د.  محمد الحديدى خلال حواره مع «الأخبار»
د. محمد الحديدى خلال حواره مع «الأخبار»


«الأخبار» تحاور الخبراء حول تأثير تغيرات المناخ على الإصابة بالأمراض الفيروسية

أستاذ بمدينة زويل: ذكاء الفيروسات يفوق قدرتنا.. وتغير المناخ يرفع معدلاته

حازم بدر

الأربعاء، 06 أبريل 2022 - 07:56 م

الأمراض المعدية من الصعب السيطرة على انتقالها.. ولا بديل عن التكاتف العالمى
تكيف كائنات المناخ البارد مع الدفء ينقل عشرات الفيروسات الجديدة للبشر
ارتفاع درجات الحرارة يوسع النطاق الجغرافى للملاريا 

 

يكفى أن تكتب على محرك البحث «جوجل» كلمة «التغيرات المناخية»، لتعثر على آلاف النتائج التى ترصد أسبابها وتأثيراتها الحالية والمستقبلية والجهود الدولية للحد منها، ومنها مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذى سيعقد بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل..

ورغم هذا الاهتمام الدولى، لا يدرك الناس بالقدر المطلوب حجم هذه المشكلة، ربما لأن أغلب التقارير الإعلامية التى تتحدث عنها، لا تتطرق إلى تأثيرها المباشر على حياتهم..

فالمواطن الذى يعيش فى محافظات الدلتا، لن يكون مهتما بتقارير تقول له إن ما يحدث من تغيرات مناخية فى العالم، قد يؤدى لغرق الدلتا بعد عشرات السنين، ولكنه قد يصبح أكثر اهتماما عندما تقول له إن التغيرات المناخية كانت سببا فى عودة أمراض فيروسية منقرضة، وظهور أمراض جديدة، أو أنها بدأت تنال تدريجيا من مائك وغذائك، مع توقعات بتفاقم الوضع بعد سنوات..

«الأخبار» من جانبها، تحاول المساهمة فى خلق هذا الوعى بخطورة التغيرات المناخية، عبر سلسلة من الحوارات ترصد تأثيرها الحالى على حياة البشر، وكانت البداية مع الدكتور محمد الحديدى الأستاذ ببرنامج العلوم الطبية الحيوية بمدينة زويل، والذى تحدث عن تأثيرها على الصحة، وتحديدا فى الجانب المتعلق بالإصابة بالأمراض الفيروسية، وهى القضية التى أثيرت بقوة مع جائحة «كوفيد-19»..

ورغم أن فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيد-19»، أثبت قدرته الفائقة على التكيف مع كل درجات الحرارة، إلا أن الحديدى أشار إلى أن نشأة الفيروس، تمت بصلة غير مباشرة بالتغيرات المناخية، كما أن ما يحدث من تغير فى المناخ نقل أمراضا كانت تستوطن فى بيئات محددة إلى بيئات أخرى..

وكشف أيضا عن حجم التأثير الذى تحدثه التغيرات المناخية على نوعية من الأمراض الحساسة للمناخ، وفى مقدمتها الأمراض المنقولة بنواقل البعوض والقراد..

وإلى نص الحوار.

 

دعنا نبدأ من الفيروس الأحدث الذى لايزال العالم يعانى منه، وهو كورونا المستجد، المسبب لمرض «كوفيدـ19»، حيث زعمت تقارير علمية تأثره بالتغيرات المناخية، فإلى أى مدى تتفق مع ما ذهبت إليه هذه التقارير؟


يلتقط ورقة من مكتبه، يرسم عليها ثلاث دوائر يشير كل منها إلى أحد أنواع العدوى، قبل أن يقول: هناك عدوى تسببها فيروسات تنتقل عن طريق التنفس، مثل «كوفيد-19» والإنفلونزا، وعدوى تنتقل عن طريق النواقل مثل البعوض والقراد، وعدوى تنتقل عن طريق الطعام والماء الملوث، والنوعان الثانى والثالث، هما الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، ولكن النوع الأول، الذى يضم «كوفيد-19»، أثبتت ثلاث سنوات من الجائحة، أنه لا يتأثر كثيرا بتغيرات المناخ.


علاقة ارتباط


صحيح أن ثلاث سنوات أظهرت قدرة كورونا المستجد المسبب لـ «كوفيد-19» على التكيف مع كل درجات الحرارة، ولكن ماذا عن نشأة الفيروس، وعلاقتها بالتغيرات المناخية، حيث زعمت تقارير أن تجريف الغابات والتأثيرات البشرية الأخرى على البيئة الطبيعية، كأحد الأسباب التى أدت للتغيرات المناخية، تسبب فى ظهور كورونا المستجد، وانتقاله إلى البشر؟


يصمت لوهلة قبل أن يقول مستخدما طريقته المعتادة فى الرسم على الأوراق التى توجد بمكتبه: هناك علاقة سببية وعلاقة ارتباط، ويمكن القول هنا إن التغيرات المناخية لم تتسبب فى نشأة الفيروس، ولكن الفيروس نشأ كأحد تبعات هذه التغيرات، أى أن العلاقة بينهما غير مباشرة.

كيف؟

كما أشرت فى سؤالك، فإن تجريف الغابات، أدى لاحتكاك البشر مع الكائنات التى تعيش فى تلك المناطق، ومنها الخفافيش، حيث يعتقد أن كورونا المستجد انتقل منها إلى البشر، وكلاهما من العوائل ذات الدم الدافئ، عبر كائن وسيط لم يتم تحديد ماهيته إلى الآن.

أفهم من ذلك، أن القاسم المشترك بيننا وبين الخفاش أننا من العوائل ذات الدم الدافئ؟


يومئ بالموافقة قبل أن يقول رافعا سبابته: ولكن ما يخشى منه بسبب ما يحدث من تغيرات فى المناخ، هو أن تتكيف الكائنات ذات الدم البارد مع المناخ الدافئ، وربما يؤدى ذلك إلى إطلاق كمية ليست ببسيطة من الفيروسيات والبكتريا التى لا يملك البشر أى مناعة ضدها.

هل يمكن توضيح هذه النقطة؟


يعود مرة أخرى إلى أوراقه ليرسم هذه المرة مثلثا، أضلاعه هى «العوامل الممرضة (ميكروبات أو فيروسات)، العائل (البشر - الحيوانات)، البيئة»، قبل أن يقول: دائما ما نهتم بالعلاقة بين العوامل الممرضة وعوائلها من البشر، وهذا لأن الإنسان يظن خطأً أنه محور الكون، ونغفل العوائل الأخرى من الحيوانات، وكذلك البيئة المحيطة، فبعض العوائل من الحيوانات ذات الدم البارد، لا تتمكن منها الفيروسات والبكتريا، ولكن ماذا ستفعل هذه الحيوانات إذا أجبرتها تغيرات المناخ على أن تعيش فى جو دافئ، فعندها ستتطور وتتكيف مع هذا الجو الدافئ، وتصبح حينها عائلا لفيروسات وبكتريا تكون مصدرا لأمراض جديدة.


مرونة التطور والتكيف

ولماذا لا يأتى التكيف والتطور من العوامل الممرضة (الفيروسات والبكتريا) بمعنى أنها هى التى تتكيف مع دفء المناخ، وليس عوائلها؟

يشير إلى المثلث، محركا قلمه باتجاه العوامل الممرضة، قائلا وهو يمد خطا منها باتجاه العائل: لا يوجد بالطبع ما يمنع تطور الفيروسات والبكتريا لكى تتكيف مع ارتفاع درجات حرارة العالم، وبالتالى يمنحها ذلك القدرة على إصابة عوائلها من البشر والحيوانات، فالفيروسات ذكية جدا، ولديها مرونه فى التطور والتكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة، بشكل يسبق قدرة البشر على ملاحقتها.

هل معنى ذلك أننا قد نشهد فى وقت من الأوقات انتشارا كبيرا للأمراض التنفسية مثل «الإنفلونزا» و»كوفيد-19» فى المناطق الحارة والدافئة؟

يأخذ رشفة من فنجان القهوة، قبل أن يقول وهو يشير بسبابته: من الواضح أنه لا توجد علاقة بين هذه الأمراض التنفسية ودرجة الحرارة من حيث قدرة الفيروس على إصابة الناس، بدليل أن «كوفيد-19» أصاب الكثيرين فى دول إفريقية، ولكن قد يكون للمناخ دور فى معدلات الانتشار، إذ أن المناخ البارد يمنح الفيروس قدرة أكبر على الانتشار، ولكن لا يوجد ما يمنع من تطور الفيروس للتكيف مع المناخات الدافئة، لذلك فإن حدوث مزيد من الاحترار قد يعمل على تشغيل عجلة التطور للفيروس.

أفهم من ذلك أن تغير المناخ قد لا يجعل هناك خصوصية لبعض المناطق من حيث المعاناة من فيروسات وأمراض لا توجد فى مناطق أخرى من العالم؟

يومئ بالموافقة قبل أن يقول بنبرة متحمسة: ما تشير إليه فى سؤالك، هو ما بدأت المنظمات الدولية ترصده وتحذر منه، فمنظمة الصحة العالمية كانت حازمة فى تحذيراتها بشأن تغير المناخ، وقالت إن ارتفاع متوسط درجة الحرارة فى العالم، سيؤدى إلى زيادة فى نشاط البعوض الناقل للملاريا، ولذلك ليس غريبا أن نفاجأ فى السنوات المقبلة بعودة مرض الملاريا إلى دول قد تخلصت منه أو ظهوره فى بلاد لأول مرة، وهو ما حذرت منه أيضا الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، والتى قالت فى أحدث تقاريرها إن تغير المناخ يرتبط بمواسم انتقال أطول للملاريا فى بعض مناطق أفريقيا وامتداد للنطاق الجغرافى للمرض.


الحرارة ونواقل الأمراض

مفهوم أن الملاريا توجد فى المناطق الحارة، ولكن كيف تؤدى الزيادة فى درجات الحرارة إلى انتقاله لمناطق أخرى؟

يعود إلى أوراقه ليرسم عليها دورة حياة الملاريا، قائلا وهو يشير إلى أول حلقة فى هذه الدورة وهى البعوضة: يتكاثر الطفيل المسبب لمرض الملاريا فى البعوض بشكل أسرع ويتكاثر البعوض نفسه الناقل للمرض بوتيرة أعلى مع ارتفاع درجات الحرارة، كما يوفر المطر والرطوبة أيضًا، المصاحبين لظواهر المناخ المتطرفة، ظروفًا مواتية للبعوض الصغير للنمو والبعوض البالغ للبقاء على قيد الحياة، وهذا يعيدنا إلى أضلاع المثلث التى تحدثنا عنها فى البداية، فهناك ضلع البيئة، التى نغفلها، مع أنها توفر المناخ الملائم إما لوأد انتقال الضلع الأول، وهو العوامل الممرضة (ميكروبات أو فيروسات)، إلى الضلع الثانى وهو العائل (البشر - الحيوانات)، أو تعزيز عملية الانتقال.

أراك قد ركزت على الملاريا، مع أنه توجد أمراض أخرى يسهم البعوض فى نقلها، فهل ما ينطبق على الملاريا لا يسير بالضرورة عليها؟

لم ينتظر استكمال السؤال، وعادت إليه نبرته المتحمسة وهو يقول: أنا أطرح الملاريا كنموذج، ولكن كل الأمراض المنقولة عن طريق البعوض تكون لها فرصة أكبر للانتشار مع ارتفاع درجات الحرارة، وما ينطبق على الملاريا ينطبق على أمراض أخرى ينقلها البعوض مثل حمى الضنك والحمى الصفراء وفيروس غرب النيل، وفيروس زيكا، وتشير دراسة نشرتها دورية «لانست للأمراض المعدية» عام 18 يونيو 2019، إلى أن الأمراض المنقولة بالنواقل ستهدد أكثر من 80% من سكان العالم، وتعد الأمراض المنقولة بالبعوض من أكثرها فتكا، وتشمل الملاريا وحمى الضنك ومرض فيروس زيكا.

وكانت هذه النسبة المرتفعة لها علاقة بما يشهده العالم من تغيرات فى المناخ، حيث كشفت دراسة مراجعة لأكثر من 70 بحثا عن وجود دلائل تربط المؤشرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بانتشار الأمراض المحمولة بالنواقل.

وماذا عن النواقل الأخرى غير البعوض وعلاقتها بدرجات الحرارة مثل القراد؟

يبتسم ابتسامة ساخرة، قبل أن يقول: «هيكون يعنى على راسها ريشة؟!.. ستتأثر بالطبع، وبدأت أكثر من جهة دولية منها المركز الأوروبى لمراقبة الأمراض والوقاية، تحذر من اتساع نطاق انتشار القراد المسبب لمرض لايم، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وشمل التحذير أيضا حشرات الفواصد، وهى الناقل الرئيسى لمرض يسمى «داء الليشمانيات».


ومع هذه التقارير والدراسات، ستكون الأرقام التى خرجت عن منظمة الصحة العالمية بشأن خطورة تغيرات المناخ منطقية وغير مبالغ فيها، ففى أحدث تقاريرها التى صدرت بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ فى جلاسكو، قالت المنظمة إنه ما بين 2030 و2050 من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ فى حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة إضافية كل عام، وقدرت تكاليف الأضرار المباشرة للصحة الناتجة عن التغيرات المناخية، بما يتراوح بين 2-4 مليارات دولار أمريكى سنويا بحلول عام 2030.
تحصين البشر

بالرغم من هذه التقارير الدولية والدراسات، هل تشعر بأن هناك تحركات ملموسة لمواجهة انتقال الأوبئة إلى مناطق جديدة بسبب تغيرات المناخ؟


يصمت لوهلة يلتقط خلالها الأنفاس قبل أن يقول وهو يشير فى صحيفة أمامه إلى عنوان تقرير يتحدث عن الجهود المصرية لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل: مثل هذه الجهود الدولية مطلوبة لمحاولة تحجيم المشكلة، وتعبئة الجهود الدولية للتعامل مع تداعياتها، ويجب أن تخرج مثل هذه الفعاليات بضمانات جادة لتحقق الهدف المنشود بالحد من زيادة درجة الحرارة العالمية إلى ما دون درجتين مئويتين وتكثيف الجهود لتقليلها إلى 1٫5 درجة مئوية.


ويجب أن يكون ذلك، ليس فقط بالحديث الدائر دوما عن النشاط الصناعى ودوره فى ذلك، فهناك أنشطة أخرى يجب الالتفات لها مثل قطع الأشجار والغابات، وهو الإجراء الذى يساعد بشكل غير مباشر على ظهور فيروسات حيوانية المنشأ، وانتقالها إلى البشر، علاوة على ذلك، فإن زيادة معدلات تلوث الهواء تزيد من خطورة هذه الفيروسات التنفسية، وتم إثبات هذه الحقيقة فى وباء فيروس السارس عام 2002 فى الصين، حيث كان المرضى من المناطق ذات المستويات الأعلى من تلوث الهواء أكثر عرضة للوفاة بعد الإصابة، مقارنة بتلك الموجودة فى المناطق ذات جودة الهواء الأفضل.

ما تطلبه مهم بلا شك، ولكن إلى حين تحقيقه، هل هناك من وسائل لمواجهة الأمراض الفيروسية؟


يعود إلى مثلث «العوامل الممرضة (ميكروبات أو فيروسات)، العائل (البشر - الحيوانات)، البيئة»، ليقول رافعا سبابته: الحل العاجل هو تحصين البشر، لأن غيره من العناصر مثل العوامل الممرضة والعوائل الأخرى غير البشر والبيئة من الصعب السيطرة عليها.

كيف يكون من الصعب السيطرة عليها؟

البيئة بعناصرها المختلفة ومن بينها المناخ، تشهد تغيرات نسعى للسيطرة عليها عبر استراتيجيات لايزال العالم يسعى لإلزام كل الدول على الالتزام بها، ولكن إذا سيطرنا على المناخ ونجحنا فى اتخاذ إجراءات تضمن خفض درجات الحرارة، فهذا ليس كافيا لكى نتقى شر العوامل الممرضة، لأنها كما تكيفت مع الحرارة المرتفعة تستطيع التكيف مع أى مناخ آخر، لأنها تكون فى اختبار وجود، إما أن تتكيف مع المناخ الجديد أو تموت، صحيح أن ذلك يأخذ وقتا طويلا يصل لسنوات طويلة، ولكنه يحدث.


ونفس الأمر بالنسبة للعوائل الأخرى غير البشر، فنحن لا نستطيع السيطرة عليها أو مراقبتها، لأنه ببساطة إذا أحكمنا السيطرة فى اتجاه، فلا يوجد ما يضمن سعى العوامل الممرضة للبحث عن عوائل جديدة، إذن فالشيء الضمون هو تحصين الإنسان.


ذكاء الفيروسات

أراك وبعد أن تحدثت كثيرا عن دور البيئة والمناخ، بدأت تقلل من هذا الدور؟


يشير بعلامة الرفض، قبل أن يقول: أنا لم أقلل، ولكن أؤكد على أن تحصين البشر هو الأولوية، لأننا ونحن نسعى للسيطرة على تغيرات المناخ، يجب ألا نغفل ذكاء الفيروسات والبكتريا، فكما استطاعت التكيف مع الحرارة المرتفعة، فهى قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة، والتاريخ ملىء بالأمثلة.

مثل ماذا؟


من المؤكد أنك سمعت عن البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية، فهذه المقاومة التى شكلتها البكتريا أخذت سنوات منذ اخترعت المضادات الحيوية، ولكنها أصبحت موجودة، والحل هو تطوير مضادات حيوية جديدة، وهذا يقودنا إلى أهمية «تحصين الإنسان» كأولوية فى مواجهة الفيروسات والبكتريا المعدية.

تقصد أن نكون مستعدين بالأدوية؟

يومئ بالموافقة قبل أن يقول وهو يشير بثلاثة من أصابع يده اليمنى: الأدوية واللقاحات سلاح مهم، ولكن قبلها يجب أن تكون هناك أنظمة ترصد قوية قادرة على اكتشاف الفيروسات الجديدة مبكرا قبل انتشارها وتحولها لجائحة، وأذكر فى هذا الإطار، أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أطلقت فى عام 2009 مشروعا يهدف إلى الكشف عن ظهور الفيروسات حيوانية المصدر، التى تنتقل من الحيوانات إلى البشر، لأنها يمكن أن تكون مصادر للأوبئة المحتملة، ونجح هذا المشروع فى اكتشاف ما لا يقل عن 931 فيروسا مختلفًا، ولسوء الحظ، تم إلغاء البرنامج قبل أسابيع قليلة فقط من ظهور فيروس كورونا الجديد.


كما يجب أيضا الاهتمام بتحسين الصحة العامة عبر توفير خدمات الصرف الصحى والمياه النظيفة والغذاء السليم، ويجب أن يتعاون العالم فى هذا الإطار، لأن ما يظهر من أمراض فى دولة نامية نتيجة ضعف هذه الخدمات، لا يوجد ما يمنع من انتقاله إلى دول أخرى، لأن الأمراض المعدية من الصعب السيطرة على انتقالها، فأى مرض موجود فى مكان ما، سيظهر بلا شك فى مكان آخر، والأمثلة على ذلك كثيرة، فبعيدا عن المناخ وتداعياته، عانت دول من وجود بكتريا فى غذاء استوردته من دول أخرى.


وأخيرا، يجب الاهتمام بصحة الإنسان ومناعته لكى تقف حائط صد أمام قدرة العوامل الممرضة على غزو الجسم البشرى، وهنا قد تلعب التغيرات المناخية دورا سلبيا، بصورة غير مباشرة عبر تأثيراته على الأمن الغذائى العالمى.

إذن نستطيع القول فى النهاية إن الرسالة التى تود توصيلها، هى أن التغيرات المناخية لها تأثير غير مباشر فى انتشار بعض الأمراض الفيروسية، لكن ونحن نسعى للوصول لحلول تستهدف المناخ، لا يجب إغفال تحصين الإنسان وفق الأدوات الثلاث التى أشرت إليها؟


بالضبط هذا ما قصدته، فأنا أخشى أن التفكير البيئى، إن صح التعبير، ينسينا الضلع الأهم فى المثلث وهو العائل البشرى، الذى لو أحسنا تحصينه يمكننا وقف دائرة انتقال الفيروسات والبكتريا.

إقرأ أيضاً|مركز معلومات تغير المناخ يحذر: كتلة شمالية باردة تسيطر على البلاد بدءا من الجمعة

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة