آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

«زيطة».. صانع الإعلانات! (1)

آمال عثمان

الجمعة، 25 مارس 2022 - 06:33 م

أدرك تماماً أهمية الإعلانات التليفزيونية خلال شهر رمضان الكريم، باعتبارها مورد الدخل الأساسى للفضائيات، وأعلم أن الشاشات ترضخ بكامل إرادتها لسيطرة الآلة الإعلانية الجهنمية، وتُذعن لرؤيتها وقيمها وأفكارها وثقافتها، لكن ذلك لا يمنحها الحق فى عرض فيضان إعلانات التسول والاستجداء المقيتة، والمتاجرة بأمراض وعاهات وآلام البشر، تلك الثقافة التى تفشت فى المجتمع، وفرضت أجنداتها ومصالحها، وأفسحت الطريق أمام أصحاب الضمائر والنفوس الفاسدة للعبث تحت مظلتها!!

ولطالما انتقدنا تلك الظاهرة البغيضة، وحذرنا من التأثيرات السلبية لعرض تلك الصور على الشاشات دون أدنى اعتبار للكرامة الإنسانية، ولما ترسخه من صور مشوهة عن مصر والمصريين فى الخارج، ومع ذلك ظلت ظاهرة التسول بالإعلانات تزداد وتتمدّد عاماً بعد الآخر، وتُخرج لنا ألسنتها بكل شماتة وعناد وجلافة!! ومازال سماسرة الاتجار بأمراض الناس وأوجاعهم يتفننون فى ترويج بضاعتهم، لاستعطاف واستجداء أموال أهل الخير، وحثّهم على التبرع للمستشفيات والأيتام والغلابة والفقراء والمسجونات، وما فتئ سماسرة بورصة الفقر والعوز وشظف الحياة يتنافسون على استدرار وابتزاز مشاعر ذوى القلوب الرحيمة، ليحصلوا على النصيب الأكبر من كعكة التبرعات، مقابل منحهم صكوك الغفران، ومفاتيح أبواب الفردوس!!

لذا سعدت كثيراً بالمناشدة التى وجهها الكاتب كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للقنوات الفضائية، ومطالبته بتحالف وسائل الإعلام والرأى العام لوقف ظاهرة التسول بالإعلانات، والمتاجرة بالمرضى وعاهات البشر لجمع الأموال، فمهما كانت الغاية نبيلة وشريفة من ماراثون الاستجداء والاستعطاف والتسول غير الإنساني، فإنها لا يمكن أن تبرر بركان التسول المحموم الذى يقتحم بيوتنا، ويُداهم حياتنا ويُقوّض كرامتنا وقيمنا الإنسانية، من أجل الملايين التى تدخل جيوب المستشفيات والجمعيات والوكالات الإعلانية والمحطات التليفزيونية تحت مسمى عمل الخير، وبئس تلك الأموال المكدرة بالشِحاذَة والمهانة!!

ويحضرنى هنا المقال الشهير «زيطة صانع العاهات» للكاتب المبدع وحيد حامد، الذى حذر مراراً وتكراراً من ظاهرة التسول التى احترفها نوع من البشر، وجعلوا منها مهنة لهم، وأنذر من انتشار وتأصيل ثقافة التسول فى المجتمع، وتشجيع الكسل والبلادة، وعدم الرغبة فى العمل والإنتاج، وما ينتج عنها من غياب الأيدى العاملة فى الحقول والمصانع والورش، وتقويض ثقافة العمل التى تمنح الإنسان حياة كريمة، وعزة نفس وإن انخفض دخلها.
.. وللحديث بقية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة