إقبال كبير من الفلاحين على السينما
إقبال كبير من الفلاحين على السينما


كنوز الأميرة| السينما تفتح أبوابها للفلاحين.. فيلم بقرش صاغ!

آخر ساعة

الأحد، 03 أبريل 2022 - 11:03 ص

 

أحمد الجمَّال

عرف المصريون السينما فى وقت مبكر، لكن دور العرض كانت متركزة فى القاهرة والإسكندرية، وفى عام 1966 وصلت العروض السينمائية إلى الأرياف وشاهد الفلاحون الأفلام، وتعرفوا إلى هذا الفن البديع، ورصدت «آخرساعة» تفاصيل أول لقاء لأبناء إحدى قرى محافظة الشرقية مع السينما.. الحكاية نعيد نشرها بتصرف محدود فى السطور التالية:-

 

عيد من غير ميعاد.. عيد صغير يبدأ عند كل غروب فى قرية «هرية رزنة» بمحافظة الشرقية.. عندما يُضاء متحف الأبطال بالكهرباء.. باللمبات الصغيرة المتناثرة فوق وحول كل المبنى الذى يقع فى أول القرية، ويتجمع الأطفال.. يجرون هنا وهناك.. يبتسمون.. يضحكون حول المبنى.. حول النور. ولا تكاد تمضى ساعة حتى ينطلق صوت عبدالوهاب وفريد الأطرش ونجاة الصغيرة، فى أغانٍ تصل إلى كل الآذان.

 

وسماع هذه الأغانى معناه أن موظفى سينما النصر.. السينما الصغيرة التى تقع فى مبنى متحف الأبطال الذى يضم عرابى ورفاقه وبعض زعماء من الأجيال الماضية، وسينما النصر جزء من المبنى، عبارة عن صالةٍ متوسطة تسع نحو 500 شخص، بها كراسى مرصوصة بانتظام داخل الصالة، ويجلس الموظف الذى يراقب فرحة الفلاحين وسعادتهم على الباب، ويبدأ فى قطع التذاكر لمَنْ يريد الدخول، وثمن التذكرة قرش صاغ فقط (عشرة مليمات)، تجدها فى يد الطفل الذى كان يجرى فى شوارع القرية، أو الفلاح الشاب الذى يجلس على القهوة، أو الأم الفلاحة التى كانت تجلس على سطح البيت تناجى جارتها فى حديث ليس له بداية أو نهاية.


وهذا القرش صاغ يعطيهم متعة وفائدة، ويدخل فى عقولهم آفاقًا جديدة لم تكن على البال، فالسينما فى الماضى كانت وقفًا على «البندر» وأهله، أما الآن فكل شيء يتغيّر.

تجربة ناجحة

يقول حسن إبراهيم، مدير المتحف، الذى يعتبره أهل القرية والدًا وأخًا كبيرًا فى كل الأمور: إننا نستعمل صالة السينما فى عرض الأفلام، وتقديم بعض المسرحيات، وقد أثبت أهل القرية أنهم على مستوى هذا المبنى النموذجى الكبير، الذى يضم لوحات تمثل مراحل كفاح عرابى ابن بلدتهم، ومعه بعض رفاق السلاح. كما يضم المتحف تماثيل لبعض أبطال الأجيال الماضية مثل مصطفى كامل وسعد زغلول والشهيد عبدالسلام عارف (أول رئيس للجمهورية العراقية).


وتجربة السينما ناجحة جدًا فى القرية، ونحن نستبدل الفيلم بآخر كل ثلاثة أيام، ولا يمضى أى مساء دون أن يشاهد الفيلم ما يزيد على ألف مواطن، وأحيانا يرتفع الرقم إلى 1500 فرد.

معنى الحياة

وإيمانًا برسالة المتحف، ورسالة السينما فى التوعية، وهب كل العاملين فى هذا المبنى وقتهم لراحة الفلاحين، فمثلًا الآنسة نادية نيروز، أمينة المكتبة، تذهب صباحًا ومساءً وما غمض من الفلاح فى الفهم تقوم بتبسيطه وشرحه.


ويقول محمد سعيد النادي، المشرف على السينما: هذه السينما الصغيرة خلقت حيوية فى مجتمع القرية الصغير، وثمن التذكرة جعل فى متناول أى طفل أن يذهب للسينما، وأن يجد الشباب الذى كان يقضى الوقت على مقاهى القرية متنفسًا له فى الأفلام التى تعرضها.. فى رواية يجلس إليها ويشاهد أبطالها، وبالقصة والمعانى والأهداف التى تدعو إليها هذه الرواية، وكلها أشياء كان محرومًا منها، ولم يكن يفكر فى الماضى فى الذهاب للسينما بالمدينة، لبُعد المسافة بين القرية والمدينة، ولعدم وجود مواصلات تنقله إلى بلدته.

 

سهرة فلاحى

ورشاد أبويوسف، كان أحد رواد السينما.. فلاح بسيط جاء من قرية «كفر الحمام» التى تبعد عن قرية «هرية رزنة» حوالى خمسة كيلومترات.. جاء مشيًا على الأقدام.. قال لنا: «حضرت لرؤية متحف عرابي، ولم أكن أعرف بوجود السينما، لكننى رغبت فى مشاهدة الفيلم، وهذه المرة الثانية التى أرى فيها فيلمًا فى السينما.. إننى أحلم بسينما صغيرة فى قريتي، وفى كل قرية داخل بلدي، إنها شيء جميل».


وصالح عبدالعال، من نفس القرية، كان يتناول طعام العشاء مع أولاده، ويتمدد ويشعر بالتعب وينام.. شيء ثابت رتيب.. لا جديد فى حياته، لكنه الآن يذهب إلى السينما مرتين فى الأسبوع، ولا يكلفه ذلك سوى قرشين فقط، ثمن باكو معسل كان يحرق به صدره أحيانًا على القهوة، ويقول: «أنا سعيد بهذه السينما.. أصحب عائلتى كلها أحيانًا، ولن يمر أسبوع ابتداء من اليوم دون أن نذهب جميعا إلى السينما».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة