جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

«لليمين در».. هكذا تقول انتخابات فرنسا

جلال عارف

الجمعة، 22 أبريل 2022 - 05:03 م

غداً تحسم فرنسا قرارها حول من يكون رئيسها فى السنوات الخمس القادمة. كل الاستطلاعات ترجح فوز الرئيس ماكرون بولاية ثانية. والهامش بينه وبين منافسته فى الجولة الثانية «مارى لوبان» يتسع، وبعد أن كانت التوقعات تقول إنه سيفوز بشق الأنفس وبفارق نقطة أو نقطتين فقط، أصبح الحديث عن فوز بنسبة تتخطى ٥٦٪ أو أكثر. ومع ذلك يبدو ماكرون متحفظا حتى بعد أن انتهت المناظرة التليفزيونية مع «لوبان» لصالحه، ويخشى كثيرا من تصدير الشعور بأن المعركة محسومة بين أنصاره فلا يحرص البعض على الذهاب للتصويت وتحدث المفاجأة. لهذا يواصل الحشد حتى آخر لحظة، ويحذر أنصاره: إذا أردتم تفادى سيناريو لم يكن فى التصور أو يثير نفوركم، اذهبوا للتصويت واختاروا بأنفسكم.

اختلف الوضع عن الانتخابات السابقة قبل خمس سنوات، والتى تواجه فيها نفس المرشحين وحسمها ماكرون باكتساح (٦٦٪ مقابل ٣٣٪ لمارى لوبان). يومها كان ماكرون هو الشاب الذى فاجأ الجميع والقادم من خارج الأحزاب التقليدية التى بدأت تفقد نفوذها. بينما كانت «لوبان» تمثل الوجه الأشد تطرفا لليمين المتشدد، وتتبنى خطابا لا يختلف عن خطاب أبيها الذى كان بدون مفاجأة انتخابات ٢٠٠٢ حين وصل لانتخابات الاعادة فى صدمة كانت كبيرة للفرنسيين الذين احتشدوا لإسقاطه، كما فعلوا مع ابنته فى الانتخابات الماضية.

يختلف الوضع الآن. ضاعت أحزاب الوسط التقليدية تماماً. قويت شوكة اليمين المتشدد فى فرنسا وفى أوروبا عامة (فى لحظة معينة ولأسباب مختلفة حظى هذا التوجه بمؤازرة من بوتين فى روسيا ومن ترامب فى أمريكا.. ولكن تلك قصة أخرى!)

وبالحسابات البسيطة حصل اليمين المتشدد فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية على أكثر من 30٪ من الأصوات ذهبت إلى لوبان وإلى زامور الاكثر تطرفاً. وهؤلاء يمثلون القاعدة التى تنطلق منها لوبان فى انتخابات الغد وهى نسبة تقول إن قوة اليمين المتطرف «تضاعفت» تقريباً منذ الانتخابات الماضية.

يحدث هذا التقدم لليمين المتطرف رغم خروج ترامب من البيت الأبيض ورغم حرب أوكرانيا التى كان دور «ماكرون» فى مواجهتها يمثل إضافة فى سجل إنجازاته، بينما منافسته «لوبان» تواجه اتهامات بشأن موقفها من بوتين وتلقيها قروضاً مالية من بنك روسى (!!) وهو ما يعنى أن هناك اسباباً أكبر ( اقتصادية واجتماعية اساساً) لهذا التوجه نحو اليمين المتطرف) الذى سيزداد حتماً لو فازت لوبان غداً (!!) وقد يبدو غريباً فى مثل هذا المشهد السياسى أن يكون الحسم فى انتخابات الغد لدى الطرف الآخر. فأنصار المرشح «ميلانشون» الذى يمثل اقصى اليسار والذى حصل على أكثر من 20٪ من الأصوات فى الجولة الأولى، يمكنهم حسم السباق إلى «الاليزيه» لكن التوقعات تقول إن ثلثى أنصار «ميلانشون» لن يذهبوا للتصويت، أو سيضعون أوراقاً بيضاء وأن من سيصوتون  لن يلتزموا جميعاً بنداء «ميلانشون» بعدم التصويت لمرشحة اليمين المتطرف!!

فوز «ماكرون» هو المرجح غداً. لكن ستبقى حقيقة أن اليمين المتطرف  أصبح على بعد أمتار قليلة من الحكم فى قلعة الديموقراطية الغربية.. ليس لأن اليمين المتطرف يعرف كيف يتحمل، ولكن لأن الديموقراطية الغربية فى أزمة حقيقية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة