مشهد من الكبير أوى
مشهد من الكبير أوى


«الكبير».. وانسيابية تلاقي الأجيال

إسراء مختار

الخميس، 21 أبريل 2022 - 09:48 م

عمل درامي واحد جيد يتخطى في تأثيره ما تقدمه عشرات المؤسسات التربوية أحيانًا، وهناك أعمال تصنع لتبقى وتصبح جزءًا من التاريخ، وأعمال أخرى تكتفي برسم الضحك على واجهات القلوب، ورغم سمو هذا الهدف، لكنها تبقى ذات أثر متواضع مرتبط بحدود الزمان والمكان وعلى قدر الحدث.

ما حققه مسلسل «الكبير» هذا الموسم أكبر من مجرد تقديم كوميديا مضحكة، وإن كان قد نجح بجدارة في ذلك، لكن التكوين الدرامي للمسلسل يستحق الوقوف أمامه بنظرة أكثر عمقًا في أثره الممتد، والجميل الذي قدمه لسد الفجوة الزمنية بين الأجيال، فمزجت «دراما الكبير» بين أجيال مختلفة - من اختلاف، وأيضًا مختلفة اشتقاقًا من خلاف- وحققت هذا المزج بانسيابية منقطعة النظير، فهي كوميديا للكبار والصغار، برعت في نقل الثقافات بين الأجيال.

فيشاهد الكبار «لعبة الحبار» في شغف كبير لمعرفة تفاصيل تلك اللعبة التي تلقى اهتمامًا كبيرًا من المراهقين، بينما يبادلهم المراهقون اهتمامًا كبيرًا بالتعرف على تلك الألعاب التي كادت تندثر مثل «البلي» و«أتوبيس كومبليت» و«الصراحة» و«تماثيل إسكندرية» وغيرها.

فبرز الجزء السادس من المسلسل كأكثر الأعمال الكوميدية مشاهدة هذا العام، واستطاع أن يجمع الأسرة المصرية بكل اختلافاتها حوله.

ورغم نجومية أحمد مكي المستحقة، إلا أنها لم تطغَ على تفاصيل العمل لحساب بطله، وتحول الجميع إلى أبطال، ليس فقط أمام الكاميرا، بل امتدت البطولة إلى فريق الكتابة والمخرج وجميع الصناع، وأصبح الحديث عن نجاح العمل يشمل فريقه بالكامل، وكأنه يعيد أيضًا صياغة مفهوم «البطولة الجماعية»، ويقدم درسًا في أهمية العمل الجماعي، وأن الانفراد بالكاميرا والسيناريو يفتك بالعمل الفني وبنيانه، ويأخذ من الفنان أكثر مما يقدم له.

فمشاهدة الدراما مثل قراءة الكتب، مثل تناول الطعام. لن تكتشف بمجرد انتهاء الكتاب أنك أصبحت مثقفًا، ولن يزداد وزنك فور تناول وجبة شهية، وكذلك لن تشعر بتغيير كبير بعد مشاهدة عمل فني يلامس قلبك، لكنه سيتسلل إلى داخلك بانسيابية، ويؤثر في قناعاتك وأفكارك، وهذا ما فعله مسلسل «الكبير» هذا الموسم.

لم يحتج صناع المسلسل إلى الصراخ والصوت العالي والخطاب الإنشائي ليقولوا إنهم يناقشون قضايا مهمة، وبمرونة كبيرة تنوعت رسائل الحلقات بين المسؤولية والتضحية والتنمر والإدمان وسيطرة السوشيال ميديا والمشكلات الاجتماعية والصراعات الإنسانية، مرآة فندت الواقع وعكسته في صورة كوميدية غير تقليدية تنتزع الضحك الصادق وفي الوقت نفسه تقدم محتوى هادفًا.

وبعد وصول المسلسل إلى جزئه السادس تحولت شخصياته الدرامية إلى شخصيات حقيقية مؤثرة يصدقها الجميع، فأصبح الكبير وجوني وحزلقوم وهجرس وأشرف وهدية ومربوحة والعترة وجميع أبطال العمل شخصيات حقيقية من لحم ودم، ولم يعد الجمهور يعتبرها مجرد أدوار، وكأن العمل يعيد للدراما هيبتها وتأثيرها الممتد في الأجيال.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة