أحمد الإمام
أحمد الإمام


حتى نحافظ على نجاح «الاختيار»

أخبار الحوادث

السبت، 16 أبريل 2022 - 04:03 م

‭..‬أثبت‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬الاختيار‮»‬‭ ‬أن‭ ‬مشهدا‭ ‬دراميا‭ ‬واحدا‭ ‬قد‭ ‬يحقق‭ ‬ما‭ ‬تعجز‭ ‬عنه‭ ‬عشرات‭ ‬البرامج‭ ‬الحوارية‭ ‬والخطب‭ ‬الحنجورية‭.‬

فمنذ‭ ‬تدشين‭ ‬الجزء‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬المميز‭ ‬في‭ ‬2020‭ ‬وأصبحت‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوحد‭ ‬والتعاطف‭ ‬بين‭ ‬المشاهدين‭ ‬وأبطال‭ ‬العمل،‭ ‬فمن‭ ‬منا‭ ‬لم‭ ‬تبكيه‭ ‬مشاهد‭ ‬ملحمة‭ ‬البرث‭ ‬واستشهاد‭ ‬المنسي‭ ‬ورفاقه‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬منا‭ ‬لم‭ ‬يصب‭ ‬لعناته‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬العشماوي‭ ‬وعصابة‭ ‬الشر‭ ‬التي‭ ‬أراقت‭ ‬دماء‭ ‬المصريين‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭.‬

واستمرت‭ ‬حالة‭ ‬النجاح‭ ‬مع‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬غزارة‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬درامي‭ ‬محكم‭ ‬خالي‭ ‬من‭ ‬التكرار‭ ‬والملل‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬المخرج‭ ‬بيتر‭ ‬ميمي‭ ‬موفقًا‭ ‬بتغيير‭ ‬المؤلف‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حيوية‭ ‬العمل‭ ‬،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬باهر‭ ‬دويدار‭ ‬خلاصة‭ ‬فكره‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الاول‭ ‬جاء‭ ‬الدور‭ ‬على‭ ‬هاني‭ ‬سرحان‭ ‬ليتألق‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬ويقدم‭ ‬وجبة‭ ‬درامية‭ ‬دسمة‭ ‬لم‭ ‬يتسلل‭ ‬إليها‭ ‬التكرار‭ ‬أو‭ ‬الترهل،‭ ‬وحققت‭ ‬الحلقة‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬ملحمة‭ ‬الواحات‭ ‬نفس‭ ‬التأثير‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬حلقة‭ ‬ملحمة‭ ‬البرث‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الاول‭.‬

وكشف‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬كم‭ ‬الكراهية‭ ‬والبغض‭ ‬الذي‭ ‬تحمله‭ ‬عصابات‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬ورجاله‭ ‬الأبطال‭ ‬من‭ ‬أسود‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة‭.‬

ولكن‭ ‬بعد‭ ‬متابعتي‭ ‬للثلث‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬رصدت‭ ‬بعض‭ ‬السلبيات‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬بالعمل‭ ‬وجعلته‭ ‬فنيًا‭ ‬ودراميًا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الأقل‭ ‬بين‭ ‬الأجزاء‭ ‬الثلاثة‭ ‬،‭ ‬فالمؤلف‭ ‬هاني‭ ‬سرحان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موفقًا‭ ‬في‭ ‬تضفير‭ ‬كم‭ ‬المعلومات‭ ‬والتفاصيل‭ ‬التي‭ ‬وفرتها‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬الاجهزة‭ ‬الامنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬بسخاء‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬كان‭ ‬كفيلا‭ ‬بتقديم‭ ‬عمل‭ ‬اسطوري‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬إمكانيات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدراما‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬حرص‭ ‬المؤلف‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬كل‭ ‬المعلومات‭ ‬المتاحة‭ ‬وتوصيلها‭ ‬إلى‭ ‬المشاهدين‭ ‬بدون‭ ‬أغفال‭ ‬أي‭ ‬جزئية‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الربط‭ ‬الدرامي‭ ‬وتصاعد‭ ‬الاحداث‭ ‬بشكل‭ ‬تشويقي‭ ‬جذاب‭ ‬حيث‭ ‬بدا‭ ‬العمل‭ ‬أقرب‭ ‬الى‭ ‬عمل‭ ‬وثائقي‭ ‬خالي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حبكة‭ ‬درامية‭.‬

لذلك‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬المؤلف‭ ‬بعد‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬كان‭ ‬واجبًا‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬الجزء‭ ‬الاول‭ ‬لإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لدم‭ ‬جديد‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬العمل‭ ‬ورؤية‭ ‬جديدة‭ ‬للأحداث‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استنفذ‭ ‬هاني‭ ‬سرحان‭ ‬مخزون‭ ‬فكره‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭.‬

هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬ليست‭ ‬تقليلا‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بأعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‭ ‬ولكنها‭ ‬غيرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الدرامية‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬ستبقى‭ ‬للاجيال‭ ‬القادمة‭ ‬وبحثًا‭ ‬عن‭ ‬الكمال‭ ‬لهذا‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الهام‭.‬

ورغم‭ ‬إخفاق‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬رؤية‭ ‬درامية‭ ‬متكاملة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬عوامل‭ ‬النجاح‭ ‬أضفت‭ ‬بريقًا‭ ‬على‭ ‬المسلسل‭ ‬وطغى‭ ‬تألقها‭ ‬على‭ ‬قصور‭ ‬المؤلف‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬ظهور‭ ‬شخصية‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسي‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬وبراعة‭ ‬ياسر‭ ‬جلال‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الشخصية‭ ‬بهدوء‭ ‬وتمكن‭ ‬بدون‭ ‬افتعال‭ ‬أو‭ ‬مبالغة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تألق‭ ‬النجمين‭ ‬كريم‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬واحمد‭ ‬عز‭ ‬اللذين‭ ‬قدما‭ ‬نماذج‭ ‬مشرفة‭ ‬لضباط‭ ‬الامن‭ ‬الوطني‭ ‬والمخابرات،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬احمد‭ ‬السقا‭ ‬الحلقة‭ ‬الاضعف‭ ‬ضمن‭ ‬ثلاثي‭ ‬النجوم‭ ‬بسبب‭ ‬أدائه‭ ‬الباهت‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬انفعالات‭.‬

ونجح‭ ‬خالد‭ ‬الصاوي‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬شخصية‭ ‬خيرت‭ ‬الشاطر‭ ‬وإظهار‭ ‬دمويته‭ ‬الشديدة‭ ‬ورغبته‭ ‬في‭ ‬الانفراد‭ ‬بالسلطة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جثث‭ ‬المصريين‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مذبحة‭ ‬رفح‭ ‬التي‭ ‬دبرها‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬المشير‭ ‬طنطاوي‭ ‬وإزاحته‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬صبري‭ ‬فواز‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬شخصية‭ ‬الرئيس‭ ‬مرسي‭ ‬بضعفه‭ ‬وتردده‭ ‬وقلة‭ ‬حيلته‭.‬

أتمنى‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬الاختيار‮»‬‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬الرمضانية‭ ‬لسنوات‭ ‬أخرى‭ ‬وعندي‭ ‬يقين‭ ‬أن‭ ‬الاجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬تحتفظ‭ ‬لديها‭ ‬بعشرات‭ ‬القصص‭ ‬والملفات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬للنور‭ ‬بعد‭ ‬وتصلح‭ ‬لتقديم‭ ‬أجزاء‭ ‬وأجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭. ‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة