الانتخابات الفرنسية
الانتخابات الفرنسية


هل تكتب الانتخابات الفرنسية نهاية الجمهورية الخامسة؟

محمد عبدالفتاح

الثلاثاء، 12 أبريل 2022 - 07:46 م

 مشهد مُعاد لم يكن يتوقع أغلب الفرنسيين تكراره على هذا النحو..حيث انه للمرة الثالثة خلال عشرين عاماً يسجل اليمين المتطرف حضوره  فى الجولة الحاسمة من انتخابات الرئاسة، إذ ستكون مرشحة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، فى 24 أبريل الجاري، وجها لوجه أمام الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، لتحديد هوية ساكن قصر الأليزيه فى السنوات الخمس المقبلة.


المشهد الذى أفرزته الجولة الأولى من الاقتراع الرئاسى الفرنسي، يمكن قراءته أولاً من زاوية أن اليمين المتطرف سيكون حاضرا فى الجولة الثانية من الاستحقاق الرئاسي، للمرة الثالثة منذ مطلع القرن الحالي، متعادلاً بذلك مع مرشحى اليمين الجمهورى ومتفوقاً على مرشحى الحزب الاشتراكى الذين وصلوا تلك الجولة مرتين فقط، حيث وصل الحزب الذى تسيطر عليه عائلة آل لوبان.

 والذى كان اسمه فى الماضى الجبهة الوطنية ، لنفس المرحلة فى انتخابات عام 2002 وذلك حينما كان مرشحه جان مارى لوبان الأب المؤسس للحزب، والذى خسر الجولة النهائية أمام الرئيس الراحل جاك شيراك، قبل أن تحقق ابنته مارين لوبان نفس النتيجة فى اقتراعى 2017، و2022.


 اللافت للنظر أيضاً هو أن اليمين المتطرف يتدرج صعوداً من حيث نسبة الأصوات التى يحصل عليها فى كل مرة، وذلك بواقع 19% فى انتخابات 2002، ثم بنسبة 26% فى انتخابات 2017، إلى أن وصلت النسبة لـ32% فى اقتراع الأحد الماضي.

إذا ما أضفنا للأصوات التى حصلت عليها مارين لوبان ( 23.15% ) نسبة ما حصل عليه إيريك زمور (7.7%)، ونيكولا دوبون إينيان (2،06%)، وكلاهما يتبنى نفس أيدولوجية لوبان المعادية للمهاجرين وخصوصا المسلمين.


غير أن الظاهرة الأبرز هى أن 75% من إجمالى أصوات الجولة الأولى مقسمة على ثلاثة مرشحين، هم: ماكرون، ولوبان، وجان لوك ميلانشون مرشح أقصى اليسار الذى حاز على قرابة 21% من الأصوات.

وهو ما يمثل شهادة وفاة لليمين الديجولى المتمثل فى الحزب الجمهوري، وليسار الوسط المتمثل فى الحزب الاشتراكي، وهما الحزبان الرئيسيان اللذان تناوبا الرئاسة فى الأليزيه، منذ أن تأسست الجمهورية الفرنسية الخامسة على يد الجنرال شارل ديجول عام 1958، حيث حصلت فاليرى بيكرس مرشحة الحزب الجمهورى على 4،8% من الأصوات.

علماً بأنها كانت تمثل حزب حكم فرنسا من خلال جاك شيراك (1995-2007) وقبله جورج بومبيدو (1969-1974) وجيسكار فاليرى ديستان (1974-1981) وقبلهم جميعا الجنرال شارل ديجول نفسه (1958-1969)، بينما حصلت آن هيدالجو مرشحة الحزب الاشتراكى على 1،75% من إجمالى عدد المصوتين وهى بدورها كانت تمثل  الحزب الذى خرج منه رئيسان لفرنسا.

هما فرانسوا ميتران (1981-1995) وفرانسوا أولاند (2012-2017). ومن هنا فإن من يرون فى اليمين المتطرف تهديداً للديموقراطية الفرنسية، يستشعرون فى المشهد الحالى خطراً لا يُستهان به، إذ إن الموقف يتشابه شكلاً مع ما حدث فى انتخابات 2017.

علماً بأن مراكز استطلاع الرأى وقتها تنبأت بأن ماكرون، الذى كان آنذاك مرشحاً عن حركة «إلى الأمام»، سيفوز فى الجولة الثانية بفارق 20 نقطة عن لوبان أى بنسبة 70% من مجموع الأصوات، ولكنه تفوق فى نهاية المطاف بنسبة 66%.

أما اليوم فإن التوقعات ترجح فوز ماكرون على لوبان بفارق 8 نقاط فقط، كما يمكن القول إن لوبان تدخل الجولة الثانية باحتياطى غير مسبوق فى عدد الأصوات.

وأنها تفوقت فى الجولة الأولى حسابياً على ماكرون الذى حصل على 27،84% من الأصوات، وإذا ما وضعنا فى الاعتبار هامش خطأ استطلاعات الرأى فإن مارين لوبان ربما تكون بالفعل على مرمى حجر من قصر الأليزيه، والتى إن دخلته، وهى المؤيدة لروسيا فلاديمير بوتين فى الحرب على أوكرانيا.

فإن على باريس حينئذ أن تراجع سياساتها الخارجية على كل الأصعدة بدءًا من التواجد فى قطار أوروبا الموحدة ومظلة حلف شمال الأطلنطى (ناتو)، ومروراً باتفاقيات المناخ، وانتهاء بنسج قيم جديدة للجمهورية الفرنسية لا يُقبل فيها بآخر ولا صدى لشعار « مساواة - حرية - إخاء».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة