الجمعة، 08 أبريل 2022 - 07:33 م

الحلقات السبع المدهشة التى شاهدناها حتى الآن من مسلسل «الاختيار 3» الذى يعرض هذا العام تحت عنوان «القرار»، ويرصد أخطر 96 ساعة فى تاريخ مصر، تتسم بالقوة كتابة وأداءً وتدقيقاً وتنفيذاً، وتعكس من خلال تتابعها المبدع والمثير للجدل (القيمة الفنية التاريخية والتوثيقية)، الكاشفة لأسرار وكواليس أربعة أيام حافلة فى تاريخنا الحديث، نسترجع معها الذكريات والمشاعر والمشاهد والأحداث، وكيف نجح قرار واحد فى إنقاذ الوطن ومؤسساته من أزمة الانهيار وسيادة الفوضى، وإسقاط حكم الإخوان الذى تآمر على البلاد، لتُثبت الدراما أنها تعيش فى الذاكرة أطول وأصدق من مناهج التاريخ المدرسية.

ولأننا لا نتحدّث عن حقبة قديمة، بل عن زمن نعيش فيه، لم يسبق لرئيس مصرى أن تجسدت شخصيته بهذا الوضوح فى السينما والدراما، لكنها فى «الاختيار3» تقدم تأريخاً حديثاً للرئيس عبد الفتاح السيسى وهو فى سدة الحكم، مع منظومة متكاملة من حيث (الزمان والمكان والحوار)، تترجم واقع ما جرى خلال فترة الإخوان، وكيف كان يحكم مكتب الإرشاد مصر، وكيف كانت تصدر القرارات التى تتعلق بمصير دولة كبيرة، فى رصد متوازٍ للشارع المصرى وبسطاء الناس الذين كانت أحاديثهم عبر المقاهي، تكشف عن حسهم الوطنى ومخاوفهم من حكم يثير الفتنة بين طوائف الشعب ويزرع الخوف فى نفوسهم، ويدفع الكثيرين إلى الهجرة من وطن صاروا يفتقدون الأمان به.

نحن بالفعل أمام دراما وثائقية جديدة، تجمع ما بين الحقيقة والدراما، لذلك جاءت الشخصيات الواقعية فى المسلسل بارعة، ليس فقط لإتقان التشابه الشكلى بين أبطاله، (عناصر الشبه فى الشكل بين الممثلين والشخصيات التى يجسدونها)، وإنما أيضاً للروح التى عبر عنها نجوم المسلسل، وكانت المفاجأة الأكبر فى ظهور شخصية الرئيس السيسي، ليس عبر مشاهد توثيقية فقط، ولكن كذلك بمشاهد درامية، مجسداً شخصيته الفنان ياسر جلال الذى تلامس أداؤه مع روح الشخصية ونبرة صوتها وملامحها وكبريائها واعتزازها ببلدها، واستمد المؤلف هانى سرحان جمل الحوار من تصريحات وآراء، جاءت بالفعل على لسان الرئيس فى مواقف حقيقية.

«الاختيار3»، أدهشنا، ولا يزال فى حلقاته المقبلة الكثير، والذى سيبقى تأثيره خالداً لأجيال مقبلة.