المجنى عليه
المجنى عليه


ذهب لتقديم واجب العزاء فعاد جثة هامدة

أخبار الحوادث

الأحد، 27 مارس 2022 - 02:51 م

إيمان البلطي

بمجرد ما أن دخل محمد حمدي المصنع صباحًا ليباشر عمله، قرأ ورقة على حائط المصنع مكتوب فيها أن شقيقة المدير توفيت، حينها دخل على زملائه وقال لهم إن عليهم الذهاب لتقديم واجب العزاء، وبالفعل اتفقوا فيما بينهم على الذهاب جماعة إلى القرية التي يقطن فيها مديرهم، وبعد انتهاء العمل ذهب سبعة منهم بسيارة «سوزوكي» إلى حيث يقام السرادق، لكن في طريقهم كانت المخاطر حاضرة، والنيران من كل حدب وصوب، تفاصيل هذا الحادث البشع الذي تعرض له صاحب الـ ٢٩ عامًا وأدى إلى مقتله في السطور التالية.

يعرف بين زملائه بدماثة خلقه، ولين قلبه، وأنه من القلائل الذين لا يتركون واجبًا إلا وقاموا به على أكمل وجه، لذلك منذ أن دخل المصنع واستلم فيه عمله، قبل حوالي ٣ سنوات، لم يدخل في مشكلة، ولم يتطاول على أحد، وظل طوال هذه السنوات الموظف المثالي الذي لا يختلف عليه اثنان، تفانيًا وإخلاصًا، وفوق كل هذا، أخلاقًا وتواضعًا.
عندما دخل على زملائه وأبلغهم بخبر وفاة شقيقة المدير، حثهم على الذهاب سويًا لتقديم واجب العزاء، وأنهم لا يجدر بهم التخلف عن مؤازرة مديرهم في مصابه، لذلك قال لهم؛ إنه سيتفق مع سيارة سوزوكي تأخذهم من المصنع عقب انتهاء العمل ويذهبون بها إلى حيث يقيم مديرهم لتقديم واجب العزاء، وبالفعل اتفق مع قائد السيارة، وفي الموعد المحدد جاءت السيارة وانتظرتهم أمام المصنع، وفي اقل من دقائق كانوا قد استقلوا السيارة وذهبوا بها إلى حيث يريدون.

طريق واعر

كان مسكن المدير في قرية تدعى الرمالي، تابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، ولأن السبعة الذين ركبوا السيارة لم يكن احد منهم يعرف طريق القرية وكيف يذهبون إليها، فتح «محمد حمدي» تطبيق الخرائط للذهاب إلى القرية، وساروا جميعا في الطريق الذي ظهر لهم، حينها بدأ الطريق غريبا، لم يعتادوا عليه من قبل، ليس لأنهم لا يعرفونه، بل لأن الطريق نفسه قلما تسير عليه السيارات، لأنه  طريق زراعي، وضيق جدًا.


حاولوا أن يسألوا أحدًا لكنهم لم يروا أمامهم أى شخص، وعليه ساروا في الطريق حتى رأوا كشك صغير يقف فيه شاب، نزل أحدهم وقال إنه سيشتري علبة سجائر ويسأل صاحب الكشك عن قرية الرمالي، وبالفعل وقفت السيارة أمام الكشك، وقبل أن يدخل على الكشك سمع من فيه يحدث شخصًا آخر على الهاتف قائلا: «يا محمد يا عبد العال، شكل الحكومة داخلة عليكم، عاملين كمين، خدوا بالكم بسرعة»، ولأن الكلام لا يعنيه، لم يهتم به، بل طلب علبة السجائر وسأل على الطريق وعاد مرة أخرى إلى السيارة وأبلغهم بما قاله صاحب الكشك وكيف وصف لهم الطريق.

نيران

بعد أن تحركت السيارة، وسلكت الطريق الذي وصفه صاحب الكشك، بدأ الطريق وعرًا أكثر، وكلما سارت أكثر بات الطريق أكثر خطورة، وهم بداخل السيارة يتساءلون، هل ضلهم صاحب الكشك أم أنه هذا الطريق هو الطريق الصحيح، وقبل أن يكتشفوا ذلك، وقبل حتى أن يأمنوا الطريق وعواقبه، إذ خرجت سيارة من أحد الأماكن وسارت خلفهم، وقتها اطمئنوا، وقالوا أن هناك سيارة تسير خلفنا إذن هذا الطريق ليس مهجورًا، لكن قبل أن يدخل الاطمئنان إلى قلوبهم أصابهم الفزع دفعة واحدة.


السيارة التي كانت تسير خلفهم، والتي اطمئنوا لوجودها، والتي خرجت من مكان ما على جانب الطريق. بداخلها رجلين ملثمين، وفي أيديهما اسلحة نارية وذخائر، وفي الوقت الذي كان السبعة داخل سيارتهم الأولى ينظرون خلفهم لرؤيتها، كان الاثنان في السيارة الأخرى يعدان أسلحتهما، ويجهزانها، لنية سوء في قلبهما، ولعاقبة أشد سوءًا تنتظرهما.
في غمضة عين فتح الرجلان وابلا من الرصاص في السيارة الخلفية النار بشكل عشوائي على السبعة داخل سيارتهم، كانت طلقات الرصاص تنزل عليهم كالمطر، والفزع والخوف والرعب داخلهم منذ الطلقة الأولى التي أطلقت.

 

حتى أن قائد السيارة حاول بكل الطرق تفادي إطلاق الرصاص عن طريق سير السيارة يمينًا ويسارًا لكن أغلب الطلقات كانت تصيب السيارة، والطلقات التى لم تفلح إصابة من بداخلها أصابت إطارتها. حتى أصيب السائق بطلقة نارية، ولم يستطع بعدها السير بها مرة أخرى. ولم تكن تلك الطلقة الوحيدة التي استقرت داخل جسد أحدهم، بل أن طلقة أخرى قد استقرت في ظهر «محمد حمدي» وتحديدًا في عموده الفقرى، وبقية الطلقات دخلت السيارة وأصابت من أصابت بجروح بسيطة. ووقفت السيارة على جانب الطريق والدماء قد سالت من ضحايا لم يرتكبوا أى ذنب غير أنهم خرجوا لتقديم واجب العزاء لمديرهم.

مخدرات

 أحد الناجين من لحظات الرعب هذه، يدعى «خالد» قال في حديثه لـ «أخبار الحوادث» شارحًا تفاصيل الحادث بأسى: «بعد توقف النيران، نزلنا مسرعين لننقذ المصابين، واحد فينا حمل محمد حمدى وكان بيجرى على أي مستشفى، لأن الوقت كان ليلا، كلمنا المدير بالشغل ليساعدنا لينقذه، وشرحنا له ما حدث، وعندما طلع زميلي سامح الذى كان يحمل «محمد» على ذراعيه، فشاهد في الموقف صاحب سيارة  28، فوقف بالسيارة وأخذهم إلى مستشفى قويسنا، وقبل المستشفى بمسافة ١٠٠ متر نزلهم خوفا من التحقيقات، ودخلنا المستشفى وكان وقتها المدير في العمل وصاحب العزاء قد وصل عند المصابين، وكان فى واحد مش عايز يمشيهم من عنده حوالى ساعتين ونص، لحد ما تيجي الشرطة،  خصوصا بعد ما عرفنا أن محمد حمدى توفاه الله».

 

وأضاف: «اكتشفنا خلال تحقيقات النيابة أن هذا المكان الذى سلكناه بالخطأ هو وكر لأصحاب الكيف والمخدرات، وأدركنا أن تجار المخدرات ظنوا أننا شرطة، وأننا في حملة كي نقبض عليهم، فأطلقوا علينا النار»، مضيفًا «عندما سألنا وكيل النيابة عن سبب ذهابنا للمكان هذا، أجبناه بأننا كنا رايحين نقدم واجب عزاء، إحنا مش من هنا أصلا، إحنا من شبرا الخيمه ومكناش نعرف المكان. وقبل ضرب النار بدقائق زميل لنا نزل يشتري علبة سجائر، سمع شخص بيكلم حد وبيقوله: «يا محمد يا عبدالعال الحكومة نازلة عندكم وعاملة كمين، اتصرف» ولما قلنا كده لرئيس المباحث، كانت هي دي الخطوة الأولى وطرف الخيط لمعرفتهم، وفعلا تم القبض عليهم واعترفوا بالجريمة وتم إحالة المحضر للنيابة العامة، والتي أمرت بتشريح جثمان محمد بعدها تم استخراج تصريح الدفن. 

واختتم باكيًا: «بأي ذنب قتل محمد عايزين نعرف، واحد راح يقدم عزاء بالأمس فى المنوفية يرجع الصبح لأهله بشبرا الخيمة قتيل. إحنا مش طالبين غير القصاص العادل الذى يشفي قلوبنا وقلوب أهله، دا كان السند والعكاز لأبيه المسن. وهو لسه شاب صغير في ريعان شبابه». 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة