محمد عدوى
محمد عدوى


محمد عدوى يكتب .. سلاح الدراما

أخبار النجوم

السبت، 09 أبريل 2022 - 11:21 ص

يقولون إن الصورة الواحدة بألف كلمة، وأقول إن المشهد الواحد بمئات من البرامج والندوات، مشهد واحد يمكن أن ينفد إلى القلوب، أن يؤثر ويكشف الحقائق، يمكن لمشهد تمثيلى واحد أن يرسخ فى الوجدان وأن يحرك المشاعر، يمكن لمشهد واحد أن يكشف الزيف والادعاءات، يمكن لمشهد واحد أن يخوض حربا. 

الدراما سلاح، سلاح حقيقي لكشف الحقيقة، الدراما إذا تم التعامل معها بحرفية وكفاءة يمكن أن تنمى الوعى العام، وتزيد من الشعور الوطني، الدراما سلاح يمكن أن يؤدي مهاما أكثر بكثير من أسلحة أخرى تستخدم فى الظروف الصعبة والحروب.

منذ سنوات قليلة كان “الاختيار” ضرورة، كنا نطالب بهذه النوعية من الأعمال المنتشرة فى العالم كله، كنا نقول إن تضحيات الأبطال فى كل المجالات تستحق أن تخلد دراميا، تستحق أن يراها الناس، ويتعلمون منها ويستخلصون منها العِبر، اختيار الأبطال كان يستحق الثناء، وكانت البداية مع الأسطورة، الشهيد بإذن الله أحمد منسي. 

فى الجزء الأول كان البطل حاضرا، كانت تضحياته المسيطرة على الشارع، كان الأطفال يتحدثون عن ما يراه الأبطال على جبهات القتال مع عدو غدار، كانوا يرون أن اختيار المنسى أهم وأبقى من اختيار عشماوى، كانت الدراما حاضرة، وكان الاحتفاء بالعمل حاضرا أيضا. 

فى “ الاختيار 2 “ كان هناك عشرات من منسى، رجالا فى زى مختلف بقرار واحد، نموت وتحيا مصر، رجال الشرطة البواسل الذين كشفوا وضحوا لحماية وطن فى وقت صعب، كان الاختيار واحدا، ونجح المسلسل ووصلت الرسالة. 

هذا العام هو عام القرار، عام قرار أنقذ شعبا وأمة، قرار مصيرى، قرار لم يكن مفاجأة وليس مستغربا، دائما وأبدا ينحاز الجيش لشعبه، هذه عقيدتهم، هذا قرارهم. 

هذا العام دراميا كان هناك مفاجأت كثيرة، هذا العام كان السلاح أعتى وأقوى، هذا العام كان الميعاد مع الأسلحة الثقيلة، مع  “الاختيار3” .. من اللحظات الأولى، وأنت تدرك أن استراتيجية الحرب الدرامية اختلفت، هذا العام سوف يكون الضرب فى العمق، سوف تدك حصون الكاذبين المضللين دكا، هذا العام سوف تعتمد تيكتيكا أكثر جرأة وأكثر تطورا، هذا العام سوف تحكى حكاية رجال وقرار، هذا العام سوف تنكشف كل الأوراق سوف يتحول الاختيار لبيت رعب حقيقى، هذا العام سوف يزيد الصياح سوف يتباكون أكثر، يتوجعون أكثر، يندمون أكثر وأكثر.

هل تريد أن تعرف لماذا أصبحت الدراما سلاحا مهما؟ هل تريد أن ترى تأثير بضع حلقات قليلة عرضت؟ فلتنظر إلى نحيب الموالين للتنظيمات الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعرف أن الصدمات واللكمات التى تتوالى مع كل حلقة قد أتت بثمارها.. انظر إلى هؤلاء الذين غُيبوا من قبل مرشديهم وخُدعوا من قبل كبارهم، انظر إلى هؤلاء الذين وثقوا فى “شاطرهم” وأمنوا له وخدعهم لمصالحه الخاصة، انظر إلى هؤلاء الذين تفاجأوا لأساليب كبارهم الملتوية، الذين تحالفوا مع شياطين الإنس من أجل غاية واحدة وشخصية.. انظر إليهم جميعا وانظر للهذيان اليومى الذى يصدر منهم، انظر إلى لجانهم الإلكترونية العابثة، وهى تفشل فى صد الحقيقة، ولا تستطيع حجبها فتفتعل أحاديث وأشياء تثير الشفقة. 

سلاح الدراما هذا العام أصبح أكثر واقعية، سلاح الدراما هذا العام أصبح مقدرا من قبل الناس، الجميع فى انتظار الحلقة الجديدة من الاختيار، الناس تنتظر لتعرف وتكتشف، الناس تنتظر بلهفة واشتياق وترقب. 

“الاختيار” منذ بداياته وحتى اللحظة ليس مجرد عمل درامى وفنى، هو أكثر، ليس مجرد وثيقة تحكى تاريخا، هو أكثر، الاختيار مشروع وعي، مشروع مدروس بوعي، مشروع بناء حقيقى للشخصية المصرية، مشروع مبنى على المعرفة، مشروع مبنى على الحقيقة، مشروع يكرس لفكرة  سلاح الدراما. 

فى “الاختيار” ليس هناك بطلا ولا وجود للأفيش، فى الاختيار ليس هناك ترتيبا للأسماء على تيتر، فى الاختيار هناك وطن هو البطل، هناك حقيقة وتضحيات للرجال، قرارات واختيارات حولت مسارات، فى الاختيار هناك وضوح وشفافية، هناك واقع عشناه ونتذكره مع كل ثانية تمر فى الحلقات. 

الاختيار لا يبحث عن التريند، التريند هو من يبحث عن الاختيار. 

يتحدثون عن جرأة الممثل الموهوب ياسر جلال وبراعته فى تجسيد دور الرئيس عبد الفتاح السيسي فى المسلسل، الحقيقة أن كل من عمل فى الاختيار منذ بداياته وحتى الآن يدرك أنه أمام تحدٍ من نوع مختلف، تحدٍ يحتاج إلى جرأة وإيمان بأهمية ما يفعل، ياسر جلال يعرف منذ البداية أن المسألة ليست سهلة، أن المقارنات سوف تقام مبكرًا والهجوم ومحاولات ترهيبه سوف تبدأ أيضا مبكرا.. لكنه وبإيمان ومحبة، أدرك أن الحكاية أكبر.. إن “الاختيار” ليس فقط اختيارا سياسيا أو عسكريا، فى الفن هناك اختيار أيضا.. الحقيقة أن ياسر جلال وخالد الصاوى وصبرى فواز وعبد العزيز مخيون وجمال سليمان ومعهم ومن قبلهم أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد عز.. كلهم يدركون أنهم فى تحدٍ مهم وكلهم اختاروا.

العائدون 

على الجانب الآخر ومع انطلاق مسلسل العائدون، تزيد فرضية سلاح الدراما، المسلسل الذى يكشف ببراعة الأدوار البطولية لرجال المخابرات المصرية هو الآخر سلاحا مهما فى معركة الوعي، هو الآخر يحمل هدفا ويشارك فى عملية بناء الوعي، هو الآخر عنصر فعال من عناصر الحرب وسلاحا مهما من أسلحة الدفاع عن الثوابت وكشف الحقائق، المسلسل الذى يغوص لأول مرة فى أوكار داعش، الذى يكشف خطط غسل الدماغ ومحاولات الخداع باسم الدين، يقف فى خندق واحد مع “الاختيار”.

“العائدون”، ملحمة جديدة من ملاحم المخابرات المصرية التى تكمل الصورة، “العائدون” و”الاختيار” كانا فى فترة مهمة من فترات مصر، عن رجال واجهوا تحديات وهجمات كثيرة، صدوا محاولات فى الداخل والخارج كانت كفيلة بهدم دولا، تجسد تضحيات الكبار وكشف المؤامرات التى كانت تحاك للبلد فى الداخل والخارج.

“الاختيار” و”العائدون”، أهم سلاح فني لإعادة التفكير والتدقيق، “الاختيار” كاشف ومهم و”العائدون” راصد ومهم.. هذه هى الدراما التى يجب أن نفخر بها ونشجعها، هذه هى الدراما التى تمس الجميع.. هذا هو سلاح الدراما.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة