جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

سؤال «خارج المقرر»!!

جلال عارف

الإثنين، 21 مارس 2022 - 05:37 م

حتى الآن.. كانت أوروبا من ناحية، وروسيا من ناحية أخرى حريصتين على عدم الوصول بالصدام بينهما إلى نقطة اللا عودة. ورغم تقديم المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، واجراءات المقاطعة الاقتصادية شديدة الوطأة على روسيا. فقد تجنبت دول أوروبا التدخل المباشر فى الحرب، ورفضت إقامة مظلة جوية فى سماء أوكرانيا، كما تمهلت فى فرض خطوات جديدة فى المقاطعة مضت إليها أمريكا كما فى حالة منع استيراد النفط والغاز من روسيا لأن ذلك لا يؤثر فى الاقتصاد الأمريكي، بينما أوروبا تعتمد على روسيا فى تأمين أكثر من ثلث احتياجاتها من الطاقة. وقد حرصت روسيا على استمرار الوفاء بالتزاماتها فى هذا الشأن والاحتفاظ بهذه الورقة الأساسية فى يدها.

الآن، ومع استمرار الحرب وتزايد الضغوط الأمريكية، يزداد التوجه نحو المزيد من العقوبات بما فى ذلك وقف استيراد النفط والغاز من روسيا، وهو ما زاد من اشتعال الأسعار فى بورصة البترول ترقبا لمثل هذه الخطوة التى ستمثل بالقطع ضربة للاقتصاد الروسى، لكنها أىضا ستكون لها آثارها الوخيمة على اقتصاد أوروبا، وعلى مجمل الاقتصاد العالمي.
روسيا من جانبها تواصل سعيها لتأمين أسواق جديدة منذ سنوات، وفى المقدمة الصين التى ارتبطت معها بعقود طويلة الأجل قبل أيام من بدء غزو أوكرانيا، لكن يبقى السوق الأوروبى هاما جدا للروس اقتصاديا وسياسيا.

وأوروبا التى تعانى الآن بالفعل من نقص  امدادات البترول والغاز وارتفاع أسعارهما ستواجه موقفا صعبا للغاية اذا تمت هذه الخطوة، فالبدائل- إن وجدت- تحتاج لتجهيزات واسعة وتكلف المزيد من ارتفاع الأسعار. والضغوط الأمريكية على الدول المنتجة لم تفلح فى اقناعها بزيادة الإنتاج.. والنتيجة أن أى خطوة لمقاطعة البترول والغاز الروسيين من جانب أوروبا ستدفع فيها الكثير من ارتفاع الأسعار وتراجع الإنتاج الصناعى فيها. بعكس أمريكا التى لا تحتاج لاستيراد الوقود، والتى يساعدها ارتفاع أسعاره على زيادة انتاجها المحلى من مصادر طاقة لم تكن تكلفتها اقتصادية قبل الارتفاع الكبير فى أسعار البترول والغاز.

فى هذه المعركة.. الصين ستقف مع روسيا، وأمريكا ستضغط على أوروبا بالتقاطع وستضغط أكثر على الدول المنتجة لتزيد الإنتاج. وأوروبا- إذا قاطعت- ستتحمل خسائر فادحة لكنها قادرة على احتمالها اذا قدرت أن ذلك سيحسم المعركة بسرعة. ويبقى السؤال الذى لا يفكر فيه تجار الحروب فى كل زمان ومكان: ماذا عن باقى دول العالم التى لم تسع للحرب ولا تريدها، ولكن يطلب منها أن تدفع معظم فواتيرها؟!
السؤال حاضر، والإجابة غائبة، لأنه «خارج المقرر»، فى صراع الكبار!!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة