الأحد، 10 أبريل 2022 - 05:19 م

لم تفارق حالة السحر والخيال حكايات “ألف ليلة وليلة” منذ الميلاد وحتى المغيب بآخر سلسلة من حلقاتها, حتى أسدل الستار على تلك الصناعة, ويبقى لكل نسخة منها بريق خاص بالرغم من تواضع إمكانياتها, لتستمر لسنوات كأحد مسلمات رمضان بعد أن شكلت حكاياتها معين لا ينضب لصناع الدراما.. هذا السحر كان قادرا على أن يعيد أيقونة شهر رمضان، نيللي، للشاشة بعد غياب, ففي عام 2000 غامرت نيللي بتقديم دور “شهرزاد” لأول مرة من خلال حكاية “ضوء المكان”، وهي الحكاية المستلهمة من التراث الشعبي، لكن برؤية مختلفة, فعاد توهج حكايات “ألف ليلة وليلة” من جديد مع خفة ظل نيللي.        

                   
في إطار محتوى ممزوج بالخيال والفانتازيا تسافر “شهرزاد - نيللي” مع “شهريار - محمود قابيل” بين 3 جزر مختلفة, جزيرة “الماس” وجزيرة “النحاس”، وجزيرة “جناح الصبار”.. وتستهل “شهرزاد” سرد الحكاية مع خلفية موسيقية للسيمنفونية الشهيرة “شهرزاد” لمؤلفها ريمسكي كورساكوف, والتي أعادها المخرج عمرو عابدين لسحر “ألف ليلة وليلة” بعد أن استبعدها البعض، وتبدأ الحكي مع “ضمضام” أمير الظلام الذي حبس ضوء المكان   10أعوام في “الكهف المرصود”, وتبدأ الحكاية عندما يعلن الملك “ألماظ” عن مكافأة كبيرة من الألماظ لمن يعثر على أبنته المختطفة، “ضوء المكان”، والزواج منها, وتخبر “دربيز” المنجمة, والدة “ضوء المكان” أن هناك شخص واحد فقط يستطيع فك طلاسم الجوهرة لكشف مكانها, فيبحث الملك “ألماظ” عن الشخص الذي سيفك الطلاسم والرموز، وأثناء ذلك يعثر “بدر التمام” المعروف عنه حبه للعلم على كتاب قديم، ويحاول كشف لغز غرق السفن في جبل المغناطيس وبلاد الخفاش, ويقرر الإبحار بمركب مصنوعة من الخشب فقط للبحث عن “ضوء المكان” بعد أن ظهرت له شجرة الصبار وأخبرته عنها.

ومع تتابع الأحداث, تحاول “ضوء المكان” خداع “ضمضام” وتحويلها لطائر أخضر، لتطير وتخبر “بدر التمام” عن مكان احتجازها، وتستمر محاولاتها للخلاص, فتطلب من “ضمضمام” السماح لها بالحديث مع “حسحاس النحاس”، وأثناء رحلته يعثر “بدر التمام” على جزيرة “النسناس”، ويحاول إقناع زعيم الجزيرة بالإقلاع عن أكل لحوم البشر.

وعندما ينجح في الوصول للأميرة المختطفة تحكي له عن جزيرتها وتخزين الماس المستخرج في السرداب, وكيف خطط “فيروز” والوزير “شيراز” للخلاص منها وإبعادها كي يستحوذا على الحكم بعد الملك “ألماظ”, وتتذكر عندما خرجت لحضور المهرجان رغم تحذيرات أمها, ومنذ أن شاهدها “ضمضمام” وقد أغرم بها, فيطلب من الملك الزواج منها لكنها تطرده من الجزيرة, هنا يقوم “النحاس” بإخبار “ضمضام” أن “ضوء المكان” طردته بفعل “زهرة الصبار”, فيزداد غضبه ويحوله لثعبان، ويطلب منه الإنتقام من “ضوء المكان”, ويقرر خطفها وحبسها في جزيرة بعيدة تحت الأرض، تتفق “دربيز” مع “النحاس” على سرقة كل الألماس من الجزيرة، وأثناء رحلة “بدر التمام” للوصول للأميرة، يقع في فخ نصبه “قردان”، ويتم ربطه في صخرة أمام البحر, أما “ضمضام” فيخبر ضوء المكان أنه يستطيع تخليص “بدر التمام” بشرط تحويله لنسناس.

ويرفض “خنديس” الذهاب لبحر الأهوال، والتأكد من موت “بدر التمام” خوفا من المارد “رعد البحار”, ويأتي الدور على “سندوكان” ليعيد “بدر التمام” لهيئته كإنسان، بعدما سخطه كنسناس، لينقذه من جزيرة “النسناس”.

أما “زهرة الصبار” فتلوم “ضوء المكان” بسبب انصياعها لـ”ضمضام”، وتخبرها أن “بدر التمام” لم يمت, ويصر “بدر التمام” على مقابلة الملك “ألماظ”، ومعه “سندوكان”، لمعرفة حقيقة انصياع “ضوء المكان” للشرير “ضمضام”.

ويكشف ملك الجان لضمضام خداع ضوء المكان له, ويحاول حسحاس تنبيه ضمضام بأن النسناس في جزيرة الماس ليس نسناس لكن ضمضام لا يستمع له.
وتهدد “دربيز”، “كهرمان”، بنزعه هو و”فيروز” من العرش وعودة الملك “ألماظ”, ويلوم “بدر التمام” الملك “ألماظ”، ويخبره أن سبب عزله من الحكم هو الدجل والجهل والخرافة, وأن “شيراز” و”فيروز” قد يكونا وراء خطف “ضوء المكان”، فيشعر الملك “ألماظ” أن “بدر التمام” هو نفسه “جناح الصبار”، وهو الشخص الوحيد الذي بمقدوره تخليص ضوء المكان.

يجتمع “ضمضام” بالجان ويخبرهم ما قرره ملك الجان, وتتوسل له “ضوء المكان” أن تتحدث مع والديها, أما “بدر التمام” فيطلب من “دربيز” عدم فك أسر “شيراز” و”النحاس” بعد أن حبسهما، ويتبارز مع ملك “اليانكان” والفائز يصبح ملك ملوك الأرض ويتزوج “ضوء المكان”, فيتغلب عليه “بدر التمام” هو و”هيربيت” أبن “سندوكان”، ويخبر الملك أنه خبأ الماس وما تم سرقته هو مجرد زجاج, ويعود الملك لعرشه ويقبض على “فيروز” ويحبس ملك “اليانكان” مع “شيراز” و”النحاس”, والملك يأمر بالإفراج عن حكيم الجزيرة و”صابور”.

ويصل “بدر التمام” إلى كهف الظلام لتحرير “ضوء المكان”، ويستعيذ بالله العلي العظيم فيحرق “ضمضام” ويخرج ومعه الأميرة, ويطلب الزواج منها ويتم الزفاف في أجواء سعيدة، لتنتهي أحداث الحكاية التي استمرت طوال 33 حلقة, شارك في بطولتها بجانب نيللي ومحمود قابيل، مجموعة من الفنانين منهم أحمد ماهر, محمد الدفراوي, مديحة حمدي, جمال إسماعيل, رجاء الجداوي, وفاء سالم, عبير صبري وغادة عبد الرازق، وتأليف وأشعار وأغاني عبد السلام أمين, موسيقى وألحان وتوزيع عمار الشريعي, تصميم إستعراضات حسن عفيفي، منتج فني مدحت زكي, وإخراج عمرو عابدين.

وفي هذا العام كانت نيللي قد أعتذرت عن تقديم الفوازير، لتترك المجال لغيرها، بعد أن أعطت الفوازير والدراما الإستعراضية سنوات طويلة من عمرها، واستهلكت معظم الأفكار التي يمكن أن يتضمنها أي عمل آخر, ومن هنا أعجبتها فكرة أن تظهر في شخصيتين “شهرزاد” التي تروي للملك “شهريار” الحواديت المسلية.

لتدخل في معسكر عمل لمدة 6 أشهر, ولأنها لا تكتفي بالتمثيل فقط، فقد قدمت مجموعة من الإستعراضات داخل الحدوتة الدرامية تعود فيها للالتقاء مع مصمم الرقصات حسن عفيفي، والذي قدمت معه أنجح استعراضات الفوازير, وكان لنيللي شرطا عند التعاقد وهو التعاون مع مصمم الأزياء إسلام يوسف، وراهنت على موهبته، وبالفعل ربحت الرهان, فكانت الأزياء والإكسسوارات مميزة, وتم تخصص ميزانية للعمل بقيمة 5 مليون جنيه، ولأول مرة تخرج أسرة “ألف ليلة وليلة” للتصوير في الأماكن الطبيعية بعيدا عن الأستديوهات، حيث تم التصوير في الإسكندرية ومرسى مطروح والفيوم.

تمتعت “ألف ليلة وليلة” بخصائص درامية وعوامل جذب منها العناصر الأسطورية التي تجلت في طبيعة الصراعات وأسطورية شخوصها وأساليب التصوير البصري للأحداث, والصراع بين الخير والشر. 

فقـدمت لنا حكايات “ألف ليلة وليلة” ذات الطابع الأسطوري في كثير من المواطن, صورة حية لموضوعات ذات طبيعة صراع درامي بحت عاشها الإنسان منذ الأزل, كصراعه الدائر مع المجهول, ومع قـوى الطبــيعة القاهرة, أو الصراع القائم بينه وبين احتيـاجاته المادية والروحية, فضلا عن أن لها قـدرة التلاحم مع قضايا العصورالمختلفة, نظرا لإتسامها بالشـمولية, وملامستها للحقائق الأزلية كأصــول الأشياء مثل الموت والعــالم الآخـر, وتلك هي حاجة الدراما الماسة التي تؤكد على أن العلاقة بين الحكاية والدراما علاقة قديمة, فقد تركت في دواخلنا شيئا من سحرها العجيب لتظل “ألف ليلة وليلة” من أهم ما أنتج من الإرث الأدبي الإبداعي الضخم في الدراما التلفزيونية.

اقرأ ايضا | ألف ليلة وليلة: نجلاء فتحي .. بنت قمر الزمان