لقطة من المسلسل
لقطة من المسلسل


فاتن أمل حربي واستمرارية الصراع

هل يغير مسلسل «فاتن أمل حربي» قوانين الأسرة؟ 

إسراء مختار

الخميس، 07 أبريل 2022 - 09:12 م

لعل هذا السؤال طرح قبل المسلسل نفسه وبمجرد الإعلان عنه، وربط الكثيرون بينه وبين فيلم "أريد حلا"، لكن بدلا من أن نجد أنفسنا أمام عملا فنيا مبشرا وجدنا عملا مباشرا يفتقد لجميع العناصر الدرامية، وتحول إلى برنامجا اجتماعيا يصعد الصراع بين المرأة والرجل، متغافلا المشكلة الحقيقية والضحايا الأصليين لهذا النزاع.

"شخصان ناضجان تزوجا واختلفا فانفصلا"، أيا كانت أسباب الاختلاف سواء كان الرجل لعينا مجرما وقاتلا متسلسلا أو كان يشخر أثناء نومه، هذه ليست مشكلة على الإطلاق فالحياة تستمر بعد الانفصال، المشكلة هي وجود طرف ثالث في تلك العلاقة وهم الأطفال، الذين عادة ما يصلوا لتلك المرحلة مشوهين نفسيا بالفعل، ليجدوا أنفسهم طرفا في صراع جديد بين أب وأم يلاعبان بعضهما بهم كقطع الشطرنج.

الزواج والإنجاب والطلاق والذهاب إلى محكمة الأسرة جميعها قرارات واعية يأخذها الإنسان بمحض إرادته، لكن الطفل لا يختار أن يولد في بيئة اجتماعية غير متزنة، أو في أسرة على شفا التفكك، ولا يختار أن يكون طرفا في نزاع بين والديه بعد الطلاق، ولا أن يستخدم في هذا النزاع الذي لا يهدف إلى مصلحته إطلاقا، ولكنه أول من يدفع ثمنه.

تسائلت بطلة المسلسل في إحدى حلقاته عن "ماذا يقول الله في شأن الحضانة بعد زواج الأم"، ورفضت حديث الشيخ في دار الإفتاء عن الفقه، وطالبته بنص قرآني صريح عن سقوط حضانة الأطفال عن الأم بزواجها، وإن أردنا جدلا لتسائل الرجال أيضا أين النص الصريح الذي يطالب بالعكس.

"الحضانة" مثل "القوامة" تكليفا نحسبه تشريفا، فيتقاتل عليها الجميع دون مراعاة لنفسية الأطفال الذين هم أساس المعادلة، ويستغل الأباء والأمهات أطفالهم في صراع وانتقام ومذلة وغيرها من تفاصيل ، أما النص الصريح فيقول: "لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده" وقدم الله المرأة على الرجل، ويقول النص الصريح أيضا "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" أي الإنفاق على طليقته وأطفاله، وإن طبقنا الشرع كما أنزل لما احتجنا لمحاكم الأسرة على الإطلاق، لكن الترويج لأن الفقه غير عادل لم يكن مبررا، فإن كان الفقه والقضاء غير عادلين فلمن نحتكم.

من الرائع أن ينتصر عملا دراميا لقضايا بعينها، لحقوق ومكتسبات، أن يلقي الضوء على المشكلات الحقيقية لإيجاد حلول لها، لكن أن يكون الغرض الوحيد من العمل أن يحول مراكز القوى في الصراع الاجتماعي وليس التوجيه لفض النزاع فهذا هرج درامي، لأن ضحايا هذا النزاع الحقيقيون هم ما يناهز ١٠ ملايين طفل من أبناء المطلقات، والأولى البحث عن سبل الالتقاء وليس مفاقمة النزاع، أو حسمه لصالح طرف على حساب الآخر، فهذا الأمر لن ينهي الأزمة، ولن يحقق السواء النفسي والاستقرار الاجتماعي للأطفال، ورغم أن العمل في ظاهره ينتصر للمرأة ولكنه أشبه بأن ترى مجتمعا يسير بأكمله في الطريق الخاطيء، وبدلا من توجيهه للصواب تؤسس له أعمدة إضاءه في نفس الطريق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة