د. هشام حسن خلال حواره مع «الأخبار»
د. هشام حسن خلال حواره مع «الأخبار»


خبير الكبد العالمي: 20% من ضحايا كورونا يعانون ارتفاع الإنزيمات واضطراب وظائفه |حوار

غادة زين العابدين

السبت، 02 أبريل 2022 - 04:24 م

- الفاكهة والخضر تحمى من التهاباته والقهوة تمنع تليفه

رغم نجاح مصر فى القضاء على فيروس سى، فإن مخاطر الكبد لاتزال قائمة، فهناك مرض الكبد الدهنى الذى ينتشر بصورة كبيرة ويهدد بتدمير خلايا الكبد، وهناك أيضا فيروس كوفيد 19 الذى أكدت الدراسات أن الكبد من أبرز ضحاياه بعد أن أكد واقع الإصابات وكل الدراسات وجود علاقة كبيرة بين الكبد وكورونا.


 د. هشام حسن، هو واحد من كبار خبراء أمراض الكبد وكبد الأطفال فى الولايات المتحدة الأمريكية، وصاحب العديد من الأبحاث العالمية والاكتشافات الطبية فى مجال الكبد، والكبد الدهنى، ورغم طول سنوات الهجرة التى امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، لم ينقطع «الحبل السرى» الذى يربطه ببلده وزملائه، ولم تنقطع أبدا روابط التعاون بينه وبين العديد من الجامعات والمستشفيات فى مصر، وفى هذا الحوار يحدثنا د.هشام حسن عن معالم رحلته الطويلة بنجاحها وإخفاقاتها، ويحدثنا أيضا عن كل ما يخص أمراض الكبد والجديد فى العلاج، ولا يمكن أن يخلو الحوار من القاسم المشترك اللدود الذى يفرض نفسه علينا وهو فيروس كورونا وعلاقته بالكبد.   

- فى البداية أسأل د.هشام سؤالا تكشف إجابته الكثير من ملامح شخصيته:
رغم أنك طبيب كبد وإنجازاتك كبيرة فى هذا المجال عامة، فإنك اخترت التخصص فى كبد الأطفال وهو تخصص دقيق ليس شائعا عندنا، فما سبب هذا الاختيار؟
- العديد من الزملاء والأصدقاء فى مصر سألونى هذا السؤال حين تخصصت فى طب الأطفال، وأبدوا دهشتهم لأن العمل مع الأطفال مزعج على حد تعبيرهم لصعوبة السيطرة على الطفل، ولكنى شخصيا أحب الأطفال ببراءتهم وتلقائيتهم.

وأرى أن التعامل مع الطفل فى المراحل الأولى من حياته يترك فى نفسه تأثيرا يصعب محوه بالسنين، والأطفال أصحاب الأمراض المزمنة يستغرق علاجهم فترة طويلة، ويحتاجون المساندة والدعم الصحى والنفسى من الطبيب، هم وأسرهم أيضا، لذلك أظل أتواصل معهم ومع أهلهم فترة طويلة لمتابعتهم حتى الشفاء.


الطبيب كالمعلم
- وبكلمات هادئة تعكس حكمة الطبيب، يقول: طبيب الأطفال فى رأيى كالمعلم، يمكن أن يترك لدى الطفل انطباعات كثيرة تساهم فى تشكيل وجدانه، والدليل أن تعلقنا بمعلمينا فى المدرسة الابتدائية أقوى كثيرا من تأثرنا بالأساتذة فى المراحل الأكبر، ومهما كبرنا، نظل نتذكر أستاذا أو أكثر من أساتذة المدرسة الابتدائية كان له فضل علينا، وكنا نسعد بسماع كلمات التقدير منه، ونتأثر كثيرا لغضبه منا.


- وقد كنت ومازلت حريصا أن يكون تأثيرى إيجابيا فى أطفالى المرضى، وقدوتى فى ذلك أستاذتى الفاضلة «أبلة مريم»، معلمتى فى مدرسة العجوزة الخاصة والتى ظللت عشرات السنين على اتصال بها، ولا يمكن أن أنسى كيف تألمت لغضبها منى حينما خرج ترتيبى عن العشرة الأوائل على المدرسة،لأن هذا الترتيب لا يتفق مع امكانياتى.

وكيف صممت على التفوق لإرضائها، وأذكر أننا فى امتحان الشهادة الابتدائية فوجئنا «بأبلة مريم» تنتظر مع الأمهات خلف أسوار مدرسة الدقى، رغم حرارة الجو حتى تطمئن على أدائنا بعد خروجنا من الامتحان.


وأنا شخصيا أكثر شىء يسعدنى حتى الآن، حينما تمر السنوات وأتلقى رسائل من مرضاى الذين كانوا أطفالا، يشكروننى ويذكروننى بأنفسهم وبما وصلوا إليه فى حياتهم.


السمنة ومخاطرها
ماذا يشغل العلماء حاليًا فى مجال الكبد وأمراضه؟
- الأبحاث لا تنقطع فى مجال أمراض الكبد، ورغم انفاق بلايين الدولارات فى المعامل والمراكز البحثية، فإن العثور على علاج العديد من أمراض الكبد لايزال يواجه العديد من العثرات، ويعتبر مرض الكبد الدهنى من أخطر الأوبئة التى تهدد صحة الإنسان، فارتفاع نسبة السمنة فى العالم كله وما يصاحبها من أمراض ارتفاع الضغط والكوليسترول وهو ما يعرف بمتلازمة التمثيل الغذائى يمثل تهديدا لصحة البشر ويلقى أعباء شديدة على الاقتصاد العالمى. فالسمنة بالفعل أخطر أعداء الإنسان، والكبد الدهنى أصبح السبب الرئيسى حاليا لزراعة الكبد بعد أن تمكننا من محاصرة فيروس سى.


علاج حديث
وهل هناك عقاقير جديدة تبشر بمحاصرة الكبد الدهنى مثلما حدث مع فيروس سى؟
- هناك العديد من المراكز البحثية التى تقترب من العثور على علاج للكبد الدهنى، ويعتبر عقارOTC (Obetecholic acid)، وهو من الأحماض الأمينية المصنعة هو الأقرب إلى الموافقة من جانب هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، بعد أن ثبت أن هذا العقار يحد من التهابات الكبد و من تطور المرض إلى مراحل التليف ثم التحجر.


كورونا والكبد
وأسأل د.هشام حسن عن فيروس كوفيد-19 أو كورونا الذى لايزال يشغل العالم ، من واقع تخصصه كطبيب عالمى فى أمراض الكبد؟
- يجيب بسرعة: طبعا العلاقة ثابتة بين الكبد وكوفيد 19، وإذا تحدثنا من واقع الدراسات، فإن فيروس كورونا يتسبب فى حدوث اضطرابات فى وظائف الكبد حیث أظهرت بعض الدراسات وجود ارتفاع فى انزیم جى جى تى فى 20% من مرضى كوفيد، وأكدت بعض الدراسات أن التأثير على الكبد فى حالات كورونا المتأخرة يمكن أن يصل إلى 90%.

حيث تتعرض خلايا الكبد للتكسير بنسب تتراوح بين5% إلى 24%، وهذا التأثير له عدة أسباب، فإما أن الفيروس نفسه يؤثر على خلايا الكبد، أو أن المواد التى يفرزها الجسم فى مواجهة الفيروس تؤثر عليه، أو أن هناك حالة مرضية مبدأية موجودة لدى المريض من الأساس وساءت مع إصابته بالفيروس، أو أن الأدوية والمضادات الحيوية التى تستخدم فى علاج كورونا يمكن أن تسبب متاعب للكبد، أو الحالة العامة من نقص الأكسجين والعدوى وقلة التغذية يمكن أيضا أن تكون سبب هذا التأثير.


مضاعفات خطيرة
- ويضيف قائلا: الجديد هو علاقة الكبد الدهنى بكوفيد 19، فيمكن أن يؤثر كوفيد 19 على وظائف الكبد الطبيعية، ويكون الخطر أعلى لدى المرضى الذين يعانون بالفعل من أمراض الكبد، بما فى ذلك الكبد الدهنى. والمعروف أن الكبد الدهنى مرتبط بمتلازمة التمثيل الغذائى التى تجمع بين مرض الكبد الدهنى والإصابة بالضغط والسكر، لكن ثبت أخيرا أن مريض الكبد الدهنى حتى لو لم تكن لديه هذه المتلازمة ولم يكن مصابا بالضغط أوالسكر فهو معرض للمضاعفات الخطيرة للكوفيد.

وللأسف فمرض الكبد الدهنى المرتبط بالسمنة منتشر الآن بقوة، ومنتشر جدا فى مصر، مما يجعل مرضاه أكثرعرضة لمضاعفات كوفيد أوأكثر عرضة لدخول المستشفيات، مثلهم مثل مرضى ضعف المناعة وكبار السن والضغط والسكر، فكلها أمراض مصحوبة بأعراض أشد لو أصيب أصحابها بفيروس كورونا.


خطوة مبشرة
وماذا عن الجديد الآن فى نتائج «الحرب العالمية» التى يشنها العلماء ضد كورونا؟
- فى خطوة مبشرة تعد طفرة فى مكافحة الوباء، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تصريحا طارئا لأول عقار مضاد للفيروسات، يؤخذ عن طريق الفم والمصمم خصيصا لعلاج كوفيد 19.

وقد أقرت الولايات المتحدة الأمريكية استخدام الدواء الجديد فى حالات المرضى المعرضين للخطر، حيث تؤكد الدراسات أنه يقلل من احتمالات الوفاة بسبب الفيروس كما يقلل من احتمالات تدهور الحالة ودخول المستشفى بنسبة تقترب من 90%.

والدواء يصلح للبالغين وللأطفال بدءا من سن١٢ عاما. وهذا العلاج يعد طفرة مبشرة جدا لعدة أسباب، أهمها، أنه علاج سهل لأنه أقراص تؤخذ بالفم. كما أنه يؤخذ لأيام معدودة، حيث يتم تناول الدواء بمجرد التأكد من الإصابة بكوفيد١٩، ولمدة ٥ أيام، كما أنه ليست له أعراض جانبية. ويضيف قائلا: إن العلاج أيضا يعمل على الإنزيم الذى يؤدى لتكاثر الفيروس.

مما يساعد على عدم تكاثر الفيروس ويقلل فرص تدهور الحالة بنسبة 90%. أيضا فإن الجزء فى الفيروس الذى يعمل عليه العلاج لا يتحور مثل باقى الفيروس لذلك يصلح لعلاج التحورات الجديدة.


العدالة العالمية
ماذا عن الرؤية العالمية تجاه مكافحة كورونا، وهل هناك عدالة عالمية فى هذا المجال؟
- رؤية منظمة الصحة العالمية حاليا هى تحقيق هذه العدالة، فهى مثلا لا تعطى الأولوية حاليا لإعطاء جرعة ثالثة لزيادة مناعة الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح بالفعل، لكن الأولوية عندها حاليا هى منع الفيروس فى البلاد التى لم تحصل على الفاكسين اساسا، لأن الفيروس يمكن أن يتحور فى أى دولة ثم يعود إلينا بصورة أشرس، لأن العالم كله قرية صغيرة ولذلك فإن رؤية منظمة الصحة العالمية حاليا، هى ضرورة تحقيق العدالة فى توزيع اللقاحات، حيث أصبح لدى بعض الدول احتياطات كبيرة من اللقاحات، ما أثر على مبدأ العدالة فى التوزيع، ووجود ظروف مثالية لتحور الفيروس ونشأة سلالات جديدة فى الدول التى لم يحظ أهلها بالتطعيمات، وبالتالى إمكانية انتقال هذه السلالات لدول أخرى ولن يكون بإمكاننا وقتها التنبؤ بهذه التحورات وخطورتها.


أنا متفائل
ما توقعاتك المستقبلية فى حرب العلم مع هذا الفيروس؟
- أنا متفائل جدا بأن العلم سينتصر، لأن العلاجات الجديدة مبشرة، ومع الوقت سيقضى الفيروس على نفسه وإلا كانت البشرية انتهت من آلاف السنين، لأن الفيروسات التى سمعنا وقرأنا عنها تظل تتحور وتتسبب فى وفيات ضخمة، حتى تصل لنوع ضعيف وتصبع غير معدية.

ونحن حاليا فى وضع أفضل من العام الماضى، فالعام الماضى كان لدينا فيروس شرس، هذا العام الفيروس معتدل جدا بالنسبة للعام الماضى، وهذا العام لدينا فاكسين وعلاج، والعام الماضى لم يكن لدينا فاكسين ولا علاج.


احمِ كبدك
بعيدا عن كورونا، هل يمكن توجيه روشتة سريعة لحماية الكبد؟
- إلى أن نحصل على العلاج الفعال والآمن والاقتصاى، فالعلاج المتوافر الآن هو ضرورة تغيير نمط الحياة بممارسة الرياضة والحرص على الغذاء الصحى المتوازن، وهذا التغيير ليس للوقاية والحماية فقط بل هو علاج أيضا فهناك علاقة وثيقة بين الغذاء الصحى ومنع وعلاج العديد من الأمراض ومنها أمراض الكبد، فإلى جانب ممارسة الرياضة، من المهم جدا أن يتناول الإنسان غذاء متوازنا يحتوى على كل العناصر الغذائية كالبروتينات والدهون والكربوهيدرات بجانب الفيتامينات والمعادن، كذلك يجب تناول الفواكه والخضراوات بشكل يومى لاحتوائها على مواد مضادة للتأكسد، والتى تحد من التهابات الكبد وبالذات الكبد الدهنى، كما يجب على مريض الكبد التقليل من الدهون والأملاح والسكريات.


أيضا تناول 2 لتر من الماء يوميا مهم جدا لصحة الكبد والأعضاء الأخرى كالكلى مثلا. كذلك ينبغى لمريض الكبد اجتناب المواد الكحولية والتى تؤدى إلى تسارع عملية التليف والتحجر.


القهوة والكبد
- وقد لا يعرف الكثيرون أن القهوة لها العديد من الفوائد الطبية للعديد من الأمراض كأمراض القلب والرئة والكبد وجلطات المخ ومرض باركينسون، وبالنسبة لتخصصى فى أمراض الكبد فإن تناول القهوة يفيد مرضى الكبد وخاصة الكبد الدهنى، فمادة الكافيين مفيدة لمنع تليف الكبد حيث يتحد الكافيين مع مادة أدينوسين للحد من تطور المرض إلى مراحل التحجر والفشل الكبدى، والمشكلة فى بلادنا أن تناول القهوة يصاحبه التدخين عند كثير من الناس، وبالطبع فإن التدخين مخاطره أكبر على كل أعضاء الجسم.


وجوه أخرى
أعلم أن لديك وجوها أخرى بعيدة عن الطب حدثنى عنها؟
- وكأننى لمست وترا محببا، فاتسعت ابتسامته قائلا: نعم لدىّ وجوه عديدة، فمع عشقى للطب، لدى هوايات أخرى عديدة بعيدة عن الطب، أهمها مثلا جمع تراث الفن المصرى القديم، فأنا أعشق الأفلام القديمة ونجوم الزمن الجميل.

وأحتفظ بجميع الأفلام والمسلسلات والمسرحيات النادرة التى أوشكت على الاندثار. وصدر لى منذ شهور كتاب «ذكريات من تاريخ وطن» ، يحكى العديد من الذكريات الفنية التى جمعتها على مدار السنين.

- كما أهوى الموسيقى وأعزف العود والبيانو، وقد كان أبى يهوى الشراء من المزادات، وقد ورثت عنه حب القديم، واشتريت آلتى عود وآلة مندولين قديمة، من شارع محمد على أعتز بها جدا، وحينما سافرت اشتريت بيانو.

وحصلت على دروس مكثفة فى العزف و فى كتابى الجديد كشفت عن الوجه الآخر الذى لا يعرفه الكثيرون عن فنانينا الرواد العظام.

 


وأنا أقسم وقتى بين عملى وهواياتى، وأهم شىء الحفاظ على الوقت، فأنا أستيقظ الخامسة فجرا، وأصلى الفجر فى الجامع، ثم أعود للقراءة وإعداد محاضراتى، فهذه الفترة المبكرة بها «بركة» فى الوقت والاستيعاب، وبعدها أذهب لعملى فى الجامعة أو كاستشارى فى مستشفيات مختلفة، أو كشاهد خبير فى القضايا المتهم بها أطباء، ثم أعود لمنزلى فى الخامسة للراحة.


أبحاث ودراسات
ما أهم إنجازاتك العلمية على مدى سنوات العمر؟
- يبتسم قائلا: قد ترينها إنجازات، لكنى أعتبرها نتاج العمل والعمر، فإلى جانب التدريس والعلاج، كان لى أبحاث عديدة فى مجال الكبد الدهنى، ومنها أبحاث عن اكتشافى لمرض جديد وهو مرض الكبد الدهنى لدى الأشخاص أصحاب الوزن الطبيعى الذين لا يعانون من السمنة، كما أواصل التعاون مع مصر فى المجال البحثى أو التعليمى أو العلاجى، مع مستشفيات أبو الريش وجامعات عين شمس والمنصورة ومعهد الكبد وغيرها، مع تنسيق أبحاث مشتركة بين الجانبين المصرى والأمريكى، وفى التسعينيات قمت بمشروعات بحثية بالتعاون مع وزارة الصحة، فى أبحاث عديدة عن أمراض الكبد.


«الأخبار» ومستشفى 57357
بعد هذه الإنجازات على المستوى العالمى، ما أهم أسباب النجاح من واقع تجربتك؟
- يقول بسرعة: قبل أن أجيبك، أؤكد أولا أننى كنت محظوظا لأنى سافرت من خلال بعثة تفوق، والسفر من خلال هذه البعثات يتيح للطالب العمل مع أفضل الأطباء فى العالم، ومن خلال تجربتى مع كل هؤلاء اكتشفت أن سر النجاح ليس الذكاء وحده، بل الحماس والإصرار والقدرة على الحلم، والعمل المستمر لتحقيقه، مع التفاؤل والاتجاه الإيجابى.

وبدون كل ذلك لا يمكن تحقيق أى نجاح، وبالمناسبة فإن مؤسسة أخبار اليوم التى تعملين بها تأسست ونجحت بهذه الروح، روح الحماس والإصرار والحلم التى كانت لدى مؤسسيها مصطفى وعلى أمين، كما أننى شهدت نموذجا آخر للنجاح خلال زيارتى الأخيرة لمصر، هو مستشفى 57357 فقد رأيت أن الأمور فى هذا المستشفى تدار بالحماس والتفاؤل والروح الإيجابية، لديهم أحلام دائمة وكثيرة، لكنهم لا يكتفون بالأحلام بل يعملون بإصرار على تحقيقها، بروح إيجابية وتفاؤل مهما كانت الظروف.


الطبيب الناجح
وماذا عن نجاح الطبيب بصفة خاصة؟
- سؤال فى محله تماما، فمقومات نجاح الطبيب قد تختلف عن غيره، فالمهارة وحدها لا تكفى أبدا، لأن إنسانية الطبيب لا تقل أبدا عن مهاراته، بل هى التى تميز طبيبا عن آخر، فأهم شىء فى العلاقة بين المريض والطبيب هو الجانب الإنسانى، وخلال حياتى المهنية فى امريكا والتى امتدت لأكثر من ٣٣ عاما، كان بعض المرضى يفاجئوننى بتقديم ورود أو كروت شكر أو غيرها من اللمسات الرقيقة، وكانت كلماتهم لا تحمل شكرا على مهارتى كطبيب، بل على الإنسانية والاهتمام.


محطة الإخفاقات
مهما حققنا من نجاحات، فلكل منا إخفاقاته، ماذا عن محطات الإخفاق فى حياة دكتور هشام حسن؟
- حياة الإنسان سلسلة من النجاحات والإخفاقات، ولعل أبرز إخفاقاتى كانت فشلى فى القيام بدور فى تجميع الجامعات المصرية والمراكز البحثية للعمل بشكل جماعى، فالثقافة المصرية وأسلوب التربية لا يركز على العمل الجماعى ولكن يهتم بالأسلوب الفردى، والحقيقة أننا فى الحياة لا نعيش وحدنا، ولكل منا إمكانيات وقدرات ونحاول قدر جهدنا أن نتكامل مع الآخرين، ونحن فى مصر لدينا أعظم الأطباء من حيث الكفاءة.

 

ولدينا أعداد كبيرة من مرضى الأمراض النادرة مثل الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب المنتشر لدينا، بينما أعظم مراكز طب الأطفال فى العالم لا يوجد لديها هذا الكم من هذه الأمراض النادرة التى يتعامل معها أطباؤنا فى جامعات مصر ومستشفياتها.

ولذلك فإذا نجحنا كجامعات ومراكز بحثية مصرية فى التعاون المشترك والعمل معا فى أبحاث تشمل هذه الأمراض ستكون النتائج مبهرة وسنستطيع مساعدة المرضى بشكل أفضل والتوصل إلى وسائل تشخيصية مبتكرة وآمنة وفعالة، بل وسنجعل من مصر قبلة علمية يقصدها الأطباء من كل أنحاء العالم، كما كان الحال فى الماضى، حيث كان طلاب العلم يأتون إلى مصر لتعلم الطب.


الإخفاق الآخر، أننى طوال مسيرتى العلمية ركزت فى عملى على مجالين من أمراض الكبد، الأول هو الكبد الدهنى، والذى حققت فيه إنجازات بحثية وعلاجية كبيرة والحمد لله، أما الآخر فهو مرض الصفراء الإنسدادية.

وكنت آمل أن أساهم فى التوصل إلى تحديد السبب فى هذا المرض لكى نستطيع التوصل لتشخيص عاجل وتدخل علاجى سريع فى الوقت المناسب، ولكن للأسف، فبرغم كل القفزات العلمية التى تحققت، فكثير من الأطباء وأنا منهم وقفنا عاجزين عن كشف أسرار هذا المرض الذى يسبب تحجر وفشل الكبد خلال العام الأول من عمر الطفل، ويكون الاختيار الوحيد أمامنا كأطباء هو زراعة الكبد، ومع ذلك فسنظل كأطباء وباحثين نحاول ونحلم بالتغلب على هذا المرض ولن نيأس.


حلم شخصى
وعلى المستوى الشخصى هل هناك أحلام لم تتحقق؟
- بابتسامة حزينة يقول: نعم هناك حلم شخصى جدا لم يتحقق، فأنا أعشق مصر ،وأعشق لمة الأهل والأصدقاء والذكريات الحلوة، وأزور مصر عدة مرات سنويا، وكنت أتمنى لأولادى كريم وياسمين أن ينفتحوا على الحضارات الأخرى، لكن يعيشوا فى النهاية فى بلدهم ووسط أهلهم، ليجمعوا أفضل ما فى الحضارتين، لكنهم استقروا بأمريكا وحققوا نجاحا كبيرا والحمد لله، فكريم يعمل طبيبا وياسمين مذيعة، وهما يعشقان مصر جدا، رغم استقرارهما بأمريكا، وأنا سعيد بنجاحهما،فليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة