الساخر محمود السعدنى  -- غلاف كتاب «ألحان السماء»
الساخر محمود السعدنى -- غلاف كتاب «ألحان السماء»


كنوز| حكاية محمود السعدني مع حفيده و«ماسبيرو» في رمضان ٢٠٠٠

عاطف النمر

الخميس، 21 أبريل 2022 - 09:13 م

الحكاء العظيم محمود السعدني يتصدر قائمة الكتاب الساخرين، كاتب موسوعى، ترك لنا أكثر من 29 كتابا تعتبر من كنوز السخرية فى المكتبة العربية، ومنها: «مصر من تانى - مذكرات الولد الشقى - حمار من الشرق - الطريق إلى زمش - حكايات قهوة كتكوت - الولد الشقى فى السجن - رحلات ابن عطعوط - الموكوس فى بلاد الفلوس - وداعا للطواجن - مسافر على الرصيف - أمريكا يا ويكا - مسافر بلا متاع - عودة الحمار - تمام يا افندم - السعلوكى فى بلاد الأفريقى - ألحان السماء - بلاد تشيل وبلاد تحط - خوخة السعدان - على باب الله - أحلام العبد لله - جنة رضوان»، بالإضافة لمئات المقالات النقدية الساخرة فى كافة المجالات.

ومن أهم كتبه التى تتوافق مع روحانيات شهر رمضان الكريم كتاب «ألحان السماء» الذى تناول فيه عمالقة التلاوة فى مصر، وله مقال نقدى نشره فى جريدة «البيان» الإماراتية يتحدث فيه عن «ماسبيرو» وحفيده فى رمضان، يقول فيه: 
من حسن حظ ملوك ماسبيرو أننى لم أتابع هذا العام برامج التليفزيون المصرى، وكل ما فعلته أننى خطفت نظرة هنا ونظرة هناك، واستمعت الى تعليقات بعض المشاهدين الذين أكرمهم الله فتصوروا أن التليفزيون المصري.

هو غاية المراد من رب العباد، وبعد انقضاء نصف الشهر الكريم أستطيع أن أقول إن حلقات «زكية زكريا» مكررة وكان يجب عدم اعتماد الحلقات على صلعة الفنان ابراهيم نصرلأنها حركة قديمة ومكررة، وبالنسبة لصيحات الاحتجاج التى تتصاعد من هنا وهناك حول حلقات «أوان الورد» فسببها الرئيسى هو الجرأة فى تناول الموضوع.

ولأنها ربما هى أول مادة تليفزيونية تعرض على الناس بدون المرور على السيد رئيس القناة والسيد الوكيل والسيد المراقب والسيد السكرتير والسيد مدير عام البرامج والسيد مدير عام قطاع الإنتاج، وأى جهاز تليفزيون فى أى مكان يخضع للتعليمات والتأشيرات والمحظورات والمسموحات سيتحول فى النهاية الى شيء مثل صندوق الدنيا.

وأرجو أن تكون حلقات «أوان الورد» هى أول استفتاح فى عرض المشاكل دون حرج ولمس العيوب وكشفها دون خجل، والأمر الذى لفت نظرى بشدة هو انكماش الفترة القرآنية فى التليفزيون الى أقل من خمس دقائق قبل موعد الإفطار، وهى فقرة من أهم فقرات البرنامج خصوصا فى شهر رمضان.

وكنا زمان نستمتع بأصوات عباقرة التلاوة من أمثال: «محمد رفعت والشعشاعى وعبدالعظيم زاهر ومصطفى إسماعيل ومنصور الشامى الدمنهورى وسعيد نور وشعيشع وعبدالباسط عبدالصمد والبهتيمى والسعدنى ومحمود على البنا وهريدى الشوربجى والسنديونى انتهاء بالطبلاوى ونعينع وغلوش والرزيقى وعبدالعاطى ناصف»، ولكن هل تكفى الدقائق الخمس فى تليفزيون هذه الأيام لتلبية رغبة عشاق التلاوة؟ 


صحيح أن هناك فترة تسبق التلاوة هى الفترة التى نستمتع فيها بتفسير الشيخ الشعراوى طيب الله ثراه، ولكن تفسير مولانا الشيخ برنامج قديم سبق إذاعته، ثم ليس هناك كلام يسبق كلام الله حتى ولو كان تفسير الشيخ الشعراوى أو أحاديث فضيلة الإمام الأكبر، والذى زاد وعاد وجعل الكيل يطفح الى حد لا يطاق هو استخدام آيات الله فى الإعلان فهو أمر مرفوض ومكروه ويجب بتر العبقرى الذى فكر فى استخدام آيات القرآن الكريم فى ترويج بعض السلع أو رفع الذوق والإحساس، وأصل الحكاية أن حفيدى محمود السعدنى الصغير يحاول أن يثبت لنا أنه لم يعد طفلا فهو حريص على صوم الجمعة من كل أسبوع، كما يواظب على الجلوس أمام التليفزيون للاستماع الى المقرئ الذى يسبق مدفع الإفطار.

كما أنه يقضى وقتا كل يوم فى قراءة بعض السور القصار من المصحف الشريف، حفيدى محمود السعدنى الذى يحاول أن يثبت لنا أنه أصبح رجلا رغم أنه فى السادسة من عمره، جاء يسألنى: هل أحفظ يا جدو سورة «دومتى» شهقت فزعا وسألته سورة إيه يا محمود؟ قال «سورة دومتى»..

قلت له: لا توجد سورة بهذا الاسم فى القرآن الكريم، تحدانى الولد ولعله أراد أن يثبت جهلى وقال فى اصرار «لأ فيه سورة دومتى وهاوريك دلوقتى»، جاء الحفيد وجلس بجوارى فور انتهاء الشيخ الشعراوى من حديثه اليومى، ثم فجأة انطلق صوت أحد المقرئين وهو يرتل آية واحدة من آيات القرآن.

وعقب الانتهاء منها ينطلق صوت المذيع ليقول بدون مناسبة مع تحيات «دومتى» ونتمنى لكم صوما مقبولا، وهنا انطلق صوت محمود الصغير «أهه.. دومتى زى ما قلتلك، إيه رأيك بقى؟».

ولم أشأ أن أصدمه وأقول له إنه اعلان عن صنف معين، خفت أن يرد على قائلا «وهل يليق استخدام كلام الله فى إعلان عن سلعة من السلع؟»، والعبد لله ليس مهتما بمعرفة اسم المندوب النشيط بقسم الإعلانات الذى اقترح هذه الفقرة، ولكننى أسأل عن اسم المسئول الذى وافق على إذاعة هذا الإعلان، لا يصلح مسئولا فى إدارة مراجيح الجيزة! 


ولفت نظر العبد لله أيضا برنامج كارثة اسمه «مقهى الأولى»، تصورت فى البداية أنه برنامج تركى أو يونانى، ثم اكتشفت أن أصحاب البرنامج نيتهم سليمة وأنهم يقصدون قهوة القناة الأولى، طيب ما العيب فى كلمة قهوة؟ هل هى كلمة بلجيكية؟ هل أصحاب البرنامج من أنصار السنة المنظورية نسبة لابن منظور صاحب لسان العرب؟ ثم ماذا فى المقهى؟.

مجرد زيطة وزمبليطة، كما فى الحلقة التى ضمت مؤلف الأغنية التاريخية «بابا أوبح» الذى قال نفس الكلام فى قنوات محلية وفضائيات عربية، المهم عند التليفزيون المصرى أن يملأ وقت البرنامج بأى شيء وبأى حاجة وبدون تكاليف فيا مرحبا بأى غاوى شهرة وأى غاوى لت وعجن، ثم إذاعة هذا العك تحت يافطة مقهى الأولى أو مقهى الثانية أو مقهى الثالثة، فلا شىء يهم على رأى إحسان عبدالقدوس، وأقول: التليفزيون المصرى فى خطر، والهجمة الشرسة تستهدف تهميشه، فهل أنا متفائل؟ أم متشائم؟ أم بين بين؟. 


«البيان» رمضان 2000

اقرأ أيضاً|ماحكم اللهو أو التدخين أثناء تلاوة القرآن؟ الافتاء تُجيب

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة