الأمير محمد بن سلمان ورئيـــس مجلـــس القيـادة الرئاسى رشاد العليمي
الأمير محمد بن سلمان ورئيـــس مجلـــس القيـادة الرئاسى رشاد العليمي


قواسم إقليمية مشتركة تدفع نحو التهدئة

بعد المقترح الأمريكي| «عشرية الاستقرار».. هل تخمد نيران بؤر التــوتـر العـربية؟

آخر ساعة

السبت، 16 أبريل 2022 - 01:01 م

أحمد جمال

أثار إعلان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن تقديم بلاده خطة عشرية، مازالت فى طور الإعداد، للوصول إلى بر الاستقرار المنشود والمفقود منذ سنوات فى ليبيا وعدد من البلدان الأفريقية الأخرى، تساؤلات عديدة حول إمكانية اتجاه القوى الإقليمية الفاعلة نحو إيجاد بيئة مواتية لتسوية أزمات المنطقة بعد عشرية الفوضى التى تسببت فيها تلك القوى منذ ما يعرف باسم ثورات الربيع العربي، وذلك تماشيًا مع التطورات الدولية التى جعلت بوصلة الاهتمام تتجه نحو الاهتمام بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

لا ينفصل المقترح الأمريكى الأخير الذى تحدث عنه بلينكن عبر تغريدة مقتضبة بموقع التدوينات تويتر، عن مواقف أخرى دولية داعمة ومؤيدة لخطوات إنهاء الصراع فى اليمن بعد سبع سنوات من الانقلاب الحوثى على الشرعية، ما أسفر أخيراً عن ترتيبات جديدة فى صفوف الشرعية عبر تشكيل مجلس قيادة رئاسى شمل القوى السياسية والقبلية الفاعلة فى الحرب الدائرة، ما يؤشر على أن هناك تشجيعا على الاتجاه نحو الحلول السياسية بعد أن أثبت الصراع العسكرى فشله فى الحسم.

تعد التحركات السودانية لإحداث تغييرات إيجابية على المشهد السياسى الداخلى عبر تكثيف المشاورات لتشكيل حكومة جديدة واتجاه القوى المدنية لتوحيد صفوفها وزيادة حجم تدخلات البعثة الأممية (يوناميتس) بحثًا عن مخرج يضمن نجاح المرحلة الانتقالية ووصولاً لإجراء الانتخابات، جزءاً من مناخ عام يشجع على الحلول السياسية لإخماد بؤر التوتر العربية، وبالرغم من أن الحالة السودانية تختلف عن نظيرتها فى ليبيا واليمن، لكن بوجه عام تبقى هناك فرصة للحل إذا توافقت الأطراف الداخلية على خارطة طريق للعودة مجدداً إلى الهدوء والاستقرار.

أعلن العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامى لرئيس مجلس السيادة السودانى الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عن تشكيل حكومة جديدة فى البلاد خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أنه يجرى تشكيل واقع سياسى جديد خلال الفترة القادمة ابالاستفادة من كل المبادرات الوطنية الخالصة، التى تقودها الكيانات والجهات السودانية الحادبة على مصلحة السودان واستقراره والعاملة على إنجاح الفترة الانتقالية بكامل مؤسساتها السيادية والتنفيذية والعدلية ومفوضية الانتخابات وغيرها من المؤسسات.

 

يمكن القول بأن الحديث الأمريكى عن عشرية الاستقرار بعد أن خرج منها شعار االفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير، قد يجعل هناك فرصة لتوظيف الاحتياج الأمريكى للهدوء فى المنطقة بعد أن تصاعد الصراع بينها وبين موسكو وبحثها عن موارد بديلة للنفط الروسى إلى أوروبا، وقد تجد ضالتها فى النفط الإيرانى وهو ما يجعلها أكثر حرصًا على إحياء الاتفاق النووى وما سيترتب على ذلك من إمكانية دفع طهران عناصرها نحو التهدئة، تحديداً فيما يتعلق بالملف اليمني.

ومؤخراً أعلن وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبد اللهيان أن التوصل إلى اتفاق فى مفاوضات فينا لإحياء الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015 بات وشيكا، وذلك بعد عام تقريبًا من المفاوضات التى تشارك فيها طهران مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين بشكل مباشر، والولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

 

وكان الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى فوّض سلطاته إلى المجلس الرئاسى الذى ضم ثمانية قيادات بينهم سياسيون وعسكريون الخميس، فى خطوة تهدف إلى دعم الجهود التى تقودها الأمم المتحدة لإحياء المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة فى البلاد منذ سبع سنوات.

 

وأعرب رئيس المجلس رشاد العليمى، وهو قيادى فى حزب المؤتمر ووزير سابق للداخلية فى عهد الرئيس الأسبق على عبدالله صالح عن تطلعه إلى أن يكون المجلس انقطة تحول فى مسيرة استعادة الدولة، ودعا إلى بدء مفاوضات مع الحوثيين، مؤكداً التزام المجلس التام بـاالمبادرة الخليجية واتفاق الرياض والمشاورات اليمنية.

من جانبه أوضح الدكتور محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربى لتحليل السياسات الإيرانية، أنه فى حال نجاح مباحثات فينا فإن الورقة الأولى التى من الممكن أن تفاوض بها طهران مع المجتمع الدولى ستتمثل فى دورها الإقليمى وقد تقبل بأن تقايض بخفض نفوذها فى اليمن فى مقابل رفع تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثورى الإيرانى وفيلق القدس كمنظمات إرهابية، مشيرًا إلى أن الاهتمام بإنجاح مفاوضات فينا يتزايد فى تلك الأثناء لحاجة الأوروبيين إلى قوة نفطية تحل محل روسيا وتلك القوى تتمثل فى إيران وفنزويلا، وهناك خفض فى التصعيد الأمريكى تجاه الدولتين منذ أن بدأت الحرب الروسية.

وأكد أحمد عليبة، الخبير بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن هناك قواسم مشتركة بين الأزمات العربية تتمثل فى الاتجاه نحو تهدئة التصعيد الحاصل فى الأزمات الإقليمية، ومثلما تعرضت الدول العربية لـاعشرية الفوضىب، فإن هناك مؤشرات تشير إلى هناك عشرية جديدة نحو الوصول للاستقرار، غير أن ذلك لا ينفى أن لكل أزمة تفاعلاتها الداخلية المختلفة التى قد لا تقود للتهدئة.

وأضاف، أن تداعيات الحرب الأوكرانية قد تكون أثراً غير مباشر لتطورات الأوضاع على الساحة اليمنية، غير أن الأثر المباشر يتمثل فى أن الصراعات السياسية المستمر منذ عشر سنوات والحرب المشتعلة قبل سبع سنوات أضحت بحاجة إلى تدخلات سياسية فاعلة بعد أن فشل الصراع العسكرى فى تحقيق نتائج مرجوة على الأرض لأىٍ من الأطراف، وأن المملكة العربية السعودية ترى أن الترتيبات الجديدة تشكل فرصة مواتية للملمة معسكر الشرعية.

 

وأوضح أن اليمن أمام هندسة جديدة للمشهد السياسى وسيكون من المبكر الحكم عليها، وأن مجلس القيادة الرئاسى الذى جرى الإعلان عنه لا يدخل ضمن التحالفات السياسية لكن يمكن وصفه بأنه ائتلاف حاكم ومن الوارد أن يكون هناك تباينات فى مواقف المنضمين داخله، وبحسب عليبة فإن الائتلاف يستهدف تحقيق أهداف واضحة على رأسها إحداث عملية توازن سياسى لإنهاء الخلافات بين فرقاء الشرعية وإظهار قوة صامدة فى وجه العناصر الحوثية، إلى جانب إنهاء هيمنة حزب الإصلاح التابع لتنظيم الإخوان على السلطة، والبحث عن أطر سياسية جديدة للحل بدلاً من الخيار العسكرى الذى أثبت فشله، إلى جانب تخفيف آثار الحصار الاقتصادى.

وكان البيان الختامى للمشاورات اليمنية التى رعاها مجلس التعاون الخليجى فى الرياض خلال الفترة الممتدة من التاسع والعشرين من مارس الماضى حتى السابع من أبريل الجارى قد رحب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسى لإدارة الدولة سياسيّا وعسكريّا وأمنيّا خلال الفترة الانتقالية، واستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض كامل صلاحيات رئيس الجمهورية إليه.

ورحبت واشنطن على لسان سفيرتها فى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد بتشكيل المجلس الرئاسي، وحثته على االالتزام بالهدنة ـ التى انطلقت مطلع الشهر الجارى ولمدة شهرين ـ والتعاون مع الجهود التى تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراعب.

كما أعلن الاتحاد الأوروبى عن دعمه هذه الخطوة التى وصفها بأنها مشجعة للهدنة الأخيرة، مشيرا إلى أنها ايمكن أن تخلق المزيد من الزخم لتسوية سياسية شاملة للصراعب. ودعا اجميع الفاعلين، وعلى وجه الخصوص الحوثيينب إلى ااحترام الهدنة والتعاطى مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس جروندبرج دون شروط مسبقة.

الاتجاهات الدولية نحو التهدئة ظهرت واضحة أيضا على لسان سفير الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص إلى طرابلس ريتشارد نورلاند، الذى أكد أن بلاده تعمل من أجل المصالحة الليبية عبر خطة لدعم الاستقرار فى ليبيا وعدد من الدول الأخرى، وفق خطة لم يكشف عن تفاصيلها تمتد لعقد كامل. وأوضح أن االاستراتيجية العشرية التى تقترحها بلاده تظهر التزاماً أمريكياً يتجاوز المرحلة الحالية، ويسعى إلى تحقيق الاستقرار المستدام فى ليبياب.

وفى المقابل رأى الدكتور أكرم حسام، نائب مدير مركز رع للدراسات الاستراتيجية، إنه لا يوجد معادلة استقرار واحدة تجمع صراعات الشرق الأوسط، وأن كل أزمة محكومة بسياقاتها المحلية والدولية، وأن الفترة المقبلة قد تشهد مزيداً من الانشغال الغربى بما يدور فى المنطقة لصالح أدوار أكبر للأطراف المحلية التى سيكون لديها الدور الأبرز فى إدارة الصراعات وكيفية إخمادها.

وشدد على أن الأزمة الأوكرانية سحبت من اهتمامات القوى الإقليمية وكذلك استحوذت على جزء من المجهود التركى والإيرانى، وبالتالى فإن ذلك سيكون لديه انعكاساته على مستوى تعاظم الحضور المحلى للأطراف العربية، وبالتالى فإن المحددات الداخلية ستكون حاسمة بالنسبة لإمكانية إيجاد حلول سياسية وأن ذلك يظهر بقوة فى الملف اليمنى الذى يبحث عن محاولات للملمة الأوضاع بعيداً عن الفاعلين الإقليميين.

ولدى الخبير فى الشئون الإقليمية قناعة بأن تركيبة المجلس القيادى الرئاسى فى اليمن قد تستهدف تحقيق أهداف مرحلية تتمثل فى التعامل مع الميليشيات الحوثية ومحاولة إخراجهم من المشهد السياسي، لكنها تعد مؤشرا سلبيا على إمكانية تدوير الصراع لأن الأطراف التى تضمنها المجلس بينها تباينات وخلافات عديدة ولن يكون من السهل الوصول إلى حلول توافقية باعتبارها أطرافا متحاربة فيما بينها، وهو ما يجعل هناك تأكيدا على أن دور المجلس الجديد يتمثل فى البقاء لفترة محددة للإعداد للانتخابات المقبلة.

وأشار إلى أن انشغال القوى الإقليمية قد تكون له تأثيراته السلبية على الملف الليبى بما يقود لتجميد الموقف الحالى بين حالة اللاسلم واللا حرب، مع وجود حكومتين إحداهما فى الشرق وأخرى فى الغرب وتستمر حالة الانقسام الداخلى لخمس أو ست سنوات مقبلة، أو قد يسبق ذلك الدخول فى صراع مسلح لتندلع شرارة العنف مرة أخرى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة