مسجد "الأفخر" الأثرى
مسجد "الأفخر" الأثرى


مسجد «الأفخر» الأثرى.. بصمة خير تركها «الفكهاني» بالغورية

محمد طاهر

الإثنين، 25 أبريل 2022 - 02:16 م

في شارع الغورية بالقاهرة، ووسط الضجيج ، وبينما ينادي الباعة على بضاعتهم؛ إذا بك تسمع صوت آذان ينبعث من مسجد تعلوه مئذنة، فإذا رأيته فاعلم أنك قد رأيت مسجد الفكهاني، أو مسجد الأفخر. وهو مسجد أثري يحمل رقم (109) بوزارة الآثار. 

مسجد الفكهاني، مسجد؛ أنشأه في الأصل الخليفة الفاطمي الظافر بنصر الله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله سنة 1148م، وجعله مُعَلقا تحته حوانيت. وفي القرن الخامس عشر الميلادي اهتم الأمير المملوكي يشبك بن مهدى أحد أمراء السلطان قايتباي بترميم المسجد وزخرفته، وأزال من حوله المباني التي كانت تحجبه. 

اقرأ أيضا|في عيد القيامة | خبير آثار يرصد حكايات الحج المسيحي وانطلاقها من القبر المقدس

وفي سنة (1148هـ/ 1735م)؛ كان المسجد قد أوشك على التهدم فقام الأمير العثماني أحمد كتخدا مستحفظان الخربوطلي بهدمه، ثم أعاد بناءه من جديد. وأحمد كتخدا مستحفظان الخربوطلي، هو أحد أمراء مصر في العصر العثماني. توفي في 12 رجب سنة 1736م ودُفن في قبة سودون بالباطنية. وكتخدا وظيفة تعنى وكيل أو قائم بالعمل وقد حرفها القاهريون إلى "كيخيا".
 
وقد تبقى من المسجد الأصلي الذي بناه الظافر؛ مصاريع البابين الغربي والشرقي. وكانت عليها حشوات محفورة بزخارف نباتية تعرضت للتلف الشديد. وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميمها سنة 1919. كما تبقى من المسجد الأصلي مداميك من الحجر تعلو الباب الغربي كتب عليها بالخط الكوفي: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". 

أما المسجد الحالي الذي أنشأه الأمير أحمد كتخدا مستحفظان؛ فيُصعد إليه بدرج من كل بابيه الغربي والشمالي. يتوسط المسجد صحن مغطى بسقف يتوسطه منور مثمن الشكل. يحيط بالصّحن أربعة أروقة؛ أكبرها رواق القبلة وهو الرواق الشرقي تخلو جميعها من الزخرفة. والمحراب مجوف مكسو بالرخام. تتوسط المحراب بلاطة من القيشان عليها عبارة "ما شاء الله 1141هـ". 

ومئذنة المسجد تقع على يسار بابه الرئيسي وهي أسطوانية تعلوها قمة مدببة على الطراز العثماني. وكانت مئذنة المسجد الأصلية قد سقطت على إثر الزلزال الذي ضرب القاهرة سنة 1302م.

وأرضيات المسجد من الرخام وأعمدته تتميز جميعها بالبساطة؛ فلا توجد بها نقوش ولا وزرات رخامية، تدخل أشعة الشمس ساحة المسجد من النوافذ والأرائك الخشبية التي تحيط بالمسجد، تعلوها أسقف خشبية منقوشة بزخارف إسلامية، يتوسط المسجد ساحة مكشوفة تضيف جمالا للمسجد.

أما عن سبب تسميته بـالفكهاني، فيقال إن شخصا كان يعمل بائعا للفاكهة ذهب إلى أحد الصوفيين في المسجد ومعه قنطارا من الفاكهة، وطلب منه أن يوزع منها لكل من يطلب وفاء لنذرٍ نذَره، وأخذ يفرق من الفاكهة طيلة النهار دون أن تنفذ. وتذكر إحدى الروايات أن الفاكهاني جاء يطلب من الصوفي ما تبقى من قنطاره، ووزنه الحانوتي فوجده قنطارا لم ينقص منه شيئا، ووقتها قال له الصوفي إن قمت بتعمير هذا المسجد لن ينقص من مالك درهما، ففعل الرجل وقام بتعمير المسجد، ومن يومها والمسجد أصبح معروفا باسم "الفكهاني"!!

وقد ذكر علي مبارك في الخطط التوفيقية "هذا المسجد باسم محمد الأنور الفكهاني. وذكر أنّ بصحنه صهريج وشعائره مقامه من ريع أوقافه". وقال عنه المقريزي: "كان يُقال له الجامع الأفخر، ويقال له اليوم جامع الفاكهيين ... ". 

وقد قامت هيئة الآثار في ثمانينات القرن العشرين بهدم الجانب الجنوبي من المسجد وإعادته، ولكن بعد إعادة البناء لم تعمل الشخشيخة المثمنة التي كانت تعلو صحنه. 

وقد ظل المسجد مغلقا لسنوات طويلة، وفي عام 2018 تعرض لحريق أثر على واجهته، ثم قامت وزارة الآثار بإزالة التعديات من حوله في عام 2019 .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة