صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


كيف حرص الإسلام على غرس فقه الابتسامة في المسلمين؟

كرم من الله السيد

الجمعة، 08 أبريل 2022 - 03:29 م

الابتسامة سر من أسرار القبول لدى الناس؛ فهي تمسح آلام من تُقابله، وتُداوي جراح من تُجالسه، وهي تفعل فعل السِّحْر بالعقول، ألا تشعُر بانجذابك نحو شخص يبتسم في وجهك كلما رآك.

الابتسامة تأخذ حيِّزًا صغيرًا في وجهك؛ فإنها تأخذ حيِّزًا كبيرًا في نفوس الآخرين، فالشخص الذي يتمتَّع بروح الابتسامة اللطيفة من أكثر الناس جاذبيةً وقبولًا.

 في هذا الصدد تنشر "بوابة أخبار اليوم" موضوع عن سر قوة الابتسامه وكيف حرص الاسلام علي غرس فقه الابتسامه في المسلمين. 

 في البدايه هل تعلم أن الابتسامة عملٌ صالحٌ، لا يُكلِّفك شيئًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ))[1]، أتدري لماذا؟ لأنك بتبسُّمك تُدخِل السرور على أخيك المسلم، وتفتح له قلبك، وتُشعِره بالارتياح منك له.

ابتسم، ولو صعبت عليك الابتسامة، فهي من أسباب السعادة، ولا تتركها؛ فهي خيرٌ لك قبل أن تكون خيرًا لغيرك؛ إنك بابتسامتك تُدخِل السرورَ في قلوب مَنْ حولك، وهذا عمل يُؤجَر عليه المسلم إذا احتسبه.

فابتسم للجميع؛ لأُمِّك، ولأبيك، وأخيك، وصديقك، وكل مَنْ تُقابِل، كما جاء في الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: ((وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ))[2].

حاول أن تجعل الابتسامة سجيةً لك، في مواقفك ومقابلاتك؛ فهي أجر عظيم، وخلق حسن، بلا كُلْفة، فكيف يتأخَّر عنها بعضُنا، وقد تكون الابتسامة بلسمًا لكثيرٍ مما في قلوب الآخرين، فكم ستجني من الخير خلال اليوم والليلة؟!.

الابتسامة تُفْصِحُ عمَّا في قلبك من الابتهاج، والسلامة، والارتياح من دون أن يتلفَّظ بها لسانُك فهي تحتاج إلى تدريب النفس عليها فقط، فثمة ارتباط وثيق بين الابتسامة، وراحة البال.

قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه: "ما رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسَّم".

وقال بعضهم: إن من حُسْن الخُلُق أن يحدِّث الرجل صاحبه وهو مبتسم.

فكن محاولًا لاستجلاب الابتسامة، ولو بالفكاهة المباحة، والمزح اليسير.

الابتسامة لها رونق وجمال ، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور ، بل رتب النبي صلى الله عليه وسلم أجر عليها وقال صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة) وقال صلى الله عليه وسلم (أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) والإمام البخاري جمع أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وبوب لها باب : (باب التبسم والضحك ) دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإمام مسلم كذلك في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل.. (باب تبسمه وحسن عشرته ) وبوب الشيخ الغماري الاحاديث التي فيها ( ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ) في مؤلف سماه (شوارق الانوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة )، كل هذا وغيره بيان لجوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم . وهكذا كان الصحابة رضى الله عنهم فقد قيل لعمر رضى الله عنه هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون . قال : نعم والإيمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي .

ويقول محمد قطب: ( لا يكفي المال وحدة لتأليف القلوب ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية ، لابد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف ، المستمد من روح الله ، ألا وهو الحب ، الحب الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق).

يقول الشاعر :

هشت لك الدنيا فمالك واجماً *** وتبسمت فعلام لا تتبسم
إن كنت مكتئباً لعزُ قد مضى *** هيهات يرجعه إليك تندم

موانع الابتسامة :

أهم أسباب موانع الابتسامة عند البعض :

1. الظن أن ذلك من الجدية : يظن البعض أن عدم الابتسام هو جزء من الجدية التي لابد منها في شخصية الإنسان وهي من كمال الدين ، وهذا ظن ليس في محله حيث إن الناس جُبلوا على الميل والمحبة لمن يبش في وجوههم ، وأما ما يتعلق بالجدية فإنه لا يوجد أكثر من جدية الرسول – صلى الله عليه وسلم - وعن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ( نعم كثيراً ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ، ويبتسم ) رواه مسلم . ولم يكن هذا التبسم لينقص من مكانته – صلى الله عليه وسلم – وإنما هو اللطف الذي ما خالط شيئاً إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه .

2. الخوف من قسوة القلب : يخلط بعض الناس بين الإكثار من الضحك والذي أخبر به الرسول صلى الله عليه أنه سبيل لموت القلب وبين أهمية وضرورة الابتسام والضحك المعتدل لتقويم النفس وإزالة الهم وكسب الآخرين .. وعلينا الانتباه جيداً إلى شاطحات الزهاد فإنها كثيرة كقولهم : (ما ضحك فلان قط) أو (ما رأي فلان إلا مهموماً) فهذا خلاف الفطرة والسنة النبوية . وما جاء في نص الحديث الذي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ( لا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب) فلم ينه عن الضحك إنما نهى عن كثرته .

3. ظروف النشأة : لها دور كبير في حياة الإنسان ، فمن يولد بين أبوين غضوبين تقل الابتسامة على محياة ، فلا تراه مبتسماً أبداً ، وهذا تبعاً للظروف البيئية التي تحيطة .

4. طبيعة الإنسان العصبية، وكثرة سوء الظن عنده، وتعامل الصعب كلها عوامل تدفع الإنسان إلى قلة التبسم .

هل نستسلم للموانع ؟

تحدث عن هذا السؤال الشيخ عبد الحميد البلالي قائلا : كلا فلا بد أن تكون لنا إرادة قوية تتعالي على الهم والمصيبة ، ولنتذكر أننا لن نغير شيئاً مما قدره الله تعالى علينا بغضبنا وهمنا وعبوسنا، وأننا سنخسر الكثير من صحتنا عندما نغضب ونخسر الآخرين عندما نعبس وقد نخسر الدين عندما يتجاوز الهم والغضب الى الاحتجاج على قدر الله تعال ولنستيقين دائماً بالقاعدة التي أخبرنا بها رسولنا صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم) فإذا لم تكن البشاشة من طبعنا فلنتعلم كيف نبتسم ولنحاول أن يكون ذلك من طبيعتنا بعد أن نتذكر ثمار الابتسام والضحك) كتيب ابتسم، عبد الحميد البلالي ص 60.

يقول ابن القيم في أهمية البشاشة إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا، فترى الصادق فيها من أحبى الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع.

ويقول الإمام ابن عيينه: والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين فاحرص أيها القارئ على الابتسامة الصادقة الصافية التي تعكس ما في القلب من محبة وتآلف ولتحذر من الابتسامة المصطنعة التي تخفى وراءها الأحقاد.

إقرأ أيضا: شاهد محمد صلاح يستعيد ابتسامته قبل مواجهة بنفيكا بدوري الأبطال 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة