د. أحمد الطيب مع الزهراء حلمى صاحبة المركز الأول عالمياً فى حفظ القرآن الكريم
د. أحمد الطيب مع الزهراء حلمى صاحبة المركز الأول عالمياً فى حفظ القرآن الكريم


هذه هي تفاصيل عودة دولة التلاوة النسائية

آخر ساعة

السبت، 23 أبريل 2022 - 01:30 م

علا نافع

رغم سيطرة حناجر الرجال على دولة التلاوة منذ خمسينيات القرن الماضى بحجة أن صوت المرأة عورة ولا يجوز سماعه إلا فى الغرف النسائية المغلقة، ظهرت مؤخرًا الكثير من قارئات القرآن اللاتى تمتعن بحنجرة ذهبية تفوقت فى بعض الأحيان على أصوات الرجال، وحققن شهرة محلية وعالمية خاصة أن منابر منصات التواصل الاجتماعى كانت السبب الرئيسى فى شهرته.

 

وتباينت أعمار هؤلاء النساء ذوات الأصوات المميزة، وأصبحن يتنافسن على حصد الجوائز وإقامة المزيد من الحفلات التى يتصدر الرجال صفوفها الأولى مثل النابغة الزهراء حلمى التى افتتحت بصوتها المنغم اجتماعات المؤتمر الوزارى لمنظمة التعاون الإسلامى الدولى بحضور الرئيس السيسى.كما اعتمدت الكثير من الأفراح الدينية على فرق الإنشاد النسائى، وأصبحت لهن فقرات خاصة يتم فيها مزج الأغانى الدينية مع الأغانى العادية، وذلك فى ظل الانفتاح الموسيقى الكبير وتعدد الآلات الموسيقية.

 

ومن أشهر المنشدات والقارئات فى العصر الحديث السيدة أم كلثوم التى اشتُهرت بتلاوة القرآن وإلقاء التواشيح الدينية فى بداية حياتها بتشجيع من والدها وأخيها، ويقال إنها سجلت القرآن الكريم كاملًا بصوتها وأوصت بإذاعته بعد وفاتها، ولم تكن وحدها التى أتقنت تلاوة القرآن، فــــالفنـــــانة وردة الجــــزائريــة قامت بتلاوة آيات من القرآن فى أحد أفلامها وفى حفلات عدة حضرها كبار المسئولين فى الوطن العربى.

 

بدأ ظهور قارئات القرآن والمنشدات إلى النور مع ظهور الإذاعات الأهلية كما جاء فى كتاب "ألحان السماء" للراحل محمود السعدنى، إذ أورد أن الشيخة نبوية النحاس التى توفيت عام 1973 كانت آخر من قرأت القرآن فى الاحتفالات العامة والمناسبات الدينية، واقتصرت حفلاتها على النساء فقط حيث كانت تعشق حنجرتها السيدة تحية زوجة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

 

ويروى الكاتب أن الشيخة أم محمد التى ظهرت فى عصر محمد على باشا استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا متقدما بين صفوف كبار مشايخ التلاوة، فكانت تحيى ليالى شهر رمضان فى حرملك الوالى بين كبار قادته ورجال جيشه، وكانت موضع إعجاب محمد على حتى أنه أمر بسفرها إلى أسطنبول لإحياء ليالى رمضان فى حرملك السلطانة، تُوفيت الشيخة أم محمد ودُفنت بأوامر من الوالى فى مقبرة خاصة بالإمام الشافعى، وذلك فى جنازة مهيبة شهدها كبار رجال الدولة.

 

وقد ذكر السعدنى أن الشيخة كريمة العدلية التى حازت شهرة كبيرة فى أوائل القرن العشرين بمصر بعد الشيخة أم محمد، كانت تبث صوتها من خلال الإذاعات الأهلية المتعددة، وكشف أن العدلية عاشت قصة حب مع الشيخ على محمود، الذى كان من كبار قراء القرآن الكريم آنذاك، حتى أنها كانت تحرص على صلاة الفجر فى مسجد الحسين كى تستطيع سماع صوته وهو يرفع الأذان عن قرب، ويقال أنه كان يبادلها نفس الإعجاب، واستمرت كريمة العدلية فى تلاوة القرآن حتى قيام الحرب العالمية الثانية.

 

ثم جاءت الشيخة منيرة عبده، وبالرغم من كونها كفيفة لكن صوتها كان مهيبا وأحدث ضجة كبيرة فى الوطن العربى، لدرجة أن أحد الأثرياء فى تونس عرض عليها إحياء ليالى رمضان فى قصره بمدينة صفاقس نظير أجر ألف جنيه، لكنها رفضت فما كان منه إلا أن كان يحضر إلى القاهرة لسماع ترتيلها طوال الشهر الكريم فى مسجد سيدنا الحسين.

 

ومع انطلاق الإذاعة المصرية فى عام 1934 بدأت الشيخة منيرة فى قراءة القرآن، ووصل أجرها آنذاك إلى 5 جنيهات فى حين أن الشيخ محمد رفعت كان يتقاضى 10 جنيهات، ولكن مع الحرب العالمية الثانية منعتها الإذاعة الرسمية من ترتيل القرآن بعد ظهور فتوى رسمية بأن صوت المرأة عورة، واختفت منيرة عن الأنظار حتى وفاتها فى أوائل الخمسينيات.

 

وفى هوجة انتشار القارئات بعد افتتاح الإذاعة المصرية، ظهرت الشيخة خوجة إسماعيل لأول مرة إلى العلن فى شهر أبريل من عام 1936، وبسبب حلاوة صوتها أسندت إليها كافة التلاوات النسائية فى شهر مايو من العام نفسه، وبلغت ثلاث تلاوات فى الأسبوع الواحد، لكنها اختفت فيما بعد ويقال إنها اتجهت إلى الغناء والحفلات الدينية بقصور الباشوات.

 

وبعد اختفاء قارئات القرآن بالإذاعة عاود ظهورهن مجددا فى بدايات 2009 عندما تقدم الشيخ أبو العينين شعيشع نقيب القراء آنذاك بطلب إلى إذاعة القرآن الكريم باعتماد الموافقة على وجود قارئات لكن قوبل طلبه بالرفض، لكن مع انتشار منصات التواصل الاجتماعى وصفحات الفيس بوك انتشرت الكثير من القارئات اللاتى التحقن أيضا بنقابة المقرئين، ومنها الزهراء حلمى صاحبة المركز الأول عالميا فى حفظ القرآن الكريم وغيرها الكثيرات من ذوات الحناجر الذهبية.

 

تقول الدكتورة زينب رفاعى، طبيبة بأحد مستشفيات بنها وقارئة قرآن: بدأت حفظ القرآن الكريم فى طفولتى فى كُتّاب القرية وتميزت بالصوت القوى الرائق حتى أتممت حفظه فى مراحل عمرية مبكرة، والتحقت بعد ذلك بمعهد الشيخ عبدالفتاح الطاروطى بقرية طاروط بمحافظة الشرقية، حيث تعلمت القراءات المختلفة للقرآن، ثم شاركت فى مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم وحققت المركز الثانى عالميا، وهذا ما أسعد الشيخ عبدالفتاح كثيرا ونوى تسجيل القرآن كاملا بصوتى على نفقته الخاصة، مؤكدة أن تلاوة المرأة للقرآن فى المناسبات العامة جائزة لأنه من جنس الكلام.

 

أما نشوى عبدالمنعم، محفظة قرآن، فتقول: انتشرت معاهد القراءات وأحكام التجويد فى كافة أنحاء الجمهورية وهذا مكن الكثير من السيدات ذوات الصوت المنغم لقراءة القرآن بقراءاته المختلفة، مؤكدة أن نقابة المقرئين باتت تضم أكثر من 70 قارئة من مختلف أنحاء الجمهورية، وهذا يؤكد اعتداد الدولة بالقارئات دون الالتفات لمن يروجون بأن صوت المرأة عورة.. وتطالب نشوى بعودة قارئات القرآن للإذاعة كما كان الوضع سابقًا، حيث ضمت الإذاعة قارئات كن على نفس القدر من شهرة المقرئين الرجال مثل الشيخ محمد رفعت وغيره، مؤكدة أن النقابة لها شروط صارمة للانضمام إليها من حيث الحفاظ على أحكام القراءات والتلاوة.

 

وحول قراءة المرأة القرآن فى مجالس الذِكر، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: لا يوجد ما يمنع المرأة من قراءة القرآن مثل الرجال، كما أن "صوت المرأة عورة" نص ضعيف يتعارض مع النصوص القرآنية التى أكدت دور أمهات المؤمنين فى نقل الآيات القرآنية عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وقال تعالي: "واذكرن ما يُتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة"، كما أن السيدة عائشة كانت تفتى المسلمين فى أمورهم الخاصة.

 

ويضيف كريمة: كما يوجد الكثير من محفظات القرآن الكريم فى كتاتيب القرى والمراكز الصغيرة، فضلا عن قارئات مآتم وعزاءات النساء، فقراءة القرآن ليست حكرًا على الرجال فقط، بل هى لكافة الأجناس والأنواع البشرية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة