ســـــــــــينما ريفــــــــــولى عــام  ١٩٤٨
ســـــــــــينما ريفــــــــــولى عــام ١٩٤٨


بعد أن كان المجال حكرًا على الأجانب

المصريون يقتحمون بيزنس دور السينما

آخر ساعة

السبت، 26 مارس 2022 - 11:35 ص

أحمد الجمَّال

كانت السينما ولا تزال صناعة مهمة من أجل الترفيه والتسلية وكذلك هى أداة لا غنى عنها لتوثيق مراحل مهمة من تاريخ أى مجتمع، وفى مصر ظهرت السينما مبكرًا مع بدايات انطلاقتها عالميًا، قبل نحو مائة عام، لكن دور العرض السينمائية فى بلادنا كانت مملوكة لأجانب إلى أن بدأت تظهر تجارب واعدة لاقتحام البيزنس هذا المجال من جانب شباب مصريين أقاموا دور عرض فخمة.. تفاصيل الحكاية استعرضتها «آخرساعة» قبل حوالى 74 عامًا فى هذا التقرير الذى نعيد نشره بتصرف فى السطور التالية:-

إذا رجعنا عشرة أعوام إلى الوراء لنبحث عن حالة دور السينما فى القاهرة، فإننا نجد أن دور العرض الأولى كانت فى أيدى الأجانب دون سواهم، وكذلك الحال مع دور الدرجة الثانية.. ولم يكن للمصريين شأن يُذكر فى هذا الميدان الذين كانوا بعيدين عنه، كما كان حالهم فى بقية ميادين الاقتصاد والأعمال.

 

وفجأة سمع الناس باسمى (مصطفى ومحمد جعفر)، وهما شابان مصريان نزلا إلى هذا الميدان فافتتحا دارًا هى «سينما أوبرا»، التى كانت أصغر بكثير مما هى الآن، ولكنها كانت على أية حال الخطوة الأولى لشابين اقتحما ميدانًا أجنبيًا بحتًا، وهما أعزلان إلا من مال لا يعد كثيرًا إذا قيس بما يمتلكه سواهما من الناس، ومن عزيمة جبارة يتحطم أمامها الفولاذ، ويضاف لهذه العزيمة نفسان كريمتان وخلق دمث وديع.. وهكذا ظل مصطفى ومحمد جعفر يعملان لتحقيق أهدافهما التى ترمى إلى رفع مستوى دور السينما فى مصر وتمصيرها تمصيرًا فعليًا، وبذلك تقدمت سينما أوبرا فأصبحت أكبر دور القاهرة وأفخمها ووجدت بجانبها سينما حديقة الأزبكية التى تعتبر رئة القاهرة بين دور السينما المفتوحة، وكذلك سينما كايرو التى كانت ملكهما حتى العام الماضى (1947).

 

ولم يُضِع الأخوان جعفر دقيقة واحدة من وقتهما دون السعى المتواصل، فلم يباليا بمحاربة دور السينما الأجنبية التى خشيت من وجودهما، ولا بشركات الأفلام التى طالما ضايقتهما محاباةً للأجانب، إنهما لم يقيما وزنًا لكل هذه الصغائر وسارت سفينتهما تحرسها عناية الله حتى أخذا فى تأسيس سينما ريفولى بالاشتراك مع السينمائى العالمى آرثر رانك الذى يملك أكثر من 800 سينما فى مختلف أنحاء العالم.

 

إن الإقدام على تأسيس دار كهذه يعتبر عملًا جريئًا جبارًا، فهى تحتاج لجهود كثيرة ومال كثير، وقد استطاع الشابان المثابران أن يدبرا كل ذلك، فإذا بسينما ريفولى حقيقة واقعة، وها هى تفتح أبوابها.. إنها أفخم دور السينما فى الشرق وثانى دور السينما فى العالم فلا توجد مثيلة لها إلا فى نيويورك.

وليست سينما ريفولى أقل من مدينة كاملة يستطيع كل فرد أن يقضى بها وقتًا سعيدًا متواصلًا، فهناك بالإضافة إلى قاعة السينما الفخمة التى تعرض أقوى الأفلام وأروعهــــا توجــــد صـــالة الشــــــاى الفاخــرة، وإذا صعــــدت إلـــــى الدور العلــــوى بالمؤسســــة الضخمــــة تجــــد مطعم ومرقص ريفولى، إنه آية من آيات الفن الرفيع، ولقد تعودنا أن نجد المطاعم والمراقص الممتازة فى الضواحى ولكن إدارة سينما ريفولى قرّبت لنا وسائل التسلية مع العناية الفائقة، لأن هذا المطعم الذى تُعزف به الموسيقى يعد أجمل المطاعم التى تتوفر بها الأطعمة الشهية والموسيقى البديعة والمشروبات النقية.

 

وقد جاء أخيرًا الوقت الذى تبدو فيه قيمة الشائعات السخيفة التى كانت تُقال عن سينما ريفولى، وهى شائعات كان يهتم بنشرها الحاسدون والحاقدون والكارهون لكل عمل يقوم به الشباب المصرى فى ميادين الأعمال، فها هى سينما ريفولى أول دار للسينما فى مصر تقيم حفلة خاصة يتفضل جلالة الملك بجعلها تحت رعايته السامية، ويخصص إيرادها للترفيه عن الجيش المصرى المحارب فى فلسطين.. هنا محك الرجولة والوطنية الحقة.. وفى ذلك خير رد على أعداء كل عمل مصرى، وليس أدل على تقدير الجمهور لذلك من أن إيراد الحفلة بلغ فى يوم واحد حوالى 6 آلاف جنيه.

وهناك أكثر من دليل ناطق على وطنية الدار وصاحبيها، ولكننا نشير إلى دليل واحد فقط، وهو إشراك وطنى من الطراز الأول هو الأستاذ عبدالله محمود فى إدارة هذه المؤسسة الضخمة، وهو يبذل كل وقته وجهوده لإدارة أعمالها.


وأخيرا وليس آخرا، فإننا نذكر مع الفخر أن الأخوين جعفر، أعدا عدتهما لافتتاح دارهما الجديدة (سينما كابيتول) بشارع عمادالدين، وقريبا سنرى هذه الدار تلمع فى مقدمة دور السينما بالقاهرة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة