صورة مجمعة
صورة مجمعة


«أطفال فلسطين».. معتقلات تطفئ براءة الصغار بفعل سجان الاحتلال

أحمد نزيه

الثلاثاء، 05 أبريل 2022 - 06:06 م

وُلدوا في وطن واقعه مريرٌ تحت قبضةٍ فولاذيةٍ من محتل استباح أرضه ودياره، فلم ينعم أطفال ذلك الوطن بطفولة هادئة مثل أقرانهم في مختلف بقاع الأرض.. إنهم أطفال فلسطين، الذين نبتوا تحت أشجار الزيتون، فوجدوا منها ما يقتلعه الاحتلال عنوةً، فالوطن هنا ليس في مأمن من غدر المحتلين.

وبدلًا من أن يحملوا الأقلام والحقائب لكي يشقوا طريقهم في التعليم، وهم في نعومة أظافرهم، حملوا الحجارة كي يدافعوا بها على وطنٍ سلبه الاحتلال حقوقه كافة، ولم يترك أرضًا وطأت أقدامه بها إلا ووشاها باستعمارٍ مقيتٍ جار على حقوق العباد، فاسترقّ من الصغار في سجونه كما سرق أرض الآباء والأجداد.

وفي الخامس من أبريل عام 1995، وفي مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن حينها عرفات الخامس من نيسان (أبريل) يومًا للطفل الفلسطيني.

ومن ذلك الحين تحيي فلسطين سنويًا يوم الطفل، وهي تتوق إلى يوم ينعم فيه أطفالها بمستقبل مشرق في وطن حر، غيّب سماء حريته محتلٌ غاصبٌ للأرض ومنتهكٌ لجميع الحقوق ومتنصلٌ من الالتزامات والقواعد والقوانين.

وفي سجون، زجّ الاحتلال بآلاف الأطفال الصغار، في انتهاكٍ خالف كل المعايير الإنسانية والدولية وضرب بالقوانين عرض الحائط، كما ألف الاحتلال أن يفعل في أرض فلسطين.

50 ألف طفل في السجون منذ 1967

ويقول عبد الناصر فروانة، مدير وحدة الدراسات والتوثيق بهيئة شؤون الأسرى والمحررين، "يُقدر عدد من اعتقلتهم دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ما يزيد عن 50 ألف طفل فلسطيني، ذكورًا وإناثًا، دون مراعاة لصغر سنهم وبراءة طفولتهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والإنسانية، كما لم تحترم القواعد النموذجية الدنيا في معاملة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في مراكز الاعتقال والتوقيف، بهدف تشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم، والتأثير على توجهاتهم المستقبلية بصورة سلبية وخلق جيل مهزوز ومهزوم".

ويشير فروانة لـ"بوابة أخبار اليوم"، إلى أن عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين حاليًا في سجون الاحتلال يُقدر عددهم بـ160 طفلًا.

ويضيف فروانة: "دولة الاحتلال تواصل استهدافهم (الأطفال) واعتقالاتها لهم دون توقف، كما لم تخلُ السجون الإسرائيلية يومًا من تمثيلهم، حيث جعلت من اعتقال الأطفال الفلسطينيين الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة، بخلاف ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديدًا اتفاقية حقوق الطفل".

ويتحدث فروانة  عن تسجيل نحو 1300 حالة اعتقال لطفل وطفلة في فلسطين خلال عام 2021 المنصرم، لافتًا إلى أن هذا يشكل زيادة تصل إلى قرابة 140% عما سُجل خلال عام 2020 الذي سبقه، فيما اعتقلت سلطات الاحتلال ما يزيد عن 200 طفل منذ مطلع العام الجاري.

ويتابع قائلًا: "يعمد الاحتلال إلى اعتقال الأطفال من منازلهم ليلًا، وأحيانًا يتم اعتقالهم وهم يلعبون في الشوارع أو وهم في طريقهم إلى المدارس، ويزج بهم في السجون والمعتقلات، ويُحتجزهم في ظروف سيئة للغاية وضمن شروط حياتية قاسية، ويُعاملهم معاملة لا إنسانية وأحيانًا يُعاملهم بقسوة وعنف، ويُحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية، كالحق في التعليم والعلاج والغذاء المناسب وزيارات الأهل دون عراقيل والمحاكمة العادلة وغيرها".

أطفال في السجون بمختلف الأعمار

وعشية يوم الطفل الفلسطيني، قال نادي الأسير الفلسطيني، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 9000 طفل فلسطيني منذ عام 2015، وحتّى نهاية شهر مارس 2022.

وأوضح نادي الأسير، في تقريرٍ، اليوم الاثنين 4 أبريل، أن نحو 160 قاصرًا يقبعون في سجون "عوفر" و"الدامون" و"مجدو"، مبينًا أن سلطات الاحتلال اعتقلت نحو 19 ألف طفل (أقل من عمر 18 عامًا) منذ اندلاع "انتفاضة الأقصى" عام 2000، بينهم أطفال بعمر أقل من عشر سنوات.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، إن سياسة اعتقال الأطفال تشكّل إحدى السياسات الثابتة التي ينتهجها الاحتلال، وتتركز عمليات اعتقالهم في البلدات والمناطق القريبة من المستوطنات المقامة على أراضي بلداتهم، وكذلك المخميات والقدس، وإن ما تم مقارنة نسبة اعتقالات الأطفال بين محافظات الوطن، سنجد أنّ الجزء الأكبر من المعتقلين الأطفال هم من القدس.

تعديل جوهري في قانون إسرائيلي

ومنذ عام 2015، تتصاعد عمليات اعتقال الأطفال وتحديدًا في القدس، وذلك بعد تعديلات جوهرية على قانون الأحداث الإسرائيلي، وأبرزها تخفيض سن "العقوبة" للأطفال من عمر 14 عامًا إلى 12 عامًا، وهذا يعني أن المحكمة تستطيع محاكمتهم من سن 12 عامًا.

ومع ذلك، فإن الفترات التي سبقت عام 2015 لم تخل هي الأخرى من عمليات اعتقال متصاعدة ومن أحكام جائرة بحق الأطفال، وقد شهدت السنوات التي تصاعدت فيها المواجهة، إبان انتفاضة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000، عمليات اعتقال للمئات من الأطفال.

ولفت نادي الأسير إلى أنّ سلطات الاحتلال تُمارس بحق الأطفال المعتقلين أنماطًا مختلفة من التّعذيب خلال وبعد اعتقالهم، وتبدأ هذه الانتهاكات فعليًا قبل الاعتقال حيث يتعرض الطّفل الفلسطينيّ إلى عمليات تنكيل ممنهجة من خلال بنية العنف الواقعة عليه من الاحتلال، وأدوات السّيطرة والتحكم، بما فيها من عمليات الاعتقال التي تُشكّل النّموذج الأهم لذلك، وبما يرافق عمليات الاعتقال من انتهاكات تبدأ منذ لحظة اعتقالهم، مرورًا بأساليب التحقيق القاسي وحتى نقلهم إلى السّجون المركزية لاحقًا.

وتشير الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال إلى أن غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل.

اقرأ أيضًا: الخارجية الفلسطينية: أطفالنا لن يعيشوا بسلام إلا بإنهاء الاحتلال الاستعماري 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة