خنزير يحرك بريطاني عسكريا ضد أمريكا 
خنزير يحرك بريطاني عسكريا ضد أمريكا 


حكايات| ليست نكتة تاريخية.. خنزير يحرك بريطاني عسكريا ضد أمريكا 

هناء حمدي

الخميس، 21 أبريل 2022 - 02:02 م

في كثير من الأحيان يكون  التاريخ منصف حتى في تسميته لبعض الأحداث وليس فقط في سردها فما اشتهرت به هذه الحوادث من مواقف غريبة أو أسباب غير متوقعة دفعت لوقوعها كان أمرا كافيا لإطلاق تسميتها تاريخيا بناء عليها فمن يمكن أن يتخيل أن يتم إعلان حرب وتتحرك قوات عسكرية وتستعد الدول لخسائر اقتصادية مع تحمل مصاريف زائدة لتغطية نفقات الحرب بالإضافة إلى وضع توقعات لسقوط عشرات الضحايا والمصابين ليكون السبب "خنزير".

 

هذه ليست نكتة تاريخية يتم تداولها للتعبير عن سهولة اتخاذ قرار الحرب قديما أو حتى للإشارة إلى الأسباب الغير منطقية لقيام الحروب ولكنها حقيقة وقبل أن تحكم على جدية الوضع إليك بعض الحقائق فالخنزير لا يملكه ملك أو رئيس فهو يعود إلى موظف كما أنه ليس من الأنواع النادرة فيمكن أن تجد مثيله في أي مزرعة وكذلك لا يلد ذهب ولا يتكلم أو يطير فهو لا يمتلك أية صفات خارقة للطبيعة ليثبت أن التاريخ منصف في تسميته ليعلن عن قيام "حرب الخنازير" أحد أغرب حروب التاريخ.

 

اقرأ أيضا | حكايات| المصريون في رمضان.. عادات لم تتغير منذ 200 سنة

"حرب الخنازير".. رغم أنها قامت لسبب غير منطقي وهو الانتقام لمقتل خنزير بريطاني على يد رجل أمريكي إلا أن جذورها تمتد لسنوات من المنازعات والتسويات وعقد الاتفاقيات لتنتهي برغبة ملحة برد اعتبار خنزير ليكون الشعرة التي قصمت ظهر البعير فجذور الواقعة بحسب موقع " nps " تعود إلى عام 1818 عندما اتفقت كلا من أمريكا وبريطانيا على الاحتلال المشترك للولايات الواقعة في أمريكا الشمالية وتحديدا مقاطعة "أوريجون" التابعة حاليا إلى واشنطن والمالكة لعدد من الجزر ذات المناخ المعتدل والتربة الخصبة والموارد الخشبية.

 

ولكن مع هذه الاتفاقية بدأ التوتر يتصاعد بين سكان تلك المقاطعة من البريطانيين والأمريكيين حيث اعتبر الأمريكيون الوجود البريطاني إهانة لمصيرهم الواضح بينما اعتقد البريطانيون أن لديهم حق قانوني في هذه الأراضي تبعا للمعاهدة ولكن مع تزايد الآراء حول من يمتلك أحقية الحصول على امتيازات مقاطعة " أوريجون" توصلت بريطانيا وأمريكا إلى ضرورة عقد اتفاقية جديدة يتم بناء عليها ترسيم الحدود وتحديد ملكية كل دولة.

 

وفي يونيو من عام 1846 تم التوقيع على معاهدة "أوريجون" في لندن بين الولايات المتحدة وبريطانيا لإنهاء نزاع حدودي طويل الأمد بينهم في أمريكا الشمالية -التي أصبحت حاليا كندا- خاصة فيما يتعلق بالأرض الواقعة بين جبال روكي وساحل المحيط الهادئ ونصت المعاهدة على أن يتم ترسيم الحدود عند خط عرض 49 -وهو التقسيم الحالي الفصل بين أمريكا وكندا-.

 

 

ولكن إذا كنت تعتقد أنه بذلك انتهى الصراع الحدودي بين الدولتين فيجب أن تعلم أن النزاع قد بدأ فالوضع ازداد صعوبة بسبب مجموعة من الجزر التي تقع بين الحدود في جنوب غرب فانكوفر وازداد الصراع بشأن جزيرة بعينها تعد إحدى أكبر وأهم الجزر في المنطقة نظرا لموقعها الاستراتيجي عند مصب القناة وهي جزيرة "سان خوان".

 

وبسبب أهميتها أصبحت الجزيرة محط اهتمام لدى البلدين ولم ترغب إحداهما في التنازل عن سيادتها على الجزيرة كما ادعت كل دولة أحقيتها في السيادة على الجزيرة وهو ما دفع بعض من مواطني الدولتين الاستقرار بها ووفقا لموقع " historicuk" فإن صاحبة التواجد الأكبر كانت إنجلترا بفعل قيامها بتأسيس عدد من الشركات والأنشطة التجارية على أرضها استغلالا لأهمية الجزيرة.

 

 

ومع حلول عام 1859 كان للبريطانيين وجود كبير في الجزيرة دعمه موظفي وعمال شركة "Hudson's Bay" التي أسست على أرض الجزيرة محطة لمعالجة السلمون ومزرعة للأغنام ليبدأ بعدها انتقال مجموعة من 20 إلى 30 مستوطن أمريكي إلى الجزيرة لتكن موطن لهم واستمر الوضع هكذا بالنسبة للسكان لكن الخنازير لم يسعفها الحظ بفهم حدود الملكية والتجاور وهنا تم إعلان حرب "الخنازير" صاحبة الطلقة والضحية الواحدة.

 

ففي 15 يونيو من عام 1859 تجول بالخطأ خنزير مملوك لموظف بريطاني في شركة خليج هدسون يدعى "تشارلز جريفين" في مزرعة بطاطس مملوكة لمزارع أمريكي يدعى " ليمان كاتلار" وعندما رأى ليمان الخنزير يأكل بعض البطاطس الخاصة به ازداد غضبه وفي أثناء ثورة الغضب أخرج مسدسه لينهي حياة الخنزير ولأن "تشارلز" رأى أن هذا الأمر هو مساس بمكانة بريطانيا داخل الجزيرة قام بإبلاغ السلطات البريطانية المحلية عن الواقعة والتي قامت بدورها بتهديد ليمان باعتقاله.

 

 

وهو الأمر الذي أثار غضب المواطنين الأمريكيين المحليين الذين قدموا بدورهم التماس يطلبون فيه الحماية العسكرية الأمريكية وعندما تلقى الجنرال "ويليام س. هارني" قائد مقاطعة أوريجون والمعروف بآرائه الرافضة للتواجد البريطاني الالتماس أصدر أوامره ودون تفكير بإرسال سرية عسكرية مكونة من 66 جندي من المشاة التاسع للولايات المتحدة إلى "سان خوان" في 27 يوليو 185.

 

 

ومع ارسال السرية ارتفع الحماس ليعلن قائدها "جورج بيكيت" عن ملكية الجزيرة بأكملها للولايات المتحدة ليكون الرد البريطاني من قبل "جيمس دوجلاس" حاكم كولومبيا البريطانية بإرسال 3 سفن حربية بريطانية إلى المنطقة لاستعراض القوة لتبدأ معها المواجهات الباردة من استعراض كل جانب لأسلحته وقوته وتعداده ومع وصول الأميرال "روبرت ل.باينز" القائد العام للبحرية البريطانية في المحيط الهادئ ازداد التواجد العسكري البريطاني في مقابل الأمريكي.

 

 

وعلى الرغم من أن "جيمس دوجلاس" أمر باينز باستغلال هذا العدد وإنزال القوات في جزيرة سان خوان للاشتباك مع مشاة الولايات المتحدة وإعلان السيطرة البريطانية على الجزيرة رفض باينز خوفا من زيادة حدة الصراع الذي بدأ بنزاع على خنزير ليتحول بعدها إلى مواجهة تضم ما يصل إلى 3 سفن حربية و84 بندقية وأكثر من 2600 رجل ومنها أمرت كلا الدولتين ممثليها ببدء المفاوضات والتي قررت في البداية انسحاب جيش كل دولة والإبقاء على 100 عسكري فقط لكل دولة في الجزيرة حتى يتم الوفاء باتفاق رسمي.

 

 

لتقيم بريطانيا معسكر عسكري لها في شمال الجزيرة وتمركزت القوات الأمريكية في جنوب الجزيرة وظلت جزيرة سان خوان تحت الاحتلال العسكري المشترك لمدة 12 عام وحتى عام 1871 عندما وقعت بريطانيا والولايات المتحدة على معاهدة واشنطن وبحسب موقع " history" تمت الموافقة من قبل الطرفين على إحالة الأمر كاملا إلى القيصر الألماني "فيلهلم الأول" للتسوية.

 

وأحال القيصر القضية إلى لجنة تحكيم مؤلفة من 3 رجال اجتمعت لمدة عام في جنيف لتصدر في 21 أكتوبر 1872 حكمها النهائي بملكية أمريكا لجزيرة "سان خوان" وإنشاء خط الحدود النهائي بين كندا والولايات المتحدة وفي 25 نوفمبر 1872 انسحبت القوات البحرية الملكية من المعسكر الإنجليزي وبحلول يوليو 1874 غادر آخر جندي أمريكي المعسكر الأمريكي .

 

 

لينتهي معها نزاع حدودي طويل الأمد بين بريطانيا وأمريكا ويعلن رسميا نهاية "حرب الخنازير" صاحبة الضحية الواحدة كمأزق غير دموي انتهى بالتسوية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة