آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

مزايدات سياسية!

آمال عثمان

الجمعة، 15 أبريل 2022 - 05:58 م

يواجه الفنان تحدياً كبيراً حينما يتصدى لعمل، يُقدِّم من خلاله شخصية معروفة ومستقرة فى وجدان الجمهور، بينما يواجه تحدياً أصعب عندما يجسد شخصية عسكرية أو سياسية حاضرة فى الأذهان والحياة، ويتحول الأمر إلى مغامرة غير مأمونة العواقب إذا كانت تلك الشخصية ماتزال موجودة على رأس السلطة فى الدولة، هنا تصبح المحاذير والضغوط والمقارنات طوقاً يكبله أمام الكاميرا، وقيداً على إبداعه ليس فى طوقه!

والحق أن الفنان ياسر جلال خاض أن يخوض تلك المغامرة بكل شجاعة فى الجزء الثالث من مسلسل الاختيار، وتمكن بامتياز من تقمص - وليس تقليد - شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وجسّد الدور ببراعة يُحسد عليها، ونجح فى التوحد مع الشخصية، والتقاط تفاصيلها شـكلاً ومضموناً، فكان بحق مفاجأة هذا العام، وحصد إشادات كبيرة على المستوى النقدى والجماهيري.

ولا شك أن الفضل فى وصول ياسر جلال، وغيره من الفنانين لهذا المستوى من التشابه فى الملامح والأداء مع الشخصيات الحقيقية يعود إلى المخرج البارع بيتر ميمى فى المقام الأول، فقد كان موفقاً  فى اختياراته للفنانين الذين جسدوا الشخصيات المعروفة، إلى جانب قدرته على السيطرة على تفاصيل أدائهم وحركاتهم، بالإضافة للدور المهم والمميز للماكيير البارع أحمد مصطفى، ومهاراته الفنية والإبداعية فى الوصول بملامح وتفاصيل الشخصيات لهذا الحد من التشابه والإتقان.

والمسلسل يعد نقلة فى تاريخ الدراما المصرية، فهى المرة الأولى التى تظهر فيها شخصية رئيس الدولة وأسرته، وهو مايزال يجلس على كرسى الحكم، ويمارس مهام منصبه. صحيح أن الدراما اعتادت تقديم أعمال فنية حول فترات سياسية مختلفة، جسدت من خلالها شخصيات الرؤساء المصريين عدة مرات على الشاشة، غير أن ظهورهم كان محكوماً بخروجهم من منصبهم ورحيلهم عن دنيانا.

ولكن نجاح ياسر جلال فى تجسيد شخصية الرئيس السيسي، لا يعطى لكائن ما كان الحق فى المطالبة باعتزاله الفن - تلميحاً أو تصريحاً- خوفاً من تأثير أدواره القادمة على الصورة الذهنية الإيجابية التى تركها لدى الجمهور، أو وضع قيود على اختياراته التالية للشخصيات التى يؤديها فى أعماله اللاحقة، فهذا نوع من المزايدات السياسية غير المقبولة، وخلط مرفوض جملة وتفصيلاً بين الفن والسياسة، فقد برع ميل جبسون وغيره من الفنانين فى تجسيد دور السيد المسيح، ولم يطالبهم أحد بالاعتزال لأنهم جسدوا شخصية نبى الله!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة