د.  عبد الله شرف
د. عبد الله شرف


«الأخبار» تحاور الخبراء حول تأثيرات التغيرات المناخية «2»

حازم بدر

الأربعاء، 20 أبريل 2022 - 07:09 م

«البيروقراطية» حرمتنا من أرز يروى بمياه بحر..  وقمح يكفيه رية واحدة
الافتقار لابتكارات زراعية «انتحار بالبطىء».. والحل يكمن فى الصحراء 
التغيرات المناخية أحد أسباب ارتفاع أسعار الغذاء.. ونفتقد ثقافة البحث عن البديل 
أشارك مع 109 علماء فى تحسين استجابة أفريقيا لضغوط تغير المناخ
إندونيسيا تملك تجربة | فى التكيف السريع.. والحرب الروسية الأوكرانية حافز لتكرارها 

 

لا تعطيك نبرة الصوت الهادئة للدكتور عبد الله شرف، الباحث بمركز الأحياء بجمهورية التشيك، والأستاذ المساعد بجامعة عين شمس بمصر، أنك ستكون على موعد مع حوار ملىء بالآراء الواضحة والمباشرة، إذ تكون آراء مثل هؤلاء من أصحاب الصوت الخفيض، هادئة من جنس صوتهم، حتى لا تجلب لهم المشاكل والأزمات، ولكن المفاجأة أنه كان على استعداد للدخول فى ملفات شائكة تدور حول التغيرات المناخية وتأثيرها على قطاع الزراعة والغذاء، وهو الحوار الثانى فى سلسلة حوارات تنشرها «الأخبار» تحت عنوان: «تأثيرات التغيرات المناخية».


وخلال الحوار الذى تم إجراؤه عبر منصة «زووم»، كان شرف حزينا على إهمال منتجات بحثية مصرية استشعرت فى وقت مبكر جدا خطر التغيرات المناخية، مثل صنف من القمح يمكن أن يتم إنتاجه بالرى مرة واحدة فقط، وصنف من الأرز مقاوم للملوحة ويمكن ريه بمياه البحر.


واعتبر أن مثل هذه الأفكار التى تحاول أن تبحث عن مخرج من مأزق التغيرات المناخية، تفوق أهميتها الجهود العالمية نحو تخفيض درجة حرارة الكوكب، وقال إنه إذا كتب لهذه الجهود النجاح، فستؤتى ثمارها بعد سنوات طويلة، ولكن مثل هذه الأفكار وغيرها، يمكن العمل على تنفيذها سريعا لتقديم حلول عاجلة لأزمة مناخية بات تأثيرها ملموسا.


ورغم الأدب الجم والذوق الرفيع الذى يتسم به شرف، إلا أن ذلك لم يمنعه من إطلاق ضحكة ساخرة عندما واجهته ببعض الآراء التى تنكر ما يقول عنه أنه «أزمة مناخية باتت ملموسة»، وقال « إنه أمر مضحك للغاية»، وعدد بعضا من الدلائل التى لا تخطئها العين، وزاد على ذلك بقوله، إن أحد أسباب ما نعيشه الآن من ارتفاع فى الأسعار هو تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعى.


وشدد على أن «الإرشاد الزراعى» فى مصر بعيد بدرجة كبيرة عن التعامل مع مثل هذه القضايا، واقترح بعض الأفكار التى يمكن تنفيذها حتى يتمكن المزارع من استيعاب التحديات المناخية الجديدة، والانفتاح على أى حلول جديدة وغير تقليدية لمواجهتها .. وإلى نص الحوار.
 

بداية، ألحظ أنه بالرغم من المؤتمرات الدولية والفعاليات العلمية حول التغيرات المناخية، هناك من ينكرها ويرى أن هناك تضخيم للمشكلة، فهل تملك دلائل واضحة لانعكاسات المشكلة على القطاع الزراعى، يمكن من خلالها الرد على هؤلاء؟


يطلق ضحكة ساخرة قبل أن يقول: «مثل هذا الإنكار أمر مضحك للغاية»، فقبل أن أحدثك عن انعكاساتها على قطاع الزراعة، وهو أمر أصبح ملموسا، فهناك ما يقرب من 500 كارثة طبيعية شهدها العالم مؤخرا، كان لها علاقة واضحة بتغيرات المناخ، مثل الفيضانات والحرائق التى التهمت الغابات فى أكثر من دولة، أما إذا تحدثنا عن انعكاساتها على القطاع الزراعى، فيكفى مثلا أن أقول لك أن انتاج الزيتون انخفض العام الماضى بنسبة تصل إلى 50 % بسبب التغيرات المناخية التى طرأت على فصل الشتاء، حيث يحتاج الزيتون إلى انخفاض الحرارة 10 درجات مئوية لعدد معين من الساعات طوال الشتاء حتى تتهيأ الشجرة للدخول فى موسم النمو التالى، ولكن ما حدث أن الشتاء كان دافئا وبدأ فى منتصف فبراير.


وتوجد العديد من الأمثلة الأخرى، التى تجعلنى أتعجب من إنكار وجود التغيرات المناخية، ولا يوجد رد على هؤلاء سوى «اللى ميشفش من الغربال يبقى أعمى».


الأمن الغذائى

دعنا نطرح أمثلة أخرى من المحاصيل الإستراتيجية مثل محاصيل الحبوب، كالقمح والأرز، والتى يمكن أن يكون لنقصها تأثير واضح على الأمن الغذائى؟

بلهجة متحمسة يقول: من الجيد أنك استخدمت مصطلح «الأمن الغذائى»، لأن تأثير التغيرات المناخية على محاصيل الحبوب سيهدد الأمن الغذائى العالمى، لدرجة أن بعض التقارير تتحدث عن أن أعداد الذين يعانون من الجوع عالميا ستزيد  170 مليون شخص عام 2060، بسبب الانخفاض المتوقع فى إنتاجية الحبوب بسبب تغيرات المناخية بنسبة 7 %، ولك أن تتخيل ماذا سيكون الرقم لو زادت تلك النسبة.


وإذا كانت هذه الأرقام المتوقعة بعد نحو 38 عاما  فى مجال إنتاجية الحبوب غير كافية لإقناع المنكرين لخطر التغيرات المناخية، فإنى أدعوهم لزيارة الحقول وسؤال المزارعين عن التغيرات التى حدثت فى أوقات الزراعة والحصاد بسبب تغير المناخ.

وهل نتعامل مع هذه المشكلة باعتبارها أمرا واقعا ونقف مكتوفى الأيدى، أم أن هناك حلولا يمكن العمل عليها؟

يشير بإصبعيه السبابة والوسطى، قائلا: هناك طريقان يجب السير فيهما معا، الأول، وهو السعى نحو تقليل الإنبعاثات، المسببة للإحترار، ولكن مثل هذه الحلول تأخذ سنوات طويلة، فكما أن الاحترار الحادث الآن، بدأنا نشعر به بعد سنوات، فإن إصلاح الحال سيأخذ أيضا سنوات، وفى أحسن الأحوال، لن يحدث انخفاض فى درجات الحرارة، ولكن كل ما نتمناه هو ألا نتجه نحو المزيد من الاحترار، فكل ما تحدثنا عنه سابقا من تداعيات هو نتيجة زيادة من درجة إلى درجتين، فلك أن تتخيل الحال إذا اتجهنا نحو مزيد من الزيادة.


وهذا يقودنى إلى الطريق الثانى، وهو أن تكون هناك مرونة فى التعامل مع المشكلة والتأقلم معها بابتكارات زراعية تتحمل تلك التغيرات، وهذا الأمر لم يعد رفاهية، بل أصبح شديد الأهمية، وتجاهله بمثابة «انتحار بالبطىء»، عبر تعريض الناس لخطر الجوع.


مشروع الجينوم الأفريقى

حديثك عن حلول التأقلم مع التغيرات، يقودنى إلى مشروع الجينوم الأفريقى، الذى تعد أحد مؤسسيه، فقد ذكرتم فى الورقة المنشورة مؤخرا بدورية «نيتشر» أن أحد أهدافكم هو مساعدة القارة على مواجهة التغيرات المناخية من خلال مواردها الجينية المتوافرة فى صحاريها وأنهارها وبحارها، فكيف ستحققون ذلك؟

تظهر ابتسامة عريضة على وجهه قبل أن يقول بلهجة أكثر حماسا: سعيد أنك أشرت للمشروع وكذلك الدراسة المنشورة فى نيتشر، لأنه بالفعل كما قلت فى سؤالك، فإننا نسعى لمساعدة القارة الأفريقية على تحسين استجابتها للضغوط البيئية المستقبلية مثل تغير المناخ، عبر توفير المعلومات الجينية عن المحاصيل الأساسية ذات الأهمية الحاسمة للأمن الغذائى.


كيف ستحققون ذلك؟

قبل أن أوضح لك الكيفية من خلال مشروع الجينوم الأفريقى الذى يشارك فيه، حتى الآن 109 علماء أفارقة و22 منظمة أفريقية، يمثلون باحثين ومؤسسات وشركات من جميع المناطق الخمس فى الاتحاد الأفريقى، فإن الحديث بشكل عام عن التكيف مع التغيرات المناخية، ينصرف إلى ضرورة تطوير برامج التربية لاستحداث أصناف من المحاصيل تواجه الملوحة والجفاف، ومثل هذه البرامج تأخذ سنوات طويلة إذا لم يكن لديك التسلسل الجينى لهذه المحاصيل، ونحن من خلال مشروع «الجينوم الأفريقى» نوفر هذا التسلسل الجينى الذى سيساعد على تسريع برامج التربية.


كذلك، فإن المشروع سيساعد أيضا على إجراء تسلسل جينى للأقارب البرية للأصناف التجارية، والتى توجد فى الصحارى، ولديها جينات يمكن الاستفادة منها فى مواجهة التغيرات المناخية، وهذه الأقارب البرية فى الصحارى ينظر لها على أنها الكنز الثمين وإحدى أدوات المواجهة التى ينبغى ألا نهملها، ومن خلال إجراء التسلسل الجينى لها، نستطيع الاحتفاظ بهذه المعلومات الجينية لتسهيل برامج التربية من ناحية، وحفظ مثل هذه الثروة الجينية خشية انقراضها من ناحية أخرى.

أتصور أن الحرب الأوكرانية الروسية تفرض التحرك السريع فى هذا الاتجاه، لأن تأثير الحرب على الاستيراد، يجعلنا مطالبين بزيادة الإنتاج المحلى من محاصيل الحبوب، فى وقت تنال فيه التغيرات المناخية من قدرتنا على ذلك؟

يومئ بالموافقة قبل أن يقول: أتفق معك تماما، فيجب أن يكون هناك تحرك سريع، وبالمناسبة هناك أبحاث استشرفت هذه المخاطر فى وقت مبكر جدا ووصلت لنتائج، ولكن هذه الأبحاث حبيسة الأدراج، وهذه هى المشكلة الكبيرة فى مصر.


وبالمناسبة، العالم كله يتحرك حاليا فى هذا الاتجاه، فأنا أشارك الآن فى مشروع أوروبى شمال أفريقى لدراسة أصناف الشعير فى سبع دول وتحديد الأصناف التى تتحمل الحرارة والجفاف، ولست متأكدا وأنا أشارك فى هذا المشروع أننا سنستفيد من نتائجه، وكل المطلوب سيكون إعداد تقرير عن مشاركتى فى المشروع، لتكون الاستفادة منه مجرد ورقة، وهذا الوضع لم يعد مقبولا، لأننا أمام مشكلة حقيقية.


وأذكر فى هذا الإطار أنه فى عام 2005 حدث تسونامى فى آسيا، تسبب فى ملوحة الأراضى، مما هدد قدرات إندونيسيا على زراعة محصول الأرز، ولكن لأنهم كانوا مستعدين لمواجهة مثل هذه الأزمات، تمكنوا فى العام التالى من زراعة أصناف تتحمل الملوحة، وهذا درس مهم جدا فى الاستجابة السريعة لضغوط تغير المناخ.


همزة الوصل

ذكرتنى تجربة إندونيسيا التى تشير إليها بأصناف مقاومة للملوحة كان العالم الراحل أحمد مستجير، أنتجها قبل سنوات...


يكتسى صوته بنبرة حزينة وهو يقول: ليس الدكتور مستجير وحده الذى أنتج مثل هذه الأصناف، فالأصناف التى أنتجها الدكتور مستجير استخدمت جينات مقاومة الملوحة من نبات الغاب، لإنتاج أرز يروى بمياه البحر، وهناك أحد تلاميذ الدكتور مستجير، وهو أستاذى الدكتور أحمد بهى، الذى يعمل الآن فى السعودية، وكان قد أنجز قبل أن يغادر مصر، صنفا من القمح لا يحتاج للرى سوى مرة واحدة فقط، وهذه أفكار مهمة لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على كمية المياه المتاحة للزراعة.

فى رأيك ما الذى حرمنا من تطبيق مثل هذه الأفكار؟

يرد على الفور: كما قلت لك فإن المشكلة تكمن فى البيروقراطية التى تجهض أى جديد، ففى الوقت الذى يفتش فيه الغرب عن حلول فى دولنا، عبر مشروع أصناف الشعير المقاومة للحرارة والجفاف الذى حدثتك عنه، ستقتصر مشاركتنا فى المشروع على كتابة التقرير، وربما النشر البحثى. 

ربما يكون السبب مثلا هو إدراك المسئول عن السياسة الزراعية أن المزارع لا يتجاوب مع كل ما هو جديد؟

يومئ بالرفض قبل أن يقول: لا أتصور ذلك، ولكن المشكلة تكمن فى أننا فقدنا همزة الوصل مع المزارع، وهى الإرشاد الزراعى، فمن خلال خبرتى فى مصر قبل السفر ومرورى على الحقول فى أكثر من محافظة مصرية،  لم يعد هناك أى دور للإرشاد الزراعى، وإن وجد إرشاد زراعى فهو موظف ليست لديه أى خلفية ووظيفته توزيع التقاوى والسماد.


فلك أن تتخيل مثلا أن محطة بحثية رائدة فى محافظة بنى سويف تسمى «سدس»، لديها أصناف رائعة نجحت فى إنتاجها، ولكن خارج سور هذه المحطة، تستخدم أصناف أخرى فى الحقول، رغم وجود المزارع وباحثى المحطة فى منطقة واحدة.


روابط المنتجين

سأعود لنفس السؤال السابق، فربما يكون السبب أن المزارع لا يقبل أى جديد يخرج من المحطات البحثية؟

لم ينتظر استكمال السؤال، وقال: كان دور المرشد الزراعى هو التقريب بين الاثنين، فالمزارع قد ينظر لنفسه على أنه أكثر خبرة من الباحث، لأنه ورث الفلاحة عن أجداده، والباحث قد ينظر للمزارع على أنه يعيش على إرث الماضي.

وكيف نستعيد الدور المفقود للمرشد الزراعى؟

يشير بسبابته قائلا: عبر طريق واحد، وهو تبنى ما يعرف بـ «روابط المنتجين»، فهى البديل العصرى للإرشاد الزراعى التقليدى، وهى فكرة معمول بها فى كثير من دول العالم، وفى مقدمتها أوروبا.

وكيف تقوم روابط المنتجين بهذا الدور؟


روابط المنتجين هى تجمع لمنتجى كل محصول، فيوجد مثلا رابطة منتجى القمح، وهذه الرابطة يكون لها مجلس إدارة منتخب، وهى التى تضع السياسات الملزمة للمزارعين أعضاء الرابطة، من حيث الأصناف التى يتعين عليهم زراعتها، وهذا يجعلها أداة اتصال مناسبة بين المزارع والباحث، وهذا الدور كانت تقوم به فى الماضى الجمعيات الزراعية، ولكن حدث انحسار واضح فى دورها.


مؤتمر شرم الشيخ

وهل استضافة مصر للمؤتمر الـ 27 لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المُناخ بشرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، سيساعد على لفت الانتباه لأهمية اتخاذ مثل هذه الخطوات؟

يومئ بالموافقة قبل أن يقول: طبعا، فمثل هذه المؤتمرات تساعد على زيادة الوعى، فأنت قلت لى فى بداية الحوار إن هناك من ينكر التغيرات المناخية، وهذه المؤتمرات والاهتمام العالمى يؤكدان على حجم المشكلة، والتى بدأنا نشعر بها هذه الأيام فى أسعار السلع الغذائية، فكثير من التحليلات تربط ارتفاع الأسعار بتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وحدها، ولكن الحقيقة أن تغير المناخ وما تبعه من تأثيرات على إنتاجية المحاصيل، يساهم فى ارتفاع الأسعار، وهناك تقارير دولية تتحدث عن أن الانتاج الزراعى فى أفريقيا سيقل 30% عام 2050، وأشارت هذه التقارير أيضا إلى أن مصر من الدول التى تأثر سعر الغذاء فيها حاليا بتغير المناخ.

وماذا تنتظرون كباحثين فى مجال الزراعة من مؤتمر شرم الشيخ؟

تخرج الكلمات من فمه سريعة قائلا: ننتظر مزيدا من الدعم المادى للأبحاث التى تسعى للتكيف مع مشكلة التغيرات المناخية، فمثلا مشروع «الجينوم الأفريقى»، الذى يهدف إلى تحسين استجابة إفريقيا لضغوط تغير المناخ، تبلغ تكلفته التقديرية 1 مليار دولار أمريكى على مدى 10 سنوات، فهل سننظر لهذا الرقم على أنه ضخم، أم أنه سيتضاءل أمام خطر افتقاد القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

أتصور أن المبلغ ضخم للغاية؟


أتفق معك، ولكن أعتقد أن الحرب الأوكرانية الروسية من المفترض أن تكون إنذارا بضرورة السير فى الاتجاه الصحيح، وهو تعظيم الإنتاج المحلى، لأن خيار الشراء من الخارج قد لا تملكه، حتى وأنت بحوزتك النقود، فى حال منع الآخرين التوريد لتوفير الغذاء لشعوبهم.


وحتى يمكنك تعظيم الإنتاج المحلى يجب أن تعمل على انتاج أصناف تتكيف مع التغيرات المناخية، والصحراء مليئة بالأقارب البرية للمحاصيل، والتى يمكن اللجوء إليها للحصول على الجينات المقاومة للحرارة والجفاف، كما أنها مليئة أيضا بنباتات يمكن الاستفادة منها غذائيا، وإدخالها إلى غذائنا، ويحضرنى هنا مثال وهو «شجرة المورينجا»، حيث أصبح هناك مؤخرا اهتمام كبير بقيمتها الغذائية.


ومن الحلول أيضا، البحث عن بدائل للمحاصيل، وهى ثقافة للأسف غائبة عن مجتمعنا، لكنها توجد بالخارج، فإذا كانت لديك مشكلة فى القمح، يمكنك البحث عن حبوب بديلة تستخدم فى إنتاج الغذاء.


الزراعة الذكية مناخيا

فى إطار الحديث أيضا عن التغيرات المناخية وتأثيراتها، يتردد مصطلح»الزراعة الذكية مناخيا»، ويعنى وجود سياسات للتكيف، تعتمد على تكنولوجيا العصر، فهل المزارع سيكون قادرا على التعامل معها؟


يبتسم قائلا: احنا ليه بنفترض إن المزارع غير قادر على التعامل مع أدوات العصر، هو فى النهاية مثله مثل أى إنسان يستطيع أن يتطور بالتدريب، ولكن من سيقوم بتدريبه، وهذا يقودنى للمشكلة التى سبق وأشرت إليها منذ قليل، وهى افتقاد الحلقة الوسيطة.. ويحضرنى هنا، مشروع ممول من الاتحاد الأوروبى كان يهدف لتحسين سلالات الأبقار المصرية، وتوصل المشروع لنتائج جيدة.

ولكن لم يتم توصيل تلك النتائج للمزارع لافتقاد الحلقة الوسيطة، وكم من الجهود البحثية المهدرة فى مصر بسبب هذه المشكلة، فالمراكز البحثية، حتى تلك الموجودة بالريف المصرى مليئة بالسلالات المحسنة فى كل شيء، ولكن على أرض الواقع لا تجد لها وجودا، ومؤخرا بدأت المؤسسات المانحة الدولية تلتفت لهذه المشكلة، فأصبحت تشترط لتمويل أى مشروع وجود شريك غير بحثى تكون مهمته التوعية والتدريب على مخرجات المشروع البحثى.


أشعر أن حديثك حول تأثيرات التغيرات المناخية يمزج بين الا طمئنان والقلق؟


يومئ بالموافقة قبل أن يقول: بالفعل، فأنا مطمئن لامتلاكنا المقومات البحثية القادرة على التكيف مع المشكلة، وأشرت سابقا إلى الأفكار  التى استشعرت الخطر فى وقت مبكر، متمثلة فى الأصناف التى أنتجها الدكتور مستجير والدكتور بهى، كذلك فإن لدينا كنزا من الأصول البرية للمحاصيل الغذائية، التى يمكن اللجوء إليها والبحث عن جينات مقاومة الحرارة والجفاف الكامنة بها، ولكن ما يقلقنى هو أنى لا ألمس تجاوبا واضحا من واضعى السياسات الزراعية مع هذه الأفكار والحلول.

وأخشى أن نظل مستسلمين لفكرة الشراء من الخارج، لأن هذا الخيار قد لا يكون متاحا فى المستقبل، كما أخشى ضياع الأصول البرية، التى تعطينا بما تحمله من جينات فرصة جعل محاصيلنا الغذائية تتكيف مع التغيرات المناخية، فوفق الدراسات الحديثة، فإن 60%  من الأصول البرية مهددة بالانقراض، ويجب العمل على الاستفادة منها سريعا قبل حدوث ذلك، وهنا تأتى قيمة مشروع «الجينوم الأفريقى» الذى أشرت إليه سابقا، والذى يسابق الزمن لإنقاذ هذه الأصول.

إقرأ أيضاً|النقد الدولي: تراجع الناتج المحلي الاجمالي العالمي لعام 2022 بنسبة 86%

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة