حيث تم إزاحة الستار عن بداية نشاطه الإجرامي عام 1977 بالتعدي على ضحيته الأولى وهي زوجته حيث قام بالتعدي عليها وتهديدها بالقتل أكثر من مرة خلال فترة زواجهما التي لم تدوم سوى 4 شهور فقط.

 

 ومن هنا بدأ العقد في فرط حباته ليحصل على ضحيته الثانية وهي تعمل كنادلة في مقهى تعرف عليها بعد تردده الدائم على المكان ليقوم باختطافها واغتصابها عام 1982 وتهديدها بالقتل حال اعترافها عليه ومع اطمئنانه بعدم كشف جرائمه وقع الاختيار على ضحيته الثالثة والتي اختطافها إلى منطقة ريفية في مقاطعة كلاي واغتصبتها ومنها ظل تعداد الضحايا في تزايد حتى أن وقع في فخ أعماله مع ضحيته الأخيرة والتي لم تهتم بتهديداته وقامت بتقديم بلاغ ضده ليتم القبض عليه وبعد تفتيش مقتنياته كشفت صور قد التقطها لضحاياه عن كافة جرائمه ليصدر ضده حكم بالسجن 225 عاما بتهمة الاغتصاب والاختطاف.

 

ليظهر سؤال حول علاقة ديفيد باختفاء باميلا وشيريل فقائمة ضحاياه لم تتضمن أسمائهما وحتى الصور التي كشفت جرائمه أعداد ضحاياه لم يكن هناك صورة واحدة تجمع أي واحدة معه ليظل اللغز هكذا حتى عام 2004 حينما أسس قسم التحقيقات الجنائية بالولاية وحدة القضايا الباردة في عام 2004 لتكون قضية باميلا وشيريل واحدة من أولى تحقيقاتها فلا جثة ظهرت ولا مكالمة وردت لتتحول معها القضية من مجرد هروب إلى قضية قتل جنائية بحسب موقع «argusleader».

 

 

ومع إعادة فتح القضية كانت كافة المؤشرات تميل إلى أن الفتاتين إحدى ضحايا المغتصب ديفيد ليكين، بداية من تاريخه الإجرامي المتعلق بقضايا اختطاف واغتصاب وتهديد مرورا بشهادة جارة باميلا التي ظلت في ذاكرة المحققين لأكثر من 33 سنة ومشاهدتها على خلافها مع شخص يدعى ديفيد، وأخيرا كان ما زاد الشك يقينا هو مقر سكن ديفيد في مزرعة عائلته بمقاطعة يونيون وتحديدا على بعد 5 أميال من برول كريك آخر موقع تم رصد الفتاتين فيه.

 

ولكن كل هذه الإشارات لم تكن كافية لتفتيش ممتلكات عائلة ليكين أو البحث داخل مزرعته لتلجأ الجهات المحققة إلى شقيقته الصغرى لاستجوابها والتي سهلت عليهم المهمة فغضبها من أخيها دفعها إلى الاعتراف عليه وعلى جرائمه لتبدأ حديثها مع الشرطة تخبرهم فيه عن عنفه وتهديده الدائم لها بالقتل مستخدما بنادق والدها وبالعودة ليوم الحادث أكدت شقيقته أنها كانت في سقيفة المزرعة عندما رأت أخيها مع باميلا وشيريل في نفس يوم اختفائهما في سيارة من نوع ستوديباكر، وهو ما يتوافق مع شهادة جارة باميلا.


 
كانت شيريل ملقاة على عجلة القيادة في تلك السيارة أما باميلا كانت تسند رأسها على نافذة الركاب ولا تستبعد كون ديفيد قادر على قتلهما والتخلص من الأدلة بمساعدة والديها اللذان دائما ما كانوا يقدمان له الدعم والحماية لتصدر وثيقة بتفتيش مزرعة ليكين في مقاطعة يونيون بناء على اعترافات شقيقته وبحثا عن الجثث والسيارة ولكن عادوا بـ«خفي حنين»، ولم يجدوا أي دليل إدانة جديدة يخص ديفيد واختفاء الفتاتين.

 

وهو ما دفع المحققون للحصول على مزيد من المعلومات من أخت ليكين للحصول على مذكرة تفتيش ثانية لهذا لجأوا إلى أسلوب التنويم المغناطيسي لكشف كافة تفاصيل الحادث بناء على نصيحة الطبيب النفسي الذي أكد ان ذكرياتها عن رؤية جاكسون وميلر في السيارة في مزرعة العائلة كانت حقيقية ولكن تذكر التفاصيل كان به الكثير من القلق بسبب الاستجواب المفصل وأن التنويم المغناطيسي قد يمنحها وسائل أكثر أمانا لتوفير تلك المعلومات.

 

وخلال الجلسة ادعت شقيقة ديفيد أنها كانت في السقيفة بالمزرعة في يوم اختفاء الفتاتين والتي تعرفهما من الكنيسة ورأتهما في السيارة ثم سمعت ما بدا وكأنه طلقة نارية وعندما واجهت شقيقها غضب وخنقها حتى فقدت الوعي وبعدها وجدت عربة يتم جرها باليد داخل المزرعة مغطاة بقماش وعندما سحبته رأت جثتي باميلا وشيريل ولكن اختفت الجثث بعدها بقليل.

 

وفي الاستجواب الثالث والأخير وصفت شقيقة ديفيد ما كانت باميلا وشيريل يرتديانه ذلك اليوم حيث ارتدت الأولى قميصا أحمر داكن اللون به خطوط أما قميص الأخرى فكان ذو ياقة بيضاء ليتطابق الوصف مع الأوصاف التي قدمتها عائلات الفتاتين في تقرير الأشخاص المفقودين من عام 1971 ليتم إصدار تصريح بتفتيش المزرعة مرة أخرى في نوفمبر 2004 ولكن أيضا لم يتم العثور على أي سيارة وفي 2006 تم التفتيش مرة أخرى ولم يتم العثور أيضا على أي دليل.

 

 يأتي ما كان يحلم به المحققون حيث ادعى سجين يدعى بلاك كرو يقيم مع ديفيد بنفس غرفة السجن أنه قد اعترف له في غرفة ديفيد ليكين أنه اعترف له من قبل بقتل الفتيات ليكون هذا الاكتشاف بمثابة حبل الإنقاذ لغلق القضية، وطلبت جهات التحقيق من بلاك كرو العودة إلى ديفيد وتسجيل المحادثة وقدم السجين تسجيلا صوتيا ادعى بأنه يخص ديفيد وصف فيه تفاصيل اليوم بإقناعه للفتيات بتوصيله إلى مزرعته ومن ثم اغتصاب باميلا ثم قيد شيريل لمدة 6 ساعات.

 

وبذلك تم غلق القضية وتحويلها إلى قضية قتل جنائية تضاف إلى سجل ديفيد ليكين الإجرامي وتوجيه الاتهامات بالقتل له عام 2007 ولكن كانت المفاجأة على يد محامي ديفيد الذي أعلن زيف التسجيل خاصة وأن صوت ديفيد مميز إلى حد كبير ولا يتشابه مع صوت المعترف في التسجيل كما أعلن أن جميع الأدلة لا تستحق اتهام ديفيد بتهمة القتل خاصة وأن كافة ادعاءات شقيقته كذب.

 

وبالفعل تم رفض اتهام ديفيد بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى بعد أن تم التأكد من أن بلاك كرو قد تآمر مع نزيل آخر لإنشاء التسجيل المزيفة في عام 2008 ولكن في 2013 وبعد أكثر من 40 عاما في البحث عن القضية وما بين هروب إلى قتل زمن اعترافات إلى تسجيلات مزورة كان الحل على يد الجفاف، بحسب موقع بي بي سي.

 

 

ففي 2013 عندما ضرب الجفاف الولاية انخفض منسوب المياه في برول كريك في ساوث داكوتا ليظهر جزء من القاع كاشفا عن عجلات لسيارة معلقة من أسفل جسر بالقرب من المنطقة وأبلغ أحد الصيادين الشرطة عن العثور على سيارة مقلوبة وحادثة غرق لتخرجها السلطات وبالكشف عنها تبين أنها من نوع "ستوديباكر لارك" موديل 1960 كسيارة الفتاتين وبداخلها بقايا هيكل عظمي في المقعد الأمامي.

 

وبناء على اختبارات الطب الشرعي لبقايا الهياكل العظمية وبمساعدة الوثائق والملابس والحمض النووي تم التعرف على رفات باميلا وشيريل ليتم إسقاط التهم عن ديفيد بعدما أشارت الأدلة إلى وقوع حادث طريق سريع وغرق السيارة وظلت عالقة لمدة 40 عاما في قاع القناة دون وجود اشتباه في وجود جريمة اتفاق القضية الجنائية نهائيًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة