صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


حدث منذ 30 عاما.. قصة مسحراتي سجن القناطر

أخبار الحوادث

الأحد، 24 أبريل 2022 - 04:52 م

كتب : شريف عبدلله
 

اهتمت الصحف والمجلات المصرية بالحوادث منذ عقود بالحوادث باعتبارها مرآة المجتمع التى تشخص الأمراض الاجتماعية التى يعانى منها وطرق مواجهتها  ورصدت بالكلمة والصورة أدق تفاصيل الجرائم التى كانت حديث الرأى العام فى تلك الفترة "اخبار الحوادث" تعيد نشر بعض الحوادث القديمة بكل تفاصيلها حتى نتعرف على نوعية حوادث ومجرمى زمان، واليوم نعيد نشر تحقيق صحفي من داخل السجون نشرته "اخبار الحوادث" في عامها الأول.


تحقيق صحفى من داخل سجن القناطر نشر تفاصيله بمجلة  "أخبار الحوادث" بعددها الصادر مارس عام  1993، بقلم صابر شوكت.

 

شهر رمضان فى السجون له مذاق خاص لأن المسجون يحصل على ساعة نوم زائدة وتنخفض ساعات العمل ساعة وتنفتح ابواب الزنزانات كل ساعة تمضى لها طقوسها الخاصة بدءا بنقرات المسحراتى قرب الفجر وحتى لحظة اذان المغرب حيث يكون معظم المساجين امام كتاب الله يقرأون القران أو يتلقون دروس العلم يسمونه شهر الحرية فى السجن لأن القيود ترفع ومجالس التوبة تزيد.

 

أما النساء فأشهرهن هى الحاجة ام احمد التى تابت على يديها عشرات السيدات والفتيات خلال 20 سنة ولا تفارقها الحاجة كاملة صاحبة عمارة الموت بهليوبوليس.. حينها عاشت «أخبار الحوادث» يوما من أيام رمضان خلف الأسوار العالية؛ حيث يؤكد كل المساجين أنه شهر الصوم والحرية.


حينها قال مأمور سجن القناطر للرجال العميد محمود المصرى إن المساجين خاصة الذين يقضون فترة عقوبة طويلة مثل التأبيدة يطلون طوال العام يعدون الشهور فى انتظار مجئ شهر رمضان لينعموا بالحرية المؤقتة التى تمنح لهم خلاله.


يساعدهم على نسيان ظلام وكآبة الزنزانة الضيقة ويزيدهم شوقا للعودة السريعة للاسرة والاهل الذين حرموا منهم بسبب جريمتهم واكثر من هذا اننا نلمس بالفعل تأثير هذا الشهر الكريم السحرى على المسجونين خاصة مايوشك على الرحيل فيعمق لديهم مشاعر التوبة واحساسا بالرضا بالتكفير عن جرائمهم التى ارتكبوها وتشهد دموعهم الغزيرة عندما يتجمعون للصلاة


مائدة رمضان

 

رمضان خلف القضبان له طعم اخر لا يعرفه الا المسجونون فمع ظهور الرؤية ايذانا بشهر رمضان تنطلق صيحات الفرح والتكبير من المسجونين داخل جميع الزنازين فهذا يعنى لهم 30 يوما من الحرية فمنذ هذه اللحظة يتغير نظام السجون كله فيمنح المسجون ساعة زيادة فى النوم وتفتح ابواب الزنازين الضيقة فى الثامنة صباحا وتستمر مفتوحة حتى الثامنة والنصف مساء ويتم تخفيض ساعات العمل الى الثانية ظهرا بدلا من الثالثة وبعد ان يعود المساجين من المزارع والمصانع التى يعملون بها.

 

تقريبا يمارسون حياتهم مثلما نفعل نحن فى الحرية لتسلية الصيام منهم من ينام فى انتظار مدفع الافطار ومنهم من يسارع بالوضوء والتجمع داخل المسجد للصلاة وقراءة القران ومنهم من يستعير كتبا دينية وثقافية من المكتبة وينزوى فى ركن بالحديقة يسلى صيامه بالقران.


قبل الافطار بساعة تقريبا يتوافدون على كافتيريا السجن لشراء الخس والطماطم لاعداد السلطة الشهيرة على مائدة الافطار وعلب الزبادى والسجاير وحتى الكنافة والقطايف وقمر الدين والخشاف وجميع انواع الطعام التى نتناولها على مائدة الافطار تكون فى كافتيريا السجن وفى متناول كل سجين وعملة الشراء فى كافتيريا السجن هى الشئ الوحيد الذى يختلف عن حياتنا فالعملة عندهم بونات تصرف من رصيد امانات كل سجين هذه الامانات تودع بها المبالغ المالية التى يتقاضاها من عمله داخل السجن وكذلك الحوالات البريدية التى تصل من الاهل الى ابنائهم بمناسبة رمضان


 

طباخ السجن

 

ويقول مأمور سجن القناطر يتم ادخال تحسينات على وجبات الطعام طوال شهر رمضان من الساعة الثامنة وحتى العاشرة والنصف مساء وبذلك ستزيد ساعات حرية السجين فى رمضان هذا العام الى 15 ساعة حرية يوميا ولا يظل داخل زنزانته الضيقة سوى 9 ساعات فقط.


التقينا بمسحراتى السجن الحاج أمام يقضى عقوبة اشغال شاقة مؤبدة يقول انه منذ اكثر من 10 سنوات وهو يتولى مهمة المسحراتى فى السجن ومصرح له بطبلة صغيرة ويردد معها كلمات الدعوة للسحور وايقاظ زملائه باسمائهم.


ويقول مسحراتى السجن أنه طوال رمضان مصرح له بهذه الضجة التى يمارسها كل يوم ويصحو عليها جميع زملائه ولو فعل هذه الضجة فى غير رمضان فهى جريمة يعاقب عليها بالحبس ويشكر ادارة السجن على الاذاعة الداخلية طوال اليوم ببرامج رمضان واذاعة القران الكريم لان بعض المسجونين لا يمتلكون راديو والاذاعة الداخلية تساعدهم على الترفيه طوال رمضان كما يتركون حرية التواجد بالمسجد طوال اليوم للصلاة والعبادة ويزورنا الواعظ الدينى مرتين فى الاسبوع طوال رمضان بدلا من مرتين فى الشهر فى الايام العادية وفى كل رمضان يتزايد عدد الصائمين والتائبين رغم صعوبة سيطرة السجين على ادمان السيجارة.

 

كرسي الاعتراف

 

وفى سجن النساء بالقناطر التقيت بام محمد صاحبة لقب أم السجينات وحصلت على هذا اللقب فى مسابقة الام المثالية بالسجون عام 1982 كانت جائزتها عشرة جنيهات وفى عام 1977 حصلت على الجائزة الاولى فى مسابقة حفظ القران وجائزتها 40 جنيها ام السجينات عاشت 20 عاما داخل هذا السجن وسيفرج عنها بعد اسبوعين يوم 17 مارس منذ اليوم الاول لدخولها طلبت من المسئولين ان تعمل خادمة للمسجد وسمحوا لها ومن وقتها لا تفارقه ابدا وعلى  مدى 20 عاما عاشت ذكريات شهر رمضان وخلالها توافد عليهات مئات المذنبات تقوم هى بدور الواعظ يعترفن امامها بخطاياهن عسى ان يفتح لهن باب التوبة وفى حنو وامومة تضمهن الى صدرها مرتلة قول الذكر الحكيم « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه».

 

تقول أم السجينات، أن هذا المشهد يتكرر معها مئات المرات منذ دخولها السجن وعادة ما يتم هذا المشهد الانسانى بعد الصلاة بالسجينات فهى الامام والواعظ فى كل صلاة منذ 20 عاما وهى تشعر برهبة التوبة فوق وجوه المذنبات تقول أم السجينات ان رمضان فى سجن النساء يختلف عن سجن الرجال فهو بالنسبة لهن 30 يوما حرية بالفعل لكنها حرية عبادة وتوافد للمذنبات على المسجد لدرجة انه يتكدس بالفعل.


وترى أم السجينات، أن المرأة هى المرأة حتى خلف القضبان المراة اكثر مشاعرا واحساسا بالندم عن الرجل حتى ولو كانت قاتلة وتقول رمضان عندنا داخل سجن النساء لوعة واسى على فراق الابناء والاحباب واسترجاع لذكريات عزيزة جميلة فقدناها بجرائمنا وسعادة كانت بين ايدينا مع اطفالنا وفى بيوتنا ومع ازواجنا لم ندرك غلاوتها وقيمتها الا بعد ان فقدناها واصبحنا بعيدا عنها نعيش فى وحدة قاتلة خلف القضبان.


 رمضان يحمل لنا هذه الذكريات وتنقطع القلوب حسرة على النعيم الذى فقدناه ولا ملجأ او ملاذ طلبا للرحمة من هذه الذكريات سوى جنبات مسجد السجن لذلك منذ اليوم الاول لرمضان تتوافد المذنبات بالعشرات على المسجد ومنذ اليوم الاول لرمضان نكون فى حالة طوارئ فى مراجعة المصحف والكتب الدينية لاختيار الايات المؤثرة من كلمات الله التى تساعد فى فتح باب التوبة لهؤلاء المذنبات.

 

أشهر السجينات

 

وعن أشهر ذكريات رمضان قالت أم السجينات، أن مامور السجن المقدم محمد شعراوى مثل كل مامور تولى ادارة سجن النساء منذ اليوم الاول لرمضان يعقد معى اجتماعا يوصينى فيه على الفتيات الصغيرات المذنبات وكذلك بعض سيدات المجتمع ومن اشهر السجينات اللاتى اسرعت لام السجينات كانت الحاجة كاملة صاحبة عمارة الموت بمصر الجديدة تقول ام السجينات ان الحاجة كاملة منذ اليوم الاول لسجنها تقيم بالمسجد منذ الصباح وحتى اغلاق الزنزانه وذات يوم القت بنفسها على كتفى وتذرف الدموع وتقول ان ضحاياى اكثر من 70 قتيلا لا ادرى هل سيغفر لى الله أم لا وقالت ان الحاجة كاملة من اشد المعجبات بها وعرضت عليها العمل معها بعد خروجها والافراج عنها ومازالت ام محمد تفكر جديا فى عرض الحاجة كاملة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة